اخر الاخبار

الشركات الكبرى.. ومواسم "الدول المتحركة"!

Published

on

 

وقد أطلقت تسميات عديدة على هذه الشركات الكبرى منها الشركات العالمية، والشركات العابرة للقارات، والمتعددة الجنسيات، والفوق وطنية وقومية.

هذا النوع من الشركات يسيطر في العادة على تجمع كبير من المؤسسات في دول عدة، يمتلك طاقات إنتاجية ضخمة، وينفذ عمليات متشعبة وشائكة في بلدان أخرى خارج البلد الأم، ويزاول نشاطاته المختلفة في ست دول على الأقل.

وتقول التقارير إن أكثر من 40 ألف شركة عابرة للقارات بأحجام مختلفة انتشرت  في عدد كبير من الدول، وكان الدافع الأولي هو البحث عن يد عاملة رخيصة لخفض التكاليف وزيادة الأرباح، إضافة إلى غزو الأسواق الخارجية، بالترويج لسلعها ومنتجاتها وخلق ثقافة استهلاك مواتية.

وتقدر تقارير أخرى عدد الشركات العالمية الكبرى بنحو 65 ألف شركة، تتحكم في القسم الأكبر من الاقتصاد العالمي وتتوزع استثماراتها بين القارات، وقد بلغت نسبة سيطرتها على التجارة العالمية على سبيل المثال عام 2007، الثلثين.

هذه الشركات كما تؤكد الإحصاءات تتضخم باستمرار، ويزداد انتشارها ونفوذها الاقتصادي والسياسي وخاصة في العالم الثالث، وفي الدول الفاشلة تحديدا.

وفي الغالب، يتحول نفوذ هذه الشركات العملاقة الاقتصادي إلى نفوذ سياسي من خلال لوبي قوي يؤثر على أصحاب القرار في البلد الأم، وفي مراكز صنع القرار في الدول الكبرى، وفي الغالب تنصت الحكومات باهتمام في الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة وأوروبا إلى مطالب ونصائح هذه الشركات وتعمل بموجبها لأن مصالح الطرفين في الغالب بالنسبة للخارج لا تتجزأ.

والحكومات الغربية لا تتورع عن خوض الحروب وتنفيذ عمليات غزو مباشر أو تعمل على الإطاحة بأنظمة غير مرغوب فيها في الدول التي تتعرض فيها مصالح الشركات الكبرى للخطر، كما حدث مع رئيس وزراء إيران الأسبق محمد مصدق حين أمم النفط وقضى على امتيازات بريطانيا النفطية ما دفع الاستخبارات البريطانية إلى طلب عون وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وترتيب انقلاب عام 1953  ضد مصدق.

يمكن القول إن نفوذ الشركات العابرة للقارات تضاعف في الوقت الراهن مع زيادة قوتها المالية وحصتها من التجارة الدولية، وبات هذا النفوذ لا يعتمد فقط على آذان الحكومة في البلد الأم، بل أصبحت هذه الشركات تتحرك على الأرض في الدول الخارجية بحرية أكبر مع انهيار السلطات الوطنية المحلية وانقسامها في عدد من الدول الغنية بالثروات الطبيعية.

وعلى سبيل المثال، كان مدراء شركة إيني الإيطالية الكبرى التنفيذيون يقفون أمام خيمة القذافي لحل القضايا الخلافية ومواجهة الصعوبات الطارئة، إلا أن الشركة بعد سقوط النظام السابق وانتشار الفوضى في البلاد باتت ترسل الوفود إلى مراكز القوى في البلاد شرقا وغربا وجنوبا، وتقدم المساعدات النقدية والعينية هنا وهناك بل يتدخل مديرها التنفيذي في حل مشكلة انقطاع الكهرباء، بالتعهد بإنشاء “محطات جديدة لتوليد الطاقة الكهربائية للمساهمة في حل أزمة الكهرباء في ليبيا”، إضافة إلى المساهمة في إطفاء الحرائق في مستودعات الوقود، بل وصيانة أجهزة طبية في أحد المستشفيات.

وبذلك تحوّلت هذه الشركة النفطية العملاقة بشكل ما إلى ما يشبه الحكومة المتحركة التي لم تعد تكتفي بالهمس في أذن السلطات في روما، بل تحاول أن تلتف على الفراغ السياسي في ليبيا، وتنسج بنفسها علاقات خارجية عبر خطوات وإجراءات لا تمت إلى مجالها الاقتصادي بصلة.

المصدر:  وكالات

Source: arabic rt

Exit mobile version