اخر الاخبار

الحافلة التي وقودها أحلام الأطفال

Image caption الحافلة التي اصبحت مأوى لأسرة نازحة للدخول إلى هذه الحافلة طقوسه، فعليك بعد الحصول على إذن ساكنيها أن تخلع حذائك وتصعد إليها. ولن يستغرق منك التجول فيها ومعرفة تفاصيلها سوى بضعة ثوان، فقد حولت أم محمد الحافلة الخارجة عن الخدمة إلى مقر إقامة متواضع لها ولأولادها الأربعة. ربما كانت هذه الحافلة يوماً ما…

Published

on

Image caption

الحافلة التي اصبحت مأوى لأسرة نازحة

للدخول إلى هذه الحافلة طقوسه، فعليك بعد الحصول على إذن ساكنيها أن تخلع حذائك وتصعد إليها.

ولن يستغرق منك التجول فيها ومعرفة تفاصيلها سوى بضعة ثوان، فقد حولت أم محمد الحافلة الخارجة عن الخدمة إلى مقر إقامة متواضع لها ولأولادها الأربعة.
ربما كانت هذه الحافلة يوماً ما فعلا “الممتازة” كما كتب عليها صاحبها الذي هجرها في أحد حقول الزيتون ببلدة أرمناز بريف إدلب الشمالي، لكنها بالتأكيد اليوم ليست كذلك، فقد أزيلت جميع مقاعدها.

وفي نهاية الحافلة التي يبلغ طولها 12 متراً وعرضها متران ونصف متر علقت أم أحمد بطانية حمراء تخفي خلفها الأشياء الخاصة بأهل البيت.
فعندما هربت أم محمد وأولادها من قرية “الشريعة” في سهل الغاب بريف محافظة حماة خوفاً من القصف الذي دمر منزلها وقتل زوجها، لم تأخذ معها شيئاً. كان همها الوحيد أن تنجو مع عائلتها من الموت.
وصلت إلى بلدة أرمناز هنا فلم تجد خيمة تأويها ولا تملك الإمكانيات المادية لاستئجار مسكن.

Image caption

آلاف الأسر تعيش في العراء في محافظة إدلب

حرمان تام
تقول: “قبلي كانت تعيش في هذه الحافلة سيدة مع أطفالها، وفور مغادرتهم انتقلت إليها، فالوضع هنا أفضل من النوم تحت أشجار الزيتون”.
تضيف لـ بي بي سي عربي: “نشعر بالحرمان من كل شيء، المقاعد أكلتها الفئران التي لا يمر يوم إلا وتنقض علينا قرابة خمسة منها”.
وضعت أم محمد ستائر على نوافذ الحافلة، هي ليست ستائر حقيقة بل بطانيات قديمة ممزقة قامت بتعليقها على نوافذ الحافلة المحطمة كي تخفف عنهم أشعة الشمس وتحميهم من رياح الشتاء قليلاً.
سحبت أم محمد إحدى الستائر وطوتها، فقد حان موعد نشر الغسيل حيث قامت بتعليقه مكان الستارة.
مهمة تنظيف الغسيل المتسخ تأتي دائما بعد قيامها بتحميم أطفالها تحت إحدى الأشجار، المهمة التي تفضل أم محمد القيام بها مرة في الشهر.

Image caption

الاطفال يتخيلون السفر بالحافلة الى أماكن لم يروها في حياتهم

ربما الحرمان من الحمام هو أبسط الأمور التي تفكر فيها أم محمد في ما يتعلق بأطفالها الذين توقفوا عن الذهاب إلى المدرسة، بعد النزوح “الأمر الذي يؤلمني ويحز في نفسي” تقول أم محمد.
ليس أطفالها فقط من تركوا المدارس، فبحسب أرقام لليونيسيف يوجد في سوريا أكثر من مليوني طفل أي أكثر من من ثلث الأطفال السوريين خارج المدرسة، و1.3 مليون طفل معرضون لخطر التسرب من المدارس.
تتابع أم محمد كلامها عن منزلها وحياتها فيه، بينما كانت تجمع الحطب لتشعله وتحضر عليه طعام الغداء، تقول “الحرمان الذي أراه في عيونهم هو ما يقتلني، لكن همي اليوم كبير يجب أن نحمي أنفسنا من الهلاك، وأولهم أنا، أفكر فيهم في حال تعرضت لمكروه فمصير أطفالي التشرد”.

جهازك لا يدعم تشغيل الفيديو

“ضربة إدلب المزدوجة “: ماذا حدث ؟ ومن يتحمل المسؤولية؟
هل رفعت الغارة الأمريكية على إدلب الحرج عن تركيا؟
روسيا تعلن وقف إطلاق النار في معقل المعارضة السورية في إدلب
حظ أفضل
ويجد أطفالها الجلوس في نافذة الحافلة الأمامية متنفساً لهم، حتى أنهم يعتبرون أنفسهم محظوظين لأنها فرصة لا تتاح للآخرين بحسب تعبيرهم.
يقضون ساعات طويلة على تلك النافذة، يتفرجون على أشجار الزيتون المنتشرة على مد النظر، قبل أن يأتي أصدقاء لهم من تحت إحدى الشجر للعب معهم.
فأطفال أم محمد أوفر حظاً من أصدقائهم الذين ينامون تحت أشجار الزيتون، حيث نزح الآلاف في الشهور الأخيرة من مختلف مناطق ريف حماة إلى ريف إدلب الشمالي، نتيجة القصف الذي استهدف منازلهم.
يتناوب الأطفال على لعب دور سائق الحافلة، قواعد هذه اللعبة بسيطة، لكل طفل خمس دقائق فقط يقضيها على كرسي السائق.
يجلس الطفل السائق وراء المقود وهو يصدر أصواتاً شبيهة بهدير الباص ويقودها إلى مكان يتمناه، ويتفق عليه مع البقية قبل الانطلاق.
هنا قاطعت لعبهم أم محمد وقالت بلهفة طفل صغير يتمنى أن يشاركهم هذه اللعبة: “لو كان الأمر بيدي، لانطلقت بهذه الحافلة لآخر بقعة في العالم، إلى مكان لا نسمع فيه تحليق الطائرات ولا انفجار القذائف، إلى مكان نشعر فيه بالأمن والأمان”.

Exit mobile version