Connect with us

لبنان

“الدولة سامحة وغاضّة النظر” والرهان على البطاقة الدوائية الأدوية التركية وأخواتها: آخر الدواء… السوق السوداء!

Avatar

Published

on

كارين عبد النور
لا يصعب على متصفّحي شبكات التواصل الاجتماعي الوقوع على صفحات – أو «غروبات» – تعنون بالخط العريض وبعبارات من قبيل «توصيل جميع الأدوية التركية إلى لبنان خلال أيام»، و»دواء مدعوم من تركيا إلى لبنان» و»طلبك من الدواء التركي عنّا». للوهلة الأولى، يقرأ المرضى المتعطّشون لحبّة دواء،أو ذووهم، الإعلانات تلك ويتنفّسون الصعداء. لكن ماذا يتناول هؤلاء وبأي تكلفة؟ حذار… ربما بعض تلك الأدوية أشد فتكاً بالمريض من الانقطاع عن العلاج نفسه.

تواصلنا مع عدد من الأرقام المنثورة في إعلانات هنا وهناك، فرُحِّب بنا كـ»زبائن» محتملين. لكن لدى محاولتنا طرح أسئلة استفهامية، أتتنا الإجابة موحّدة: «ما تعذبي حالك، ما حدا ممكن يخبرك كيف عم ينجاب الدوا». قد يكون هذا جواباً منطقياً حول تجارة «غير شرعية» تعريفاً. لكن أحدهم شكّل شبه استثناء، قبل أن يتدارك ويغيّر الموضوع، لنستشف منه القليل: «ليس هناك دواء مزوّر في تركيا لأن الرقابة على الصيدليات محكمة جداً هناك… وإذا في تزوير، بيكون عنّا بلبنان لأنّو ما في ثقة بالدولة أساساً… أما خارج الصيدليات التركية، هناك طبعاً أدوية مزوّرة وغير مطابقة تباع في السوق السوداء… كل واحد هوّي وضميره ومصداقيته». نسأله عن كيفية إدخال تلك الكميات من الأدوية عبر المطار، فيجيب: «الدولة سامحة وغاضّة النظر».

تماماً. فعلى الرغم من أن لا أرقام دقيقة عن قيمة الأدوية التي تدخل لبنان خارج القنوات الشرعية (وبخاصة من تركيا وسوريا ومصر)، لكن يُقدَّر أنها تصل إلى حدود الثلاثين مليون دولار سنوياً، بحسب الدولية للمعلومات. مصدر قانوني متابع، فضّل عدم ذكر اسمه، يخبرنا أن هناك أيضاً صيدليات تشحن الدواء التركي خارج إطار الوكلاء، ما يُعتبر مخالفة للقانون. وهي، بحسب قوله، «ظاهرة بدأت كخدمة شخصية وتحوّلت بعدها إلى تجارة منظمة. وكانت صيدلية «مازن» من أولى الصيدليات التي شرعت في استيراد شحنات خاصة بها من تركيا. مع العلم أن صاحبها يملك شركة طيران خاصة تدعى «بساط الريح» اشتراها بدولار واحد بعد أن كانت غارقة في ديون بقيمة 30 مليون دولار، ما كان من شأنه تسهيل شحن الدواء». أما بالنسبة للمطار، فالأدوية تمر، والكلام دائماً للمصدر، تحت عنوان «استخدام شخصي» وليس تجارياً. وإذ أشار إلى وجود تواطؤ واضح بين «فراعنة» داخل وزارة الصحة وجهات تشحن الدواء علناً، شبّه المصدر مافيا الدواء بمافيات الطحين والبنزين ومواد حيوية كثيرة أخرى. فلنُتابع.

معاناة تتكرّر

«كانت عشيّة أولى جلساتي العلاجية حين تلقّيت اتصالاً من إدارة المستشفى تطلب مني تأمين الدواء من خارج لبنان نظراً لعدم قدرتها على توفيره». هذا ما تخبرنا به ريما (إسم مستعار)، مريضة سرطان، مضيفة: «طيلة فترة علاجي لم تسقط لي دمعة قبل تلك الليلة حيث أدركت أن رحلة تأمين الدواء ستكون أشقى من رحلة العلاج نفسه».

