لبنان

التسوية الرئاسية لم تسقط… ولكن أموراً كثيرة تغيرت منذ 2016

الانتخابات النيابية تبدو مثل حد فاصل، زمنيا وسياسيا بين مرحلتين، ما بعدها ليس مثل ما قبلها ولا يشبهه: العلاقة بين الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري تغير مناخها وفقدت شيئا من الحرارة والثقة، الشراكة بين عون والحريري تتآكل فيما التحالف بين عون وحزب الله يستعيد زخمه، عملية تشكيل الحكومة الثانية للعهد متعثرة ومعقدة بخلاف ما…

Published

on

الانتخابات النيابية تبدو مثل حد فاصل، زمنيا وسياسيا بين مرحلتين، ما بعدها ليس مثل ما قبلها ولا يشبهه: العلاقة بين الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري تغير مناخها وفقدت شيئا من الحرارة والثقة، الشراكة بين عون والحريري تتآكل فيما التحالف بين عون وحزب الله يستعيد زخمه، عملية تشكيل الحكومة الثانية للعهد متعثرة ومعقدة بخلاف ما كان عليه الحال مع الحكومة الأولى من يسر وانسياب، المحاور السياسية تكاد تعود الى ما كانت عليه في فترة ٨ و١٤ آذار، اتفاق معراب بين «القوات والتيار» في حكم المنتهي عمليا، حتى التسوية الرئاسية التي على أساسها وصل عون الى قصر بعبدا، وعاد الحريري الى السرايا الحكومي، وتضمنت 3 عناصر أساسية: انتخاب الرئيس تشكيل حكومة وحدة وطنية وضع قانون جديد للانتخابات، هذه التسوية تحيط بها الشكوك، والتساؤل جار بشأن إمكانية صمودها واستمرارها حتى نهاية العهد، ومدى الحاجة الى تسوية سياسية جديدة بعد المتغيرات الكبيرة التي حصلت منذ العام ٢٠١٦ وأدت الى تغيير في المشهد السياسي، وحتى في ميزان القوى العام. ومجمل هذه المتغيرات يستند إليها حزب الله و«يستقوي» بها في مجال تبرير اندفاعته الآتية قريبا، وقوة الدفع التي يعد لها لتشكيل حكومة بشروطه التي تتعلق بتركيبة الحكومة وبيانها وسياستها ومرحلة ما بعدها، فحزب الله الذي اكتفى بدور المتفرج ولم يتدخل حتى الآن للحث على تقديم تنازلات أو لتقديم حوافز وتسهيلات، يتجه الى تغيير هذا النمط من التعاطي ورفع درجة الضغوط، خصوصا على الحريري، ابتداء من مطلع سبتمبر وبعد انتهاء الأعياد وإجازات الصيف، وحيث إن الوضع الاقتصادي الاجتماعي لم يعد يحتمل ترف الانتظار والتأخير، وحيث ان الوضع القائم اليوم يختلف كليا عن الوضع الذي كان قائما قبل العام ٢٠١٦ وكان يبرر في حينه تأخيرا طويل الأمد في تشكيل الحكومة (١٣٥ يوما مع الحريري و١٤٠ يوما مع ميقاتي و٣١٥ يوما مع سلام). في تعداد للأمور والأوضاع التي استجدت منذ العام ٢٠١٦، تبرز المتغيرات التالية: – انتخاب الرئيس «القوي» ميشال عون حليف حزب الله في أول خرق لمبدأ الرئيس الضعيف (بعد الطائف) والرئيس الوسطي (بعد العام ٢٠٠٥). – تشكيل حكومة يحوز فيها حزب الله وحلفاؤه على أكثر من النصف زائد واحد. – تحول في الأكثرية النيابية من «المستقبل» وحلفائه (١٤ آذار سابقا) الى حزب الله وحلفائه (٨ آذار + التيار الوطني الحر). وهذه الأكثرية، التي نجمت عن أول قانون انتخابات على أساس «النسبية» في لبنان، تجاوزت عتبة السبعين نائبا، وتصل في حالات معينة الى الرقم ٨٠ كما حصل في معركة نيابة رئاسة المجلس التي أعطت أول مؤشر. – نجاح الجيش اللبناني وحزب الله في كسب المعركة ضد الإرهاب وتحرير جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع، وإحكام السيطرة على الحدود الشرقية مع سورية. – التطورات الميدانية العسكرية في سورية التي صبت لمصلحة النظام منذ التدخل الروسي الذي ساهم في حسم المعارك الكبرى بدءا من حلب (٢٠١٦) مرورا بالغوطة الشرقية وريف دمشق (٢٠١٧)، وصولا الى درعا والقنيطرة (٢٠١٨). هذا التطور يجعل الأسد مرتاحا إلى درجة أنه عاد للتدخل في لبنان مجددا كلاعب أساسي. خلاصة كل ذلك أن حزب الله يعتبر نفسه رابحا ومنتصرا، وسيتصرف على هذا الأساس، وهذا يعني أن الحريري ليس في موقع من يملي شروط التأليف متسلحا بالتكليف الذي أعطي له ولا يسحب منه، ولكن ثمة قراءة أخرى لدى أوساط «المستقبل» تغلب التطورات الإقليمية على اللبنانية، وتنطلق من وصول ترامب الى البيت الأبيض وليس من وصول عون الى قصر بعبدا… وللبحث صلة.

Exit mobile version