اخر الاخبار
ضربة جديدة لمحمد بن سلمان وهذه المرة من المثليين جنسيا
كما أسلفت في مقال سابق، إن مؤسسة السلطة في الولايات المتحدة تبذل قصارى جهدها لنقل المملكة العربية من قائمة الحلفاء إلى قائمة الأعداء، حتى تستخدم صلتها بالرئيس الأمريكي لعزله. كانت الخطوة الكبيرة الأولى هي التحقيق في مزاعم تمويل الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من الخارج، وبعد فشل التحقيقات في إيجاد أدلة عن أي صلات…
كما أسلفت في مقال سابق، إن مؤسسة السلطة في الولايات المتحدة تبذل قصارى جهدها لنقل المملكة العربية من قائمة الحلفاء إلى قائمة الأعداء، حتى تستخدم صلتها بالرئيس الأمريكي لعزله. كانت الخطوة الكبيرة الأولى هي التحقيق في مزاعم تمويل الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من الخارج، وبعد فشل التحقيقات في إيجاد أدلة عن أي صلات بروسيا، تحولت تلك التحقيقات إلى الخليج، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وقطر. وأعتقد أن ذلك سوف يكون التهديد الأساسي لترامب، لكن تلك الاتهامات سوف تظهر لاحقا، حينما تنضج صورة السعودية كـ “عدو لدود” أمام الرأي العام الأمريكي.أما الخطوة الكبيرة الثانية فكانت حملة الاتهامات ضد المملكة العربية السعودية بتسليم الأسلحة الأمريكية إلى تنظيم القاعدة، وهنا بدأت مرحلة تشويه صورة المملكة على نحو مؤثر، بتحويلها من حليف للولايات المتحدة الأمريكية إلى حليف للقاعدة.ومنذ أيام ظهرت قضية جديدة تخص دعم ترامب لإنشاء محطة نووية في المملكة العربية السعودية، وهو ما بدا أنه قد يؤدي إلى امتلاك القدرة على صنع أسلحة نووية لمن يشتبه في أنه عدو للولايات المتحدة الأمريكية!! وفتح الكونغرس الأمريكي تحقيقا في هذه القضية، التي لا شك سوف تتفاعل في المستقبل.لكن الحديث اليوم يدور عن أمر جد مختلف.فقد أعلن الرئيس الأمريكي مؤخرا عن إطلاقه حملة لدعم المثلية الجنسية في العالم، ووضع حد لتجريم المثلية الجنسية في عشرات البلدان، التي لا تزال تجرّمها وتنبذها، وإطلاق حرية التظاهر للمثليين (بما في ذلك المسيرات المثلية الشهيرة) في تلك البلدان. بالطبع فإن الدول العربية سوف تكون في صدارة الدول التي تستهدفها هذه الحملة، وكذا جهود الولايات المتحدة الأمريكية بهذا الصدد. Globallookpress Arnulf Hettrich جانب من مظاهرة المثليين الجنسيين في برلين (يوليو-2018)ومهما كانت درجة التندر التي يمكن أن تصيب القارئ العربي من مجرد التفكير في ذلك، إلا أن التهديد بتنفيذ أهداف الحملة على أرض الواقع حقيقي للغاية. أولا، نحن نعرف الآن أن الغرب لم يعد يرى في الأعوام الأخيرة جريمة أفظع ولا أشنع من الدفاع عن القيم المحافظة، ومنع المثليين من حقهم في تنظيم المسيرات في الشوارع، والدعاية لأسلوب حياتهم غير التقليدي. ثانيا، نحن نرى أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تهتم كثيرا بتبرير العدوان ضد الدول الأخرى، بمعنى أن بإمكانها استخدام أي مبرر، مهما كانت سذاجته وضعف حجته ووجاهته إلى حد العبث. فكان اتهام شركة هواوي بتسليم أجهزة إلى إيران سببا كافيا للوقوف أمام الثورة التكنولوجية في الصين، وكان التدخل الروسي الوهمي، بلا أدلة، في الانتخابات الأمريكية سببا كافيا لفرض حصار على روسيا، بل والتجرؤ بإعلان أن السبب الحقيقي وراء الحصار هو أن روسيا “تمثل تحديا للنظام العالمي”، أما فنزويلا فإن التدخل الأمريكي هناك هو تدخل سافر ومباشر، ويحدث بلا مبرر بالأساس. إقرأ المزيد لم أصبح الإنسان العربي “إرهابيا قبيحا متعطشا للدماء”؟ لكن الخطر الحقيقي بالنسبة للعرب يكمن في أن تلك القضية تمثل خطا أحمر يستحيل التنازل عنه، لا لارتباطها بقانون وضعي من الممكن تغييره أو الاستغناء عنه، وإنما لارتباطها، وبشكل أساسي، بالشريعة الإسلامية الموجودة في دساتير وثقافات هذه الدول، يرتبط وجودها بوجود وهوية هذه الدول. وللسماح بأمر كهذا سوف يتعين على أي دولة عربية التخلي عن الشريعة الإسلامية كمصدر من مصادر التشريع في الدولة، أو بمعنى آخر التخلي عن الصبغة الإسلامية للدولة/المملكة.فإذا أرادت الولايات المتحدة الأمريكية استفزاز دولة ما للحصول على رد فعل عنيف يصلح مبررا للعدوان، فليس أسهل ولا أوضح من طرح قضية كهذه. كم يشبه ذلك ما يفعلونه مع روسيا حينما يلوحون برفع الحصار عنها، إذا ما تخلّت عن شبه جزيرة القرم، وهو أمر لن يحدث أبدا، وتحت أي ظرف من الظروف. فإذا أرادت الولايات المتحدة الأمريكية أن تبدأ المملكة العربية السعودية في “الكشف عن وجهها المعادي لأمريكا”، فلن يكون هناك سوى مطالبتها بما لا يمكن الموافقة عليه.وإذا كان من الممكن إنهاء قضية مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، بمعاقبة الجناة، والتغاضي عن قضية وصول الأسلحة الأمريكية لأيادي القاعدة بإنكارها، وربما معاقبة أي أحد، وغض الطرف عن التمويل السعودي للحملة الانتخابية بدفع مزيد من الأموال، فإن قضية التخلي عن الشريعة الإسلامية لا تحتمل سوى المواجهة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وجها لوجه، وأعتقد أنها سوف تصبح إحدى القضايا الشائكة على جدول أعمال العلاقات الثنائية الأمريكية السعودية. إقرأ المزيد السعودية تنافس روسيا على لقب “العدو الأول” لأمريكا يأتي استخدام الرئيس، دونالد ترامب، لهذه الحملة من أجل هدفين: فهو أولا، يوسع من خلالها قاعدته الانتخابية في الداخل الأمريكي، باللعب على وتر الأقليات ذات الميول الجنسية غير التقليدية، ليضع الديمقراطيين أنفسهم في مأزق حتمية دعم الرئيس الذي “يسرق” أجندتهم، وثانيا، فهو يستخدمها كأداة للضغط على دول خارجية. فليس سرا أن تلك الحملة تأتي في أعقاب الحكم بالإعدام على مثليّ جنسي في إيران، ومن غير المستبعد أن تشن الولايات المتحدة الأمريكية حربا ضد إيران، بدعوى إنقاذ المثليين الجنسيين الإيرانيين من براثن الحكم الديني. لكن سخرية القدر أن إيران والسعودية تتشاركان نفس الخندق إذا ما نظرنا إلى قضية المثلية الجنسية تحديدا، وسوف يطال الصراع من أجل حقوق المثليين بالضرورة السعودية بنفس القدر الذي سيطال به إيران. فقد وضع ترامب نفسه في مصيدة، ولن يتوانى أعداؤه في الداخل عن استخدامها ضده، وسوف يضرب الديمقراطيون ترامب في نقاط ضعفه، وإحدى هذه النقاط الآن هي المملكة العربية السعودية، التي تعتبر الإسلام ملاذا أخيرا تدافع عنه، حتى ولو اضطرت في ذلك إلى مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، ولن تسمح بالمثلية الجنسية مهما كان الثمن.وإذا كانت الهستيريا الإعلامية حول التدخل الروسي الوهمي في الانتخابات الأمريكية قد انتشرت في نصف العالم، فيمكن استنتاج مدى انتشار الهستيريا الإعلامية بصدد قمع المثليين الجنسيين، خاصة وأن اتساع انتشار هذه الهستيريا على مستوى الرأي العام الأمريكي يجعل من القضية دعما حقيقيا لترامب. ولك أن تتخيل، عزيزي القارئ، وصول بعض المواطنين الأمريكيين إلى مدينة الرياض مثلا في أوج هذه الهستيريا، وقيامهم بمسيرة للمثليين الجنسيين…ترى ما الذي يمكن للسلطات السعودية أن تفعله بهذا الشأن؟ وكيف سترد الولايات المتحدة الأمريكية؟حينها سيصبح ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بين مطرقة الولايات المتحدة الأمريكية، وسندان الشعب السعودي. كم هو صعب أن تكون حليفا لأمريكا في هذا الزمان …المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروفالمقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة