اخر الاخبار

كيف يساعد “السكن المشترك” الأمهات العازبات وأبنائهن؟

مصدر الصورة Colleen Hegarty عندما وضعت إيميلي بليك، البالغة من العمر 34 عاما، مولودها الأول، أجبرها بكاء وليدها ليلا ومواعيد الرضاعة غير المنتظمة على ترك المنزل بعد أن وجدت شريكتها في السكن صعوبة في العيش معها. وظلت بليك تبحث عن منزل لشهور عديدة، كانت تنام أثنائها على أريكة في منزل صديقة لها حتى تمكنت من…

Published

on

مصدر الصورة
Colleen Hegarty

عندما وضعت إيميلي بليك، البالغة من العمر 34 عاما، مولودها الأول، أجبرها بكاء وليدها ليلا ومواعيد الرضاعة غير المنتظمة على ترك المنزل بعد أن وجدت شريكتها في السكن صعوبة في العيش معها.

وظلت بليك تبحث عن منزل لشهور عديدة، كانت تنام أثنائها على أريكة في منزل صديقة لها حتى تمكنت من ادخار المال الكافي لسداد دفعة مقدمة لتأجير أحد المنازل بمساعدة شركة ناشئة للإسكان.
ورغم ذلك، كانت تحتاج لشريك في السكن يتقاسم معها الإيجار الشهري وفواتير المنزل التي ستثقل كاهلها شهريا. ولم يكن العثور على شريك في السكن يتقبل العيش مع أم عزباء وطفلها الصغير أمرا هينا.

وقادها البحث على الإنترنت إلى موقع “كو-أبود”، الذي يعمل كحلقة وصل بين النساء المعيلات (سواء كن مطلقات أو عازبات أو أرامل) اللائي يبحثن عن سكن مشترك. وقد أسست هذا الموقع كراميل بوس في عام 2002، بعد أن طُلقت وكانت تعيل طفلها الذي لم يتجاوز السابعة في مدينة لوس أنجليس بمفردها.
وتقول بوس: “عندما وجدت نفسي بمفردي شعرت بالوحدة ولم أكن واثقة من أنني سأتمكن من تربية ابني بمفردي”.
ونشرت بوس إعلانا في إحدى الصحف المحلية تبحث عن أم عزباء أخرى لتشاركها السكن، واستجابت على الفور 18 امرأة. إذ يوفر السكن المشترك مع امرأة معيلة أخرى نوعا من المشاركة المالية والدعم العاطفي الذين تحتاجهما الأمهات بشدة.
وتقول بوس إن مئات الآلاف من الأمهات سجلن بياناتهن في الموقع للبحث عن شريكة مناسبة في السكن خلال العقدين الماضيين، وكان من بينهن إيميلي بليك.
وتسكن الآن بليك مع ثلاث أمهات أخريات وأطفالهن في منزل من خمس غرف نوم في مدينة لوس أنجليس بكاليفورنيا.
كيف سيغير “الشعور بالذنب” مستقبل السفر جوا؟

مصدر الصورة
Colleen Hegarty

Image caption

تعيش إيملي بليك مع ثلاث أمهات عازبات أخريات وأطفالهن في منزل من خمس غرف في مدينة لوس أنجليس.

مجتمع من الأمهات
تزامن تغير تركيبة الأسرة التقليدية كما نعهدها مع تغيرات في الأوضاع المعيشية، مثل مجتمع الأمهات. وأشار بحث أجراه مركز بيو للأبحاث إلى أن عدد النساء المعيلات في الولايات المتحدة يبلغ في الوقت الراهن 15 مليون امرأة، إذ تضاعف عدد الأسر التي تعيلها أم بمفردها منذ الستينيات من القرن الماضي، وأصبحت تمثل 21 في المئة من إجمالي الأسر في الولايات المتحدة.
وثمة عوامل عديدة أسهمت في هذه الزيادة، منها أن الطلاق لم يعد مدعاة للوصم الاجتماعي أو سببا للخجل، فضلا عن ارتفاع عدد النساء اللائي يقررن إنهاء العلاقات غير الناجحة، وزيادة فرص العمل التي فتحت أفاقا جديدة للنساء المعيلات لتحقيق الاستقرار المالي.
لكن المشاكل المصاحبة لإعالة المرأة للأسرة بمفردها تتعاظم كلما زادت نسبة النساء المعيلات. إذ أشارت تقارير مكتب الإحصاء الأمريكي عام 2018 إلى أن النساء المعيلات يشكلن الفئة الأكثر عرضة للوقوع في براثن الفقر، وتعاني 30 في المئة من الأمهات العازبات من الفقر.
ولهذا كان السكن المشترك هو الحل الأمثل للأمهات العازبات والمطلقات لمواجهة غلاء المعيشة. وقد اجتذب موقع “شركاء سكن مع أطفالهم”، الذي شارك في تأسيسه بليك ريد، لمساعدة الآباء العزاب أو الأمهات العازبات في العثور على شريك مناسب في السكن، 6,500 عضو منذ تأسيسه في مايو/أيار الماضي. ويقول ريد إن 70 في المئة منهم أمهات عازبات.
ويرى ريد أن تقاسم تكاليف المعيشة والإيجار، يتيح للأمهات السكن بالقرب من المدارس المرموقة التي يعتمد القبول فيها على عنوان سكن الطالب.
ويرى بود أن الإقبال على المواقع، مثل “كو-أبود” و”شركاء سكن مع أطفالهم” سببه الحفاظ على الخصوصية، لأن هذه المواقع تحرص على سرية المعلومات، على عكس مواقع الإعلانات الأخرى التي يشارك فيها الأعضاء تفاصيل حياتهم على الملأ.
أردت مجتمعا لابني
لم تكن إيميلي بليك تبحث عن الأمان المالي بقدر ما كانت تريد الدعم العاطفي من الأخريات اللائي مررن بنفس التجربة. وتقول: “ليس لدي الكثير من الأقارب، ولهذا كنت أريد مجتمعا يتربى ابني في كنفه، وأردت أن يشاركني أحد جزءا من المسؤولية، وفي الوقت نفسه نتقاسم أوقات المرح”.
وتقول بليك إنها سعيدة بهذا الوضع المعيشي الجديد وما يحمله من إمكانيات، رغم أن بعض الأصدقاء وأفراد العائلة يستغربونه. وتخطط بليك لتمهيد الحديقة ليلعب فيها الأطفال، وستخصص كل أم منهن غرفة لنفسها بينما سيتقاسم الأطفال غرفة واحدة.
وتلعب هذه الشبكة من الدعم العاطفي والنفسي التي تبنيها هؤلاء الأمهات العازبات دورا كبيرا في مواجهة المشكلات النفسية والمادية التي تواجهها بعض الأمهات. وأشارت الكثير من الدارسات العالمية إلى أن الأمهات العازبات أكثر عرضة للإصابة باضطرابات نفسية وبدنية مقارنة بالأمهات المتزوجات. وقد يعزى ذلك إلى الصعوبات المادية وغياب الدعم المعنوي.

