Connect with us

اخر الاخبار

ما هي اللغة السرية والإشارات الخفية للتواصل بين النساء المثليات في مجتمع محافظ؟

عشرات الفتيات “مثليات الجنس” في بوروندي بشرق أفريقيا تحدثن لبي بي سي طوال الأشهر القليلة الأخيرة عن حياتهن اليومية، وكيف تعيش المرأة المثلية في مجتمع محافظ مازال يجرم المثلية الجنسية ويعاقب من يمارسها. لقد شرحن كيف أنهن عندما يتصلن ببعضهن يضطررن إلى استخدام رموز وإشارات خاصة للتعريف بهوياتهن عند التواصل على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات…

Published

on

عشرات الفتيات “مثليات الجنس” في بوروندي بشرق أفريقيا تحدثن لبي بي سي طوال الأشهر القليلة الأخيرة عن حياتهن اليومية، وكيف تعيش المرأة المثلية في مجتمع محافظ مازال يجرم المثلية الجنسية ويعاقب من يمارسها.

لقد شرحن كيف أنهن عندما يتصلن ببعضهن يضطررن إلى استخدام رموز وإشارات خاصة للتعريف بهوياتهن عند التواصل على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات المحادثة.
لقد استعضنا هنا عن تلك الرموز والإشارات السرية الحقيقية باللون البنفسجي لأغراض نشر هذا التقرير (لأن النساء المثليات مطلع القرن العشرين كُن يُهدين زهور البنفسج لصديقاتهن).

واللون البنفسجي المائل للزرقة هنا نوع من الاستعارة وليس وسما يسم جماعة محددة من جماعات المثليين ومجتمع “أل جي بي تي” في شرق لأفريقيا ومنطقة البحيرات العظمى.
نزهة جماعية
بعد الظهيرة القائضة في بوروندي، التي تقع في منطقة البحيرات الكبرى شرقي أفريقيا، تصبح الأجواء مواتية للخروج للتنزه دون خوف من الشعور بالإجهاد الشديد جراء حرارة الشمس العالية.
إنه يوم رائع للقاء الأصدقاء في المنتزة، في العاصمة بوجمبورا، تكون فيه معنويات النساء هنا مرتفعة فيتحدثن بحماس ويرسمن أشكالا ساخرة على أجساد بعضهن البعض بصبغات ملونة، مستمتعات معا بالتنزه.
تجتمع النساء مرة واحدة في الشهر، في أماكن مختلفة، ربما في بعض الأحيان في أماكن عامة، ولكن في الغالب خلف الأبواب المغلقة. وترتدي الغالبية منهن الجينز والقمصان المزينة بألوان وأشكال، وذات موديلات مختلفة.
تلعب القمصان دورا مهما في علاقة المجموعة، فالأشكال المطبوعة على كل منها تحمل رمزا سريا متطابقا. إنها تدل على الهوية والاستقلال. وتعد شيئا خاصا لا يفهمه أحد غيرهن.
في أي بلد أخر يمكن أن تكون هذه المجموعة مجرد صديقات عاديات، لكن الوضع مختلف في بوروندي، حيث يُنظر إليها كجماعة خارجة عن القانون.

بدأت علاقة هذه المجموعة من النساء، وجميعهن في العشرينات وأوائل الثلاثينيات، منذ فترة قصيرة.
تتحدث نيلا، عضوة المجموعة عن وضعها، وتقول : “سنقع بمشكلة كبيرة إذا اكتشف الناس هويتنا”.
يمكن أن يُعاقب الجميع بالغرامة المالية أو حتى السجن. وهناك أيضا خطر التعرض لمضايقات داخل المجتمعات الأضيق من العائلة والأصدقاء.
وتشدد نيلا: “أما الأسوأ سيكون العقاب بالموت”.
قصة نيلا
ترسل نيلا صورتها إلى بي بي سي باستخدام تطبيق مشفر. وتظهر فيها جالسة على كرسي مع أطفال صغار من حولها.
وتكتب على الصورة “إنهم أطفالي… سنهم أقل من 10 سنوات”.
يُظهر الأطفال أنفسهم أمام الكاميرا، ويرسمون تعبيرات مضحكة على وجوههم.
ترتدي نيلا الحجاب.
لكنها في صورة أخرى تكشف عن شعرها الأسود المجعد على كتفيها، وترتدي بنطال جينز فضفاضا وقميصا (تي شيرت). إنه القميص الذي كانت ترتديه في الحديقة مع النساء.
وتظهر في الصورة جالسة على طاولة في مطعم مفتوح وتضع ذراعها حول فتاة بجوارها، ظهرت أيضا بشعرها المجدول في ضفائر صغيرة جدا. وكلتاهما تبتسم.

شيكاغو تنتخب أول عمدة سوداء مثلية الجنس في تاريخ المدينة
لماذا اختفى حساب كوميكس عن المسلمين المثليين في إندونيسيا من انستغرام؟

