Connect with us

أخبار العالم

الروس ينهارون أمام أنظارنا

Published

on

وقع حدث استثنائي في موسكو، في 30 أيار: في وضح النهار، تعرّضت المدينة للهجوم بأسراب من الطائرات المسيّرة (يتراوح عددها بين 5 و25 طائرة أو أكثر، بحسب المصدر الروسي الذي نقل الخبر). لم يكن ذلك التحرّك رمزياً، على غرار الطائرة المسيّرة الصغيرة التي استهدفت سارية العلم فوق قصر الكرملين الذي يشمل مكتب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بل وقعت ضربات متعدّدة في أجزاء مختلفة من العاصمة الروسية. لم ينفجر أي من الطائرات المسيّرة، فقد ذكرت صحيفة «كوميرسانت» أن تلك العمليات كانت تستهدف مواقع غير محددة، لكنها وقعت فوق مبانٍ سكنية بعد إسقاطها والتشويش عليها إلكترونياً. إنها المرة الأولى التي تتعرّض فيها موسكو لهجوم جويّ منذ أن قصفها سلاح الجوّ الألماني في العام 1941.

Follow us on Twitter

من سوء حظّ الروس، كان ذلك الهجوم أول حادث مهين خلال أسبوع حافل بحوادث أخرى. في اليوم التالي، اختفت أخبار الهجوم من عناوين وسائل الإعلام الحكومية الروسية، وتابعت موسكو نشاطاتها وكأن شيئاً لم يحصل. اشتكى السكان من تطبيقات سيارات الأجرة الشائبة لأن خدمات نظام تحديد المواقع العالمي تعطّلت بهدف إعادة توجيه أي أسراب أخرى من الطائرات المسيّرة. كذلك، سارعت وسائل الإعلام الإخبارية المحلية إلى عرض تقييمات لأحدث مطاعم تم افتتاحها على السطوح، ولم يتساءل عدد كبير من المعلّقين اللاذعين عن احتمال أن يصبح الناس هدفاً سهلاً للاعتداءات عند التجمّع في الطوابق العليا.

ثم اتّخذ الوضع منحىً مزعجاً وغريباً بالنسبة إلى الروس. ظهرت مجموعتان تُعرّفان عن نفسَيهما باسم «فيلق حرية روسيا» و»فيلق المتطوعين الروسي» وتزعمان أنهما تتألفان من روس يقاتلون لتحرير روسيا من نظام بوتين، فعبرتا الحدود من شمال أوكرانيا نحو مقاطعة «بيلغورود» في روسيا. في مواقع متعددة على طول الحدود، واجه المقاتلون مقاومة ضعيفة واستولوا على البلدات، بعدما تخلّت معظم وحدات الجيش الروسي عن المناطق الحدودية الشمالية منذ وقتٍ طويل للتوجّه نحو شرق أوكرانيا وجنوبها. كان معظم عناصر الجيش الروسي، أو ما تبقى منهم، يترقّبون الهجوم الأوكراني المضاد الذي طال انتظاره هناك.

استولت إحدى الميليشيات الروسية ظاهرياً على بلدة حدودية لفترة وجيزة، وألقت القبض على بعض المجنّدين الروس، ودعت حاكم «بيلغورود»، فياتشيسلاف غلادكوف، إلى تبادل الأسرى. كان مفاجئاً أن يوافق هذا الأخير على العرض، لكنه عجز عن الالتزام ببنود الصفقة لاحقاً. ثم حوصرت البلدة الروسية «شيبكينو»، التي تقع على بُعد 5 أميال من الحدود وكانت تشمل حوالى 40 ألف نسمة قبل الحرب. في مرحلة معينة، تم إجلاء الناس منها سريعاً وتذمّر سكّانها بكل مرارة من عدم اهتمام موسكو بمحنتهم.

