الدفن في بكركي عصر الخميس والتعازي اعتباراً من اليوم.. وعون نعاه: كان صلباً في دفاعه عن سيادة لبنان.. و الحريري: يرتقي إلى مرتبة الرمز الوطني بيروت ـ عمر حبنجر «الكنيسة المارونية في يُتم ولبنان في حزن»، هكذا نعت البطريركية المارونية البطريرك الكاردينال نصرالله بطرس صفير «أيقونة الكرسي البطريركي وعميد الكنيسة المارونية وعماد الوطن». وقرعت الأجراس حرنا في جميع الكنائس بدعوة من البطريرك الماروني بشارة الراعي في العاشرة من قبل ظهر امس، وأقيمت الصلوات لراحة نفسه، وعدلت بعض محطات التلفزة والاذاعات برامجها الفنية لنقل الصلوات والاحاديث عن الرجل الذي يصفه كثيرون بـ «رجل الاستقلال الثاني» لدوره في توفير الظروف الضاغطة لانسحاب القوات السورية من لبنان في 26 ابريل 2005 اثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وقد حدد الأطباء تاريخ الوفاة بالساعة الثالثة والثلث من فجر امس الأحد، داخل غرفة العناية الفائقة في مستشفى اوتيل ديو بعد مضاعفات الفشل الكلوي على القلب، ليغادر هذه الفانية عن 99 عاما من العمر، ويقول طبيبه الخاص د.إلياس صفير: ظل القلب يدافع، حتى حصل هبوط في الضغط وتوقف كل شيء، لقد نام نومة هادئة ولم يشعر بشيء. الرئيس ميشال عون نعى الى اللبنانيين البطريرك صفير الذي لطالما تباعد عنه في السياسة، وقال: ستفتقده الساحة الوطنية، رجلا صلبا في دفاعه عن سيادة لبنان واستقلاله، وكرامة شعبه، وقال عون: البطريرك صفير عايش لبنان على مدى قرن كامل قضى خلاله اكثر من 70 عاما في الكهنوت، وبغيابه تفقد الكنيسة واحدا من ابرز بطاركتها ورعاتها، وقد كانت له بصمات مشرقة في الكنيسة، وستفتقده الساحة الوطنية رجلا عقلانيا وصلبا في مواقفه ودفاعه عن سيادة لبنان واستقلاله وكرامة شعبه في اعتى المراحل والظروف، ولا شك ان اندفاعه في تحقيق مصالحة الجبل كان من صلب ايمانه بميثاقية العيش المشترك، وتصفية نفوس اللبنانيين من رواسب الماضي. بدوره، نعى رئيس الحكومة سعد الحريري البطريرك صفير «صاحب الصفحة المشرقة في تاريخ لبنان، وستبقى حية في ضمائر اللبنانيين وكل الذين عرفوه وعاصروه في مرحلة صعبة من تاريخ لبنان، ارتفع معها بالصلابة والقوة والثبات الى مرتبة الرمز الوطني الذي اسهم بكل تأكيد في تحويل مجرى الاحداث ونقل لبنان من حال الى حال». واضاف: شاءت الاقدار ان تصنع اللقاء التاريخي، بينه وبين والدي الرئيس الشهيد رفيق الحريري، على القضية الوطنية الواحدة في سبيل الشاغل الواحد، وهو الاستقلال والسيادة الكاملة داخليا وخارجيا، وكأنه كتب لهذين الرجلين الكبيرين ان يلتقيا في الموعد التاريخي الفاصل، بالإيمان الوطني الواحد والتطلع الواحد واليد الواحدة لإعادة لبنان الى مكانته الطبيعية. ووصف رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي البطريرك الراحل برجل الحوار والعيش الواحد بين جميع اللبنانيين، وبالمدافع عن هوية لبنان وتاريخه، ولاتزال جملته الشهيرة «لقد قلنا ما قلناه» خير مثال على تشبثه بقناعاته. مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان اعرب عن الحزن والأسى لفقدان البطريرك صفير الذي كان رمزا دينيا ووطنيا كبيرا، وقد عاصر المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد، وكان له موقف وطني مميز وجامع حين استشهاده، كما كان مدافعا صلبا عن قضايا الإنسان والوطن والعروبة. واوفد المفتي دريان القاضي الشيخ خلدون عريمط على رأس وفد الى بكركي. ونعى رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبدالامير قبلان البطريرك صفير، مشيدا بمواقفه الوطنية، مؤكدا على شراكته في تحصين الوحدة الوطنية وترسيخ العيش المشترك وحفظ لبنان. ووصف الرئيس السابق امين الجميل صفير بـ «المقاوم الأول من اجل سيادة لبنان». وودعه وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي بتغريدة يصفه فيها بـ «بطريرك الاستقلال والمصالحة والمحبة والسلام». وشهد له الوزير السابق اشرف ريفي بالكبر في المواقف الوطنية والسيادية، وافتقد فيه النائب مروان حمادة «الحلم والنبض والـعـصـب»، واعـتـبره سامي الجميل رئيس حزب الكتائب «المحرك الاساسي لشرارة مواجهة الوصاية السورية على لبنان»، وقال النائب السابق فارس سعيد ان هم صفير نقل المطالبة بخروج الجيش السوري من الطابع المسيحي الى الطابع الوطني اللبناني. رئيس حزب القوات اللبنانية د.سمير جعجع نشر مجموعة صور له مع البطريرك الراحل وغرد عبر تويتر قائلا: مثله لا يموتون. وكان د.جعجع والقوات الأقرب سياسيا الى البطريرك صفير، حتى ان بعض معارضي القوات في الوسط الماروني كانوا يسمونه «ابو سمير». هذا وتواصل الرئيس ميشال عون مع الرئيس سعد الحريري واتفقا على اعلان الحداد رسميا على البطريرك صفير. كما أصدرت رئاسة مجلس الوزراء مذكرة لاعلان حالة الحداد الرسمي يومي الأربعاء والخميس الموافقين ١٥ و١٦ مايو، وتنكس خلالهما الأعلام على سائر الادارات الرسمية والمؤسسات العامة والبلديات. واعلنت بكركي مراسم دفن البطريرك الراحل الخميس المقبل، حيث سيسجى جثمانه في كنيسة بكركي ابتداء من يوم الاربعاء 15 الجاري الساعة العاشرة صباحا حتى يوم الخميس 16 الجاري الساعة الخامسة بعد الظهر، حيث مراسم الدفن وتقبل التعازي بدءا من اليوم الاثنين حتى يوم الجمعة في الصرح البطريركي في بكركي، حيث سيدفن هناك بناء على وصيته.