أخبار متفرقة

من هو مار ضومط؟ ارفعوا الصلاة لهذا القديس

كان وزيرًا وثنيًّا مضطهِدًا للمسيحيّين، فبعد إصابته بمرض المفاصل ترك الكفر وآمن بيسوع المسيح. كانت كلمة الله بالنّسبة إليه الطّعام والشّراب، فاستهان بالأكل. كثر حسّاده ومبغضوه، فبادلهم بالمودّة والاحترام. عزل نفسه عن عالم الفساد والظّلمة، فسلّم نفسه للصّلاة الدّائمة. طرد الشّياطين وخلّص الأرواح، فجذب المؤمنين إلى الله وردّهم عن الخطيئة. أنعم الله عليه بصنع الآيات،…

Published

on

كان وزيرًا وثنيًّا مضطهِدًا للمسيحيّين، فبعد إصابته بمرض المفاصل ترك الكفر وآمن بيسوع المسيح.

كانت كلمة الله بالنّسبة إليه الطّعام والشّراب، فاستهان بالأكل. كثر حسّاده ومبغضوه، فبادلهم بالمودّة والاحترام. عزل نفسه عن عالم الفساد والظّلمة، فسلّم نفسه للصّلاة الدّائمة. طرد الشّياطين وخلّص الأرواح، فجذب المؤمنين إلى الله وردّهم عن الخطيئة. أنعم الله عليه بصنع الآيات، فشفى المتألّمين من داء المفاصل. أزعج الحكّام والمسؤولين، فمات شهيد السّجن والرّجم.

كتب الأب زياد أنطون ر.م.م. في المركز الدائم للتنشئة المسيحية:

مَن هو القدّيس ضومط؟ هل هناك أكثر من قدّيس في الكنيسة الكاثوليكيّة يحمل هذا الإسم؟ وما هي الأشكال التي يظهر فيها إسم هذا القدّيس عبر التاريخ، في لغاتٍ وحضاراتٍ مختلفة؟  ماذا نعرف عنه، أين وكيف عاش؟ بماذا يشتهر، وكيف نمت عبادته وانتشرت في العالم؟ وما هي الكنائس والأديار التي شُيّدت على اسمه في لبنان والمنطقة؟

هناك أشكال مختلفة لإسم قدّيسنا، وهي: ضومط، ضوميط، ويُعرف باللاتنيّة بـDomitius أو Dometius وبالإنكليزيّة بـDomitian وبالفرنسيّة بـDomitian. وله أيضا أعياد عدّة. والسبب بكلِّ بساطة يعود إلى أنّ هناك أكثر من قدّيس يحمل نفس الإسم. كما أنّ الرزنامة الليتورجيّة تختلف بين كنيسة وأخرى، فيُعيّد الموارنة لمار ضومط  الفارسيّ الشّهيد، في 7 آب، بينما يُعيّد اللّاتين لمار ضومط، اسقف “هوي” في 7 نوّار. أمّا القدّيس المشهور في الشّرق الأوسط، عند الموارنة والرّوم الارتذوكس والكاثوليك، فهو “ضومط الفارسيّ” الشّهيد. وسنروي قصّته في هذا المقال.

القدّيسون الذين يحملون هذا الاسم، وحسب صفحة الانترنات catholic.org هم ثمانية:

القدّيس ضومط الفارسيّ، وقد استشهد في نصيبين، بلاد ما بين النهرين حوالي سنة 363 م.

القدّيس ضومط الفرنسيّ من “هوي”، مات سنة 560.

القدّيس ضومط، مؤسِّس دير بابرون Bebron، المعروف حاليًا بدير القدّيس رام-بارت Rambert de Joux. وقد ترعرع يتيمًا في مدينة روما. ثمّ اعتنق الحياة الرهبانيّة وانتقل ليعيش في دير في لوران Lerins، في فرنسا. تعيّد له الكنيسة الكاثوليكيّة في أوّل تموز. استشهد سنة 440.