تزعم كييف من جهتها أنها لا تسيطر على العصابات الروسية، وتتماشى هذه الادّعاءات مع مزاعم روسيا بشأن جماعات مسلّحة استولت على إقليم دونباس الأوكراني في ربيع العام 2014. زاد الوضع سوءاً حين سارع مستخدمو التويتر الأوكراني إلى إعلان نشوء «جمهورية بيلهورود الشعبية» انطلاقاً من التهجئة الأوكرانية لكلمة «بيلغورود». قال البعض مازحاً إن أكثر من 100% من سكان المنطقة الروس سبق وشاركوا في استفتاء متعلّق بتأسيس الجمهورية، وهي محاكاة ساخرة لإقدام روسيا على إنشاء دولتَين غير شرعيتين في دونباس. كذلك، اخترق مقرصنون أوكرانيون عدداً من الشبكات المحلية لبثّ تصريح مزيف لشخصٍ أساء تقليد بوتين، فتكلم عن إخلاء المكان، وإعلان تعبئة عسكرية، وفرض القانون العسكري في «بيلغورود» ومناطق حدودية روسية أخرى. في غضون ذلك، نشرت مجموعتا المقاتلين سيلاً من الفيديوات حيث يظهرون داخل روسيا وهم يَعِدون الروس بتحريرهم من «البوتينيين».

بعد الهجوم على موسكو بالطائرات المسيّرة، اتّضح اليوم أن الحرب الروسية عادت لتطارد منفّذيها، إذ تبدو القوات الروسية عاجزة عن احتلال أوكرانيا والدفاع عن روسيا في الوقت نفسه. تتزامن هذه الحوادث مع تفاقم مشاعر القلق في روسيا، فقد تباطأ هجومها في دونباس وأطلقت أوكرانيا سلسلة من الاعتداءات شرقاً وجنوباً، تزامناً مع قصف الأهداف الروسية وراء خطوط القتال عبر استعمال صواريخ غربية جديدة وطويلة المدى. كذلك، بدأ الأوكرانيون يكثّفون اعتداءاتهم بالطائرات المسيّرة ضد مصافي النفط، والمطارات، ومواقع أساسية أخرى في عمق روسيا.

في غضون ذلك، يتّجه الروس إلى الانهيار. يتّضح هذا الوضع في تفاقم الصراع المرير بين رئيس «مجموعة فاغنر»، يفغيني بريغوجين، ووزارة الدفاع الروسية. يوم الأحد الماضي، نشر بريغوجين فيديو يظهر فيه ملازم في الجيش الروسي (قائد اللواء الميكانيكي رقم 72 في شرق أوكرانيا) بعدما ألقى مرتزقة «فاغنر» القبض عليه واستجوبوه. أمام الكاميرا، يعترف ذلك القائد بأنه أمر قواته العسكرية بإطلاق النار على إحدى وحدات «مجموعة فاغنر». بدأ الروس إذاً يتبادلون إطلاق النار، ويقبض مرتزقة من مجموعات خاصة على ضباط رفيعي المستوى من جيش بلدهم. تنذر هذه التطوّرات كلها بدولة توشك على التفكّك.

حتى لو لم تؤثر الاعتداءات الجوية ضد موسكو والتوغّلات العابرة للحدود على المسار العام للحرب، سيكون تأثيرها النفسي على روسيا مدمّراً. في غضون ذلك، بدأ المزاج العام في البرامج الحوارية التابعة للحملة الدعائية الروسية يميل مؤخراً نحو المواقف الانهزامية، مع أنه كان يتراوح في العادة بين المواقف الوطنية والدعوات إلى الإبادة. في البرنامج الحواري اليومي One’s Own Truth الذي تعرضه قناة NTV التابعة للكرملين، تحدثت رئيسة التحرير مارغريتا سيمونيان عن عودة شبح العام 1917، حين وجّه الألمان والنمساويون الجيش الإمبراطوري الروسي في الحرب العالمية الأولى، ثم ثار الجنود وانهار النظام. خلال منتدى عام في 1 حزيران، شكّك كونستانتين زاتولين، وهو نائب رفيع المستوى من حزب «روسيا الموحدة» الذي ينتمي إليه بوتين، بمسار تقدّم الحرب بصراحة غير مألوفة واعتبر أهدافها «غير واقعية». ثم أعلن حزبه سريعاً أنه يُحقّق بتعليقاته وقد يقرّر استنكارها.