وبين أن تبقى بلا علاج أو أن تستعين بالدواء التركي، الذي تدرك جيّداً إمكانية تزويره، هنا، في بلد تترنّح فيه الرقابة على حافة الاندثار، لم تجد ريما سبيلاً سوى اللجوء إلى السوق السوداء: «التجارة بالأدوية التركية في السوق السوداء ناشطة بقوّة وغالبيتها غير صالحة وباهظة الثمن. اضطررت لشراء بديل تركي الصنع لعلاجي مقابل 200 دولار للعلبة في حين كان يباع مدعوماً بـ150 ألف ليرة». لكن الأكثر غرابة أن ريما، بعدما تحقّقت من سبب انقطاع الدواء، تبلّغت بأن وزارة الصحة منعت الشركة المستوردة من استيراده: «الوزارة عنّا لا بترحم ولا بتخلّي رحمة ألله تنزل»، كما تشكو بحرقة.

لريما القدرة على شراء الدواء شهرياً لكن ماذا عن الذين لا قدرة شرائية لديهم وقد تكون كلفة أدويتهم أضعافاً مضاعفة؟ وكيف للمريض أو أهله التأكّد من صلاحية ما يشترون من أدوية؟ أين التوعية الإعلامية في ظلّ محدودية دور وزارة الصحة في تتبّع الدواء الأجنبي بشكل عام والتركي بشكل خاص؟ وهل هناك من يحمي ما يُحكى عن مافيات لبنانية – تركية على علاقة بالأمر أو، أقلّه، يتغاضى عن نشاطها؟ لبنانيون كثر يؤكّدون أنهم لم يتمكّنوا، مثلاً، من شراء علاجات المناعة من صيدليات تركية بسبب عدم تمكّنهم من إبراز وصفة طبية تركية. فكيف ومن يستطيع شراء تلك الأدوية دون وصفات طبية وإرسالها إلى لبنان، غب الطلب، يا تُرى؟

أهون الشرّين

كنا نتمنّى بداية أن نسمع رأي وزير الصحة ونقيب الأطباء لكن الطرفين لم يبديا رغبة بالتعليق. لكن إذ كان لا بد من استطلاع الرأي الطبي البحت، تواصلنا مع الأخصائي في أمراض الدم والأورام، البروفيسور فادي نصر، الذي أوضح في حديث مع «نداء الوطن» أن المشكلة الأساس هي انقطاع الدواء ما يجبر الناس على التوجّه إلى الدواء التركي أو غيره، دون أن ينفي وجود دواء جيّد وآخر مغلوط. لكن كيف يمكن للمريض التمييز بين الاثنين؟ «ليس للمريض أو الطبيب القدرة على ذلك. جلّ ما نفعله عند وصول المريض إلى المستشفى لتلقّي العلاج، هو التواصل مع الشركة المصنّعة للتأكّد من صحة علبة الدواء التي في حوزته. وللأسف، يتبيّن لنا باستمرار وجود الكثير من الأدوية المغلوطة، خاصة تلك المتعلّقة بعلاج المناعة».

نعلم أن الموت مصير لا مفر منه. لكن أن يموت المريض نتيجة أحد شرّين – عدم توفّر العلاج أو تناول الدواء المغلوط – فهي مأساة شاخصة أمامنا. «نعم، المأساة كبيرة، وهناك حالات كثيرة عن مرضى يموتون ولا من مجيب». نسأل عن دور وزارة الصحة، فيشير نصر إلى المساعي التي تبذلها الأخيرة لتوفير الدواء المدعوم من الوكيل إلى المستشفى مباشرة دون المرور بطرف ثالث: «المشكلة أنه حين يصل الدواء، وإن كان عبر وزارة الصحة، تبدأ السرقات والمحسوبيات»، يقول نصر آملاً أن ينطلق العمل بهذه الخطة هذا الشهر كونها تحلّ جزءاً كبيراً من المعضلة، ومصرّاً على أن الحلّ سياسي بامتياز ولن تستقيم الأمور إلّا بإيجاده.