علقت نيلا على الصورة “أجلس مع صديقتي الحميمة”، وكتبت “أليس هذا لطيفا؟”
وأضافت أنها المرة الأولى التي تقدمها فيها بهذه الطريقة إلى شخص ما، لكنها تشعر بشعور جيد.
التقت الفتاتان من خلال موقع تواصل اجتماعي منذ فترة قصيرة، لذلك فالعلاقة مازالت جديدة.
تشدد على القول “إننا سعيدتان”.
بالطبع لا تعرف أسرتها شيئا عن هذه العلاقة، وهي تخاطر بمثل هذه اللقاءات. فربما يراها شخص يعرفها ويعرف عائلتها. لكنها متأكدة من أن أحدا لن يتعرف عليها، لأنها تخلع الحجاب وتظهر بشكل مختلف أثناء لقاء رفيقتها.
كان عمر نيلا 17 عاما، عندما بدأت أول علاقة حب مع فتاة. التقتها أثناء ممارسة الرياضة. ومثل هذه العلاقات تثير حماسها منذ أن كانت فتاة صغيرة.
اعترفت نيلا بأن هذه العلاقة لم تتطور إلى “علاقة حميمية”، لكنها أدركت حينها أنها لن تتمكن من التراجع.
تقول: “لقد أيقنت أنني أحببت النساء”.
أدركت أيضا أنها لا تستطيع الكشف عن مشاعرها لأي شخص. فهي من عائلة مسلمة محافظة وتعد إقامة علاقة مع شاب أمر مرفوض بالنسبة لها، فما بالك بالعلاقة مع فتاة أخرى.
ولدت نيلا في العاصمة بوجمبورا، وتعد بوروندي تلك الدولة الواقعة في منطقة البحيرات الكبرى الأفريقية، واحدة من أفقر بلدان العالم.
تناضل بوروندي لتحقيق الاستقرار منذ انتهاء الحرب الأهلية في عام 2005، والتي شغلت الرأي العام العالمي حينها. ومازالت هذه الصورة هي العالقة عنها حتى الآن.
بيد أن نيلا ترى إن ذلك بعد واحد من الصورة، إذ يبدو كما لو أن الناس الحقيقين الممتلئين بالآمال والأحلام والحب والرغبة لا مكان لهم للعيش هنا.
حلمت نيلا بالذهاب إلى الجامعة، منذ أن كانت في سن المراهقة. بينما كانت عائلتها تدفعها نحو الزواج. وكان يعرضونها على شباب العائلة الكبيرة أملاً في العثور على الزوج المناسب.
وزاد الموقف تعقيدا بعد وفاة والديها، حيث تزايدت ضغوط إخوتها عليها من أجل زواجها. وأخبروها أنه لا يوجد المال الكافي لتعليمها، إضافة إلى عدم اقتناعهم بأهمية تعليم المرأة.
تعرّف إخوتها على رجل ثري أبدى اهتماما بشقيقتهم. وأصروا على ضرورة إنهاء ترتيبات الزواج سريعا. وفي سن العشرين كانت قد بدأت تكبر في السن بنظرهم.
انتهى حفل الزفاف سريعا، وهيأت نيلا نفسها لتصبح زوجة.
تقول إنهم أجبروها على الزواج قسرا، لكنها تتساءل إذا كانت كلمة “اجبار” هي الكلمة الصحيحة. فالأمر أكبر من اجبار بنظرها، فهل يمكنك أن تجبر شخصا على أمر لا يمتلك حتى حق الشروع به؟
تقول نيلا إنها حقوقها بوصفها امرأة من بلد مثل بوروندي هي أصلا محدودة جدا، وباعتبارها واحدة من أقلية مسلمة تمثل 2 في المائة في دولة ذات أغلبية مسيحية، شعرت أنها أصبحت أكثر تهميشا.
زوج نيلا لم يكن يعرف هويتها الجنسية. ولم يكن زواجهما سعيدا. بالكاد كان هناك تواصل بينهما وظلت تخاف من العلاقة الجنسية معه.

وبعد ولادة طفلها الأصغر، بدأت تشعر بأنها “أكثر النساء عزلة في العالم”.
تقول إنها لا تريد الخوض في الكثير من التفاصيل حول زواجها، لأن هذا “سيؤثر على سلامة أطفالها”.
اتجهت إلى التواصل الاجتماعي بحثا عن علاقات مع نساء لديهن نفس الميول. فجأة، أدركت أنها ليست وحدها.
ثم ضيقت حلقة البحث لتقتصر على العاصمة بوجمبورا.
اكتشفت وجود تلميح ورموز سري تستخدمه النساء المثليات في منطقتها للوصول إلى بعضهن البعض.
يعتمد الأمر إلى حد كبير على التلميحات والرموز التي تستخدمها النساء المثليات حول العالم.
وهكذا تبدأ نيلا في ارسال هذه الصور والرموز إلى نساء أخريات ممن تعتقد أنهن قد يستجبن لها.
وبدأت نيلا، مدعومة بما وجدته، في التواصل مع النساء عبر الإنترنت.
كن نساء مثلها، نساء استجبن لها وأصبحن سريعا أقرب صديقاتها.
تغيرت حياتها في 2016، عندما اكتشف زوجها حقيقتها واطلع على هذه المحادثات، وقد قاد ذلك إلى نهاية زواجهما، بيد أن زوجها تعهد بالحفاظ على سرها وعدم الكشف عن حياتها الجنسية حفاظا على أطفالهما.
أخذت نيلا أطفالها وانتقلت لتعيش مع أقاربها. لكنهم لا يعرفون شيئا عن حياتها الأخرى.
تقول نيلا : “هناك مثليات غير مرئيات في كل بلد. نحن مجرد جزء واحد من هذا”.
“إذا كنا موجودين هنا، فنحن أيضا في كل مكان”.
“نحتاج إلى إسماع صوتنا”.
“إذا كنت تعرف أننا موجودون، يمكنك البدء في البحث عنا في مجتمعاتك المحلية وفي أسرتك”.
قصة نيا
أصبح عمر نيا الآن 27 عاما، وهذا أكثر شيء جعلها تشعر بالارتياح.
لكن الأمور لم تكن مريحة دائما بالنسبة لها.
نشأت نيا في عائلة محافظة لأبوين صارمين في أحد أحياء العاصمة بوجمبورا. فرضوا عليها وعلى أشقائها قيودا منها العودة إلى المنزل مبكرا خلافا لبقية الأصدقاء. وفرضوا عليها ارتداء ملابس محافظة والتصرف بطريقة رزينة.
وكذلك كان أصدقاؤها.
كان والدها يعمل بعيدا عن العاصمة كثيرا، تاركا لوالدتها المسؤولية عن العائلة. فضلت نيا إقامة صداقات مع الأولاد ولكنها لم تتطور إلى إعجاب.
اعتنقت المسيحية عندما بلغت 14 عاما. وقد أثر اعتقادها، بأن جانبا من ديانتها يفرض عليها تجنب المواعدة، على اهتمامها الرومانسي بالصبيان الأخرين ومنعها من إقامة علاقة عاطفية حفاظا على التزامها الديني.

