أخبار العالم
ماذا تريد واشنطن من الإستحقاق الرئاسي ومن خلفه؟
يحيط الالتباس بموقف الولايات المتحدة من الاستحقاق الرئاسي، ومن خلفه الملف اللبناني برمّته، في ضوء ما يُنقل عن عدم ممانعة الإدارة الأميركية لوصول رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية إلى قصر بعبدا، فيما لوحظ أنّ ممثلة واشنطن الى طاولة اللقاء الخماسي الذي عقد في باريس، اعتصمت معظم الوقت بالصمت واكتفت بالإصغاء باستثناء تأكيدها أهمية الإبقاء على سياسة فرض العقوبات.
في الواقع، يتبيّن أنّ واشنطن لم تنخرط كثيراً في الوحول اللبنانية بعد إنجازها ملف ترسيم الحدود والذي كان يُعتبر واحداً من أولويات إدارة جو بايدن في المنطقة، لدرجة متابعة تفاصيله بنفسه والحرص على عدم خربطته، وتحديداً من جانب الأصدقاء. وعلى شاكلة ملف الترسيم، يقول بعض المطلعين عن كثب على السياسة الأميركية إنّ مقاربة الإدارة الأميركية لمنطقة الشرق الأوسط تقوم على أساس إنجاز الصفقات، أي الـDeal، بعدما كانت لفترة طويلة ترتكز على إدارة الصراعات، ها هي اليوم تعمل على التسويات.
أمّا غير ذلك، فلا تبدو واشنطن مهتمة بثنايا الملف اللبناني، إلا من زاويتين محددتيْن:
الأولى، وأهمها الحؤول دون انهيار الهيكل فوق الرؤوس بشكل يطيح الاستقرار الهش ويحوّل الساحة اللبنانية إلى مستنقع فوضى “يوجع الراس” ويفجّر ملف النازحين السوريين. ولهذا تعمل الإدارة الأميركية على تقديم الحدّ الأدنى من المساعدات، وتحديداً الإنسانية، ومنها ما يتصل على سبيل المثال بالطاقة، لتطويق اندفاعة الانهيار المالي والاقتصادي والتخفيف من سرعته وحدّته.
بالتوازي تُبقي واشنطن على سياستها في دعم المؤسسة العسكرية، وهي سياسة ليست بجديدة لكنّ تدهور الوضع الاجتماعي يملي عليها رفع منسوب المساعدات لتحسين قدرات المؤسسة في مواجهة التحديات الأمنية وتحسين ظروف ضباطها وعناصرها، الاجتماعية.
ولهذا، يقول بعض المطلعين عن كثب على السياسة الأميركية إنّ موقف واشنطن من المؤسسة العكسرية لا يرتبط أبداً بالموقف من رئاسة الجمهورية، ولا بموقفها من قائد الجيش العماد جوزاف عون ولو أنّ للأخير مكانة جيدة لدى المسؤولين الأميركيين. لكن، لمقاربة الإدارة الأميركية للاستحقاق الرئاسي، شروط وظروف لا تتصل أبداً بسياسة دعم المؤسسة العسكرية، وسياسة الدعم هذه، لا تعني أبداً دعم وصول قائد الجيش إلى سدّة الرئاسة. هذان ملفان منفصلان تماماً.
الثانية، تتصل بملف الإصلاحات البنيوية والمالية، حيث تعتبر الإدارة الأميركية أنّ إخراج المؤسسات الدستورية اللبنانية من دوامة الفساد التي تدمّر الإدارة العامة وتطيح المالية العامة، هو هدف بحدّ ذاته، ولا بدّ بالتالي من توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وفق الشروط التي يضعها. ويؤكد المطلعون أنّ واشنطن لن تتساهل في هذا المنحى وتعتبر أنّ توقيع لبنان مع صندوق النقد هو ممر إلزامي لا يمكن الهروب منه أو القفز فوقه مهما بلغت حدّة الأزمة الاقتصادية أو غامرت الطبقة السياسية برهانها على الفوضى الاجتماعية.
