لبنان

«حوار الكلمة واللون» في بيت مهجور بالخنشارة

بيروت – جويل رياشي كان المدعوون على موعد مع «حوار الكلمة واللون»: معرض فن تشكيلي في الخنشارة لإيلي كنعان فيه لوحات تحاكي قصائد عمه الشاعر الراحل أنيس كنعان. لكن اللقاء لم يقتصر على ذلك التزاوج بين الريشة والكلمة بل تخطاه الى لقاء مع الماضي، فشكل مساحة نوستالجيا تمددت في النفوس والقلوب. تلك النوستالجيا فرضها المكان:…

Published

on

بيروت – جويل رياشي كان المدعوون على موعد مع «حوار الكلمة واللون»: معرض فن تشكيلي في الخنشارة لإيلي كنعان فيه لوحات تحاكي قصائد عمه الشاعر الراحل أنيس كنعان. لكن اللقاء لم يقتصر على ذلك التزاوج بين الريشة والكلمة بل تخطاه الى لقاء مع الماضي، فشكل مساحة نوستالجيا تمددت في النفوس والقلوب. تلك النوستالجيا فرضها المكان: هذا البيت القديم المهجور الذي يعرفه اهل المنطقة بـ«مبنى الريجي» أي مقر ادارة حصر التبغ والتنباك، حيث تصنع السجائر «المحلية»، وكانت غالبية الموظفين في حينه من اهل القرية وجوارها قبل الاقفال في بداية الثمانينيات والانتقال الى بكفيا. المبنى مهجور يكاد لا يصدق ان الحياة عادت اليه ولو لأيام معدودة. اختلطت رائحة التبغ «المتخيلة» بالأجواء الثقافية الفنية التي أضفاها ايلي كنعان على المكان. لوحات معلقة على الجدران المهترئة، كأنها آتية من زمن بعيد، تعبر عن قصائد تلقى تزامنا مع عزف عواد يحاكي رهبة المكان. كل قصيدة مجسدة في لوحة، أو بالأحرى كل لوحة مستوحاة من قصيدة. ايلي المأخوذ بجمال شعر عمه أنيس يخاطبه: «جمال شعرك عمي، كالكلمة بعد السكون.. تمخضت جنة حبلى بالفنون. كالموسيقى وصوت فيروز، لقاء يداعب الأثير فيحيا تموز. كالظل والنور… كالفارغ والملآن توازنا في لوحة فنان». أما الشاعر الراحل أنيس كنعان فكان طيفه حاضرا في افتتاح المعرض بحناجر لبنى شمعون وأدهم الدمشقي إلقاء وملهم خلف غناء. كان يعتبر ان «سلطوية الشعر نعمة يتكبدها المختارون» ويستطيب «الشعر الفظ الذي يعض ليوقظ الحلم». وقد تحدث عنه في حفل افتتاح المعرض الباحث والناقد ربيعة ابي فاضل متناولا تجربته الشعرية المميزة ودواوينه الثلاثة. ثلاث سنوات انكب خلالها إيلي على استلهام القصائد وترجمتها بالريشة والخط العربي والكلمات المتطايرة فوق الألوان. عاد من باريس الى مسقطه الخنشارة لإعادة إحياء شعر عمه الذي لم يكن يحب الإعلام والأضواء، وجمع اهل القرية ومحبي الشعر والفنون في مكان محفور بذاكرة جيل يعرفه جيدا وأجيال سمعت عنه ومرت من أمامه ولم يتسن لها الدخول إليه، علما ان «جمعية ربيع الياس شاكر قاصوف» مؤتمنة على المبنى اليوم. قصائد توالت بالصوت والصورة (اللوحة): «غدا كنا»، «الله قصيدة»، «الشمعة»، «قبلة وداع»، «غربة»، «حواء»، «عرس قانا»، «أزياء»، «طقوس وثنية»، «صالحت الكون»… كلمات وألوان تماهت مع لعبة العتمة والضوء التي فرضها المكان: عتمة المصنع المهجور والضوء المصوب نحو اللوحات لتسهيل انعتاقها من ورق جدران الفينيل الى الفضاء الأوسع. وكانت مفاجأة ايلي للوافدين الى معرضه على مدى ثلاثة ايام، عرض متواصل لمقابلة صحافية مع الشاعر أنيس كنعان أجراها الوزير السابق ابن الخنشارة ملحم رياشي في استوديوهات تلفزيون لبنان وفيها غوص بمكنونات شعر كنعان.

Exit mobile version