عندما بلغت 22 عاما، التقت امرأة في أوائل العشرينات من عمرها عبر أصدقاء مشتركين. وتوطدت صداقتهما سريعا بفضل حبهما المشترك للموسيقى.
تقول نيا عن هذه العلاقة: “بدأنا نتحدث، وفي إحدى المرات بينما نتحدث في أمر جاد، التفتت نحوي وقالت (أنا أحب النساء) “.
وأضافت: “أصابتني الدهشة”.
عند عودتها إلى المنزل، ظلت نيا تفكر في ما حدث، ثم أدركت أن لديها مشاعر نحو صديقتها.
بدأت اللقاءات الحميمية بينهما سرا. تخرجان سوية لتناول الطعام والتسوق والذهاب إلى الملاهي الليلية.
وعلى الرغم من أن علاقتهما لم تدم طويلا لكن كان هناك شيء واحد واضح: “نيا تدرك الآن لماذا لم تنجذب إلى الرجال. واتضح أن الأمر لا يتعلق بالدين”.
بعد عامين، شعرت نيا بالحاجة إلى الإفصاح عن حقيقة مشاعرها لأحد أفراد عائلتها. فاختارت أحد إخوتها.
وتقول بعد أن صارحته بحقيقتها :”سألني سؤالين فقط ( منذ متى وأنتِ تعرفين هذا عن نفسك؟ وهل أنتِ متأكدة؟)”.
وردت “منذ سنتين، ونعم أنا متأكدة”.
هزّ شقيقها رأسه وقال “حسنا، تعرفين أنني كنت أدعمك دائما”.
تعانق الإثنان. وكانت تلك آخر مرة يتحدثان فيها عن هذا الأمر.
كانت نيا متأكدة (من ميولها) لأنها، مثل نيلا، قضت الكثير من الوقت على الإنترنت.
كانت بحثت على موقع يوتيوب عن مقاطع فيديو لمثليات ينشرن مدونات فيديو مثلية في مناطق أخرى من العالم. شاهدت أفلاما تحكي قصص مثلي الجنس، كما قرأت الكثير من التقارير عن مجتمعات النساء المثليات ومغايري الجنس ومزدوجي الجنس. وبدأت تفهم لغة الإنترنت.
وتقول: “لقد استخدمت الإشارات الخاصة (ميميز) كثيرا، إشارات محددة تستخدم للوصول إلى نساء أخريات”.
أرسلت بي بي سي برسالة إلى نيا، لنخبرها أننا سنستخدم صورا باللون البنفسجي لتوضيح هذه الإشارات. لقد اخترنا الرمز، الذي يختلف كثيرا عن الرموز التي تستخدمها النساء الأخريات، لأنه قيل أن النساء المثليات في مطلع القرن العشرين كن يقدمن أزهار البنفسج إلى صديقاتهن.
وردت على الرسالة قائلة: “هذا ممتاز. إنها ثورة البنفسج السرية الخاصة بنا”.
بدأت نيا تجمع قطع الأحجية وتحل اللغز ببطء.
تأكدت من خلال مشاهدة مقاطع فيديو اليوتيوب أنها لم تكن وحدها. لكن أين توجد النساء المثليات الأخريات في بوروندي؟
أيقنت نيا بحتمية وجودهن، لكن الأمر كله يتعلق بالعثور عليهن.
قصة ليلى
كان عمرها 17 عاما فقط، عندما أدركت ليلى أنها تحب صديقتها.
كانت تفكر فيها طوال الوقت. كانت تتخليها وتحلم بها. لا يمكن أن يكون هذا الشعور إلا الحب.
وتحكي عن هذا فتقول: “فكرت في هذا في البداية، وقلت يا إلهي، أنا أحب امرأة. ماذا يحدث؟”.
نشأت ليلى في أسرة محبة وداعمة لها من الطبقة الوسطى في مدينة بوجمبورا. كانت محبوبة. وكان لديها حبيب.
والآن وصلت إلى هذه المرحلة، وقعت في حب صديقتها.
بعد أشهر من التفكير المستمر في صديقتها، قررت أن تبوح لها بمشاعرها. أرسلت ليلى برسالة إلى صديقتها، جاء فيها “مرحبا، أعتقد أنني أعشقك”.

بعد ساعات من الصمت. ردت صديقتها برسالة قالت فيها: “أسفة ليلى. لكن لا. أنا لا أحب الفتيات”.
شعرت ليلى بالإهانة. وسألت نفسها: “ماذا فعلت؟”.
لكن لم يكن هناك ما يدعو للقلق. ليلى لم تفقد صديقتها. اتفق الاثنتان على وضع حد للحلقة المحرجة (في علاقتهما).
بلطف، تخلصت ليلى من شهور الافتتان بصديقتها.
وقالت: “لقد فكرت بأنني عندما أتجاوزها، سأكون (طبيعية) مرة أخرى”.
ثم حدث شيء لم تكن تتوقعه. عبث شقيق ليلى بهاتفها وعثر على الرسالة التي كانت قد أرسلتها إلى صديقتها.
فضح شقيقها أمر الرسالة لوالدتهم، وبدأت مواجهة مشحونة داخل العائلة.
وصفتها ليلى بقولها : “صرخت أمي. أنا بكيت. لقد أقنعنا أنفسنا أنها كانت مرحلة ستنتهي. طلبت مني بذل جهد لأكون (إنسانة طبيعية). قلت سأفعل”.
بدأت ليلى مواعدة رجل. لكنها شعرت أن شيئا ما كان خطأ.
وتقول: “لم أشعر بنفسي منسجمة في تلك العلاقة” وتضيف “اعتقدت أنه ربما كان ذلك بسبب الرجل، الذي لم يكن لطيفا. لذلك تركته لمواعدة رجل لطيف”.
بيد أن ذلك لم يحل المشكلة.
ثم سألها صديق إن كانت متأكدة فعلا من أنها لا تميل إلى النساء؟ وأجابت ليلى على مضض، “أنا متأكدة من ذلك”.
لكن عندما نظر إليها بسخرية، تقول إنها شعرت تماما بحقيقتها ومن تكون. وقالت ليلى لنفسها “أنا مثلية”.
لكنها ما زالت تأمل في أن يكون ثمة طريقة للخروج من هذا. “لقد صليت. تأملت حالي. أصبحت ناقمة على نفسي”.
لكن ببطء، بدأت تتصالح مع الحقيقة.
عندما أصبح عمرها 21 عاما، أفصحت أخيرا عن نفسها وحقيقة مشاعرها.
تقول ليلى: “يفصح كل شخص مثلي عن نفسه مرتين”. “الأولى تكون إلى نفسه. وهي اللحظة التي تدرك فيها أنه لا يمكن التراجع. هذا هو أنت. أنت مثلي الجنس. تحتاج إلى تعديل خططك وتوقعاتك بشأن ما تعتقد أن حياتك تحتاج إليه. ثم يكون الإفصاح الثاني عن هويتك إلى الناس من حولك”.
عندما أفصحت عن حالها لنفسها، بدأت ليلى تبحث عن مثليات مثلها. كانت تشك أن تجد نساء مثلها في بوروندي، لكنها بحثت عن مقاطع فيديو مثلية على فيسبوك ويوتيوب في بلدان أخرى.
وتوضح: “اعتقدت أنني قد أكون وحدي في بوجمبورا ولكني لست وحدي في العالم”.
وكانت خطوتها التالية أن توضح لأمها أن مثليتها لم تكن مرحلة وستنتهي، فالحياة الجنسية العادية لا تناسبها.