وسط أجواء الهلع هذه، لم يعد بعض أعضاء اليمين القومي المتطرف في روسيا يستمتع بتوجيه إساءات وحشية لوزير الدفاع سيرغي شويغو، ورئيس الأركان العامة فاليري غيراسيموف، وشخصيات مرموقة أخرى في أعلى مراتب السلطة. هم يهاجمون بوتين اليوم مباشرةً بسبب تردّده المزعوم. بدأ إيغور «ستريلكوف» غيركين يسخر يومياً من بوتين بسبب ضعف حسّه القيادي أمام أكثر من 800 ألف مشترك بقناته على «تلغرام». كان غيركين مرتزقاً على صلة بأجهزة الأمن الروسية، وقد أدانته محكمة هولندية غيابياً بتهمة ارتكاب جرائم حرب. كذلك، تفيد التقارير بأن «نادي الوطنيين الغاضبين» (جماعة قومية متطرفة شارك غيركين في تأسيسها) يخضع للتحقيق بتهمة «تشويه سمعة الجيش» بموجب قانون تم إقراره في آذار 2022 لإسكات ما تبقّى من أصوات مستقلة أو تجريمها. تواجه السلطات الروسية موقفاً محرجاً: إذا لم تلاحق أشرس منتقدي القيادة الروسية، فسيعتبرها الكثيرون ضعيفة وستزيد سهولة نشر مواقف غير خاضعة للرقابة. وإذا بدأت بملاحقتهم، فقد تثير استياء القوميين اليمينيين الذين يُعتبَرون أكثر تورطاً في الحرب من الكرملين بحد ذاته. تتزامن هذه التطوّرات مع تورّط قوات شبه عسكرية، مثل «مجموعة فاغنر»، في صراع مطوّل مع فصائل عسكرية أخرى وتحدّيها القيادة الروسية العليا علناً.

لكن ما موقع بوتين من كل ما يحدث؟ يوم تعرّضت موسكو للهجوم بطائرات مسيّرة، التزم الرئيس الروسي الصمت في البداية، فلم يُلْقِ أي خطاب عاجل أمام الأمّة واكتفى بذكر الهجوم في وقتٍ لاحق من ذلك اليوم، خلال مقابلة تم تحضيرها بسرعة على هامش حضوره مؤتمر الصناعات المبتكرة. عملياً، خصّص بوتين حوالى سبع دقائق للتكلم عشوائياً عن صدام الحضارات، وانتهاكات حلف الناتو، والمسائل الاعتيادية التي تزعجه، ولم يذكر الهجوم الجوي إلا بطريقة عابرة من خلال الإشادة بجهود الدفاع الجوي الروسي لصدّ الاعتداء. في اليوم التالي، حين كان سكان مقاطعة «بيلغورود» ينتظرون من رئيس البلد أن يخفّف هلعهم، أدلى بوتين بتصريحات غير متماسكة رداً على أسئلة عن أنماط نومه و»سانتا كلوس» الروسي خلال اجتماع افتراضي مع عدد من العائلات. باختصار، لم يُعلّق بوتين ولا المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف (يكرهه المتعصبون المؤيدون للحرب بسبب مواقفه المبهمة)، على أبرز أحداث الأسبوع في جبهة القتال بأسلوب واضح.

في خطاب بوتين عن الحرب التي يُمنَع الروس من اعتبارها «حرباً»، لا مكان للانتكاسات. لم يشمل هذا الخطاب يوماً احتمال أن تدوم الحرب لهذه المدة الطويلة، أو أن تعود أوكرانيا إلى الهجوم، أو أن تهاجم الطائرات المسيّرة موسكو، أو أن يعلن مقاتلون روس نيّتهم تحرير الأراضي الروسية. في خضمّ هذه الأزمة غير المسبوقة التي صنعها بوتين بنفسه، يبدو أن سطوته على البلد بدأت تضعف.

 

 

المصدر: Foreign Policy

Continue Reading

أخبار العالم

الخطوط الجوية الأميركية تمدّد تعليق رحلاتها إلى إسرائيل حتى آذار المقبل

Published

on

أعلنت الخطوط الجوية الأميركية “أميركان إيرلاينز” تمديد تعليق رحلاتها إلى إسرائيل حتى أواخر آذار المقبل، بعد فترة التوقف عن الخدمة التي بدأت في الأيام الأولى من الحرب في غزة، وفقا لأسوشيتد برس.

