لبنان
حديث الحريري الأخير.. ما له وما عليه
بيروت – د.ناصر زيدان لا أحد يحسد رئيس الحكومة سعد الحريري على الوضع الصعب الذي يعيشه في هذه الفترة، وهو يحمل أثقالا سياسية كبيرة، منها ما هو موروث، ومنها من مستجد، وإطلالته الإعلامية الأخيرة التي هدفت الى «شد العصب» وإراحة البيئة الحاضنة، لم تحقق أهدافها الكاملة، بل قد تكون فتحت عليه أبواب كان أفضل لو…
بيروت – د.ناصر زيدان لا أحد يحسد رئيس الحكومة سعد الحريري على الوضع الصعب الذي يعيشه في هذه الفترة، وهو يحمل أثقالا سياسية كبيرة، منها ما هو موروث، ومنها من مستجد، وإطلالته الإعلامية الأخيرة التي هدفت الى «شد العصب» وإراحة البيئة الحاضنة، لم تحقق أهدافها الكاملة، بل قد تكون فتحت عليه أبواب كان أفضل لو بقيت مغلقة. في إطلالة الرئيس الحريري مجموعة من المواقف التي تحمل أوجه متعددة، منها ما انعكس بعض الإيجابية على الوضع العام، ومنها ما قد يكون أضاف له مشكلات جديدة لم تكن بالحسبان. مهما يكن من أمر، فإن الحريري أكد وجود 3 مقاربات سياسية متعارضة – او 3 مشكلات – تواجه مسيرته، وقد تكون كلفة الاعتراف بوجود تلك المقاربات أغلى من كلفة إبقائها طي التساؤلات: المشكلة الأولى: هي الخلل القائم مع «الشركاء الأساسيين» كما أسماهم «وهؤلاء في ممارساتهم أعطوا الفرصة للبعض ليصبوا البنزين على نار الغضب، وفتحوا الباب أمام المزايدات، وبعد اليوم لن أقبل بأن يزايد علي أحد» كما قال حرفيا، وبطبيعة الحال فإنه يقصد بهؤلاء فريق الوزير جبران باسيل وحزب الله الذين يديرون دفة التسوية التي حصلت، وهم لا يراعون الخصوصية التي تحيط بالرئيس الحريري، خصوصا مشاعر الشارع السني الذي يشعر بالإحباط جراء اندفاعة هؤلاء الشركاء، لاسيما في الملفات الإستراتيجية التي تتعلق بتهميش اتفاق الطائف، وبمهاجمة حلفاء الحريري في الخليج العربي. وثاني هذه المشكلات: كان في تظهير الاحتقان داخل البيئة الحاضنة – السنية وغير السنية – الى العلن، وإشارته الواضحة الى الامتعاض الذي يشعر به المؤيدون للحريرية السياسية التي عاشت على مخاصمة كل المفرطين بالسيادة اللبنانية، ووقفت في وجه التهميش الذي كان يطال الفئات الإسلامية، وهي تستند الى العلاقات المميزة مع الدول العربية الداعمة للبنان – خصوصا الخليجية منها – وجمهور الرئيس الحريري ممتعض الى الحدود القصوى، من كون شركاء التسوية لا يراعون خصوصيات الحريري، بينما هو يراعيهم الى أقصى حد، تحت شعار «الحفاظ على البلد» وقد وجه الحريري رسالة واضحة الى الشركاء اللدودين بضرورة احترام مشاعر جمهوره. أما الموضوع الثالث الذي لفت في حديث الرئيس الحريري، فهو اعترافه بوجود أزمة كبيرة مع حلفائه التقليديين، وخصوصا مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. فهو بين أنه عاتب عليهم، ولكن هؤلاء يشعرون بأن سهامه تطالهم أكثر مما تطال أخصامه. وتسمية الرئيس الحريري لجنبلاط اربع مرات بالطريقة التي جاءت في سياق حديثه الأخير، تركت امتعاضا واسعا عند مؤيدي جنبلاط، خصوصا أن جنبلاط – كما يقول أحد القياديين المخضرمين – كان دائما مع غيره من الحلفاء، رافعة للحريرية السياسية وسندا لرئاسة الحكومة، وقد خسر من رصيده مع بعض القوى والأحزاب جراء هذا الموقف، وهو تلقى من الحريري في المدة الأخيرة خيبات لا يتحملها أحد، بينما كان شركاء الحريري في التسوية رافعة لأخصام جنبلاط. ويتابع القيادي ذاته: في العام 1974، وعندما توافق الرئيس الشهيد رشيد كرامي في الحكومة مع الرئيس سليمان فرنجية والرئيس كميل شمعون ورئيس حزب الكتائب بيار الجميل وترك كمال جنبلاط، عاد كرامي وقال في تصريحه الشهير: «ليتنا خاصمنا الحلفاء الثلاثة ولم نخاصم جنبلاط، فقد أغضبنا بيئتنا بهذا الحلف، ولم نربح البلد كما كنا نتوقع».