في البداية تعاملت أمها مع الموقف على نحو سيء. ولكن مع مرور الأيام بدأت في طرح المزيد من الأسئلة. كان والد ليلى أكثر دعما لها مما توقعت.
واتفقت الأسرة على أن ليلى، بصفتها امرأة مثليه في بوروندي، فهي معرضة للخطر بالفعل.
إذ يُمكنهم حمايتها أثناء وجودها في منزل العائلة، لكنهم لا يستطيعون ضمان سلامتها في الخارج إذا اكتشف الناس حقيقتها.
كانت تدرك أنها يجب أن تجد المجتمع الذي تشعر أنها تنتمي إليه.
الحظ والإنترنت
ثمة طريقتان فقط للنساء المثليات وذوات الميول الجنسية المزدوجة للعثور على بعضهن البعض في بوجمبورا، هما الحظ والإنترنت.
كانت ليلى ونيا محظوظتين في أن تلتقيا في العمل.
تقول نيا: “بدأنا نتحدث أثناء تناول الغداء، وخلال تلك المحادثة، أدركنا وجود تشابه بيننا. كانت هناك تلميحات، ثم اعترافا”.
وسرعان ما اصبحت الفتاتان شريكتين في علاقة.
تقول ليلى: “من الصعب وصف كيف يجتمع المثليون جنسيا مع بعضهم البعض في أفريقيا”.
وتضيف “ليس ثمة موقع مثلي يمكنك البحث عنه عبر غوغل، أو مكان معروف يمكننا الالتقاء فيه”.
وتكمل “تصبح خبيرا في التقاط أي نأمة مشاعر مشتركة من الآخرين، لأن الكثير من التواصل لا يكون لفظيا. وتصبح خبيرا في لغة الجسد والتواصل البصري”.
ثم جاءت شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
تقول نيا: “ليس لدينا تطبيقات مواعدة، ولكن لدينا وسائل تواصل اجتماعية”.
هناك بعض التلميحات الرموز أيضا، أمثال إشارة خاصة (ميمي) قد نلتقطها من مكان آخر، أو عبارة مشفرة. لا نستخدم شيئا يمكن لأي شخص آخر خارج مجتمع المثليات أن يفهمه”.
شكلت ليلى ونيا، وفيما بعد نيلا،مجموعة للمثليات.
وثمة الآن عشرات النساء يعتبرن أنفسهن ضمن تجمع المثليات السري في بوروندي. يحصل البعض منهن على دعم الأسرة. ونسبة قليلة منهن متزوجات ولديهن أطفال، بيد أنه لا أحد يتحدث عن الأمر علنا.
عندما تشكلت المجموعة لأول مرة، كن يتسكعن في الغالب في أماكن اللهو والنزهة في البلاد.
فبوروندي مشهورة في منطقة البحيرات العظمى بحياتها الليلية النابضة بالحياة.
وعلى الرغم منم أن عدد سكان العاصمة بوجمبورا أقل من 500 ألف نسمة، إلا أنها تحتفظ بثقافة شبابية حية.

تقع المدينة على شواطئ بحيرة تنجانيقا، حيث ثمة مبان بنيت بطراز الفن الزخرفي (آرت ديكو)، تعود إلى الحقبة الاستعمارية وتحيط بسوق وملعب لكرة القدم وأماكن للعبادة الواقعة على ضفاف بحيرة تنجانيقا.
لقد ظلت البلاد معقلا للنزاعات المسلحة منذ استقلالها في عام 1962، لكن الأمر تغير اليوم، فبالنسبة للعديد من الشباب الذين يستمتعون بالحياة الليلية في بوجمبورا، تبدو هذه التوترات أمرا مستبعدا من حياتهم.
يأتي السياح من بلدان رواندا وتنزانيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية المجاورة للاستمتاع بالحياة الليلية في النوادي أو بارات الفنادق الفخمة بتصنيف خمس نجوم.
وغالبا ما تلتقي ليلى ونيا ونيلا الأصدقاء في هذه الأماكن، بيد أن استماعهن إلى قصص بعضهن البعض يكشف عن واقع كئيب.
أن تكوني أمرأة مثلية في بوروندي ليس أمر مرفوضا ثقافيا فحسب، بل هو أمر خطير.
الجانب المظلم
في عام 2009، أقرت حكومة بوروندي قانونا جنائيا جديدا يعاقب على العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي بين البالغين.
وتشمل العقوبات السجن لمدة تصل إلى سنتين وغرامة مالية تصل إلى 100 ألف فرنك (55 دولارا)، أو الاكتفاء بالغرامة فقط أحيانا.
ولا يعرف الكثير عن حقوق المثليات في بوروندي.
وعادة ما يستشهد بتقرير لهيومان رايتس ووتش عن بوروندي في عام 2009، تحدث إلى أن 10 أعضاء في مجتمع المثليين والمتحولين ومزدوجي الميول الجنسية، بينهم امرأة واحدة فقط مثلية الجنس، بيد أن بي بي سي تحدثت إلى عشرات المثليات في بوروندي.
ولكن ثمة قليل من البيانات، كما لا يوجد الكثير من الشهادات الموثقة، لذلك يتعذر في الغالب الحصول على صورة دقيقة عن حياتهن.
وبحسب سجلات الحكومة الأمريكية، فقد ألقي القبض على سيدتين مثليتين في عام 2012، لكن أطلق سراحهما لاحقا. وبخلاف ذلك، لم يوثق سوى القليل من الحالات الأخرى.
تقول نيلا إنها سمعت عن مقتل نساء في المناطق الريفية في بوروندي بسبب كونهن مثليات، وسمعت أيضا عن مثلية سُجنت مؤخرا في بوجمبورا.
ومع ذلك، تعتقد ليلى أن القضية ليست بهذا البساطة والوضوح، فالسلطات لم تقبض على المرأة بسبب نشاطها الجنسي، فهي لم تكن تعلم أنها مثلية، بل لأنها انتقمت من تعرضها لاعتداء وعنف منزلي في بيت عائلتها، فردت بمهاجمة من اعتدى عليها.
تعتقد ليلى أن إساءة العائلات لمعاملة المرأة التي يُشك في أنها مثلية أو مزدوجة الميول الجنسية تمثل مصدر قلق كبير.
لقد سمعت المجموعة عن حالات سوء المعاملة بسبب الميول الجنسية ولكن يتعذر التحقق من وقوعها. لأن النساء غالبا ما يتراجعن عن قصصهن خوفا من عواقب ما يمكن أن يحدث لهن.
يقول العديد من عضوات المجموعة إنهن تعرضن للعنف على أيدي أفراد في أسرهن الذين يشكون في ميولهن الجنسية.
وثمة سيدة تعرضت للضرب، وعندما ذهبت إلى مركز الشرطة قيل لها “إن الرجل الذي ضربك يستحق جائزة وكان محقا في ضربك”.
لقد حصلت نيلا على الطلاق الآن، لكن ثمة مثليات أخريات في المجموعة متزوجات. ولا يعلم أزواجهن شيئا عن حياتهن الجنسية.

