Connect with us

أخبار مباشرة

وزارة الخارجية: طغيان حزبي وتعسّف… وتفرّد بالقرارات

Avatar

Published

on

كارين عبد النور

الأمور ليست على ما يرام في أروقة وزارة الخارجية. ولائحة الاختلالات كما يشير أكثر من مصدر مطّلع تطول: انهيار على الصعيدين اللوجستي والخدماتي؛ سوء إدارة وتعيينات عشوائية؛ زبائنية في توزيع المهام؛ ربط الفئات بالتشكيلات؛ خلط بين السفر الخاص والمهمات؛ غياب كامل للإصلاح؛ تكريس انقسام الجمعيات الاغترابية؛ استقبال سفراء وهميين؛ عدم إجراء تشكيلات؛ ربط المهام بالانتماءات الطائفية والسياسية؛ تطبيع العجز والتعايش مع مفهومه؛ انعدام المساواة في الحقوق والرواتب وتعميم مبدأ «الاستعطاء»؛ تواجد أشخاص وهميين ومنتحلي صفة «سفير»؛ ولجنة إدارية تجمع أعضاءها الشكاوى والمحاكم.

نقاط تكررت بحسرة على ألسنة دبلوماسيين عدّة. هي الوزارة التي يُفترض أن تكون رائدة في رسم ووضع الخطوط العريضة للسياسة الخارجية، وبلورة كافة المواقف الوطنية في ما يخص القضايا الدولية والإقليمية. لكنها تتحوّل باطّراد ومنذ سنوات إلى انعكاس واضح للتركيبة والتوازنات السياسية والدستورية في لبنان. فماذا عن تخطي دور الوزارة وتهميشها؟ ماذا عن المحسوبيات والزبائنية؟ وهل فعلاً باتت، كما يقول البعض، مجرّد صندوق بريد شكلي وبروتوكولي، لا أكثر؟

وزارة أو خليّة حزبية؟

ثمة اعتقاد راسخ أن دور الوزارة بدأ بالتراجع الملموس منذ سنة 1998. عن هذا يقول وزير الخارجية الأسبق، فارس بويز، والذي غادر الوزارة في تلك السنة، لـ»نداء الوطن» إنّ وظيفة الوزير في الأساس هي استنباط موقف وطني موحّد وتسويقه في الخارج. من هنا عليه تحييد وزارته عن الاعتبارات والخلافات الداخلية، لا بل استنتاج سياسة موحّدة يجمع حولها كافة الفرقاء. أما الوزارة، فهي المؤسسة التي تُعنى بآلية تسويق هذه السياسة الموحّدة بالطرق الدبلوماسية وبحسب الأصول التي تضمن أفضل العلاقات بين لبنان وأكبر عدد من دول الخارج. ويضيف: «ما حصل هو عكس ذلك. فمن الناحية المبدئية، اختلطت داخل الوزارة المصالح الداخلية والفئوية والطائفية والسياسية بالهدف وبالمبدأ، لذا تعطّل القرار الداخلي وأصبح من الصعب توحيد السياسة الوطنية. كل ذلك نتيجة تفكك السياسة الداخلية وعجز الوزراء عن إيجاد سياسة موحّدة».

كيف انزلقت الوزارة في متاهات اللعبة السياسية؟ «على وزارة الخارجية أن تكون خارج إطار هذه اللعبة، وهذا ما يقتضي على الوزير خوض معارك كالتي خضناها وما زلنا ندفع ثمنها من أجل تصنيفات وتشكيلات داخلية بعيدة عن الاعتبارات السياسية الفئوية. لكنها تحولت إلى حزب سياسي أو خلية حزبية، فأصبح المقرّبون من الوزير هم أصحاب المناصب بدلاً من أن تكون الخبرة والكفاءة والمعرفة هي المعيار»، كما يجيب بويز.

المساواة في خبر كان

نسأل دبلوماسيين طلبوا عدم ذكر أسمائهم لنستشف أسباب صرختهم، فيعود أحدهم إلى الاستحقاق الانتخابي الأخير، حيث أشار إلى تسجيل طغيان ملحوظ للون حزبي واحد على مركزية اتخاذ القرارات ضمن هيئة الانتخابات. ويتابع: «لقد ظهرت المحسوبيات في اللجنة المشرفة على تنظيم الانتخابات وفي توزيع المكافآت حسب الانتماءات. منهم من وعدهم الوزير بمهمات ولم يُنفِّذ وعده، حتى أنه لم يمنحهم أي تنويه. أما آخر علامات التمييز فكانت من خلال منح مدير المغتربين في وزارة الخارجية، السفير هادي هاشم، وسام الأرز الوطني برتبة ضابط رغم أن دوره لم يكن محورياً».

