أخبار متفرقة
هل تركنا يسوع عندما صعد إلى السماء؟
إن العالم السماوي ليس مكاناً مختلف عن عالمنا الدنيوي وحسب بل يُمثل طريقة وجود جديدة: العيش مع الثالوث. كان يسوع أوّل من “افتتح” السماء للطبيعة البشريّة عندما ارتفع من جبل الزيتون نحو والده، بعد أربعين يوماً على قيامته. قبل صعوده، لم تكن السماء موجودة بالنسبة لنا وبإدخال يسوع الطبيعة البشريّة في الحياة السماويّة يومها، حجز لنا مكاناً كما أكد لتلاميذه:…
بعد الصعود، لم يعد يسوع موجود معنا بالجسد. وعلينا أن نتقبل كما فعل الرسل غيابه الجسدي لنلحقه في طوقه نحو اللّه ونتبنى رغبته بالصعود نحو أبيه، أبانا، إلهه وإلهنا. وفي حين طوقنا للآب يحصل الآن في غياب جسد يسوع الملموس، بات كلّ شيء روحي. لكننا لا نصعد الى الآب دون يسوع، بل معه. بعد رحيله، يعيش الإبن معنا لكي يصبح طوقه الى اللّه طوقنا.
خلال الأيام الأربعين من الظهورات بعد الفصح، بقي يسوع قريباً من تلاميذه، يظهر عليهم وجهاً لوجه، بشكل ملموس جداً، لكنه لم يكن يعيش معهم. لكن القديس بولس يقول لنا انه أصبح “روحاً يُحيي”. فكيف نفهم هذه العبارة؟ هل باستطاعة روح أن تبقى خارجة عن أولئك الذين من الواجب أن يعطيهم الحياة؟ هل يستطيع التواصل معهم عن بعد؟ أوليس من الأفضل ان يعمل من داخل الأشخاص الذين يفتديهم بطريقة يكون هذا الفداء عمل اللّه والإنسان؟
كيف يُصبح يسوع في داخل تلاميذه؟ هذا هو عمل الروح القدس الذي حلّ بعد ظهورات الفصح (إذ بقي ملموسا لأن تلاميذه تمكنوا حتى الصعود من رؤية يسوع ولمسه باليد وتناول الطعام معه) فهو من أدخل يسوع اليهم يوم العنصرة. وفي الواقع، جعل يسوع من رحيله الى بيت اللّه شرط إرسال المؤيد الثاني، الروح القدس: “إنه خير لكم أن أذهب. فإن لم أذهب، لا يأتيكم المؤيد. أما إذا ذهبت فأرسله إليكم.” (يوحنا ١٦، ٧). ولذلك توقفت الظهورات عن التلاميذ ما أن صعد معلمهم الى السماء. ومنذ ذلك الحين، لم يعد المسيح خارجاً عنهم بل حيّ في داخلهم وهذا هو سبب الصعود في مسار الخلاص. فمع انتهاء ظهورات ما بعد الفصح، بدأت حياة المسيح فينا.