د. جو سلّوم

حالات شاذة

نقيب الصيادلة، جو سلّوم، أشار بدوره في اتصال مع «نداء الوطن» إلى أن السبيل الوحيد لوقف الفوضى المتمادية في سوق الدواء هو تأمينه عبر الأطر الشرعية والقانونية ومن خلال اللجنة الفنية في وزارة الصحة. فبحسب سلّوم، «يمكن بهذه الطريقة تقديم الحلّ الأمثل للمريض الذي يلجأ إلى السوق السوداء، أكان الدواء تركياً أو خلاف ذلك، بسبب عدم توفّره أصلاً في لبنان».

من ناحية أخرى، يشرح سلّوم أن الأدوية التي تدخل الأراضي اللبنانية يجب أن تُسجَّل في وزارة الصحة أولاً وأن تتوافق مع المعايير والمواصفات التي تحدّدها اللجنة الفنية ثانياً. وبالتالي، كل دواء يدخل بطريقة غير شرعية أو يصبح متاحاً عبر «تجّار الشنطة» أو من خلال مواقع الأونلاين لا يخضع لهذه الرقابة. عندها لا عجب في أن تزيد احتمالات تزويره أو التلاعب بتاريخ صلاحيته أو حتى حفظه بطريقة خاطئة لا تراعي درجة الحرارة والرطوبة المطلوبتين. أما السعر، فما من رادع لأن يبلغ أضعاف معدّله الطبيعي حيث هو عرضة للعبة العرض والطلب.

لكن ماذا عن الصيدليات التي تقوم بتأمين الدواء من الخارج؟ «هذه حالة شاذة وغير قانونية يشهدها البلد. فقد حظيت بعض الصيدليات بإذن خاص من وزارة الصحة يسمح لها باستيراد أدوية من الخارج، لكننا نشدّد على أنها حالة شاذة. المسار الطبيعي هو تأمين الدواء عبر المصنّع إلى الصيدلية ومن الصيدلية يُصرف الدواء»، يجيب سلّوم.

ما الحل ومصير مئات، بل ربما آلاف المرضى، على المحك؟ من وجهة نظر سلّوم، «الحل يتمثّل بالبطاقة الدوائية التي طَرَحْتُها منذ ثمانية أشهر والتي بدأ العمل عليها اليوم. فنظام التتبّع (Tracking System) لأدوية السرطان يُعدّ المدماك الأول لهذه البطاقة الدوائية». نعود لاحقاً إلى البطاقة الدوائية لكن، إلى حين تفعيلها، ينصح نقيب الصيادلة المريض اللبناني بالتوجّه شخصياً – أو من خلال أحد أقربائه أو معارفه – إلى الخارج، متى أمكنه ذلك، لشراء الدواء مباشرة من الصيدلية. وتابع مشيداً بجودة الدواء اللبناني الصنع الذي أصبح معترفاً به عالمياً ويغطّي أكثر من 30% من حاجة السوق المحلية من الأدوية المزمنة، على أمل الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي في ما خصّ الأدوية الأخرى.

هل تكون الحلّ؟

بانتظار البطاقة الدوائية

بالعودة إلى البطاقة الدوائية التي أطلق سلّوم حملة تمويلها في كانون الأول الماضي، فهي تُعتبر حاجة ماسة على وقع فقدان الدواء واحتكاره وتفلّت أسعاره، لا سيّما بعد رفع الدعم الكامل عن أدوية الأمراض المزمنة. ومن المفترض من هذه البطاقة أن تسمح بتأمين الدواء لكل مريض بحيث لا يكون المال عائقاً لتوفير العلاج، إذ يحوّل للبطاقة مبلغ شهري يتيح استخدامها لشراء الأدوية من الصيدليات كافة.