آخر يتحدث عن أن الوزارة تكاد تكون الوحيدة في العالم التي لا تتمتع بنظام قانوني ملزم لإرساء تشكيلات دورية ومنتظمة، وهذا ما زاد من حدّة الظلم واللامساواة بين دبلوماسيي الوزارة ودبلوماسيي الخارج، إن من ناحية الاستقرار والإنتاجية أو من الناحية المهنية والمالية والإدارية والنفسية. كيف ذلك؟ «لم يراعِ الوزير الحالي تأثير تقاضي العاملين في الخارج بالدولار في حين أننا، في الداخل، ما زلنا نتقاضى رواتبنا بالليرة. هذا وقد تمّ تمديد العقود مع الملحقين الاقتصاديين رغم تحفّظ بعض الجهات المعنية بالملف. فتعيين هؤلاء وتجديد عقودهم سنوياً يشكل مثالاً صارخاً عن المحسوبيات وتقاسم الغنائم بين حزبين أساسيين في البلد، «التيار الوطني الحر» و»حركة أمل»، كما يلفت أحد الدبلوماسيين.

شغور ومماطلة

بدوره، أدّى شغور القسم الأكبر من المديريات إلى تراجع العمل في الوزارة. وتعود الأسباب إلى إرسال العديد من السفراء في مهمات خارجية مفتوحة، على غرار السفيرة فرح برّي التي ستُكمل ثلاث سنوات في قطر، والسفير خليل خليل الذي سيُكمل أربع سنوات في إندونيسيا. ثم هناك غياب التشكيلات الدبلوماسية الدورية والمنتظمة واضطرار السفراء الذين تمّ «سجنهم» في الإدارة القبول بمهمات مفتوحة كتعويض جزئي عن الضرر المادي جراء الظلم الذي لحق بهم. هنا لا بدّ من أن نعرّج على بعض المخالفات الفاضحة، ومنها تجاوز بعض السفراء مدة الـ11 سنة دون تغيير، على غرار سفير لبنان في لندن، رامي مرتضى، أو مماطلة تسليم بعض الدبلوماسيين لمهامهم في الخارج منذ العام 2019، وذلك لأسباب سياسية. ناهيك عن أنّ أربع بعثات من حصة المسيحيين ما زالت شاغرة حتى اليوم ولم تتم معالجة الفراغ المترتب عنها لا من خلال مهمات ولا حتى تعيينات.

الوزير مقيَّد

شاذ ومخجل. هكذا يجمع جميع من تواصلنا معهم في توصيفهم للواقع داخل الوزارة. حاولنا الاتصال بالوزير الحالي، عبدالله بو حبيب، لسماع رأيه واستيضاح موقفه، فأتتنا الإجابة على لسان مستشارته بأنه خارج البلاد. نستعيض عن الاتصال بإرسال أسئلتنا مكتوبة علّنا نوفَّق، لكن الإجابات لم ترِد حتى تاريخ كتابة هذه السطور.

على أي حال، يخبرنا أحد الدبلوماسيين أن شخصية الوزير وعلاقاته الدبلوماسية تلعب عادة دوراً محورياً في تذليل أي مأزق بنيوي تواجهه الوزارة، لناحية إنجاز التشكيلات الدبلوماسية في موعدها أو غيرها. ويشير: «يقوم الوزير الحالي بمقاربة الملفات باستنسابية وخفة لافتة. فمن جهة يعتبر نفسه مقيّداً بمرجعيات سياسية، في حين أنه يقوم بالمقابل بتعيينات ومنح مهمات وفقاً لما تقتضي المصالح الشخصية».

في هذا السياق، يشبّه بويز أداء الوزير بالـOne man show، حيث أصبح هو كل شيء في وقت أُلغيت فيه الوزارة كمؤسسة. «الوزير ينفرد بلقاءات ويشارك في مؤتمرات محيّداً طاقم الوزارة، ما أدّى إلى إلغاء دور الأخيرة كمؤسسة منوط بها مواكبة القرارات».

خلل في التواصل

الأكثر استغراباً في مسيرة الوزير الحالي، كما يلفت أحد البلوماسيين، هو إصداره تعميماً للبعثات، بموافقة كل من الأمين العام، السفير هاني الشميطلي، والسفير هادي هاشم، يجيز طلب المساعدات من الجاليات، ما ينسف هيبة السلك الدبلوماسي ويسمح للبعض بتحقيق مكاسب شخصية غير مشروعة، علماً أن هذا التعميم يخالف قواعد قبول الهبات التي نظّمها القانون بوضوح.