بناء على هذين الاعتبارين، يشير المطلعون على موقف الإدارة الأميركية، إلى أنّ واشنطن تنظر إلى الاستحقاق الرئاسي من منظار الإصلاحات التي يريدها صندوق النقد الدولي لكي يستعيد الاقتصاد انتظامه المالي وعافيته. ويلفتون إلى أنّ المقاربة الأميركية للاستحقاق تقوم على الاعتبارات الآتية:
- أولاً، المطلوب حكومة ذات مكونات غير ملوثة بلوثة الفساد، مستعدة للمضي في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد، حيث يكشف المطلعون أنّ المسؤولين الأميركيين لا سيما مسؤولي البيت الأبيض يؤكدون أنّه في حال أنجز لبنان ما هو مطلوب منه، فستبادر الإدارة الأميركية إلى دعم الحكومة الجديدة سواء من خلال مساعدات مالية أو الدفع باتجاه تأمين استثمارات تساعد على النهوض بالوضع الاقتصادي. المهم عبور اختبار صندوق النقد بنجاح. وهذا شرط لا يبدي الأميركيون أي تنازل في شأنه.
- ثانياً، في ما خصّ الرئاسة، يحرص المسؤولون الأميركيون على عدم الانخراط في لعبة الأسماء لا دعماً ولا رفضاً، وهذا ما قصدته السفيرة الأميركية دوروثي شيا خلال “تمشايتها” الشهيرة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. بالأساس، لا ترغب واشنطن في تبني مرشح يُحسب عهده عليها، ولهذا تقارب الملف من منطلق الظروف الشاملة ورزمة الشروط المتكاملة. بناء عليه، يشجع الأميركيون على ابرام تفاهم لبناني يأتي برئيس قادر على محاورة كل اللبنانيين، كما المحيط العربي. والمقصود هنا، السعودية. ويؤكد المطلعون أنّ واشنطن لا تفصح بوضوح عن شرط إشراك السعودية في التفاهم الرئاسي، أقله بشكل علني، لكنها تسارع إلى وضعه على طاولة مقاربتها حين تُسأل عن حقيقة موقفها. وبهذا المنحى يصير ترشيح فرنجية حرجاً طالما أنّه لم ينل تأييد المملكة، أسوة بترشيح قائد الجيش بسبب رفض الثنائي الشيعي له، لينتقل البحث إلى اسم ثالث.
ويؤكد المطلعون أنّ الجولة الأولى لممثلي اللقاء الخماسي في لبنان، حملت “الجزرة” للمسؤولين اللبنانيين، وفق تأكيدات مسؤولين أميركيين، على طريقة أنّه على اللبنانيين المسارعة لانجاز الاستحقاق من خلال التفاهم في ما بينهم. لكن الجولة الثانية، يفترض أن تحمل “العصا”، وهو أمر متروك وفق الأميركيين، للإدارة الفرنسية التي تتابع الملف اللبناني بعناية.
في اعتقاد المطلعين على موقف الإدارة الأميركية، أنّ الجولة الثانية من الضغط الدولي يفترض أن تثمر دفعاً باتجاه تسريع عقارب الاستحقاق اللبناني خصوصاً اذا صدقت نوايا الإدارة الفرنسية واستخدمت “العصا” في مسعاها الرئيسي، مشيرين إلى أنّ المسؤولين الأميركيين يضعون في رأس قائمة معرقلي الملف الرئاسي، رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل كونه العقبة الأساس أمام التفاهم، فيما اللافت في تقديرات المسؤولين الأميركيين كما ينقل عنهم المطلعون، هو اعتبارهم أنّ “حزب الله” أكثر مرونة من باسيل، ويفترض ألّا يطول الوقت قبل أن يبدي اهتمامه بتسوية تأتي برئيس، من فئة الأسماء الثالثة.
أمّا بالنسبة للمواعيد المحتملة لانجاز الاستحقاق، فيقول المطلعون إنّ تقديرات الإدارة الأميركية تفيد باحتمال انجاز الانتخابات الرئاسية قبل موعد مغادرة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في تموز المقبل.