وقال متحدث باسم الخطوط الجوية الأميركية، الأربعاء، إن العملاء الذين لديهم تذاكر لرحلات إلى تل أبيب يمكنهم إعادة الحجز دون أي رسوم إضافية أو إلغاء رحلتهم والحصول على استرداد.

وذكرت الخطوط الجوية الأميركية أن الرحلات إلى مطار بن غوريون الدولي في تل أبيب سوف يتم تعليقها حتى 29 آذار.

Follow us on Twitter

وقامت الخطوط الجوية الأميركية بتحديث تحذير السفر على موقعها الإلكتروني خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وأضاف المتحدث “سنواصل العمل بشكل وثيق مع شركات الطيران الشريكة لمساعدة العملاء المسافرين بين إسرائيل والمدن الأوروبية التي تقدم خدماتها إلى الولايات المتحدة”.

ومددت شركة دلتا إيرلاينز تعليق رحلاتها إلى إسرائيل حتى 30 أيلول المقبل من 31 آب الحالي. كما أوقفت شركة يونايتد إيرلاينز خدماتها إلى أجل غير مسمى.

وتوقفت شركات الطيران الثلاث عن الطيران إلى إسرائيل بعد وقت قصير من هجوم حماس في السابع من تشرين الأول الذي أشعل فتيل الحرب.

كما أوقفت عدة شركات طيران دولية أخرى رحلاتها من وإلى إسرائيل ولبنان والأردن والعراق وإيران، على خلفية تصاعد التوتر في المنطقة، بعد مقتل رئيس المكتب السياسي لحماس في طهران، ومقتل مسؤول عسكري بارز في الحزب بغارة إسرائيلية على بيروت أواخر تموز الماضي.

وأعلنت شركة لوفتهانزا الألمانية، الاثنين الماضي، أنها ستوقف جميع رحلاتها إلى إسرائيل وعمان وبيروت وطهران وأربيل في العراق حتى يوم الاثنين المقبل بناء على “تحليل أمني حالي”.

وفي نيسان الماضي أغلقت إسرائيل مجالها الجوي لمدة سبع ساعات، بسبب الهجوم المكثف بالطائرات المسيرة والصواريخ الذي شنته إيران على إسرائيل، ردا على غارة إسرائيلية على سفارة طهران في دمشق قتل فيها 16 شخصًا منهم مسؤول إيراني كبير في فيلق القدس.

وتسود حالة من التوترات الأمنية في إسرائيل بعد أن أعلنت اغتيال القائد العسكري البارز بـ”الحزب” فؤاد شكر في غارة جوية على مبنى في ضاحية بيروت الجنوبية، قبل أن يعلن الحزب اغتياله مساء الأربعاء.

وبعدها بساعات أعلنت “حماس” اغتيال إسرائيل رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية بغارة إسرائيلية استهدفت مقر إقامته في طهران التي وصلها للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.

ومنذ 8 تشرين الأول تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها “الحزب”، مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا عبر “الخط الأزرق” الفاصل، أسفر عن مئات القتلى والجرحى معظمهم في الجانب اللبناني.

وترهن الفصائل وقف القصف بإنهاء إسرائيل حربا تشنها بدعم أميركي على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول، ما خلّف أكثر من 130 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود.

Continue Reading

أخبار العالم

معركة الرئاسة الأميركية… شبح ترامب

Published

on

قلبت مستجدّات معركة الرئاسة الأميركية الحساباتبعد انسحاب جو بايدن من السباق بات مطلب حملة الرئيس السابق دونالد ترامب تنحّيه لإتاحة المجال للتصويب على كامالا هاريس. وفي انتظار تبنّي الحزب الديمقراطي ترشيح بديل عن الرئيس الحالي، سواء هاريس أو غيرها، تقتضي الحملة الترامبيّة الهجوم على إرثه.

باتت العين على كيفية إفادة بنيامين نتنياهو شخصياً، وإسرائيل استراتيجياً، من تقدّم حظوظ ترامب لمواصلة حربها الوجودية ضدّ الفلسطينيينوصار على إيران أن تراجع حساباتها مع واشنطنفهي راهنت على التفاهم مع الإدارة الديمقراطيةوهي الآن متوتّرة ومتردّدة في طريقة التأقلم. مع البحث عن أسباب التصعيد العسكري في حرب الجبهات المتعدّدة، تجهد الأوساط المختلفة في تحديد هويّة الجهة المستفيدة منه وأهدافه وأسبابهفي المقابل هناك من يجزمإنّه شبح ترامب يا صديقي. 

Follow us on Twitter

من أين يفترض احتساب موجة التصعيد التي تشهدها الجبهات الواقعة تحت شعار وحدة الساحات، بما فيها جبهة جنوب لبنان؟ هل من قصف الميليشيات العراقية الموالية لإيران لقاعدة عين الأسد في العراق في 16 تموز، حيث توجد القوات الأميركية؟ أم من اغتيال مسيّرة إسرائيلية رجل الأعمال السوري الناشط لمصلحة بشار الأسد وإيران ماليّاً واقتصادياً، براء قاطرجي في 15 الجاري؟

البحث عن أسباب التّصعيد ومَن وراءه

أم هذا التصعيد ارتقى إلى ذروة جديدة بفعل كثافة الاغتيالات المتتالية لكوادر وقادة الحزب وآخرهم في بلدة الجميجمة في 19 تموز، وهو ما دفع الحزب إلى استهداف 3 بلدات جديدة في الجليل بصاروخ أدخله للمرّة الأولى إلى ترسانة الاستخدام؟ هل الذروة الجديدة للحرب هي قصف الحوثيين تل أبيب بمسيّرة قتلت مدنياً، ثمّ قصف إسرائيل مستودعات النفط في الحديدة، وهو أمر لم تقُم بمثله غارات التحالف الدولي؟ أم هي تدمير الطائرات الإسرائيلية للمرّة الأولى مستودعاً لصواريخ الحزب في عمق الجنوب في عدلون في قضاء الزهراني؟

ترامب الذي أكّد أنّه سينهي الحروب التي اندلعت في عهد بايدن، قد يضغط على إسرائيل لوقف الحرب في غزة

إدارة بايدن ونهاية منظومة.. وانتقام نتنياهو

في اعتقاد متابعين عن كثب للداخل الأميركي أنّ انسحاب بايدن فتح باباً كبيراً على تحوّلات جذرية في السياسة الأميركية وتعاطي إسرائيل معها، أبرزها:

ترامب

– نهاية عهد منظومة حوله آمنت بإمكان الاتفاق مع إيران. وهي امتداد لعهد باراك أوباما واتفاقه مع طهران على الملف النووي في 2015.
– لذلك لجم بايدن نتنياهو عن ضرب إيران بقوّة في نيسان الماضي ردّاً على ردّها على قصف قنصليّتها في دمشق. يقيم أصحاب هذا التقويم وزناً لتهديد بايدن لنتنياهو في حينها بـ”أنّك ستكون لوحدك” إذا وقعت الحرب. وبالموازاة فإنّ نتنياهو سيكون “انتقامياً” في التعاطي مع ما بقي لبايدن من مدّة في البيت الأبيض.
– بعد الأمس، شلّ ضعف وشيخوخة بايدن قدرة أميركا على لجم رئيس الوزراء الإسرائيلي، حتى لو بقي بايدن في منصبه. فإدارته عرجاء غير قادرة على اتّخاذ القرارات. والدليل ضربة إسرائيل للحديدة ردّاً على قصف ذراع إيران الفاعلة، الحوثيين، تل أبيب. الجيش الإسرائيلي نفّذ الردّ مباشرة من دون تنسيق وتعاون مع الأميركيين، واكتفى بإعلامهم. ويقول المتابعون لما يجري في كواليس الدولة في أميركا إنّ هناك شعوراً بأنّ إسرائيل قامت بالضربة بالنيابة عن واشنطن. فالأخيرة كانت تراعي علاقتها مع إيران في ضرباتها للحوثيين، فتتجنّب الغارات الموجعة.

طهران المتوتّرة تضغط لاتّفاق مع بايدن أم فقدت الأمل؟

– مقابل الاعتقاد بأنّ طهران تستعجل، تفاهماً مع بايدن قبل رحيله، يظهر اعتقاد معاكس. فهي لم تعد تراهن على ذلك لأنّ ترامب قال إنّه سيلغي كلّ ما فعله بايدن. وبالتالي تصرّ على استعراض قوّتها استباقاً لضغوط ترامب الآتية والمرجّحة، ضدّها. إذ إنّ أحد مكوّنات حملة المرشّح الجمهوري هو هجومه على بايدن لتركه إيران تصل إلى العتبة النووية. والتقارب بين نتنياهو وترامب في شأن الملفّ النووي الإيراني قد يقود إلى سياسات تلهب المنطقة.

يصعب أن تمرّ هذه التوقّعات التي ستخضع بالتأكيد لامتحان في الأشهر المقبلة، على وقع دينامية الحملة الانتخابية، بلا تشكيك

هوكستين سينكفئ؟

– زيارة نتنياهو لواشنطن حيث سيلقي خلال ساعات كلمته أمام الكونغرس كانت المحطّة التي أخّرت المفاوضات على اتّفاق الهدنة. استبقه بتصويت الكنيست على رفض الدولة الفلسطينية، الذي يتّفق عليه مع ترامب غير المعنيّ بحلّ الدولتين بل باتّفاقات أبراهام للتطبيع العربي الإسرائيلي. وهذا ما يطمح إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي، لا سيما أنّ ترامب قال لبايدن في المناظرة التلفزيونية: “لماذا لا تترك لإسرائيل مهمّة القضاء على حماس؟”.

– يرجّح شلل إدارة بايدن انكفاء مهمّة الوسيط الأميركي آموس هوكستين لخفض التوتّر بين الحزب وإسرائيل. فتحرّكه لهذا الغرض يهدف لصوغ اتفاق على إظهار الحدود البرّية بين الدولة العبرية ولبنان، وعلى إعادة الهدوء على جانبَي الحدود. والمعطيات لدى شخصيات لبنانية تتواصل مع واشنطن تفيد بأنّ أكثر من موظّف ومستشار لبايدن أخذوا يبحثون عن وظيفة أخرى منذ الآن. وهذا يقود إلى تقدم المساعي الفرنسية في شأن التهدئة في الجنوب.

يصعب أن تمرّ هذه التوقّعات التي ستخضع بالتأكيد لامتحان في الأشهر المقبلة، على وقع دينامية الحملة الانتخابية، بلا تشكيك. فالأمر يتوقّف على طريقة استيعاب الديمقراطيين لأضرار ما خلّفه أداء بايدن في الأشهر الأخيرة. فهم يأملون التعويض عنها وجذب شرائح من الناخبين لإسقاط الرئيس السابق. وللملفّات الداخلية المتعلّقة بالاقتصاد والبطالة والهجرة والإجهاض أهمّية تتقدّم على السياسة الخارجية. وفي كلّ الأحوال فإنّ من الحجج التي يسوقها من يتشكّكون في صحّة الاستنتاجات التي ترافق صعود ترامب وفق أصحاب وجهة النظر المقابلة:

ضدّ الحروب ويصعب توقّع أفعاله

1- يستحيل توقّع ما سيقوم به ترامب (UNPREDICTIBLE). فهو صاحب مفاجآت تصدم مؤيّديه بقدر ما تفاجئ خصومه.

2- ترامب متقلّب. فهو أعلن قبل أسبوعين أنّه غيّر رأيه بالنسبة إلى حظر تطبيق “تيك توك” في سياق المواجهة التي يعطيها أولوية مع الصين. وقال إنّه لن يمنعه.

3- على الرغم من تأكيده منذ تشرين الأول الماضي أنّه مع دعم إسرائيل في حربها في غزة حتى النهاية، فهو دعا نتنياهو في 17 آذار الماضي إلى إنهاء الحرب والعودة إلى السلام.

