لبنان

دورة 2021… الحربية: ضباط بلا واسطة

Published

on

في الوقت الذي يأمل فيه اللبنانيون ان تنفرج ازمة مرسوم الاقدمية لدورة ضباط العام 1994 العصيّة على الحل والمتجهة تصاعديا في ضوء الخلاف السياسي بين الرئاستين الاولى والثانية والتي تحولت الى مبارزة دستورية يكمن حلها في علم الغيب حتى الساعة، خرجت نتائج مباراة الدخول الى الكلية الحربية لتعيد الامل بامكان بناء مؤسسات على اساس الكفاءة والجدارة، ليضاف الى سجل القيادة الجديدة انجاز لا يقل اهمية عن الحرب ضد الارهاب،في خطوة شكلت انتصارا على عدو الداخل الاول.

فيوم عين مجلس الوزراء العماد جوزاف عون قائدا للجيش ،حمل الاخير معه الى لقاءاته البروتوكولية بالرؤساء الثلاث طلبا واحدا، تأمين المواقع الدستورية الثلاث في بعبدا، عين التينة والسراي شبكة امان واقية تحمي الجيش من تدخل السياسيين وتحفظه عن الحسابات السياسية، فكان له الوعد الذي ولد ارتياحا في اليرزة واعطى دفعا لخطة النهوض الجديدة لبناء جيش عصري وكفوء على مستوى طموح اهله وتضحيات ابنائه.

ولان البناء والاستثمار الطويل الامد يلزمه دم جديد «نظيف» ولاءه لكفاءته ولوطنه لا لزعيم وحزب، كانت الانطلاقة من قاعدة،بداية مع فتح ملف الفساد في الكلية الحربية وما شاب امتحاناتها الاخيرة،انطلاقا من منطق الاصلاح لا الانتقام وحفظ الحقوق،فكان انجاز التحقيقات بشفافية واحالتها الى المراجع القضائية المختصة التي «تقاعست» عن اتمام المهمة «مميعة» القضية ،رغم تخطي اليرزة للمعركة بنجاح وكسرها لكل المحظورات.
انطلاقة واكبتها المباراة الاولى لتعيين رتباء في الجيش،اتخذ القرار بان يكون معيارها الكفاءة والجدارة،ولان السياسيين درجوا على عرف التدخل والتوصية والمراجعة لتحقيق المكاسب على حساب الدولة والعدالة، كانت الصدمة مع ظهور النتائج اذ تبين ان احدا من الاسماء التي تمت «التوصية» بها قد نجح في الامتحانات.

غير ان تلك التجربة لم تردع السياسيين واصحاب المصالح الذين تلقفوا الاعلان عن مباراة تطويع تلاميذ ضباط لصالح الكلية الحربية لمختلف الاسلاك العسكرية، واجدين ضالتهم مع اقتراب الانتخابات النيابية املا بتحصيل اصوات لزيادة حظوظهم ، معتمدين اساليبهم وطرقهم الملتوية المعروفة ،مغدقين الوعود على ناخبيهم ومحازبيهم.

غير ان قيادة الجيش وبدعم من الرؤساء الثلاث محصنة بتجربتيها السابقتين، بادرت الى الهجوم واضعة الخطوط الحمر القائمة على معايير علمية وحسابية دقيقة للكفاءة والجدارة، موصلة رسائل واضحة الى المعنيين مواربة وصراحة بان «المؤسسة العسكرية لن تكون مطية لاحد ولن تكون هناك انتخابات نيابية على حسابها» وهكذا كان.

اجتمعت اللجان، حددت الشروط والمؤهلات، ومن ضمنها المعايير التي بقيت محترمة بحذافيرها منذ اليوم الاول حتى اعلان النتيجة وفقا لتعليمات واوامر قائد الجيش، وضعت الامتحانات،شكلت اللجان الفاحصة، وانطلقت الورشة.3605 متقدم للمباراة لشغل 161 مقعدا في الكلية الحربية ،100 جيش، 40 قوى امن داخلي، 14 امن عام، 4 امن دولة، 3 جمارك، ليصل الى مرحلة الامتحانات الخطية 1142 نجحوا في اجتياز الاختبارات النفسية، الطبية والرياضية.

بالتاكيد راعت القيادة مسألة الاعتبار الطائفي، على قاعدة الستة والستة مكرر على صعيد الطائفتين الاسلامية والمسيحية، وفقا للاعراف القائمة والمرعية الاجراء، مع تقديم مبدأ الكفاءة الجدارة، فكانت النتائج وفقا لتوجيهات وتعليمات قيادة الجيش الواضحة للجان الفاحصة بعدم التجاوب مع اي توصية ايا كان مصدرها تحت طائلة اتخاذ الاجراءات المسلكية،الذي تابع العماد جوزاف عون شخصيا ادق مراحلها وتفاصيلها معطيا من جهده ووقته لانجاز هذا التحدي كعربون وفاء وتقدير للشعب اللبناني ولشهداء وابطال الجيش.