أخبار العالم
الخطوط الجوية الأميركية تمدّد تعليق رحلاتها إلى إسرائيل حتى آذار المقبل
أعلنت الخطوط الجوية الأميركية “أميركان إيرلاينز” تمديد تعليق رحلاتها إلى إسرائيل حتى أواخر آذار المقبل، بعد فترة التوقف عن الخدمة التي بدأت في الأيام الأولى من الحرب في غزة، وفقا لأسوشيتد برس.
وقال متحدث باسم الخطوط الجوية الأميركية، الأربعاء، إن العملاء الذين لديهم تذاكر لرحلات إلى تل أبيب يمكنهم إعادة الحجز دون أي رسوم إضافية أو إلغاء رحلتهم والحصول على استرداد.
وذكرت الخطوط الجوية الأميركية أن الرحلات إلى مطار بن غوريون الدولي في تل أبيب سوف يتم تعليقها حتى 29 آذار.
وقامت الخطوط الجوية الأميركية بتحديث تحذير السفر على موقعها الإلكتروني خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وأضاف المتحدث “سنواصل العمل بشكل وثيق مع شركات الطيران الشريكة لمساعدة العملاء المسافرين بين إسرائيل والمدن الأوروبية التي تقدم خدماتها إلى الولايات المتحدة”.
ومددت شركة دلتا إيرلاينز تعليق رحلاتها إلى إسرائيل حتى 30 أيلول المقبل من 31 آب الحالي. كما أوقفت شركة يونايتد إيرلاينز خدماتها إلى أجل غير مسمى.
وتوقفت شركات الطيران الثلاث عن الطيران إلى إسرائيل بعد وقت قصير من هجوم حماس في السابع من تشرين الأول الذي أشعل فتيل الحرب.
كما أوقفت عدة شركات طيران دولية أخرى رحلاتها من وإلى إسرائيل ولبنان والأردن والعراق وإيران، على خلفية تصاعد التوتر في المنطقة، بعد مقتل رئيس المكتب السياسي لحماس في طهران، ومقتل مسؤول عسكري بارز في الحزب بغارة إسرائيلية على بيروت أواخر تموز الماضي.
وأعلنت شركة لوفتهانزا الألمانية، الاثنين الماضي، أنها ستوقف جميع رحلاتها إلى إسرائيل وعمان وبيروت وطهران وأربيل في العراق حتى يوم الاثنين المقبل بناء على “تحليل أمني حالي”.
وفي نيسان الماضي أغلقت إسرائيل مجالها الجوي لمدة سبع ساعات، بسبب الهجوم المكثف بالطائرات المسيرة والصواريخ الذي شنته إيران على إسرائيل، ردا على غارة إسرائيلية على سفارة طهران في دمشق قتل فيها 16 شخصًا منهم مسؤول إيراني كبير في فيلق القدس.
وتسود حالة من التوترات الأمنية في إسرائيل بعد أن أعلنت اغتيال القائد العسكري البارز بـ”الحزب” فؤاد شكر في غارة جوية على مبنى في ضاحية بيروت الجنوبية، قبل أن يعلن الحزب اغتياله مساء الأربعاء.
وبعدها بساعات أعلنت “حماس” اغتيال إسرائيل رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية بغارة إسرائيلية استهدفت مقر إقامته في طهران التي وصلها للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.
ومنذ 8 تشرين الأول تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها “الحزب”، مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا عبر “الخط الأزرق” الفاصل، أسفر عن مئات القتلى والجرحى معظمهم في الجانب اللبناني.
وترهن الفصائل وقف القصف بإنهاء إسرائيل حربا تشنها بدعم أميركي على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول، ما خلّف أكثر من 130 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود.
أخبار العالم
معركة الرئاسة الأميركية… شبح ترامب
قلبت مستجدّات معركة الرئاسة الأميركية الحسابات. بعد انسحاب جو بايدن من السباق بات مطلب حملة الرئيس السابق دونالد ترامب تنحّيه لإتاحة المجال للتصويب على كامالا هاريس. وفي انتظار تبنّي الحزب الديمقراطي ترشيح بديل عن الرئيس الحالي، سواء هاريس أو غيرها، تقتضي الحملة الترامبيّة الهجوم على إرثه.
