Connect with us

لبنان

مسيحيو لبنان أقوى من أحزابهم و أحزاب الطوائف الأخرى

Avatar

Published

on

شهدت السوشل ميديا اللبنانية بمناسبة الأعياد مناوشات غير حادة لكنها تنطوي على دلالات يصح تناولها في سياق تصدع النموذج اللبناني، وموضوع المناوشات هو دخول شجرة الميلاد إلى بيوت المسلمين اللبنانيين، وتحولها نوعاً من الطقس الوطني، في البيئات المدينية اللبنانية، لكن في الأرياف البعيدة والقصية أيضاً.
وفي سياق المناوشات والطُرف المتبادلة والتي لا تخلو من دلالات ومؤشرات، طرفة تقول: «علي وحسين… رجاءً إفسحا مجالاً لشربل وإيلي لكي يتصورا بجانب الشجرة». وفي مقابل هذا الضيق بعلي وحسين، اشتغلت ردود مفادها بأن أعياد المسلمين أيضاً فيها فرح وأضواء وأطفال ينتظرون الهدايا.
المناوشات بقيت ضمن حدود الكشف عن مشاعر سلبية ضمنية أحدثتها ظاهرة إيجابية. فأن تدخل شجرة الميلاد إلى بيوت المسلمين في لبنان، فهذا من المؤشرات النادرة التي يمكن رصدها بصفتها ثمرة علاقات غير نزاعية بين الجماعات اللبنانية. ثمة مؤشرات كثيرة، لكن لشجرة الميلاد وقعاً مختلفاً، ذاك أن في دخولها بيوت المسلمين قبولاً ليس بنموذج عيش فقط، إنما بطقس هو جزء من ركيزة دين آخر.
الطرفة أعلاه، التي شاعت على وسائل التواصل الاجتماعي، توحي بتذمر مسيحي من استدخال المسلمين الشجرة إلى أشكال احتفالهم بنهاية العام. وهو تذمر كاشف لمدى عدم بلوغ الجماعات الأهلية اللبنانية سن الرشد، فالمسيحيون في لبنان وإن لم يكونوا في أحسن أيامهم سياسياً، وعلى رغم واقعهم الديموغرافي المتردي، فإنهم ما زالوا النموذج الاجتماعي والثقافي الأقوى. والجماعات الأهلية الأخرى، المنتصرة بالمعنى السياسي، وحتى العسكري، لم تتمكن حتى الآن من فرض نموذجها، أو من الدفاع عنه بصفته مقترحاً يتقدم به المنتصِر على المنتصَر عليه. حزب الله أكبر المنتصرين اليوم في لبنان، إلا أنه عاجز عن تحويل انتصاره نموذج عيش وخيارات شخصية ومناهج تعليم ولغات وحتى اقتصاداً. رفيق الحريري في التسعينات، كان النموذج الأقوى، إلا أنه لم يجد خياراً سوى أن يُحضر مسيحيين (من غير أحزابهم) إلى صلب مشروعه، فصاروا مستشاريه وشركاءه في سوليدير وغيرها.
المسيحيون لحسوا وعي الجماعات الأهلية اللبنانية غير المسيحية. الارتقاء الاجتماعي يعني اقتراباً من نموذجهم، والانتصار العسكري عليهم أخلى مجالاً لعودتهم إلى تصدر المنتصرين. ولعل أضعف ما في المسيحيين اليوم هو قواهم السياسية، فهذه راحت تتماهى مع شقيقاتها التي تتصدر الطوائف الأخرى، وتُنشئ معها شراكات، هي فيها الشقيق الأصغر، وذهبت بالتماهي إلى حدود لا يمكن عقلها بمنطق واستباقها بتوقع.
المسيحيون أيتام سياسياً، والديموغرافيا عامل مؤلم في أوضاعهم وأحوالهم، إلا أنهم ملتصقون بفكرة لبنان أكثر من أي جماعة أخرى. شجرة الميلاد فتكت ببيوت المسلمين. هذه ظاهرة لا تشهدها دول مجاورة على نحو واسع كما يشهدها لبنان. أنماط عيش المسلمين في لبنان لا تمت لأنماط عيش أقرانهم المسلمين في الدول الأخرى بقدر ما تمت بصلة قرابة أكيدة مع مواطنيهم المسيحيين. هذا ليس تفصيلاً عابراً، وهو ما سيجعل من مهمة أي قوة سياسية أو دينية أو مذهبية، في تثبيت الفروق بين الجماعات، مهمة صعبة. مؤيد حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت لن يقوى على خيارات ابنه في حياة مختلفة، حين تُتاح هذه الحياة في الجوار القريب.