من وجهة نظر بويز، هناك ضرورة لأن تكون الوزارة في تعييناتها وتشكيلاتها وزارة لكل لبنان وليس لفريق معيّن، وأن يكون لها مشاركة مؤسساتية حثيثة في كل الأعمال الخارجية. ويردف: «حتى أن لقاء السفراء واتصالهم بوزيرهم أصبح شبه معدوم مع انقطاع السفارات عن الوزارة الأم، فأصبحت التعليمات تذهب بالمباشر وليس بالرسمي، ما أسقط من هيبة سفاراتنا في الخارج وشرّع للدول الأجنبية استضعاف وعدم احترام السفراء اللبنانيين بشكل أو بآخر».

زمن الأوسمة

بالعودة إلى الأوسمة، حاز الأمين العام للوزارة، السفير الشميطلي، الشهر الماضي على وسام الاستحقاق «المذهّب». وهو الأمر الذي انتقده بعض من تواصلنا معهم لاعتبارهم أن أداء الشميطلي شكّل صدمة لمعظم أعضاء السلكين الإداري والدبلوماسي، بسبب «التعسّف المتمادي» في استخدام السلطة كما في تفسير القوانين. وقد تجلّى ذلك من خلال إلغاء الحقوق المكتسبة لأصحابها وإلحاق الضرر المقصود للبعض الآخر بعد استفادته من نفس الحقوق والأعراف، كما يطلعنا أحد الدبلوماسيين، الذي قال: «لم يقم الشميطلي بأي تحديث قانوني أو إداري خاصة لنظام وزارة الخارجية الصادر عام 1970 والقابع في مكتبه منذ أربع سنوات دون سبب مشروع». هذا في حين يلفت دبلوماسي آخر أن الدليل على سوء إدارة الشميطلي هو علاقته المتردية مع غالبية أفراد السلك الدبلوماسي والإداري، مشيراً إلى عدد من الدعاوى المقدّمة ضده والعالقة أمام المحاكم.

مقترحات ولكن

يعزو بويز الأسباب التي أوصلت الوزارة إلى ما هي عليه إلى اثنين: الأول داخلي ناتج عن التفكك بالخط السياسي الخارجي في لبنان، والثاني مرتبط بأنانية البعض وتفرّدهم بالرأي ما يحول دون ممارسة سياسة الوزارة بشكل مؤسساتي. ما الحلّ إذاً؟

يرى بعض المراقبين أن الحل يكون عبر مجموعة إجراءات، منها: تحديث نظام الوزارة ودليل الأعمال القنصلية وإعداد جيل من الدبلوماسيين المحترفين؛ إجراء تشكيلات دورية ومنتظمة على أساس تقييم علمي تفادياً لمزيد من التنازلات من قِبَل الدبلوماسيين للجهات الحزبية؛ إنشاء مديرية خاصة تُعنى بإدارة الأزمات ومديرية جديدة تُعنى بشؤون الاغتراب لتحلّ محلّ مبادرة الطاقة الاغترابية اللبنانية (LDE) التي تمّ إنشاؤها خارج الأطر القانونية؛ سحب كل الاعترافات المشبوهة بما تبقّى من الجامعة الثقافية اللبنانية في الخارج، مع العلم أنها مشرذمة ومنقسمة وقد جرى الاعتراف بها بطريقة مفاجئة وغير مدروسة؛ التوقف عن إعطاء أدوار وهمية ومكانة غير مستحقة لأشخاص منتحلي صفة وإبعادهم عن مكتب الوزير أو دائرته حفاظاً على سمعة الوزارة وهيبتها، إضافة إلى منح الدبلوماسيين الدور الذي يليق بهم والذي من أجله تمّ اختيارهم بناء على مباريات أجريت وفقاً للأصول في مجلس الخدمة المدنية.

ليس سرّاً أن النزاعات والصراعات التي عرفها لبنان، حتى قبل الاستقلال، ارتبطت بشكل وثيق بمشكلة الخيارات الخارجية. «وحدها سياسة وطنية موحّدة في وزارة الخارجية تستطيع إخراج لبنان من أزماته. فمن شأن السياسة اللبنانية الخارجية إمّا تفجير الأوضاع الداخلية أو توحيد الصفوف في حال أُحسن اختيارها»، يقول بويز خاتماً.

نداء الوطن

Continue Reading

أخبار العالم

معركة الرئاسة الأميركية… شبح ترامب

Avatar

Published

on

قلبت مستجدّات معركة الرئاسة الأميركية الحساباتبعد انسحاب جو بايدن من السباق بات مطلب حملة الرئيس السابق دونالد ترامب تنحّيه لإتاحة المجال للتصويب على كامالا هاريس. وفي انتظار تبنّي الحزب الديمقراطي ترشيح بديل عن الرئيس الحالي، سواء هاريس أو غيرها، تقتضي الحملة الترامبيّة الهجوم على إرثه.