القدّيس ضومط ورفيقه أوطيخا، استشهدا حبّا بالمسيح ودفاعا عن الإيمان المسيحيّ في أنسيرا Ancyra في فرنسا. تعيّد لهما الكنيسة الكاثوليكيّة في 28 كانون الأوّل. ونجهل بالتحديد تاريخ استشهداهما.

القدّيسان ضومط وهادلين. تلميذان للقدّيس لاندولينوس في دير “لوب” Lobbes في بلجيكا. تعيّد لهما الكنيسة الكاثوليكيّة في 15 حزيران. كان استشهداهما سنة 686.

القدّيس ضومط من كالون Chalons، فرنسا. خلفَ القديس دوناسيون Donation اسقفا على Chalons-sur-Mane في فرنسا. تعيّد له الكنيسة الكاثوليكيّة في 9 آب. توفيّ في الجيل الرّابع.

القدّيس ضومط.استشهد مع أكويلا، اسبارشيوس، بلجيا، وتودوسيا. كان فريجيّا. دخل ملعب مدينة قيصريّة، وأخد يحّثُ الشّعب على نكران إله روما الوثنيّة، وقبول المسيح المخلّص، الإله الحقيقيّ. ضُربَ عنقه بالسيف، فاستشهد سنة 361. تعيّد له الكنيسة الكاثوليكيّة في 23 آذار.

القدّيس ضومط. تنسّك في آمينس Amiens، فرنسا. كان كاهنًا، أو شمّاسًا خادمًا لكنيسة المسيح. مات في الجيل الثامن. تعيّد له الكنيسة الكاثوليكيّة في 23 تشرين الأوّل.

حسب البحث المتواضع الذي أجريت، وجدتُ عدّة قدّيسين في التقليد الكاثوليكيّ والأورثوذكسي يحملون اسم مار ضومط. وأشهرهم القدّيس ضومط الفارسيّ، وهو معروف في الشّرق، وبخاصّة في لبنان، وعلى اسمه كنائس وأديار عدّة. نذكر منها رعيّتين في أبرشيّة إنطلياس المارونيّة في النبعة-برج حمّود، وفي عين الخروبة، المتن. سبعة كنائس في أبرشيّة جبيل المارونيّة، في جدايل، شخنايا، ومشمش، وحبالين وأدونيس، وبلاط (حيّ مضاميط)، وأيضًا كنيسة أثريّة في إدّه. وفي أبرشيّة البترون المارونيّة، أيضا عدّة كنائس على اسم مار ضومط، في صورات، وطى حوب، جران، وتولا، ودوما. ومار ضومط في ساحل علما، ودير ومدرسة مار ضومط العقيبة، في أبرشيّة جونية المارونيّة. ورعيّة مار ضومط المارونيّة، نيابة صربا البطريركيّة، زوق مكايل، كسروان، جبل لبنان، وقد أسّست سنة 1728. وفي قضاء زغرتا رعيّتين مارونيّتين على اسم مار ضومط، في مزرعة التفاح، وفي الفوار.

وللرَّهبنة المارونيّة المريميّة دير على اسم مار ضوميط في فيطرون، كسروان. وقد أُسِّس سنة 1854، وألحق به فيما بعد مدرسة سنة حوالي سنة 1892. ودير ومدرسة مار ضومط لأباء الكرمل، في القبيات، عكار، شمال لبنان. ونذكر أيضًا مدرسة مار ضوميط الثانويّة للرَّاهبات الأنطونيّات، رومية، المتن، جبل لبنان. ورعيّة مار ضومط للرُّوم الاورثوذكس، في بترومين، شمال لبنان. وكنيسة مار ضومط الاورثوذكسيّة، جدايل، جبيل، جبل لبنان. وكنيسة مار ضومط الأثريّة، في منجز، قرب القبيات، عكار، شمال لبنان، التابعة لرعيّة رماح الاورثوذكسيّة. وفي سوريا دير مار ضومط، تلّ كلخ، وأربع رعايا للرّوم الاورثوذكس على اسم مار ضومط في المقعبرة، والمقعبرات، وحارة ضومط، وحارة محفوظ. ودير مار ضومط لأباء الكرمل، جبل الزيتون، القدس، إسرائيل.