لكن يبقى أن ضيق الجماعات ببعضها البعض في لحظة تبادلها أنماط عيشها، هو امتداد لحال الانفصال عن النفس الناجمة عن تصدع النموذج اللبناني بفعل الضربات المتتالية التي ما برح يتعرض لها منذ عقود. فالتذمر سياسي، فيما دخول شجرة الميلاد البيوت اجتماعي وثقافي. وعلى هذا النحو تتولى السياسة صد الثقافة، وتتولى العصبية تخصيب وعي لا يكترث لحقيقة القوة الكامنة وغير الشاهرة سيف قوتها. ففي سياق النزاعات الأهلية لا يُنتبه إلى نقاط القوة الضمنية التي تؤلف حصيلتها نموذج عيش موازٍ ومختلف جوهرياً عن هوية المنتصر. لا تصريف أصلاً لهذه القوة. حزب الله وقبله رفيق الحريري كانا منتصرين في مشروعهما السياسي، لكنهما لم يقدما اقتراحاً واحداً على اللبنانيين مرتبطاً بخيارات عيشهم وأنماطها، ومسارات مستقبل أولادهم. لم يفعلا ذلك ليس لأنهما لا يملكان تصوراً أو طموحاً على هذا الصعيد. الحريري كان صادراً عن خبرة في العيش والحياة والسياسة من خارج خبرات اللبنانيين على هذا الصعيد، وحزب الله امتداد لولاية الفقيه التي تملك تصوراً لأدنى تفصيل يومي يعيشه مريدها. لم يقدما اقتراحهما لأن الهزيمة التي أصابت المسيحيين في لبنان، أصابت قواهم السياسية لكنها أصابت بدرجة أقل نموذجهم. خسر حزب الكتائب الحرب، لكن حركة أمل لم تصبح أفقاً يتطلع إليه مناصروها بصفته خيار عيش خاص ومختلف عن امتداده اللبناني، ومن المؤكد أن الكتائب (المهزومة سياسياً) تمتّ بقرابة أكبر للمزاج اللبناني من حركة أمل المنتصرة والمتصدرة.

ليس بين القوى المسيحية اليوم من هو مدرك قوته هذه. ثمة انكفاء اجتماعي في موازاة انفلاش سياسي يقطع الأنفاس. ولا أحد من هذه القوى يملك من الوعي ما يرشحه لأن يطمح إلى تمثيل «التقدمية» المسيحية، بصفتها خيار الطوائف الأخرى أيضاً. فعندما نقول إننا يجب أن نحمي نموذج العيش اللبناني، ولا يشمل ذلك عبارة «التعايش» المبتذلة والكاذبة، فيجب أن ندفع الثمن المطلوب لهذا النموذج. والثمن المطلوب سياسياً هو أن نعيد الاعتبار لأصحاب النموذج الذي «لا نقبل بغيره خياراً لأولادنا».
المشكلة التي ستواجه الراغب في إعادة الاعتبار للموقع المسيحي في لبنان، إذا ما وُجد من هو راغب في ذلك، هي نفس المشكلة التي واجهت علي وحسين أمام شجرة الميلاد، إذ ثمة من طلب منهما المغادرة. فمن سيضمن ظهور قوة سياسية مسيحية راشدة بما يكفي لاستقبال المبادرة، أم أن ذلك سيبقى مجرد خيال؟.

Continue Reading

أخبار مباشرة

تجميد الدولار… وما ينتظرنا مطلع العام المقبل!

Avatar

Published

on

يتكرّر السؤال نفسه على لسان كثيرين: ما هو سبب الاستقرار النقدي في سعر الصرف، بعد التوقّعات بارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء بعد انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة؟

لم يكن متوقعاً أن يستمرّ الاستقرار النقدي في لبنان لغاية نهاية شهر ايلول. ولكن يبدو انه مستمرّ، وفق المعطيات، حتى نهاية العام على أقلّ تقدير بناءً على قرار المصرف المركزي بدفع الرواتب لموظفي القطاع العام بالدولار، لشهرين اضافيين، ونجاح الحاكم بالانابة بفرض اجراءات موضعية تضبط سعر الصرف بانتظار الاصلاحات الموعودة.