وبحسب سلّوم، تقوم البطاقة الدوائية على أساسين: الأول تتبّع الدواء منذ وصوله من الخارج إلى الصيدلية عبر المستورد، حتى استلامه من قِبَل المريض، ما يقضي على محاولات التزوير والتخزين ويضمن تسليمه للمريض المناسب؛ أما الثاني، فهو تأمين الحرية الدوائية لكل مريض بحيث تكون احتياجاته قد باتت معروفة، ما يسمح بتحديد ميزانية تُطلب على أساسها مساعدات أو منح من الخارج، فيصل الدعم إلى المريض مباشرة. «طالما أن الدعم هو للسلعة، سيبقى التهريب إلى الخارج ناشطاً»، كما يشدّد سلّوم.

تجدر الإشارة ختاماً إلى أن وزارة الصحة تتعاون اليوم مع نقابة الصيادلة على صعيد تجربة نظام التتبّع على حوالى 10 أدوية لعلاج السرطان، على أن يُعمَّم هذا النظام على كافة الصيدليات خلال الأشهر المقبلة. في حين أن الأيام المقبلة ستشهد عملية تدريب لأكثر من مئة صيدلي، على أن تلي الأدوية الأخرى حيث أن الأولوية هي لأدوية السرطان المرتفعة الثمن.

إلى حينه، أحد الناشطين على جبهة رصد ومتابعة العديد من ملفات الفساد اختصر لنا المسألة قائلاً إن غياب الدور الفاعل للدولة وأجهزتها والقضاء، حوّل «تفعيل الانضباط العام» نسياً منسياً وأحل محلّه التفلّت بمختلف أشكاله وفي مختلف القطاعات. ليس ثمة ما يُضاف…

بالأرقام:

نداء الوطن

Continue Reading

أخبار مباشرة

بالوثائق – إجراءات أميركية تطال 5 أشخاص ساعدوا مموّلاً لـ”الحزب” على التهرّب من العقوبات

Avatar

Published

on

أدرج، مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية (OFAC)، خمسة أفراد، على لائحة العقوبات، لمساعدتهم صرّاف تابع لـ “حزب الله” يدعى حسن مقلّد، وشركته CTEX Exchange، على التهرّب من العقوبات، وتسهيل الأنشطة غير المشروعة لدعم “الحزب”.

والأفراد الخمسة الذين شملتهم بالعقوبات هم: عدنان محمود يوسف، مازن حسن الزين، أندريا سمير مشنتف، بشير ابراهيم منصور، وفراس حسن مقلد.

وقال بيان وزارة الخزانة الأميركية: “هؤلاء الأفراد، وبينهم مؤسسو  CTEX Exchange  واثنان من أبناء مقلّد، يديرون شركتين في لبنان والإمارات العربية المتحدة (UAE) التي تمّت تسميتها بالتزامن”.

وفي التفاصيل التي جاءت في البيان عن المشمولين بالعقوبات:

-عدنان محمود يوسف: موظف في “سيتكس” وكان يسعى لجذب المستثمرين لإنشاء شركات في الإمارات نيابة عن مقلد، للالتفاف على العقوبات المفروضة عليه في بداية عام 2023 من قبل حكومة الإمارات، وكان يوسف مشاركاً في صفقات تجارية، مع ريان مقلد وراني مقلد.

-مازن حسن الزين: مستشار تجاري لمقلد مقيم في الإمارات، وكان شريكاً تجارياً مع مقلد ويوسف في مشاريع مختلفة في الإمارات.

-أندريا سمير مشنتف وبشير إبراهيم منصور: ساهما في رأس المال لتأسيس مبادلة سيتكس.

– فراس حسن مقلد: ابن مقلد، مشارك أيضاً في صفقات الأخير من خلال الشركة المصنفة من قبل الولايات المتحدة، حيث يعمل فراس.