باتت العين على كيفية إفادة بنيامين نتنياهو شخصياً، وإسرائيل استراتيجياً، من تقدّم حظوظ ترامب لمواصلة حربها الوجودية ضدّ الفلسطينيينوصار على إيران أن تراجع حساباتها مع واشنطنفهي راهنت على التفاهم مع الإدارة الديمقراطيةوهي الآن متوتّرة ومتردّدة في طريقة التأقلم. مع البحث عن أسباب التصعيد العسكري في حرب الجبهات المتعدّدة، تجهد الأوساط المختلفة في تحديد هويّة الجهة المستفيدة منه وأهدافه وأسبابهفي المقابل هناك من يجزمإنّه شبح ترامب يا صديقي. 

Follow us on Twitter

من أين يفترض احتساب موجة التصعيد التي تشهدها الجبهات الواقعة تحت شعار وحدة الساحات، بما فيها جبهة جنوب لبنان؟ هل من قصف الميليشيات العراقية الموالية لإيران لقاعدة عين الأسد في العراق في 16 تموز، حيث توجد القوات الأميركية؟ أم من اغتيال مسيّرة إسرائيلية رجل الأعمال السوري الناشط لمصلحة بشار الأسد وإيران ماليّاً واقتصادياً، براء قاطرجي في 15 الجاري؟

البحث عن أسباب التّصعيد ومَن وراءه

أم هذا التصعيد ارتقى إلى ذروة جديدة بفعل كثافة الاغتيالات المتتالية لكوادر وقادة الحزب وآخرهم في بلدة الجميجمة في 19 تموز، وهو ما دفع الحزب إلى استهداف 3 بلدات جديدة في الجليل بصاروخ أدخله للمرّة الأولى إلى ترسانة الاستخدام؟ هل الذروة الجديدة للحرب هي قصف الحوثيين تل أبيب بمسيّرة قتلت مدنياً، ثمّ قصف إسرائيل مستودعات النفط في الحديدة، وهو أمر لم تقُم بمثله غارات التحالف الدولي؟ أم هي تدمير الطائرات الإسرائيلية للمرّة الأولى مستودعاً لصواريخ الحزب في عمق الجنوب في عدلون في قضاء الزهراني؟

ترامب الذي أكّد أنّه سينهي الحروب التي اندلعت في عهد بايدن، قد يضغط على إسرائيل لوقف الحرب في غزة

إدارة بايدن ونهاية منظومة.. وانتقام نتنياهو

في اعتقاد متابعين عن كثب للداخل الأميركي أنّ انسحاب بايدن فتح باباً كبيراً على تحوّلات جذرية في السياسة الأميركية وتعاطي إسرائيل معها، أبرزها:

ترامب

– نهاية عهد منظومة حوله آمنت بإمكان الاتفاق مع إيران. وهي امتداد لعهد باراك أوباما واتفاقه مع طهران على الملف النووي في 2015.
– لذلك لجم بايدن نتنياهو عن ضرب إيران بقوّة في نيسان الماضي ردّاً على ردّها على قصف قنصليّتها في دمشق. يقيم أصحاب هذا التقويم وزناً لتهديد بايدن لنتنياهو في حينها بـ”أنّك ستكون لوحدك” إذا وقعت الحرب. وبالموازاة فإنّ نتنياهو سيكون “انتقامياً” في التعاطي مع ما بقي لبايدن من مدّة في البيت الأبيض.
– بعد الأمس، شلّ ضعف وشيخوخة بايدن قدرة أميركا على لجم رئيس الوزراء الإسرائيلي، حتى لو بقي بايدن في منصبه. فإدارته عرجاء غير قادرة على اتّخاذ القرارات. والدليل ضربة إسرائيل للحديدة ردّاً على قصف ذراع إيران الفاعلة، الحوثيين، تل أبيب. الجيش الإسرائيلي نفّذ الردّ مباشرة من دون تنسيق وتعاون مع الأميركيين، واكتفى بإعلامهم. ويقول المتابعون لما يجري في كواليس الدولة في أميركا إنّ هناك شعوراً بأنّ إسرائيل قامت بالضربة بالنيابة عن واشنطن. فالأخيرة كانت تراعي علاقتها مع إيران في ضرباتها للحوثيين، فتتجنّب الغارات الموجعة.

طهران المتوتّرة تضغط لاتّفاق مع بايدن أم فقدت الأمل؟

– مقابل الاعتقاد بأنّ طهران تستعجل، تفاهماً مع بايدن قبل رحيله، يظهر اعتقاد معاكس. فهي لم تعد تراهن على ذلك لأنّ ترامب قال إنّه سيلغي كلّ ما فعله بايدن. وبالتالي تصرّ على استعراض قوّتها استباقاً لضغوط ترامب الآتية والمرجّحة، ضدّها. إذ إنّ أحد مكوّنات حملة المرشّح الجمهوري هو هجومه على بايدن لتركه إيران تصل إلى العتبة النووية. والتقارب بين نتنياهو وترامب في شأن الملفّ النووي الإيراني قد يقود إلى سياسات تلهب المنطقة.