باتت العين على كيفية إفادة بنيامين نتنياهو شخصياً، وإسرائيل استراتيجياً، من تقدّم حظوظ ترامب لمواصلة حربها الوجودية ضدّ الفلسطينيين. وصار على إيران أن تراجع حساباتها مع واشنطن. فهي راهنت على التفاهم مع الإدارة الديمقراطية. وهي الآن متوتّرة ومتردّدة في طريقة التأقلم. مع البحث عن أسباب التصعيد العسكري في حرب الجبهات المتعدّدة، تجهد الأوساط المختلفة في تحديد هويّة الجهة المستفيدة منه وأهدافه وأسبابه. في المقابل هناك من يجزم: إنّه شبح ترامب يا صديقي.
من أين يفترض احتساب موجة التصعيد التي تشهدها الجبهات الواقعة تحت شعار وحدة الساحات، بما فيها جبهة جنوب لبنان؟ هل من قصف الميليشيات العراقية الموالية لإيران لقاعدة عين الأسد في العراق في 16 تموز، حيث توجد القوات الأميركية؟ أم من اغتيال مسيّرة إسرائيلية رجل الأعمال السوري الناشط لمصلحة بشار الأسد وإيران ماليّاً واقتصادياً، براء قاطرجي في 15 الجاري؟
البحث عن أسباب التّصعيد ومَن وراءه
أم هذا التصعيد ارتقى إلى ذروة جديدة بفعل كثافة الاغتيالات المتتالية لكوادر وقادة الحزب وآخرهم في بلدة الجميجمة في 19 تموز، وهو ما دفع الحزب إلى استهداف 3 بلدات جديدة في الجليل بصاروخ أدخله للمرّة الأولى إلى ترسانة الاستخدام؟ هل الذروة الجديدة للحرب هي قصف الحوثيين تل أبيب بمسيّرة قتلت مدنياً، ثمّ قصف إسرائيل مستودعات النفط في الحديدة، وهو أمر لم تقُم بمثله غارات التحالف الدولي؟ أم هي تدمير الطائرات الإسرائيلية للمرّة الأولى مستودعاً لصواريخ الحزب في عمق الجنوب في عدلون في قضاء الزهراني؟
ترامب الذي أكّد أنّه سينهي الحروب التي اندلعت في عهد بايدن، قد يضغط على إسرائيل لوقف الحرب في غزة
إدارة بايدن ونهاية منظومة.. وانتقام نتنياهو
في اعتقاد متابعين عن كثب للداخل الأميركي أنّ انسحاب بايدن فتح باباً كبيراً على تحوّلات جذرية في السياسة الأميركية وتعاطي إسرائيل معها، أبرزها:
– نهاية عهد منظومة حوله آمنت بإمكان الاتفاق مع إيران. وهي امتداد لعهد باراك أوباما واتفاقه مع طهران على الملف النووي في 2015.
– لذلك لجم بايدن نتنياهو عن ضرب إيران بقوّة في نيسان الماضي ردّاً على ردّها على قصف قنصليّتها في دمشق. يقيم أصحاب هذا التقويم وزناً لتهديد بايدن لنتنياهو في حينها بـ”أنّك ستكون لوحدك” إذا وقعت الحرب. وبالموازاة فإنّ نتنياهو سيكون “انتقامياً” في التعاطي مع ما بقي لبايدن من مدّة في البيت الأبيض.
– بعد الأمس، شلّ ضعف وشيخوخة بايدن قدرة أميركا على لجم رئيس الوزراء الإسرائيلي، حتى لو بقي بايدن في منصبه. فإدارته عرجاء غير قادرة على اتّخاذ القرارات. والدليل ضربة إسرائيل للحديدة ردّاً على قصف ذراع إيران الفاعلة، الحوثيين، تل أبيب. الجيش الإسرائيلي نفّذ الردّ مباشرة من دون تنسيق وتعاون مع الأميركيين، واكتفى بإعلامهم. ويقول المتابعون لما يجري في كواليس الدولة في أميركا إنّ هناك شعوراً بأنّ إسرائيل قامت بالضربة بالنيابة عن واشنطن. فالأخيرة كانت تراعي علاقتها مع إيران في ضرباتها للحوثيين، فتتجنّب الغارات الموجعة.
