لبنان

«استنفار» والتفاف حول الحريري

خرجت كتلة «المستقبل» بعد اجتماعها الأسبوعي ببيان سياسي شديد اللهجة، محذرة من «وجود دعوات غير بريئة فيها تجاوز لأحكام الدستور ومخالفة موصوفة لروح اتفاق الطائف ومقتضيات الوفاق الوطني» غداة صدور «بعض المواقف والوصايا القانونية التي أفتت باعتذار الرئيس المكلف عن تأليف الحكومة أو تكليف مجلس النواب باتخاذ قرار في هذا الاتجاه»، محذرة في الوقت عينه…

Published

on

خرجت كتلة «المستقبل» بعد اجتماعها الأسبوعي ببيان سياسي شديد اللهجة، محذرة من «وجود دعوات غير بريئة فيها تجاوز لأحكام الدستور ومخالفة موصوفة لروح اتفاق الطائف ومقتضيات الوفاق الوطني» غداة صدور «بعض المواقف والوصايا القانونية التي أفتت باعتذار الرئيس المكلف عن تأليف الحكومة أو تكليف مجلس النواب باتخاذ قرار في هذا الاتجاه»، محذرة في الوقت عينه من «تنامي خطاب يتعارض مع مفاعيل التسوية التي أعادت الاعتبار لدور المؤسسات الدستورية ووضعت حدا لفراغ استمر لأكثر من عامين في موقع رئاسة الجمهورية»، ودعت انطلاقا من ذلك إلى «الكف عن أساليب تخريب العلاقات الرئاسية». مباشرة بعد هذا الاجتماع والبيان، التقى الرئيس المكلف سعد الحريري في بيت الوسط رئيسي الحكومة السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة، وخلص اللقاء الى تجديد الدعم لمساعي الحريري في تشكيل الحكومة والتأكيد على دور وصلاحيات رئيس الحكومة. وهذا اللقاء هو استمرار واستكمال للقاء أول عقد بين رؤساء الحكومات السابقين وغاب عنه هذه المرة الرئيس تمام سلام بداعي السفر. وفي موازاة دعم رؤساء الحكومات السابقين، كان الحريري يتلقى دعما مباشرا من دار الفتوى التي وزعت وأصدرت مواقف تؤكد على أن الرئيس الحريري وحده من يشكل الحكومة، ولا يجوز وضع شروط مسبقة عليه لتشكيل الحكومة مثل مسألة التطبيع مع النظام السوري، كما لا يجوز اتهام الحريري بتأخير تشكيل الحكومة وتحميله مسؤولية ذلك، أو دفعه الى تنازلات جديدة بعدما أعطى كثيرا ولا يستطيع إعطاء المزيد، وكان آخر التنازلات قبوله بقانون النسبية الذي جاء على حساب شعبيته وكتلته النيابية. والدعم للحريري جاء أيضا من خصومه السياسيين، فالنواب السُنة من خارج المستقبل المنضوين تحت لواء «التكتل الوطني»، وضعوا خلافهم مع الحريري جانبا وشدوا على يديه في مسألة التأليف وشجعوا على عدم الرضوخ للضغوط داخلية كانت أم خارجية، وحتى رئيس اللائحة البيروتية التي نافست لائحة الحريري في الانتخابات صلاح سلام، أعلن سحب الطعن الذي قدمه أمام المجلس الدستوري، رابطا بين هذه الخطوة والتطورات السياسية الطارئة وما يرافقها من حملات هادفة للنيل من مقام رئاسة الحكومة وصلاحيات الرئيس المكلف، وتمسكا بدستور الطائف، لاسيما ما يتعلق بصلاحيات ومسؤوليات رئاسة الحكومة، وحفاظا على السلم الأهلي ووحدة الكلمة والصف في هذه المرحلة الحرجة. الرئيس سعد الحريري متسلحا بموقف داعم من طائفته يقارب «الإجماع»، حدد موقفه وأعلن بالفم الملآن: «أعرف صلاحياتي ولا أحد يحدد لي مهلا إلا الدستور اللبناني. أنا الرئيس المكلف وأنا من يشكل الحكومة. وسيأتي يوم نسمي فيه من يعرقل التأليف». الحريري الذي يلمح الى «بقّ بحصة» جديدة، يحرص بالمقابل على الحفاظ على علاقة جيدة مع الرئيس ميشال عون، ومؤكدا أن الحملة الأخيرة التي تستهدفه لن تثنيه عن إقامة أفضل العلاقات مع الرئاسة الأولى. ولكن العلاقة بين عون والحريري أصيبت بشظايا هذا الاشتباك الدائر حول الصلاحيات والتأليف، ولم تعد في منأى عن أزمة حكومية أضيفت الى عقدها الثلاث المسيحية والدرزية والسنية عقدتا «الصلاحيات الرئاسية» و«العلاقة مع النظام السوري»، وبدا أن الحملة المساندة للحريري موجهة الى عنوان رئيسي هو قصر بعبدا، وأن الحريري أدخل تعديلا سياسيا على تموضعه ومساره وإن ظل ملتزما بسقف التسوية الرئاسية.  

Exit mobile version