وممّا نعرفه عن القدّيس ضومط الفرنسيّ Domitian de Huy، هو أنّه كان أسقف أبرشيّة ماستريخ Maastricht في هولندا. ويُعرف برسول وادي “ماز”Meuse بين فرنسا وبلجيكا. حضر سينودس أورلييون في فرنسا سنة 549. وكان مشهورًا بطيبته ومحبّته للمعوزين والفقراء. وقد تفانى في خدمتهم بخاصَّة خلال المجاعة القاسيّة التي اجتاحت بلاده في الجيل السادس. مات سنة 560 م.، وتعيّد له الكنيسة الكاثوليكيّة اللاتنيّة في 7 نوّار. تحفظ ذخائره بكلّ عناية وإكرام في “هوي” Huy. يطلب المؤمنون شفاعته بخاصّة للشّفاء من أمراض الحمى.

أمّا مار ضومط الفارسيّ، الشّهيد، فهاك سيرة حياته المتداولة عند الموارنة والأورثوذكس في الشّرق الأوسط”.

إنّه فارسيٌ وثنيّ عاش أيّام يوليانس الأريوسيّ، الجاحد في مدينة أمد. كان مِن بين الذين اضطهدوا المسيحيّين، لاسيّما رجال الدين منهم. أصيبَ بداء المفاصل الأليم، فاستفاق من غيّه، معتبرا مرضه دعوةً من الله إلى التوبة. فاعتنق الديانة المسيحيّة، وترك أهله ووطنه في فارس (إيران حاليا)، وأتى إلى مدينة الرُها (شمال العراق حاليا)، حيث ترهّب في أحد الأديار، وصار فيما بعد شمّاسًا. وعندما قرّر رئيسه أن يرقيّه إلى درجة الكهنوت المقدّس، اعتذر ضومط ورفض متواضعا أمام هذه المسؤوليّة الكبيرة. وهرب إلى مغارةٍ حيث تنسّك، متقشفا، تائبا، باكيًا خطاياه نحو ثلاثين سنة. وذاع صيته، وصار محطّ أنظار الكثيرين من الناس، وقدوة في التوبة والإيمان.

ومنحه الله قدرة صنع العجائب. فأتاه المؤمون من كلّ حدبٍ وصوب يطلبون الشِّفاء بشفاعته، بخاصّة من مرض داء المفاصل. عرف بقداسته ودفاعه عن الإيمان الكاثوليكيّ الحقّ الملك يوليانس، فأمر بسدّ باب المغارة عليه لكي يموت فيها. وهناك، حيث تنسّك وعاش زاهدًا بالدُنيا، مكرّسًا ذاته بكلّيته لربّه، استشهد برائحة القداسة سنة 363ميلاديّة. وحسب مراجع أخرى مات القدّيس الناسك، ضومط مستشهدًا مرجومًا بالحجارة مع اثنين من تلاميذه في مدينة نصيبين، في بلاد ما بين النهرين. ويذكر مرجع آخر (catholic.org) تاريخ استشهاده سنة 362.

صلاة:

لتكن، يا ربّ، أنتَ وحدك الخبز المحيي والماء الشّافي والخمر المُسكر، لأنّنا بك لا نجوع أبدًا، ولا نعطش أبدًا، بل ندخل الحياة الأبديّة بطهارة القلب وسلامة الجسد.

علّمنا يا ربّ، على مثال مار ضومط، أن نضع الصّلاة والإيمان والخشوع على رأس أولويّاتنا، فنحوّل اليأس إلى أمل والحزن إلى فرح والبغض إلى محبّة.

إجعلنا، يا ربّ، نزيل الخوف من أمام عيوننا وقلوبنا وأفكارنا، فنجاهر بإسمك القدّوس في كلّ حين، وبهذا شهادة حيّة ترفعنا إلى بيت القداسة السّماويّ.

Exit mobile version