ولكن، لماذا يستمر الدفع بالدولار وليس بالليرة؟

أولاً: تقوم سياسة الحاكم بالانابة وسيم منصوري على معادلة عدم المسّ بأموال الاحتياطي والمودعين. وهو يؤكد ذلك من خلال نشره الارقام علناً امام الرأي العام. ممّا يعني أنّ أيّ دفعٍ بالدولار هو من دون خسائر، لذلك تُفرض استمراريته.

Follow us on twitter

ثانياً: نجح منصوري في اتّباع اجراءات تتيح الحصول على مبالغ متواضعة من الدولار من السوق ضمن ضوابط، لتأمين تلك الرواتب وحاجات امنية وعسكرية، فحقق الاستقرار النفسي، والمادي نسبياً، لـ ٤٠٠ الف عائلة جرى تحييدها عن خسائر تبديل العملات وتبدّل سعر الصرف.

ثالثاً: منع دفع الرواتب بالدولار ضخّ مبالغ بالليرة اللبنانيّة في السوق دفعةً واحدة، وأحبط عمليّات تفلّت سعر الصرف.

رابعاً: إنّ أيّ دفع فروقات لرواتب القطاع العام لا يساوي شيئاً ازاء الكلفة المحتملة في حال الدفع بالليرة، باعتبار أنّ ضخّ العملة الوطنيّة دفعةً واحدة شهريّاً سيخرّب سعر الصرف ويضرب الاستقرار وتفقد الرواتب قيمتها.

لذا، يمكن القول إنّ اجراءات منصوري التي يتّبعها منذ شهرين لضبط الاستقرار نجحت. لكنّ الاصلاحات المطلوبة منتظرة من القوى السياسيّة، والكرة هنا ليست في ملعب الحاكم ونوّابه، بل في ملعب السياسيّين وتحديداً الحكومة.

واذا كان منصوري طرح فكرة ضريبة لمرّةٍ واحدة على الارباح الناتجة عن قروض بالدولار اعادها كبار المستثمرين بالليرة على سعر ١٥٠٠، لتأمين مبلغ مالي يُعطى للمودعين حصراً، وهو ما لم تستسغه قوى سياسيّة ونافذون، فكيف ستمضي الاصلاحات في زمنٍ يختلف فيه السياسيّون على كلّ عنوانٍ استراتيجي او تكتيكي؟

 

المصدر:mtv

Continue Reading

أخبار مباشرة

فواتير الكهرباء بالدولار: استبداد و إستغلال الناس!!!

Avatar

Published

on

حصلت وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان، اليوم الأربعاء، على رأي تشريعي من هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، يجيز إصدار فواتير الكهرباء بالدولار، مع ترك الحرية للمشتركين لاختيار عملة الدفع، بالليرة أو الدولار. وبعد إكمال الإجراءات التقنية من قِبَل المؤسسة، ستتمكّن الأخيرة من تحصيل إيرادات بالدولار، تساعدها “في معالجة مشكلة تأمين السيولة بالعملة الصعبة”، وفق ما تقوله وزارة الطاقة.

Follow us on twitter

القرار الذي يؤمِّن عملة صعبة للمؤسسة، يحمل في مضمونه تجاهلاً لارتكابات لا تُغتَفَر، ستكون نتيجتها تأمين دولارات لشركات مقدّمي الخدمات على حساب المشتركين.

دولار أعلى من سعر السوق

هيئة التشريع والاستشارات التي وافقت على اعتماد الدولار كعملة موازية لليرة لاستيفاء فواتير الكهرباء،تجاهلت بوضوح حقيقة أن الدولار الذي تعتمده مؤسسة كهرباء لبنان، وتوافق عليه وزارة الطاقة، هو دولار منصة صيرفة مضافاً إليه 20 بالمئة، هي الزيادة التي يأخذها مصرف لبنان لتحويل أموال مؤسسة الكهرباء من ليرة إلى دولار. وبالتالي، فإن سعر دولار فواتير الكهرباء هو نحو 103 آلاف ليرة، فيما دولار السوق لا يتجاوز الـ90 ألف ليرة.

وتعترف وزارة الطاقة بهذا السعر، إذ أشارت في بيانها يوم الأربعاء، إلى أن “سعر الدولار المعتمد الآن في استصدار الفاتورة والبالغ حوالى 103.000 ليرة لكل دولار سوف يحفّز المواطنين على الدفع بالدولار بهدف التوفير من جهة، ويرفد من جهة أخرى المؤسسة بالدولارات التي تحتاجها لاستكمال التنفيذ الناجح لخطة الكهرباء ولزيادة التغذية”.