 وبحسب البيان “غالباً ما يشارك مقلّد أفراد عائلته في أنشطة غير مشروعة لحزب الله، بما في ذلك ولداه: ريان وراني”.

نداء الوطن

Continue Reading

أخبار مباشرة

عويدات كلّف قانصو وأبو علوان إكمال النظر بملف استئناف الدعوى ضد رياض سلامة

Avatar

Published

on

كلف القاضي أيمن عويدات المكلف بمهام الرئيس الأول الاستئنافي في دعوى الدولة اللبنانية ضد حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، المستشارين القاضيين أدهم قانصو ونادين أبو علوان إكمال الهيئة الاتهامية الناظرة بملف استئناف الدولة اللبنانية بوجه المدعى عليه رياض سلامة، والتي يرأسها القاضي حبيب مزهر، علما أن رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر قدمت طلبا جديدا، إضافة إلى طلباتها السابقة، طالبة تدوين تنازلها عن الحكم الصادر لمصلحة الدولة اللبنانية، والقاضي بفسخ قرار الترك الضمني الصادر عن القاضي شربل أبو سمرا، وإعادة الملف الى قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت بلال حلاوي لتصحيح الإجراءات ودعوة المدعى عليه رياض سلامة لاستجوابه مجددا بسبب عدم توقيع القاضي أبو سمرا على محضر التحقيق مع الأخير.

وتجدر الإشارة إلى أن التنازل عن الحكم الصادر استئنافا لا يعني إلا تحريك التحقيق مجددا بسبب رفع يد الهيئات الاتهامية المتتابعة عن النظر بالملف بعد رفع المدعى عليه سلامة دعاوى مخاصمة بحقها ما عطل التحقيق في المرحلة الاستئنافية.

Continue Reading

أخبار مباشرة

ميقاتي: لبنان تحمّل العبء الأكبر من النزوح ونرفض أن يتحوّل الى وطن بديل

Avatar

Published

on

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، في مؤتمر صحافي بعد محادثاته مع الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس ورئيسة المفوضية الاوروبية السيدة أورسولا فون دير لاين، في السراي الحكومي: “عقدنا إجتماعاً مثمراً عرضنا في خلاله العلاقات الثنائية بين لبنان ودول الاتحاد الاوروبي لا سيما قبرص، والاوضاع في المنطقة والوضع المأسوي في غزة والاعتداءات الاسرائيلية. وجدّدت دعوتي الاتحاد الآوروبي والعالم الى الضغط على اسرائيل لوقف عدوانها المستمرّ على الشعب الفلسطيني، والعمل على ارساء حلّ نهائيّ شامل وعادل للقضية الفلسطينية. وكرّرنا دعوتنا المجتمع الدولي للضغط على اسرائيل لوقف عدوانها المتمادي على جنوب لبنان.”

اضاف: “خصّصنا القسم الاكبر من الاجتماع لبحث ملف النازحين السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية والتعاون بين لبنان وقبرص ودول الاتحاد الاوروبي لمعالجة هذا الملف وتداعياته المباشرة وغير المباشرة. وفي هذا الاطار، عبّرنا أوّلاً عن تقديرنا لتفهّم بعض دول الاتحاد الاوروبي في اجتماعه الأخير لطلب الحكومة اللبنانية، اعادة النظر في سياسات الاتحاد الاوروبي المتعلّقة بإدارة ازمة النازحين السوريين في لبنان. وهذا الموقف يترجم بزيارة فخامة الرئيس والسيدة رئيسة المفوضية الأوروبية . لبنان تحمّل، منذ اندلاع المعارك في سوريا عام 2011، العبء الأكبر بين دول المنطقة والعالم في موضوع استضافة النازحين، مع ما شكله هذا الملف من ضغط كبير على الشعب اللبناني برمته وعلى كل القطاعات اللبنانية. وكنّا حريصين دوماً على التعاون مع مختلف الهيئات والمنظمات الأوروبية والدولية في هذا الملف، الاّ ان الواقع الحالي لهذا الموضوع بات اكبر من قدرة لبنان على التحمّل، خصوصاً وأنّ عدد النازحين بات يناهز ثلث عدد اللبنانيين، مع ما يترتّب على ذلك من أعباء وتحدّيات تضاعف من أزمة لبنان الاقتصادية والمالية وتهالك بناه التحتية. والأخطر من ذلك تصاعد النفور بين النازحين السوريين، وبينهم وبين بعض المجتمع اللبناني المضيف نتيجة الاحداث والجرائم التي ارتفعت وتيرتها وباتت تهدد أمن لبنان واللبنانيين واستقرار الأوضاع فيه”.