طهران المتوتّرة تضغط لاتّفاق مع بايدن أم فقدت الأمل؟
– مقابل الاعتقاد بأنّ طهران تستعجل، تفاهماً مع بايدن قبل رحيله، يظهر اعتقاد معاكس. فهي لم تعد تراهن على ذلك لأنّ ترامب قال إنّه سيلغي كلّ ما فعله بايدن. وبالتالي تصرّ على استعراض قوّتها استباقاً لضغوط ترامب الآتية والمرجّحة، ضدّها. إذ إنّ أحد مكوّنات حملة المرشّح الجمهوري هو هجومه على بايدن لتركه إيران تصل إلى العتبة النووية. والتقارب بين نتنياهو وترامب في شأن الملفّ النووي الإيراني قد يقود إلى سياسات تلهب المنطقة.
يصعب أن تمرّ هذه التوقّعات التي ستخضع بالتأكيد لامتحان في الأشهر المقبلة، على وقع دينامية الحملة الانتخابية، بلا تشكيك
هوكستين سينكفئ؟
– زيارة نتنياهو لواشنطن حيث سيلقي خلال ساعات كلمته أمام الكونغرس كانت المحطّة التي أخّرت المفاوضات على اتّفاق الهدنة. استبقه بتصويت الكنيست على رفض الدولة الفلسطينية، الذي يتّفق عليه مع ترامب غير المعنيّ بحلّ الدولتين بل باتّفاقات أبراهام للتطبيع العربي الإسرائيلي. وهذا ما يطمح إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي، لا سيما أنّ ترامب قال لبايدن في المناظرة التلفزيونية: “لماذا لا تترك لإسرائيل مهمّة القضاء على حماس؟”.
– يرجّح شلل إدارة بايدن انكفاء مهمّة الوسيط الأميركي آموس هوكستين لخفض التوتّر بين الحزب وإسرائيل. فتحرّكه لهذا الغرض يهدف لصوغ اتفاق على إظهار الحدود البرّية بين الدولة العبرية ولبنان، وعلى إعادة الهدوء على جانبَي الحدود. والمعطيات لدى شخصيات لبنانية تتواصل مع واشنطن تفيد بأنّ أكثر من موظّف ومستشار لبايدن أخذوا يبحثون عن وظيفة أخرى منذ الآن. وهذا يقود إلى تقدم المساعي الفرنسية في شأن التهدئة في الجنوب.
يصعب أن تمرّ هذه التوقّعات التي ستخضع بالتأكيد لامتحان في الأشهر المقبلة، على وقع دينامية الحملة الانتخابية، بلا تشكيك. فالأمر يتوقّف على طريقة استيعاب الديمقراطيين لأضرار ما خلّفه أداء بايدن في الأشهر الأخيرة. فهم يأملون التعويض عنها وجذب شرائح من الناخبين لإسقاط الرئيس السابق. وللملفّات الداخلية المتعلّقة بالاقتصاد والبطالة والهجرة والإجهاض أهمّية تتقدّم على السياسة الخارجية. وفي كلّ الأحوال فإنّ من الحجج التي يسوقها من يتشكّكون في صحّة الاستنتاجات التي ترافق صعود ترامب وفق أصحاب وجهة النظر المقابلة:
ضدّ الحروب ويصعب توقّع أفعاله
1- يستحيل توقّع ما سيقوم به ترامب (UNPREDICTIBLE). فهو صاحب مفاجآت تصدم مؤيّديه بقدر ما تفاجئ خصومه.
2- ترامب متقلّب. فهو أعلن قبل أسبوعين أنّه غيّر رأيه بالنسبة إلى حظر تطبيق “تيك توك” في سياق المواجهة التي يعطيها أولوية مع الصين. وقال إنّه لن يمنعه.
3- على الرغم من تأكيده منذ تشرين الأول الماضي أنّه مع دعم إسرائيل في حربها في غزة حتى النهاية، فهو دعا نتنياهو في 17 آذار الماضي إلى إنهاء الحرب والعودة إلى السلام.