حجّة التوفير على المواطنين، تعني في المقلب الآخر، أن الوزارة تميِّز بين المشتركين الذين عليهم في المبدأ الدفع بشكل متساوٍ ثمن خدمة توزّع بالتساوي. لكن الوزارة ترى بأن مَن يدفع بالدولار، سيوفِّر، مقابل مَن يدفع بالليرة. فهل الوزارة ومعها هيئة التشريع والاستشارات التي أعطت سنداً قانونياً للقرار، يريدون من المشتركين شراء الدولار من السوق لتسديد فواتير الكهرباء وتأمين العملة الصعبة للمؤسسة؟

اعتماد سعر أعلى من سعر السوق، يدعو للتساؤل عن الأرباح التي قد تحققها المؤسسة من بعض الفوارق التي سيؤمّنها الدفع بالدولار. فالسعر المعتمد أعلى من سعر السوق، وتدوير كسور الأرقام سيعني دولارات إضافية للمؤسسة. وفي المقابل، فإن الهدف من إتاحة المجال للدفع بالدولار هو تحقيق التوازن المالي للمؤسسة، والتوازن لا يعني تحقيق أرباح إضافية، بل تحصيل إيرادات لتأمين قيمة النفقات. وعليه، يجب على مؤسسة كهرباء لبنان إظهار الحجم الحقيقي لنفقاتها والتي على أساسها تم احتساب الإيرادات المطلوب جمعها.

تمويل شركات مقدّمي الخدمات

تغيب في أدراج الأجهزة الرقابية، الملفات المتعلّقة باحتجاز شركات مقدّمي الخدمات أموال الجباية وعدم تحويلها بانتظام وبشكل فوري إلى مؤسسة كهرباء لبنان، ما يسمح لها بالاستفادة من تلك الأموال لتأمين نفقاتها على حساب المال العام.

ومع إتاحة المجال لدفع الفواتير بالدولار، ستتمكّن الشركات من الحصول على إيرادات دولارية لن تتحوَّل سريعاً لمؤسسة الكهرباء. علماً أن الشركات التي تتولّى الجباية، تحقق في الأصل إيرادات أعلى بـ20 بالمئة مما كانت تحصّله سابقاً، نتيجة قرار مصرف لبنان. أما تحصيلها إيرادات بالليرة، فستكون أعلى من سعر السوق، ما يتيح إمكانية تبديلها بالدولار والاحتفاظ بفارق الليرة. ناهيك عن أن التلاعب في الفواتير لم يُضبَط بعد. وإصدار فواتير بأرقام مضخَّمة بلا حسيب أو رقيب، يعني تحصيل دولارات إضافية قد لا تُسَجَّل في قيود الفواتير الأصلية. فضلاً عن فتح المجال لمنتحلي صفة الجباة، بتحصيل دولارات من المشتركين، بدون وجه حق.

قرار غبّ الطلب

جملة من الإجراءات كان على مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة القيام بها قبل دولرة الفواتير. وإن كانت قيمة الفواتير لن ترتفع ظاهرياً، بل سيُتاح للمشترك الدفع بالدولار، إلاّ أن الفجوة بين دولار السوق والدولار المعتمد لفواتير الكهرباء، يخلق تبايناً في قيمة الفواتير، فتصبح واحدة أغلى أو أرخص من أخرى، حسب العملة المختارة للدفع. ومع هذه الثغرة، وغيرها من تلك المتعلّقة بمقدّمي الخدمات وتأمين الدولارات على حساب المواطنين، ترى مصادر قانونية متابعة للملف أن “قرار هيئة التشريع والاستشارات جاء غب الطلب لصالح وزارة الطاقة ومؤسسة الكهرباء. وكان من الأجدى أن تتبيَّن الهيئة قبل إصدار مطالعتها، من الأمور المرتبطة بمسار الفوترة وبأسعار الدولار وباحتساب قيمة إضافية بنسبة 20 بالمئة… وغير ذلك”.

هي حالة “استبدادية” يتعرّض لها المواطنون، كالكثير من الحالات الأخرى التي “تُختَرَع” لتأمين مصالح ضيّقة على حساب الناس.

 

المصدر: المدن – خضر حسان

 

Continue Reading

أخبار مباشرة

غابات لبنان بعين الخطر… و المطلوب الاهتمام الدقيق!

Avatar

Published

on

تواجه غابات لبنان أعلى نسبة من مخاطر اندلاع الحرائق، خصوصاً أننا دخلنا في الفصل الحَرِج من السنة حيث يرتفع معدّل اليَباس ويصبح أكثر قابليّة للاحتراق المعرَّض للانتشار السريع مع هبوب الرياح، يُضاف إلى ندرة الأمطار وبالتالي فقدان الأرض للرطوبة الكافية.