تقول ليلى: “هناك ضغط كبير على النساء للزواج. وكثيرات تقبلن هذه الضغوط وتزوجن. إذا كنت في بوجمبورا، فأنت محظوظ، لأنك تمتلك الإنترنت ويمكنك البحث عن الآخرين مثلك في العالم. لكننا نشعر بالقلق بشأن النساء في الريف”.
وفقا لإحصائيات “Internet World Stats”، فإن 4.4 في المائة فقط من سكان بوروندي، البالغ عددهم 11 مليون نسمة، لديهم إمكانية استخدام الإنترنت، وجميعهم تقريبا في العاصمة بوجمبورا.
وتقول ليلى “لا عجب في أن عضوات المجموعة جميعهن في المدينة. ولكن من واجبنا إيجاد شقيقاتنا اللواتي يعشن خارجها”.
وتخرج ليلى وبعض النساء الأخريات للتحدث إلى النساء المثليات ومزدوجات الميول الجنسية في القرى، بعد أن يعرفن بوجودهن من خلال شبكات محلية، سواء عبرالإنترنت أو بدونه، ومن خلال أصدقاء بعيدين.
تقول نيا: “مجتمعنا قوي ونابض بالحياة. ونحن نفكر في طرق تمكننا من التواصل مع جميع النساء”.
وتقول ليلى: “خلال نشأتي كنت أتمنى أن أكون (طبيعية). لكننا الآن نتندر على أننا لسنا (طبيعيين). ونقول إننا كائنات فضائية ولدينا قوى خارقة”.
تأمل نساء امجموعة في أن تكون هذه بداية الحديث عن الأمر. بداية لثورة البنفسج.

Continue Reading

أخبار الشرق الأوسط

بوتين “المتوّج” يعِد الروس بالنصر… وكييف تُحبط مخطّطاً لاغتيال زيلينسكي

Published

on

تعهّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال حفل تولية باذخ أمس، بتحقيق النصر للروس، ليبدأ ولاية رئاسية خامسة قياسية. لكنّ بوتين أقرّ بأنّ بلاده تمرّ بفترة صعبة، في إشارة واضحة إلى حزم العقوبات غير المسبوقة التي فرضها الغرب على موسكو.
Follow us on Twitter
وبُثّ الحفل، الذي تضمّن عرضاً عسكريّاً وقدّاساً أرثوذكسيّاً، مباشرة على أبرز القنوات التلفزيونية الروسية، بينما لم توفد دول غربية عدّة ممثلين عنها في ظلّ تفاقم التوتر حيال الحرب في أوكرانيا.

وبعد تأديته اليمين، قال الرئيس «المتوّج»: «نحن متّحدون وأمة عظيمة وسنتجاوز معاً كلّ العقبات ونُحقّق كلّ ما خطّطنا له ومعاً سننتصر». وإذ أكد أن قواته ستنتصر في أوكرانيا مهما كان الثمن، شدّد على أن بلاده ستخرج بـ»كرامة وستُصبح أقوى».

واعتبر «القيصر» من قاعة «سانت أندروز» في الكرملين، حيث استُقبل بتصفيق حار من المسؤولين الروس وأبرز الشخصيات العسكرية الذين ردّدوا النشيد الوطني، أن «خدمة روسيا شرف هائل ومسؤولية ومهمّة مقدّسة».

وبعدما وقف بمفرده تحت المطر بينما شاهد عرضاً عسكريّاً، باركه رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية البطريرك كيريل الذي قال: «فليكن الله في عونك لمواصلة المهمّة التي سخّرك لها»، مشبّهاً بوتين بالحاكم في العصور الوسطى ألكسندر نيفسكي بينما تمنّى له الحكم الأبدي.

ويأتي حفل التولية قبل يومين على احتفال روسيا بـ»عيد النصر» في التاسع من أيار، فيما أقامت السلطات حواجز في وسط موسكو قبل المناسبتَين.

وفي تسجيل مصوّر قبل دقائق على توليته، وصفت أرملة المعارض أليكسي نافالني، يوليا نافالنايا، الرئيس الروسي، بالمخادع، مؤكدةً أن روسيا ستبقى غارقة في النزاعات طالما أنه في السلطة.

إقليميّاً، أعلن الجيش البيلاروسي أنّه بدأ مناورة للتحقّق من درجة استعداد قاذفات الأسلحة النووية التكتيكية، في حين أوضح أمين مجلس الأمن البيلاروسي ألكسندر فولفوفيتش أنّ هذه المناورة مرتبطة بإعلان موسكو عن مناورات نووية وستكون «متزامنة» مع التدريبات الروسية، لافتاً إلى أنّ مناورة مينسك ستشمل على وجه الخصوص، أنظمة «إسكندر» الصاروخية وطائرات «سو 25».

في السياق، أشار رئيس أركان القوات المسلّحة البيلاروسية الجنرال فيكتور غوليفيتش إلى أنّه «في إطار هذا الحدث، تمّت إعادة نشر جزء من القوات ووسائل الطيران في مطار احتياطي»، لافتاً إلى أنّه «فور إنجاز عملية الانتشار هذه، سنستعرض المسائل المتعلّقة بالاستعدادات لاستخدام الأسلحة النووية غير الاستراتيجية».

وفي أوكرانيا، فكّكت أجهزة الأمن شبكة من العملاء التابعين لجهاز الأمن الفدرالي الروسي «كانوا يعدّون لاغتيال الرئيس الأوكراني» فولوديمير زيلينسكي ومسؤولين كبار آخرين، مثل رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية كيريلو بودانوف، بناءً على أوامر من موسكو. وأوقفت الأجهزة الأوكرانية ضابطَي أمن، مشيرةً إلى أن المشتبه فيهما اللذَين أوقفا «شخصان برتبة كولونيل» من جهاز الدولة الأوكراني الذي يتولّى أمن المسؤولين الحكوميين.

وذكرت الأجهزة أن هذه الشبكة كانت «تحت إشراف» جهاز الأمن الفدرالي الروسي ويُشتبه في أن المسؤولَين «نقلا معلومات سرّية» إلى روسيا، مؤكدةً أنهما كانا يُريدان تجنيد عسكريين «مقرّبين من جهاز أمن» زيلينسكي بهدف «احتجازه كرهينة وقتله». وكشفت أجهزة الأمن الأوكرانية أن أحد أعضاء هذه الشبكة حصل على مسيّرات ومتفجّرات.