يصعب أن تمرّ هذه التوقّعات التي ستخضع بالتأكيد لامتحان في الأشهر المقبلة، على وقع دينامية الحملة الانتخابية، بلا تشكيك

هوكستين سينكفئ؟

– زيارة نتنياهو لواشنطن حيث سيلقي خلال ساعات كلمته أمام الكونغرس كانت المحطّة التي أخّرت المفاوضات على اتّفاق الهدنة. استبقه بتصويت الكنيست على رفض الدولة الفلسطينية، الذي يتّفق عليه مع ترامب غير المعنيّ بحلّ الدولتين بل باتّفاقات أبراهام للتطبيع العربي الإسرائيلي. وهذا ما يطمح إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي، لا سيما أنّ ترامب قال لبايدن في المناظرة التلفزيونية: “لماذا لا تترك لإسرائيل مهمّة القضاء على حماس؟”.

– يرجّح شلل إدارة بايدن انكفاء مهمّة الوسيط الأميركي آموس هوكستين لخفض التوتّر بين الحزب وإسرائيل. فتحرّكه لهذا الغرض يهدف لصوغ اتفاق على إظهار الحدود البرّية بين الدولة العبرية ولبنان، وعلى إعادة الهدوء على جانبَي الحدود. والمعطيات لدى شخصيات لبنانية تتواصل مع واشنطن تفيد بأنّ أكثر من موظّف ومستشار لبايدن أخذوا يبحثون عن وظيفة أخرى منذ الآن. وهذا يقود إلى تقدم المساعي الفرنسية في شأن التهدئة في الجنوب.

يصعب أن تمرّ هذه التوقّعات التي ستخضع بالتأكيد لامتحان في الأشهر المقبلة، على وقع دينامية الحملة الانتخابية، بلا تشكيك. فالأمر يتوقّف على طريقة استيعاب الديمقراطيين لأضرار ما خلّفه أداء بايدن في الأشهر الأخيرة. فهم يأملون التعويض عنها وجذب شرائح من الناخبين لإسقاط الرئيس السابق. وللملفّات الداخلية المتعلّقة بالاقتصاد والبطالة والهجرة والإجهاض أهمّية تتقدّم على السياسة الخارجية. وفي كلّ الأحوال فإنّ من الحجج التي يسوقها من يتشكّكون في صحّة الاستنتاجات التي ترافق صعود ترامب وفق أصحاب وجهة النظر المقابلة:

ضدّ الحروب ويصعب توقّع أفعاله

1- يستحيل توقّع ما سيقوم به ترامب (UNPREDICTIBLE). فهو صاحب مفاجآت تصدم مؤيّديه بقدر ما تفاجئ خصومه.

2- ترامب متقلّب. فهو أعلن قبل أسبوعين أنّه غيّر رأيه بالنسبة إلى حظر تطبيق “تيك توك” في سياق المواجهة التي يعطيها أولوية مع الصين. وقال إنّه لن يمنعه.

3- على الرغم من تأكيده منذ تشرين الأول الماضي أنّه مع دعم إسرائيل في حربها في غزة حتى النهاية، فهو دعا نتنياهو في 17 آذار الماضي إلى إنهاء الحرب والعودة إلى السلام.

ترامب متقلّب. فهو أعلن قبل أسبوعين أنّه غيّر رأيه بالنسبة إلى حظر تطبيق “تيك توك” في سياق المواجهة التي يعطيها أولوية مع الصين. وقال إنّه لن يمنعه

4- ترامب الذي أكّد أنّه سينهي الحروب التي اندلعت في عهد بايدن، قد يضغط على إسرائيل لوقف الحرب في غزة. فتدحرج المواجهات في القطاع وجنوب لبنان واليمن وسوريا والعراق، كما هو حاصل راهناً، يستدرج أميركا. وهو ما لا يريده المرشّح الجمهوري.

… لكنّه قصف سوريا وقتل سليماني

يردّ المتابعون للتحوّلات التي ستحدثها وقائع الانتخابات الأميركية:

– صحيح أنّ ترامب لا يريد حروباً. لكنّه هو الذي أمر بقصف سوريا في نيسان 2017 ردّاً على استخدام النظام السوري السلاح الكيميائي في خان شيخون. وأدّى القصف إلى ضرب جزء مهمّ من سلاح الجوّ السوري.