مصدر الصورة
Janet Hoggarth

Image caption

فيكي هيلمان، يسارا، وجانيت هوغارث، كانتا تتشاركان السكن في لندن بعد انفصالهما عن شريكي حياتهما، وألفت هوغارث كتابا عن تجربتها بعنوان “منزل الأمهات العازبات”

وأجرى الباحث إيسار درياناني دراسة عن الطريقة التي تؤثر بها إعالة الأم لأطفالها بمفردها على الأطفال، وخلص البحث إلى أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدنية تؤثر سلبا على التنشئة والصحة النفسية للأم والطفل.
وفي لندن، وفرت بيئة السكن المشترك الدعم المادي والمعنوي لجانيت هوغارث، التي انتقلت للعيش مع صديقتها الأم العزباء فيكي هيلمان. فبعد طلاقها في عام 2009، تحملت هوغارث بمفردها مسؤولية تربية ثلاثة أطفال دون السادسة من العمر، وفي الوقت نفسه انفصلت هيلمان عن خطيبها بعد شهور من وضع مولودها. وعرضت هوغارث على هيلمان أن تنتقل للعيش معها في المنزل لشهرين بعد أن باعت منزلها.
وتقول هوغارث، التي تبلغ من العمر الآن 49 عاما: “تملكني أنا وأطفالي حزن شديد وشعور بالوحدة بعد أن هجرني زوجي. لكن وجود شخص آخر معي في المنزل، يشعر بنفس الألم، وفر لي الدعم النفسي الذي أحتاجه”. وقد ساعدت هذه البيئة الصديقتين والأطفال في تجاوز المحنة.
وكانت هيلمان وهوغارث تخرجان معا وتنظمان حفلات وولائم، وكانت جارتهما الأم العزباء تنضم إليهما في عطلات نهاية الأسبوع.
وعاشت الصديقتان معا لسنتين. وألفت هوغارث كتابا عن تجربتها، وتقول: “هذا الوضع خفف عني الشعور بالإرهاق النفسي والبدني ولم أشعر بالوحدة. لقد شكلنا نموذجا أسريا بديلا لنموذج الأسرة التلقليدية”.
امرأة مستقلة تتولى زمام الأمور
قد لا يصلح السكن المشترك لجميع العائلات، لكنه قد يكون الحل للنساء المعيلات اللائي يبحثن عن جو أسري مختلف لأطفالهن وأنفسهن بعد غياب الأب.
ويقول كيلي رالي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة تكساس، إن الصحة النفسية للطفل مرهونة بالاستقرار الأسري، بغض النظر عن تركيبة الأسرة. لكن ترتيبات السكن المشترك المؤقتة للأمهات، قد تسبب مشاكل للأطفال، الذين ينجحون وتتحسن صحتهم النفسية في البيئات المستقرة التي تسودها علاقات ثابتة.
ويقول درياناني إن الكثير من العائلات لا تنسجم معا. ولهذا فإن العثور على شريكة السكن المناسبة يهيء البيئة الداعمة للأم العزباء.
وتقول هوغارث إن أطفالها كانوا أكثر سعادة ونشاطا عندما كانت صديقتها هيلمان، التي تعيش بمفردها الآن، تشاركها السكن، وتضيف: “كان أطفالي يفتقدون وجود شخص بالغ آخر في المنزل يعوضهم عن غياب الأب ويشعرهم بالاطمئنان”.
وفي لوس أنجليس تتطلع بليك لمشاركة السكن للأبد مع رفيقاتها الأمهات العازبات، اللائي يوفرن لها الدعم المالي والأمان العاطفي في هذا المجتمع الصغير من الأمهات.
وتقول بليك: “في الخمسينيات من القرن الماضي، كان وجود الرجل في المنزل ضروريا، لكن الآن تنهض الكثير من النساء المعيلات بالمسؤولية بمفردهن”.
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Worklife

Exit mobile version