Follow us on twitter

وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين يحذّر اليوم من خطورة اندلاع الحرائق في الأحراج، داعياً إلى تداركها والتحوّط لها عبر المزيد من التحلّي بالوعي.

هذه المخاوف من ارتفاع منسوب المخاطر تعود إلى تجارب مرّة سابقة مرّ بها لبنان لا سيما في السنوات الأخيرة حيث قضت الحرائق على نسبة كبيرة من الأحراج أفقدت لبنان جزءاً من ثروته الحرجيّة. ما يدفع إلى السؤال عما إذا بادرت الدولة إلى التعويض عن هذه الخسارة الكبيرة عبر زراعة أشجار أخرى بديلة؟ علماً أنه مرّت الفترة المطلوبة ما بعد الكارثة للمباشرة بزرع المساحات المحترقة، والمحدّدة بالسنتين أو الثلاث سنوات.

الأخصّائي في علم الحشرات وبيئة الغابات ومدير “المركز الأعلى للبحوث” في جامعة الروح القدس – الكسليك البروفسور نبيل نمر يكشف عبر “المركزية” عن “مبادرات عديدة أعادت تشجير بعض المساحات الحرجيّة المحترقة، لكن للأسف برزت مشكلة ندرة المياه لريّ تلك الأشجار خصوصاً في فترة الحَرّ. وفي البعض الآخر من تلك المساحات نبَتَت الأشجار بمفردها بنسبة تفاوتت بين 60 و75 في المئة بحسب موقعها الجغرافي… لذلك يجب ترك الطبيعة تأخذ مجراها لأنها تُداوي نفسها بنفسها، شرط ألا يتدخّل الإنسان سلباً في هذا الموضوع، وعلى سبيل المثال لا الحصر:

عدم التسرّع في تغيير وجهة استصلاح الأراضي الزراعيّة المحترقة وتحويلها إلى مناطق سكنيّة أو صناعيّة أو غيرها، بدل إبقائها مساحات حرجيّة.
عدم استيراد أشجار غير موجودة أصلاً وزرعها في بيئة غير بيئتها ما يؤثّر سلباً على التربة الموجودة، ويؤثّر بالتالي على كل النظام الأيكولوجي. لذلك يجب زراعة أشجار كانت موجودة أصلاً في بيئتها وتربتها.
ويأسف في السياق “لغياب الرقابة الفاعلة خصوصاً على صعيد الحَجر الصحّي عند استيراد الأشجار، فنسمح بانتشار أمراض وحشرات “دَخيلة” تأتي من الخارج وتستوطن في غابات لبنان وتشكّل خطراً أكبر من خطر الحشرات الموجودة أصلاً في غاباتنا والتي نعلم دورة حياتها جيّداً!”.

وليس بعيداً، يشير نمر إلى أن “التغيّرات المناخيّة في العالم أحدثت تغييراً في النظام الأيكولوجي لغابات لبنان، وظهرت أمراضٌ غريبة وحشرات لم تكن موجودة سابقاً هي “دَخيلة” تسرّبت من خارج البلاد، أو حشرات موجودة أصبحت دورة حياتها أكثر سرعة وبالتالي أصبحت تتطوّر خلال شهر واحد بدل ثلاثة، وأخرى أصبحت تظهر سنوياً بعدما كانت تظهر كل ست أو سبع سنوات”.

ويقول: كل ذلك أدّى إلى استفحال بعض المكوّنات في النظام الأيكولوجي الذي أثّر سلباً على الأشجار، لأن هذه الحشرات في نهاية الأمر ستتغذّى من الثروة الحرجيّة التي تتآكلها أيضاً الأمراض الغريبة الآنفة الذكر. الأمر الذي شكّل ضغطاً ثقيلاً على الأشجار وأدّى إلى إضعافها وبدأ اليباس يفتك بها حتى بلغ أوجّه في السنوات الخمس الأخيرة.

في خلاصة الأمر، تبقى المبادرات في نطاقها الضيّق وضمن إمكاناتها المحدودة… لكن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق الحكومة التي عليها أخذ “المبادرة الكبرى” على مساحات الوطن، حفاظاً على ما تبقى من ثروتنا الحرجيّة… إن أمكن.

 

المصدر: المركزية – ميريام بلعة

Continue Reading
error: Content is protected !!