من جهة أخرى، انتقد الرئيس الصيني شي جينبينغ في تصريحات لصحيفة «بوليتيكا» الصربية قبل وصوله إلى العاصمة بلغراد، حلف «الناتو»، على خلفية قصفه «الفاضح» للسفارة الصينية في يوغوسلافيا عام 1999، محذّراً من أن بكين «لن تسمح قط بتكرار حدث تاريخي مأسوي كهذا».

واصطحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شي إلى منطقة البيرينيه الجبلية أمس، في اليوم الثاني من زيارة دولة من شأنها أن تسمح بحوار مباشر عن الحرب في أوكرانيا والخلافات التجارية.

ووصل الزعيمان برفقة زوجتيهما بُعيد الظهر إلى جبل تورماليه، إحدى محطات الصعود في طواف فرنسا للدرّاجات في أعالي البيرينيه في جنوب غرب البلاد، حيث ما زال الطقس شتويّاً على ارتفاع 2115 متراً.

وقصد ماكرون مطعماً جبليّاً يقع على ارتفاع كبير، حيث تناول الرئيسان مع زوجتيهما الغداء. وقدّم ماكرون هناك هدايا لنظيره من بطانيات صوف من جبال البيرينيه، وزجاجة أرمانياك، وقبعات، وسروال أصفر من سباق فرنسا للدرّاجات.

وقال ماكرون لشي: «أعلم أنك تُحبّ الرياضة… سنكون سعداء بوجود درّاجين صينيين في السباق». وفي المقابل، وعد شي بأن يقوم بدعاية للحم الخنزير المحلّي قبل أن يؤكد «أحب الجبن كثيراً».

وكان شي قد كرّر الإثنين رغبته في العمل بهدف التوصل إلى حلّ سياسي للحرب في أوكرانيا. وأيّد «هدنة أولمبية» دعا إليها ماكرون لمناسبة أولمبياد باريس هذا الصيف.

 

نداء الوطن

Continue Reading

أخبار العالم

ما هي الأسباب الرئيسية وراء تفاقم العنف في هايتي؟

Published

on

لا تزال هايتي غارقة في دوامة جديدة من أعمال العنف بعد أن سهلت عصابة مدججة بالسلاح عملية هروب جماعي لسجناء مساء يوم السبت، وطالبت باستقالة رئيس الوزراء أرييل هنري.

وتحدث بيان حكومي عن اقتحام سجنين خلال عطلة نهاية الأسبوع، أحدهما في بورت أو برنس، عاصمة البلاد، والآخر في منطقة كروا دي بوكيه المجاورة.

وبناء على ذلك فرضت السلطات حظر تجول ليلي بدأ يوم الأحد الساعة 20:00 بالتوقيت المحلي (01:00 بتوقيت غرينتش يوم الإثنين).

وقال سيرج دالكسيس، من لجنة الإنقاذ الدولية، في حديثه لبي بي سي من هايتي، إنه منذ يوم الجمعة، سيطرت العصابات على مراكز الشرطة، كما “قُتل العديد من رجال الشرطة خلال عطلة نهاية الأسبوع”.

وأدى ذلك إلى تشتيت انتباه السلطات وتسهيل تنفيذ هجوم منسق ومخطط له على السجون.

أطفال فلسطينيون بالقرب من موقع غارة إسرائيلية.

وقال دييغو دارين، الخبير في شؤون هايتي من مجموعة الأزمات الدولية، لبي بي سي إن الأزمة تفاقمت بعد توحيد العصابات جبهتهم التي كانت متناحرة منذ وقت قريب.

يعاني مواطنو هايتي من أعمال العنف

اضطر العديد من مواطني هايتي إلى ترك منازلهم بسبب أعمال العنف.

وأغلقت المدارس والعديد من الشركات في العاصمة أبوابها يوم الثلاثاء، كما أبلغ عن أعمال نهب في بعض الأحياء.

وقال دارين: “المواطنون في حالة رعب، على الرغم من أن زعيم العصابة جيمي شيريزير دعا المواطنين إلى عدم الخوف عندما رأوا عصابته تحمل أسلحة، وقال إنهم يريدون فقط الإطاحة بالحكومة وعدم إلحاق ضرر بالسكان المدنيين”.

وحاولت مجموعة من أفراد العصابات المدججين بالسلاح، يوم الإثنين، السيطرة على مطار توسان لوفرتور الدولي، الأكبر في البلاد، وتبادلوا إطلاق النار مع الشرطة والجنود، مما أدى إلى إلغاء جميع الرحلات الداخلية والدولية.

 

ووفقا لمكتب الهجرة التابع للأمم المتحدة، فر ما لا يقل عن 15 ألف شخص من منازلهم منذ عطلة نهاية الأسبوع بسبب أعمال العنف.

وقال رجل من هايتي يدعى نيكولا لوكالة رويترز للأنباء: “أجبرتنا العصابات المسلحة على ترك منازلنا. دمروا بيوتنا ونحن الآن في الشوارع”.

ومنذ أن غادر نيكولا منزله، يعيش الآن في مخيم، ويقول إنه يشعر كما لو كان مثل حيوان.

ولكن كيف انزلقت هايتي إلى هذا المستوى من العنف والفوضى؟

1. فراغ السلطة

صورة لتأبين الرئيس جوفينيل مويس

تغرق هايتي، التي تعد أفقر دولة في الأمريكتين، منذ سنوات في أزمات سياسية واقتصادية وصحية وأمنية حادة كانت بمثابة الوقود لتفاقم العنف.

كما نهضت العصابات طوال تاريخها بدور كبير في المجتمع الهايتي، بيد أن العنف وصل إلى ذروته بعد اغتيال الرئيس، جوفينيل مويس، في السابع من يوليو/تموز 2021.

واغتالت مجموعة من المرتزقة الكولومبيين مويس بالرصاص في منزله بضواحي العاصمة بورت أو برنس.

ولم يُعرف بعد من الجهة التي أمرت باغتياله، رغم أن زوجة الرئيس، مارتين مويس، اتُهمت في أواخر فبراير/شباط الماضي بضلوعها في عملية الاغتيال.

 

والسيدة مويس، التي أصيبت في الهجوم الذي قُتل فيه زوجها، متهمة بـ “التواطؤ والمشاركة في نشاط إجرامي”، وفقا لوثيقة قانونية سربها موقع إخباري في هايتي.