– هو الذي أعطى الأمر بقتل قاسم سليماني مطلع 2020. وردّت إيران بقصف قاعدة عين الأسد بطريقة متفاهم على محدوديّتها كما سبق أن كشف ترامب نفسه قبل أشهر.

– مقولة ترامب بإنهاء الحروب تتعلّق بحرب أوكرانيا التي يقف جزء من الرأي العام الأميركي ضدّ رعايتها من قبل أميركا.

– المرجّح أن يسحب القوات الأميركية من العراق وسوريا غير آبه بما يخلّفه ذلك من فوضى التناقضات الداخلية والتدخّلات الخارجية.

أساس ميديا

لمتابعة الكاتب على X:

@ChoucairWalid

Continue Reading

أخبار الشرق الأوسط

هل الضربة الحوثية لإسرائيل والردّ عليها سيغيّران في مسار الحرب؟!

Avatar

Published

on

لا يبدو أنّ الضربة الحوثية لإسرائيل والردّ عليها سيغيّران في مسار الحرب. ويجوز لنا وقد اقتربت نهايات هذه الحرب المدمّرة أن ندلي ببعض التوقّعات أو النتائج، وأهمّها ضخامة خسائر الفلسطينيين في القطاع والضفّة، وخسائر حماس والتنظيمات الأخرى، وهي كبيرة. والإسرائيليون الذين قتلوا كثيراً لن يكونوا آمنين إن لم يوافقوا على دولة فلسطينية. ويستطيع الإيرانيون القول إنّهم كسبوا الشراكة الدائمة في القضية الفلسطينية، كما كسبوا اضطرار الولايات المتحدة إلى مراعاة جانبهم هم وميليشياتهم في مقبل السنين.

Follow us on Twitter 

الطريف أنّه عندما كانت إحدى مسيّرات الحوثيين تصل إلى تل أبيب وتقتل خمسينيّاً، كان رئيس الأركان الأميركي يصرّح أنّ الفريق الأميركي/البريطاني المسمّى: حارس الازدهار ليس كافياً لإخماد التحدّي الحوثيّ بالبحر الأحمر وخليج عُمان والمحيط الهندي، وأنّه لا بدّ من السياسة والدبلوماسية للإقناع بوقف الهجمات التي أزعجت التجارة الدولية وأمن البحار. لا نعرف بالتحديد ماذا كان القائد الأميركي يقصد بالإجراءات التكميلية اللازمة لكفّ إصرار الحوثي: هل يقصد التفاوض في مسقط مع الإيرانيين وبينهم حوثيون أم يقصد تقديم “الإغراءات” لهم على الأرض وفي المفاوضات اليمنية – اليمنية الجارية تحت عيون المبعوث الأميركي والمبعوث الدولي؟

عندما احتفل الحوثيّون والإيرانيّون

كان الحوثيون يصرّحون أنّ هجماتهم دخلت المرحلة الرابعة التي تعني التحرّك في البحر المتوسط أيضاً. وقد صرّح الإسرائيليون بعدما ضربوا ميناء الحديدة أنّهم صبروا على مئتين وخمسين ضربة حوثية لم نسمع عنها شيئاً لأنّه يبدو أنّها ما كانت تصل إلى أراضي دولة الكيان!

لقد احتفل الحوثيون والإيرانيون والحزب بالإنجاز. وقالوا بعد الضربات الإسرائيلية إنّهم لن يتوقّفوا على الرغم من الخسائر الكبيرة والقتلى والجرحى. فهل سيغيّر التدخّل الحوثي في المشهد الجاري منذ أكثر من تسعة أشهر؟

لقد احتفل الحوثيون والإيرانيون والحزب بالإنجاز. وقالوا بعد الضربات الإسرائيلية إنّهم لن يتوقّفوا على الرغم من الخسائر الكبيرة والقتلى والجرحى

الأميركيون ووزير الدفاع الإسرائيلي ذهبوا إلى أنّ المفاوضات مع حماس من خلال قطر ومصر ستصل إلى نهايات واعدة خلال أيام. وقد انحصرت الخلافات بعد الاتفاق على كلّ شيء في مصائر معبر فيلادلفي الذي لا يريد الإسرائيليون الانسحاب منه، كما لا يريدون تسليمه لشرطةٍ من عند حكومة أبي مازن. وهناك خلافٌ آخر يتعلّق بالانتشار الإسرائيلي في وسط القطاع وقسمة غزة إلى طرفين لا يلتقيان: فهل يكون الحلّ في إحلال جنود أميركيين في الموقعين؟ الأميركيون لا يريدون ذلك، والإسرائيليون يتحدّثون عن إمكان الاستعانة بقوّةٍ أوروبية بعد وقف إطلاق النار!