تابع ميقاتي: “ولا يفوتني في هذا اللقاء أن اذكّر بما طرحته في كل الاجتماعات واللقاءات الدولية التي اعقدها، ولا سيما مع الاتحاد الاوروبي، حيث كنت أحذر من ان كرة النار المرتبطة بملف النازحين لن تنحصر تداعياتها في لبنان بل ستمتد الى اوروبا لتتحول الى أزمة اقليمية ودولية. ونحن على قناعة ثابتة بأنّ أمن لبنان من أمن دول اوروبا والعكس، وان تعاوننا الجدي والبنّاء لحل هذا الملف يشكل المدخل الحقيقي لاستقرار الأوضاع، مع الأخذ بعين الاعتبار الاحترام المتبادل والتعاون المثمر والوعي الأوروبي والدولي للحفاظ على الخصوصية اللبنانية التي تشكل قيمة معنوية للشرق والغرب”.

وقال ميقاتي: “إنّنا نرفض ان يتحوّل وطننا الى وطن بديل وندعو اصدقاءنا في الاتحاد الأوروبي الى الحفاظ على قيمة لبنان والمضي في حل هذا الملف جذريا وباسرع وقت،انطلاقا من المعرفة المتبادلة بيننا وبين الاتحاد الاوروبي ودول العالم بأن مدخل الحلّ سياسي بامتياز. وفي رأينا، انطلاقاً من واقع سوريا حالياً، ان المطلوب كمرحلة اولى الاقرار اوروبياً ودولياً بأنّ اغلب المناطق السورية بات آمناً ما يسهل عملية اعادة النازحين، وفي مرحلة اولى الذي دخلوا لبنان بعد العام 2016 ومعظمهم نزح الى لبنان لاسباب اقتصادية بحتة ولا تنطبق عليهم صفة النزوح. في هذه المناسبة نجدد مطالبة الاتحاد الاوروبي، بما كررناه على الدوام، من ان المطلوب دعم النازحين في بلادهم لتشجيعهم على العودة الطوعية ما يضمن لهم عيشا كريما في وطنهم”.

واضاف: “اذا كنا نشدد على هذه المسالة فمن منطلق تحذيرنا من تحوّل لبنان بلد عبور من سوريا الى اوروبا، وما الاشكالات التي تحصل على الحدود القبرصية الا عينة مما قد يحصل اذا لم تعالج هذه المسالة بشكل جذري. فخامة الرئيس، حضرة رئيسة المفوضية الاوروبية إنّ لبنان يقدّر للاتحاد الاوروبي موقفه الجديد بدعم المؤسسات العسكرية والامنية في لبنان لتمكينها من ضبط الحدود البحرية والبرية والقيام بواجباتها في منع الهجرة غير الشرعية من لبنان واليه، ودعم المجتمعات اللبنانية ذات الحاجة، وفي الوقت ذاته تخصيص جزء من الدعم لتحفيز العودة الطوعية للنازحين السوريين. مجددا ارحب بضيوفنا الكرام وباذن الله سيكون تعاوننا دائما ومستمرا لما فيه نهضة بلداننا وامنها واستقرارها ورفاهية شعوبها “.
نداء الوطن

Continue Reading