وأتاح فراغ السلطة الناجم عن ذلك فرصة للعصابات للاستيلاء على المزيد من الأراضي وبسط النفوذ.

وتشير التقديرات إلى أن العصابات في هايتي سيطرت على نحو 80 في المائة من مدينة بورت أو برنس في السنوات الماضية.

مارتين مويس (تتحدث إلى ابنها)

وعلى الرغم من عدم وجود رئيس، لم تعقد البلاد انتخابات برلمانية أو عامة منذ عام 2019 ولم يعد هناك مسؤولون منتخبون.

كما يحكم البلاد منذ اغتيال مويس رئيس الوزراء، أرييل هنري، الذي لا يحظى بشعبية.

وقال دارين، من مجموعة الأزمات الدولية، لبي بي سي: “لهذا السبب، تنفذ العصابات، التي كانت متناحرة منذ وقت قريب، هجمات منسقة”.

وأضاف: “وحدوا قواهم وأنشأوا ما يشبه جبهة موحدة لشن هجمات على البنية التحتية الحيوية ومؤسسات الدولة. إنهم يريدون إثبات قدرتهم على إخضاع الدولة”.

ويقف جيمي شيريزييه، زعيم إحدى أقوى العصابات، وراء أعمال العنف في هايتي.

 

ويعارض شيريزييه رئيس الوزراء هنري منذ البداية، وقال في الأول من مارس/آذار إنه سيواصل القتال “مهما استغرق الأمر”.

ويطالب وحلفاؤه باستقالة هنري، الذي تولى منصبه بعد وفاة مويس دون الدعوة لانتخابات.

وقال شيريزييه في رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي: “نطالب الشرطة الوطنية في هايتي والجيش بتحمل مسؤوليتهما واعتقال أرييل هنري. مرة أخرى، السكان ليسوا أعداء لنا، والجماعات المسلحة ليست أعداء لهم”.

وقال دا رين إن العصابات أصبحت السلطة الفعلية على نحو متزايد في المناطق التي تسيطر عليها.

وأضاف: “العصابات تغتنم فرصة عدم شعبية حكومة أرييل هنري”.

2. رحلة رئيس الوزراء إلى الخارج

 أرييل هنري رئيس وزراء هايتي

يشغل أرييل هنري منصب رئيس وزراء هايتي منذ عام 2021، ولا يزال منصب الرئيس شاغرا.

يقول محللون إن الجهود المبذولة للإطاحة بهنري هي السبب وراء التصعيد الحالي للعنف.

كما تزامنت بداية هجمات العصابات المنسقة مع وصول رئيس الوزراء إلى العاصمة الكينية نيروبي.

وكان هنري قد زار كينيا الأسبوع الماضي للتوقيع على اتفاق بشأن نشر قوة شرطة متعددة الجنسيات للمساعدة في مكافحة عنف العصابات الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة.

وتطوعت كينيا العام الماضي بقيادة مثل هذه القوة متعددة الجنسيات، بيد أن المحكمة العليا الكينية أرجأت الخطة.

وقال أحد القضاة إن نشر القوات يعد غير قانوني، لأن مجلس الأمن الكيني يفتقر إلى السلطة القانونية لإرسال الشرطة خارج كينيا.

وقال إيكورو أوكوت، المحامي الدستوري وأحد مقدمي الطعن الذي رُفع أمام المحكمة الكينية، على موقع إكس إن توقيع الاتفاق بين رئيس وزراء هايتي والرئيس الكيني ويليام روتو يعد مضللا.

العنف في هايتي

وأضاف: “وقّع رئيسنا ويليام روتو، على ما يبدو، الأسبوع الجاري اتفاقا مضللا مع رئيس وزراء هايتي الماكر أرييل هنري، لنشر ألف رجل شرطة في هايتي لفرض القانون والنظام”.

وقال: “الأميركيون والفرنسيون والكنديون والبرازيليون الذين لديهم قوات أقوى كانوا هناك من قبل. واجهوا الصعاب. لذا، ما هو السحر الذي ستفعله كينيا في هايتي عندما لا نستطيع التعامل مع لصوص الماشية في شمال كينيا؟”

وفي هايتي تفاوتت ردود الفعل بشأن نشر القوات المحتمل من جانب أشخاص عانوا من العصابات.

وقال لوران أووموريمي، المدير الوطني لمنظمة ميرسي كوربس وهي منظمة إنسانية دولية، لبي بي سي إن المهمة قادرة على تسهيل الوصول إلى البنية التحتية العامة ومعالجة الأزمة الإنسانية.

 

بيد أنه أضاف أن بعض أفراد المجتمع يزعمون أن هايتي لا تحتاج إلى تدخل خارجي وأنهم يعتبرون الخطة بمثابة إهدار للمال والوقت.

ولم يُعرف مكان وجود هنري منذ يوم الجمعة الماضي، حتى أُعلن عن وصوله إلى بورتوريكو يوم الثلاثاء.

وأكد مكتب حاكم بورتوريكو أن هنري وصل إلى العاصمة سان خوان قادما من الولايات المتحدة، نظرا لإغلاق مطار بورت أو برنس.

وأفادت وسائل إعلام محلية بأن سلطات جمهورية الدومينيكان، التي تشترك مع هايتي في جزيرة هيسبانيولا، لم تسمح بهبوط الطائرة على أراضيها لأن الرحلة لم تكن مقررة ولأنها أوقفت جميع الرحلات الجوية مع هايتي.

3. تفوق على قوات الأمن

أعمال العنف في هايتي

أسفر الهجوم على أكبر سجنين في هايتي عن إطلاق سراح نحو 4700 سجين.

وذكرت وكالة رويترز للأنباء أن أبواب السجن كانت لا تزال مفتوحة يوم الأحد ولم يكن هناك أي أثر لرجال الشرطة.

وأضافت رويترز أن جثث ثلاثة سجناء حاولوا الفرار وُجدت في فناء واحد.

وقال مسؤولو السجن إن نحو 100 سجين فقط ظلوا في زنازينهم في السجن الوطني.

وكان من بين الذين بقوا 17 جنديا كولومبيا سابقا يشتبه بضلوعهم في تنفيذ عملية اغتيال الرئيس مويس.

وقال المحللون إن الأحداث الأخيرة في هايتي لا تدع مجالا للشك في أن العصابات أصبحت أقوى بشكل متزايد من قوات الأمن الحكومية.