من الخاسر الأوّل؟

يومُ ما بعد وقف النار يبعث على الخطورة والترقّب. لكن هل يمكن الحديث الآن عن نتائج الحرب أو من انتصر ومن خسر؟ الخاسر الأوّل بالفعل الشعب الفلسطيني وليس في غزة فقط التي فقدت العمران والإنسان، بل وفي الضفة الغربية التي قُتل فيها المئات، وزاد الأسرى على عشرة آلاف، وأُضيفت إليها أعباء عشرات المستوطنات إلى مئاتٍ أخرى يسكنها مئات الألوف. والخاسر الثاني بالطبع أيضاً حماس والفرق المقاتلة الأُخرى التي فقدت الآلاف من عسكرها وفدائيّيها.

الحرب

أمّا إسرائيل، وعلى الرغم من أنّ خسائرها العسكرية والاقتصادية هائلة من وجهة نظرها، فإنّها لم تنتصر، ليس بسبب أنّ حماساً وحلفاءها ما يزالون يقاتلون، بل ولأنّ المستقبل يقول منذ الآن إنّ أحداثاً مشابهةً يمكن أن تتجدّد على الكيان إلى ما لا نهاية، وبخاصّةٍ أنّ نتنياهو واليمين لا يريدون دولةً فلسطينيةً مهما كلّف الأمر.

لا يبدو أنّ الضربة الحوثية لإسرائيل والردّ عليها سيغيّران في مسار الحرب

ماذا عن الطرف الإيراني وحلفائه من الميليشيات المنتشرة على حدود الكيان؟ ولست أقصد لبنان واليمن والعراق وسورية، بل ما يراه المراقبون أنّ إيران صارت أكثر تحكّماً بالملفّ الفلسطيني، وليس بسبب الحزب فقط بل وبسبب حماس وبعض الميليشيات. لقد تبيّن أنّ “رجولة” الحزب في المواجهة والصبر على الخسائر ليست فريدة، بل هناك أيضاً الحوثي الذي يستطيع الإضرار بالولايات المتحدة وبريطانيا والمصالح البحرية لسائر الأمم. ثمّ إنّ التفاوض لا ينجح إلا بحضور إيراني من نوعٍ ما، وأمل وطموح بشأن النووي وبشأن الحصار الاقتصادي.

لقد ظنّ المراقبون أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يريد الهدنة، ويريد الانتصار المطلق الذي يُزيل حماساً، بيد أنّ الضربات على الحديدة تزيد من اشتعال الحرب، ولن تُكسب إسرائيل المزيد على أيّ حال، كما أنّ الإسرائيليين في غالبيّتهم يريدون وقف الحرب.

إنّها حرب هائلة خسر فيها الفلسطينيون، وحقّق الآخرون إنجازات خالطتها آلام وتضحيات. وبغضّ النظر عمّا يريده نتنياهو حقّاً، ستتوقّف الحرب، لكنّ اليوم التالي بعد الحرب سيكون أصعب وأصعب. فهل كان للإقدام على الحرب معنى؟

أساس ميديا

لمتابعة الكاتب على X:

@RidwanAlsayyid

Continue Reading

أخبار العالم

هل تستقبل إيران ترامب… بقنبلة نوويّة؟

Avatar

Published

on

مع ارتفاع حظوظ الرئيس السابق دونالد ترامب بالعودة إلى البيت الأبيض، بدأت هواجس الدول التي تأثّرت بسياسته تتحوّل إلى قلق حقيقي. وعلى رأس هذه الدول إيران، التي يذكرها ترامب ومرشّحه لمنصب نائب الرئيس جي فانس في كلّ مناسبة على أنّها من إخفاقات الإدارة الحالية ومثال على ضعف الرئيس جو بايدن. فهل تدخل إيران النادي النووي، كي تستقبل ترامب بـ”القنبلة”؟

الوضوح الذي تحدّث به المرشّح الرئاسي الأميركي دونالد ترامب وفريقه عن إيران كفيل بأن يجعل إيران من أكثر الدول قلقاً من عودة ترامب، خصوصاً أنّ ترامب التزم بوعوده الانتخابية في ولايته الأولى وانسحب من الاتفاق النووي مع إيران وفرض على طهران عقوبات مشلّة، وأعطى الأمر باغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني.
Follow us on Twitter

مع ارتفاع حظوظ الرئيس السابق دونالد ترامب بالعودة إلى البيت الأبيض، بدأت هواجس الدول التي تأثّرت بسياسته تتحوّل إلى قلق حقيقي

هذا الوضوح في نيّات الجمهوريين وعلى رأسهم ترامب واستعدادهم لانتهاج سياسة أكثر صرامة مع إيران يضعان طهران أمام خيارات محدودة وصعبة. فإذا دخلت في صفقة مع الإدارة الحالية فستكون هناك خشية من تكرار التجربة السابقة حين انسحب ترامب من الاتفاق.