وعليه اكتملت تحضيرات الدائرة الضيقة المشرفة على تحضير النتائج النهائية والتي حرصت على عدم تسريب اي معلومة قبل اجتياز مرسوم النتائج طريقه القانوني، فوقعه قائد الجيش واحيل الى مكتب وزير الدفاع الذي عمد الى توقيعه بدوره، ليصبح نافذا وفقا للقوانين المرعية الاجراء ، رغم تاخر صدوره لساعات دون ان يؤثر على النتائج ويغير فيها شيئا، رغم محاولات البعض التشويش والغمز والهمس.

تأخير اكد صحة خيارات قائد الجيش والمعايير التي وضعها،حيث اشارت اوساط متابعة الى ان النتائج التي جاءت مناصفة بين المسيحيين والمسلمين،لم تراع التقسيم المذهبي ،ما خلق «نقزة» لدى بعض المرجعيات الدينية والسياسية،سرعان ما انقلبت تاييدا بعد سلسلة اتصالات اثبتت صوابية الخطوة، وثناء على امل اعتمادها مستقبلا لما فيها من احقاق للحق والعدالة والمساواة ومزاوجتها بين متطلبات التركيبة الطائفية وحتمية بناء مؤسسات على اساس الولاء الوطني والكفاءة.

وفي هذا الاطار كشفت مصادر مواكبة ان الصدمة او المفاجأة لدى الكثيرين ممن ظنوا انهم من الناجحين جاءت نتيجة سقوط رهانهم اولا على استخدام القائد لحقه القانوني باعطاء علامة اضافية من جهة، وثانيا يعود الى قرار واضح بان كل متبار حصل على علامة لاغية في احدى المواد، اي ما دون ال6/20 ولو تمكن من تحصيل علامات عالية في باقي المواد، يعتبر راسبا ويتم استبعاده، اما المفاجأة الاكبر فكانت ان عددا لا يستهان به من اولاد الضباط والسياسيين لم يوفقوا في الامتحانات، بعدما رفضت قيادة الجيش تمييزهم عن باقي المتقدمين على ما درجت العادة عليه.

وفي اطار محاولات التشويش من قبل بعض المتضررين ، كان شهد يوم الاربعاء تداول لمعلومات مغلوطة جملة وتفصيلا على صعيد وسائل التواصل الاجتماعي حول توظيف نجل قائد الجيش لصالح احد الاسلاك الامنية، ربطها البعض بمحاولة فاشلة لضرب مصداقية نتائج الحربية والقيم الاول عليها، محاولين الاستفادة من الجدل القائم حول مرسوم الاقدميات .وفي مراجعة للموضوع يتبين بوضوح صدور مرسوم يحمل الرقم 2085 تاريخ 21/8/2017، حول تعيين موظفين اداريين في الملاك العام للمديرية العامة لامن الدولة، تضمن اسماء عدد من اولاد مسؤولين وموظفين كبار في الدولة اللبنانية، واسم السيد نضال عون ليتبين ان الاخير لا يمت باي صلة قربى ولا تجمعه اي علاقة بقائد الجيش العماد جوزاف عون، وان نجل الاخير يحمل اسم خليل جوزاف عون، فضلا عن ان نجليه يشغلان وظائف في مؤسسات معروفة قبل ان يتولى والدهما قيادة الجيش.

خلال زيارته للمستشفى العسكري في اليوم الاول لاجراء الامتحانات الطبية للمتابرين، مرورا بجولته التفقدية الى الكلية الحربية برفقة قائد القيادة الوسطى الاميركية الجنرال فوتيل، وصولا الى تفقده لمركز الامتحانات الخطية، كان تركيز قائد الجيش واصراره وترداده لعبارة «انتم الجيل الذي سيستلم الجيش»، لادراكه لاهمية ودور الكلية الحربية التي نافس خريجوها خريجي الحقوق في الوصول الى قصر بعبدا.

اصرار تؤكد عليه بطاقة المعايدة التي اودعها القائد على موقع الجيش اللبناني الرسمي على الانترنت والتي جاء فيها: «ميلاد مجيد وعام سعيد،انتم رجال الغد ،ثابروا على الدراسة وكونوا قدوة للاجيال المقبة. العماد جوزاف عون قائد الجيش».

هكذا تم الوعد وصدق القائد مجتازا الامتار الاولى بالجيش في التحدي نحو القمة، تحد ستكشف الايام المقبلة الكثير من خباياه ،مثبتة انه متى توافرت الارادة تم الانجاز بشرف وتضحية ووفاء.

الديار
Exit mobile version