وتشير أرقام عام 2023 إلى أن عدد قوات الشرطة الوطنية في هايتي يبلغ 9 آلاف شرطي فقط في الخدمة الفعلية في بلد يبلغ تعداد سكانه 11.5 مليون نسمة.

كما تقول تقديرات الأمم المتحدة إن البلاد بحاجة إلى نحو 26 ألف شرطي.

وفي ذات الوقت يتحدث تقرير صادر من المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، نُشر في أكتوبر/تشرين الأول 2022، أنه يوجد حاليا نحو 200 عصابة في هايتي، 95 منها تتمركز في العاصمة بورت أو برنس.

وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر لبي بي سي إنه من أجل تقديم المساعدات الإنسانية، كان على موظفيها التفاوض مع مئات من أفراد العصابات.

وتضيف لجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة إنسانية دولية غير حكومية، أن الوضع الأمني في هايتي دفع منظمات الإغاثة إلى وقف نشاطها في البلاد.

Continue Reading

أخبار مباشرة

بناء على طلب غبطة البطريرك الراعي، ستقرع اجراس الكنائس والاديار فرحا ، يوم الاحد 17 الجاري

Published

on

بناء على طلب غبطة البطريرك الراعي، ستقرع اجراس الكنائس والاديار فرحا ، يوم الاحد 17 الجاري عند الساعة الواحدة ، وذلك لقبول قداسة البابا فرنسيس اعلان البطريرك اسطفان الدويهي(1630-1704) طوباويا….صلاته معنا…
مَن هو البطريرك اسطفان الدويهي السائر بخطى ثابتة على درب القداسة؟

بتوقيع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على الملف الملحق لدعوى تطويب #البطريرك اسطفان الدويهي، لرفعه الى مجمع القديسي في روما للاطلاع عليه، تكون كل المعطيات الطبية والعلمية قد وضعت بتصرف المجمع حول أعجوبة الشفاء التي حصلت بشفاعة الدويهي مع سيدة وقف الطب عاجزاً عن شفائها من مرض السرطان.
ومع وصول الملف الجدّي الى روما، سيتم تحديد موعد لانعقاد مجمع القديسين لدراسة ما في الملف من اثباتات علمية حول الشفاء، على أن يتّخذ القرار بطوباوية البطريرك الدويهي من البابا فرنسيس في حال سارت كلّ الأمور بالاتجاه الصحيح.
Follow us on Twitter
فمَن هو البطريرك اسطفان الدويهي السائر بخطى ثابتة وأكيدة على درب القداسة؟

ولد البطريرك اسطفان الدويهي في إهدن يوم عيد مار اسطفانوس، أول الشهداء في 2 آب 1630. في العام، 1633 توفي والده وله من العمر ثلاث سنوات. اختاره المطران الياس الاهدني والبطريرك جرجس عميرة الاهدني مع عدد من أولاد الطائفة في العالم 1641، وأرسلوهم الى المدرسة المارونية في روما، وكان له من العمر 11 سنة، ومعروف عنه أنّه فقد بصره لكثرة ما كان يدرس ويطالع. وقيل عنه أنّه كان يدرس في النهار والليل وحتى في أوقات الفرص والنزهة. شَفَتْهُ العذراء مريـم و عاد إليه بصره.

في العام 1650، حاز على لقب ملفان أي دكتوراه بالفلسفة واللاهوت، وذاع صيته لحدّة ذكائه في إيطاليا و أوروبا.

في 3 نيسان 1655، عاد الى لبنان، ثم سيم كاهناً على مذبح دير مار سركيس – إهدن في 25 آذار 1656، وكان له من العمر 26 سنة. علّم في إهدن الأولاد وشرع يؤلف منارة الأقداس وغيرها من الكتب النفيسة، وأسّس مدارس عدّة لتعليم الأولاد. رافق البطريرك اغناطيوس اندريه أخاجيان (أوّل بطريرك للسريان الكاثوليك) وكان في حينها كاهناً، وساعده في تأسيس هذه الكنيسة في حلب. عيّن زائراً بطريركياً على الموارنة في حلب والجوار وزار الأراضي المقدّسة وعند عودته، رشّحه أبناء إهدن للأسقفية.

8 تموز 1668، رقّاه البطريرك السبعلي إلى الأسقفية وأرسله إلى الموارنة في جزيرة قبرص. كان له من العمر 38 سنة.

في 20 أيّار 1670، انتخب بطريركاً على الموارنة، وكان له من العمر 40 سنة. وبسبب الاضطهاد والديون المترتّبة على الكرسي في قنّوبين، وبسبب جور الحكام وظلمهم، هرب مراراً إلى دير مار شليطا مقبس في غوسطا، وإلى مجدل المعوش في الشوف. وكثيراً ما كان يقضي الليالي هارباً في مغاور وادي قنّوبين. توفي في قنوبين في 3 أيّار 1704 ودفن مع أسلافه في مغارة القديسة مارينا.

فضائله:
تعلّق بالعذراء مريم، كما تعبّد للقربان الأقدس وواظب على الصلاة.

متواضع ومحبّ للفقراء. كان يخدم الفلاحين ويسقيهم في كأسه، ولم تؤثر فيه السلطة.

كتب تاريخ صلوات الكنيسة المارونية وحفظها، وكتب تاريخ لبنان، فسمّي “أبو التاريخ اللبناني”.

اسس الرهبانيات اللبنانية المارونية.

تحمّل الاضطهاد والإهانات حباً بالمسيح، كما سهر على الناس سهراً دؤوباً كي لا تدخل عليهم التعاليم غير المستقيمة.

دافع عن إيمانه وشُهد له أينما كان. رجاؤه وايمانه وحبّه لله كانت نبراساً له ونوراً لسبيله.

أهم مؤلفاته
منارة الأقداس والمنائر العشر، الشرطونية، شرح التكريسات، رتبة لبس الاسكيم الرهباني، كتاب النوافير، كتاب التبريكات والصلوات، كتاب توزيع الأسرار، كتاب الجنازات، كتاب فك الأشعار السريانية، كتاب الألحان السريانية، كتاب الوعظ والارشاد، كتاب الفردوس الأرضي، كتاب نتائج الفلسفة، كتاب رد التهم عن الموارنة ، مقالات عقائدية تاريخ الأزمنة، تاريخ الطائفة المارونيّة، بداءات البابويّة، سلسلة بطاركة الطائفة المارونيّة، سيرة حياة تلاميذ المدرسة المارونيّة وغيرها…

والآن، يُكثر المؤمنون الصلوات والابتهالات ليسدد الروح القدس خطى مجمع القديسين ويرفع المكرم الدويهي الى الطوباوية.

Continue Reading