هناك أيضاً خشية من أن تفقد إيران فرصة ترجمة إنجازاتها الاستراتيجية بعد عملية طوفان الأقصى إلى مكاسب مع الغرب وواشنطن في حال وصول ترامب إلى البيت الأبيض.

لعبة الوقت التي تتقنها طهران ليست لمصلحتها لأنّ الانتخابات الرئاسية الأميركية على بعد أقلّ من خمسة أشهر، وأيّ رهان أو مغامرة قد تطيح بمكاسب إيران الاستراتيجية التي حقّقتها خلال السنوات الأربع الأخيرة.

سياسة واشنطن تجاه إيران أصبحت جزءاً من التراشق الانتخابي بين المرشّحين الرئاسيين، خصوصاً أنّ إدارة الرئيس جو بايدن تتّهم ترامب بأنّه وراء خروج الملفّ الإيراني عن السيطرة بسبب خروج واشنطن من الاتفاق الذي سمح لطهران بتطوير قدراتها النووية.

بلينكن أعلن أمس الأول أنّ إيران “قد تكون أصبحت قادرة على أن تنتج موادّ ضرورية لسلاح نووي خلال أسبوع أو أسبوعين”

“طوفان الأقصى”… شغَل العالم عن “النّوويّ”

سرعة نشاطات إيران النووية وتوسيعها يرتبطان ارتباطاً مباشراً بحدّة النزاعات في المنطقة. إيران استغلّت انشغال الغرب بحروب في المنطقة لإطلاق العنان لمشاريعها النووية. فترات حصار العراق ثمّ اجتياحه والحرب على الإرهاب بعد اعتداءات 11 أيلول 2001 ودخول الولايات المتحدة المستنقع الأفغاني، سمحت لإيران بأن تطوّر قدراتها العسكرية والنووية. وجاء “طوفان الأقصى” ليشغل العالم مؤقّتاً عن الملفّ النووي الإيراني المرشّح دائماً لأن يتحوّل إلى أزمة كبرى في حال ثبت أنّ إيران بدأت بنشاطات نووية عسكرية.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أعلن أمس الأول أنّ إيران “قد تكون أصبحت قادرة على أن تنتج موادّ ضرورية لسلاح نووي خلال أسبوع أو أسبوعين”، في حال قرّرت ذلك. وقال: “لسنا في مكان جيّد الآن”، في وصفه لواقع الملفّ النووي الإيراني.

ألقى بلينكن اللوم على إدارة ترامب السابقة لانسحابها من الملفّ النووي، إذ يعتقد أنّ طهران كانت بحاجة إلى اثني عشر شهراً لإنتاج موادّ نووية لأغراض عسكرية من موعد اتّخاذها هذا القرار.

نتنياهو سيحاول جذب واشنطن إلى مقاربته في ما يخصّ الملفّ النووي الإيراني، بينما تفضّل إدارة بايدن الخيار الدبلوماسي

تشير تصريحات بلينكن إلى احتمال اندلاع أزمة مع إيران في الأشهر القليلة الباقية من ولاية بايدن الأولى. وهذا يرتبط بحسابات طهران إذا ما قرّرت القيام بخطوة تصعيدية على مستوى مشروعها النووي مستفيدة من انشغال واشنطن بالانتخابات الرئاسية أو ربّما تحسّباً واستباقاً لعودة ترامب الذي تعهّد بمنع إيران من امتلاك قدرات نووية عسكرية.

يُتوقّع أن يعود الملفّ النووي الإيراني إلى الواجهة أثناء زيارة رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لواشنطن، حيث من المقرّر أن يلقي خطاباً أمام الكونغرس الأميركي بمجلسَيه النواب والشيوخ.

نتنياهو سيحاول جذب واشنطن إلى مقاربته في ما يخصّ الملفّ النووي الإيراني، بينما تفضّل إدارة بايدن الخيار الدبلوماسي. إسرائيل تريد من واشنطن أن تقود حلفاً من أجل وقف المشروع النووي الإيراني حتى لو استلزم الأمر ضربة عسكرية ضدّ المنشآت النووية الإيرانية.

تقدُّم المشروع النووي الإيراني واقترابه من التحوّل إلى قوة عسكرية، سيرفع من الثمن الذي تطلبه إيران للتراجع عن ذلك في حال قبلت مستقبلاً الدخول في صفقة مع واشنطن وربّما ترامب الذي يتقن “فنّ الصفقات”.

الخوف أن تستقبل إيران ترامب بـ”قنبلة” نووية. هل يعاملها حينها مثلما يعامل “صديقه” الكوريّ الشمالي كيم جونغ أون؟

لمتابعة الكاتب على x:

@mouafac

أساس ميديا

Continue Reading