ترامب متقلّب. فهو أعلن قبل أسبوعين أنّه غيّر رأيه بالنسبة إلى حظر تطبيق “تيك توك” في سياق المواجهة التي يعطيها أولوية مع الصين. وقال إنّه لن يمنعه
4- ترامب الذي أكّد أنّه سينهي الحروب التي اندلعت في عهد بايدن، قد يضغط على إسرائيل لوقف الحرب في غزة. فتدحرج المواجهات في القطاع وجنوب لبنان واليمن وسوريا والعراق، كما هو حاصل راهناً، يستدرج أميركا. وهو ما لا يريده المرشّح الجمهوري.
… لكنّه قصف سوريا وقتل سليماني
يردّ المتابعون للتحوّلات التي ستحدثها وقائع الانتخابات الأميركية:
– صحيح أنّ ترامب لا يريد حروباً. لكنّه هو الذي أمر بقصف سوريا في نيسان 2017 ردّاً على استخدام النظام السوري السلاح الكيميائي في خان شيخون. وأدّى القصف إلى ضرب جزء مهمّ من سلاح الجوّ السوري.
– هو الذي أعطى الأمر بقتل قاسم سليماني مطلع 2020. وردّت إيران بقصف قاعدة عين الأسد بطريقة متفاهم على محدوديّتها كما سبق أن كشف ترامب نفسه قبل أشهر.
– مقولة ترامب بإنهاء الحروب تتعلّق بحرب أوكرانيا التي يقف جزء من الرأي العام الأميركي ضدّ رعايتها من قبل أميركا.
– المرجّح أن يسحب القوات الأميركية من العراق وسوريا غير آبه بما يخلّفه ذلك من فوضى التناقضات الداخلية والتدخّلات الخارجية.
لمتابعة الكاتب على X:
أخبار العالم
هل تستقبل إيران ترامب… بقنبلة نوويّة؟
مع ارتفاع حظوظ الرئيس السابق دونالد ترامب بالعودة إلى البيت الأبيض، بدأت هواجس الدول التي تأثّرت بسياسته تتحوّل إلى قلق حقيقي. وعلى رأس هذه الدول إيران، التي يذكرها ترامب ومرشّحه لمنصب نائب الرئيس جي فانس في كلّ مناسبة على أنّها من إخفاقات الإدارة الحالية ومثال على ضعف الرئيس جو بايدن. فهل تدخل إيران النادي النووي، كي تستقبل ترامب بـ”القنبلة”؟
الوضوح الذي تحدّث به المرشّح الرئاسي الأميركي دونالد ترامب وفريقه عن إيران كفيل بأن يجعل إيران من أكثر الدول قلقاً من عودة ترامب، خصوصاً أنّ ترامب التزم بوعوده الانتخابية في ولايته الأولى وانسحب من الاتفاق النووي مع إيران وفرض على طهران عقوبات مشلّة، وأعطى الأمر باغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني.
Follow us on Twitter
مع ارتفاع حظوظ الرئيس السابق دونالد ترامب بالعودة إلى البيت الأبيض، بدأت هواجس الدول التي تأثّرت بسياسته تتحوّل إلى قلق حقيقي
هذا الوضوح في نيّات الجمهوريين وعلى رأسهم ترامب واستعدادهم لانتهاج سياسة أكثر صرامة مع إيران يضعان طهران أمام خيارات محدودة وصعبة. فإذا دخلت في صفقة مع الإدارة الحالية فستكون هناك خشية من تكرار التجربة السابقة حين انسحب ترامب من الاتفاق.
هناك أيضاً خشية من أن تفقد إيران فرصة ترجمة إنجازاتها الاستراتيجية بعد عملية طوفان الأقصى إلى مكاسب مع الغرب وواشنطن في حال وصول ترامب إلى البيت الأبيض.
لعبة الوقت التي تتقنها طهران ليست لمصلحتها لأنّ الانتخابات الرئاسية الأميركية على بعد أقلّ من خمسة أشهر، وأيّ رهان أو مغامرة قد تطيح بمكاسب إيران الاستراتيجية التي حقّقتها خلال السنوات الأربع الأخيرة.