ترامب متقلّب. فهو أعلن قبل أسبوعين أنّه غيّر رأيه بالنسبة إلى حظر تطبيق “تيك توك” في سياق المواجهة التي يعطيها أولوية مع الصين. وقال إنّه لن يمنعه

4- ترامب الذي أكّد أنّه سينهي الحروب التي اندلعت في عهد بايدن، قد يضغط على إسرائيل لوقف الحرب في غزة. فتدحرج المواجهات في القطاع وجنوب لبنان واليمن وسوريا والعراق، كما هو حاصل راهناً، يستدرج أميركا. وهو ما لا يريده المرشّح الجمهوري.

… لكنّه قصف سوريا وقتل سليماني

يردّ المتابعون للتحوّلات التي ستحدثها وقائع الانتخابات الأميركية:

– صحيح أنّ ترامب لا يريد حروباً. لكنّه هو الذي أمر بقصف سوريا في نيسان 2017 ردّاً على استخدام النظام السوري السلاح الكيميائي في خان شيخون. وأدّى القصف إلى ضرب جزء مهمّ من سلاح الجوّ السوري.

– هو الذي أعطى الأمر بقتل قاسم سليماني مطلع 2020. وردّت إيران بقصف قاعدة عين الأسد بطريقة متفاهم على محدوديّتها كما سبق أن كشف ترامب نفسه قبل أشهر.

– مقولة ترامب بإنهاء الحروب تتعلّق بحرب أوكرانيا التي يقف جزء من الرأي العام الأميركي ضدّ رعايتها من قبل أميركا.

– المرجّح أن يسحب القوات الأميركية من العراق وسوريا غير آبه بما يخلّفه ذلك من فوضى التناقضات الداخلية والتدخّلات الخارجية.

أساس ميديا

لمتابعة الكاتب على X:

@ChoucairWalid

Continue Reading

أخبار العالم

هل تستقبل إيران ترامب… بقنبلة نوويّة؟

Published

on

مع ارتفاع حظوظ الرئيس السابق دونالد ترامب بالعودة إلى البيت الأبيض، بدأت هواجس الدول التي تأثّرت بسياسته تتحوّل إلى قلق حقيقي. وعلى رأس هذه الدول إيران، التي يذكرها ترامب ومرشّحه لمنصب نائب الرئيس جي فانس في كلّ مناسبة على أنّها من إخفاقات الإدارة الحالية ومثال على ضعف الرئيس جو بايدن. فهل تدخل إيران النادي النووي، كي تستقبل ترامب بـ”القنبلة”؟

الوضوح الذي تحدّث به المرشّح الرئاسي الأميركي دونالد ترامب وفريقه عن إيران كفيل بأن يجعل إيران من أكثر الدول قلقاً من عودة ترامب، خصوصاً أنّ ترامب التزم بوعوده الانتخابية في ولايته الأولى وانسحب من الاتفاق النووي مع إيران وفرض على طهران عقوبات مشلّة، وأعطى الأمر باغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني.
Follow us on Twitter

مع ارتفاع حظوظ الرئيس السابق دونالد ترامب بالعودة إلى البيت الأبيض، بدأت هواجس الدول التي تأثّرت بسياسته تتحوّل إلى قلق حقيقي

هذا الوضوح في نيّات الجمهوريين وعلى رأسهم ترامب واستعدادهم لانتهاج سياسة أكثر صرامة مع إيران يضعان طهران أمام خيارات محدودة وصعبة. فإذا دخلت في صفقة مع الإدارة الحالية فستكون هناك خشية من تكرار التجربة السابقة حين انسحب ترامب من الاتفاق.

هناك أيضاً خشية من أن تفقد إيران فرصة ترجمة إنجازاتها الاستراتيجية بعد عملية طوفان الأقصى إلى مكاسب مع الغرب وواشنطن في حال وصول ترامب إلى البيت الأبيض.

لعبة الوقت التي تتقنها طهران ليست لمصلحتها لأنّ الانتخابات الرئاسية الأميركية على بعد أقلّ من خمسة أشهر، وأيّ رهان أو مغامرة قد تطيح بمكاسب إيران الاستراتيجية التي حقّقتها خلال السنوات الأربع الأخيرة.

سياسة واشنطن تجاه إيران أصبحت جزءاً من التراشق الانتخابي بين المرشّحين الرئاسيين، خصوصاً أنّ إدارة الرئيس جو بايدن تتّهم ترامب بأنّه وراء خروج الملفّ الإيراني عن السيطرة بسبب خروج واشنطن من الاتفاق الذي سمح لطهران بتطوير قدراتها النووية.

بلينكن أعلن أمس الأول أنّ إيران “قد تكون أصبحت قادرة على أن تنتج موادّ ضرورية لسلاح نووي خلال أسبوع أو أسبوعين”

“طوفان الأقصى”… شغَل العالم عن “النّوويّ”

سرعة نشاطات إيران النووية وتوسيعها يرتبطان ارتباطاً مباشراً بحدّة النزاعات في المنطقة. إيران استغلّت انشغال الغرب بحروب في المنطقة لإطلاق العنان لمشاريعها النووية. فترات حصار العراق ثمّ اجتياحه والحرب على الإرهاب بعد اعتداءات 11 أيلول 2001 ودخول الولايات المتحدة المستنقع الأفغاني، سمحت لإيران بأن تطوّر قدراتها العسكرية والنووية. وجاء “طوفان الأقصى” ليشغل العالم مؤقّتاً عن الملفّ النووي الإيراني المرشّح دائماً لأن يتحوّل إلى أزمة كبرى في حال ثبت أنّ إيران بدأت بنشاطات نووية عسكرية.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أعلن أمس الأول أنّ إيران “قد تكون أصبحت قادرة على أن تنتج موادّ ضرورية لسلاح نووي خلال أسبوع أو أسبوعين”، في حال قرّرت ذلك. وقال: “لسنا في مكان جيّد الآن”، في وصفه لواقع الملفّ النووي الإيراني.

ألقى بلينكن اللوم على إدارة ترامب السابقة لانسحابها من الملفّ النووي، إذ يعتقد أنّ طهران كانت بحاجة إلى اثني عشر شهراً لإنتاج موادّ نووية لأغراض عسكرية من موعد اتّخاذها هذا القرار.

نتنياهو سيحاول جذب واشنطن إلى مقاربته في ما يخصّ الملفّ النووي الإيراني، بينما تفضّل إدارة بايدن الخيار الدبلوماسي

تشير تصريحات بلينكن إلى احتمال اندلاع أزمة مع إيران في الأشهر القليلة الباقية من ولاية بايدن الأولى. وهذا يرتبط بحسابات طهران إذا ما قرّرت القيام بخطوة تصعيدية على مستوى مشروعها النووي مستفيدة من انشغال واشنطن بالانتخابات الرئاسية أو ربّما تحسّباً واستباقاً لعودة ترامب الذي تعهّد بمنع إيران من امتلاك قدرات نووية عسكرية.

يُتوقّع أن يعود الملفّ النووي الإيراني إلى الواجهة أثناء زيارة رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لواشنطن، حيث من المقرّر أن يلقي خطاباً أمام الكونغرس الأميركي بمجلسَيه النواب والشيوخ.

نتنياهو سيحاول جذب واشنطن إلى مقاربته في ما يخصّ الملفّ النووي الإيراني، بينما تفضّل إدارة بايدن الخيار الدبلوماسي. إسرائيل تريد من واشنطن أن تقود حلفاً من أجل وقف المشروع النووي الإيراني حتى لو استلزم الأمر ضربة عسكرية ضدّ المنشآت النووية الإيرانية.

تقدُّم المشروع النووي الإيراني واقترابه من التحوّل إلى قوة عسكرية، سيرفع من الثمن الذي تطلبه إيران للتراجع عن ذلك في حال قبلت مستقبلاً الدخول في صفقة مع واشنطن وربّما ترامب الذي يتقن “فنّ الصفقات”.

الخوف أن تستقبل إيران ترامب بـ”قنبلة” نووية. هل يعاملها حينها مثلما يعامل “صديقه” الكوريّ الشمالي كيم جونغ أون؟

لمتابعة الكاتب على x:

@mouafac

أساس ميديا

Continue Reading