سياسة واشنطن تجاه إيران أصبحت جزءاً من التراشق الانتخابي بين المرشّحين الرئاسيين، خصوصاً أنّ إدارة الرئيس جو بايدن تتّهم ترامب بأنّه وراء خروج الملفّ الإيراني عن السيطرة بسبب خروج واشنطن من الاتفاق الذي سمح لطهران بتطوير قدراتها النووية.
بلينكن أعلن أمس الأول أنّ إيران “قد تكون أصبحت قادرة على أن تنتج موادّ ضرورية لسلاح نووي خلال أسبوع أو أسبوعين”
“طوفان الأقصى”… شغَل العالم عن “النّوويّ”
سرعة نشاطات إيران النووية وتوسيعها يرتبطان ارتباطاً مباشراً بحدّة النزاعات في المنطقة. إيران استغلّت انشغال الغرب بحروب في المنطقة لإطلاق العنان لمشاريعها النووية. فترات حصار العراق ثمّ اجتياحه والحرب على الإرهاب بعد اعتداءات 11 أيلول 2001 ودخول الولايات المتحدة المستنقع الأفغاني، سمحت لإيران بأن تطوّر قدراتها العسكرية والنووية. وجاء “طوفان الأقصى” ليشغل العالم مؤقّتاً عن الملفّ النووي الإيراني المرشّح دائماً لأن يتحوّل إلى أزمة كبرى في حال ثبت أنّ إيران بدأت بنشاطات نووية عسكرية.
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أعلن أمس الأول أنّ إيران “قد تكون أصبحت قادرة على أن تنتج موادّ ضرورية لسلاح نووي خلال أسبوع أو أسبوعين”، في حال قرّرت ذلك. وقال: “لسنا في مكان جيّد الآن”، في وصفه لواقع الملفّ النووي الإيراني.
ألقى بلينكن اللوم على إدارة ترامب السابقة لانسحابها من الملفّ النووي، إذ يعتقد أنّ طهران كانت بحاجة إلى اثني عشر شهراً لإنتاج موادّ نووية لأغراض عسكرية من موعد اتّخاذها هذا القرار.
نتنياهو سيحاول جذب واشنطن إلى مقاربته في ما يخصّ الملفّ النووي الإيراني، بينما تفضّل إدارة بايدن الخيار الدبلوماسي
تشير تصريحات بلينكن إلى احتمال اندلاع أزمة مع إيران في الأشهر القليلة الباقية من ولاية بايدن الأولى. وهذا يرتبط بحسابات طهران إذا ما قرّرت القيام بخطوة تصعيدية على مستوى مشروعها النووي مستفيدة من انشغال واشنطن بالانتخابات الرئاسية أو ربّما تحسّباً واستباقاً لعودة ترامب الذي تعهّد بمنع إيران من امتلاك قدرات نووية عسكرية.
يُتوقّع أن يعود الملفّ النووي الإيراني إلى الواجهة أثناء زيارة رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لواشنطن، حيث من المقرّر أن يلقي خطاباً أمام الكونغرس الأميركي بمجلسَيه النواب والشيوخ.
نتنياهو سيحاول جذب واشنطن إلى مقاربته في ما يخصّ الملفّ النووي الإيراني، بينما تفضّل إدارة بايدن الخيار الدبلوماسي. إسرائيل تريد من واشنطن أن تقود حلفاً من أجل وقف المشروع النووي الإيراني حتى لو استلزم الأمر ضربة عسكرية ضدّ المنشآت النووية الإيرانية.
تقدُّم المشروع النووي الإيراني واقترابه من التحوّل إلى قوة عسكرية، سيرفع من الثمن الذي تطلبه إيران للتراجع عن ذلك في حال قبلت مستقبلاً الدخول في صفقة مع واشنطن وربّما ترامب الذي يتقن “فنّ الصفقات”.
الخوف أن تستقبل إيران ترامب بـ”قنبلة” نووية. هل يعاملها حينها مثلما يعامل “صديقه” الكوريّ الشمالي كيم جونغ أون؟
لمتابعة الكاتب على x: