أخبار متفرقة

كيف كانت علاقة المسلمين بالأقباط في فجر الإسلام؟

“الذمة” في اللغة هي العهد والأمان والضمان. وأهل الذمة هم المستوطنون في بلاد الإسلام من غير المسلمين, وسُموا بهذا الإسم لأنهم دفعوا الجزية فأمّنوا على أرواحهم وأعراضهم وأموالهم, وأصبحوا في ذمة المسلمين. وكانت تقاليد الإسلام تقضي بأنه إذا أراد المسلمون غزو إقليم وجب عليهم أن يطلبوا من أهله اعتناق الإسلام, فمن استجاب منهم طُبقت عليه…

Published

on

“الذمة” في اللغة هي العهد والأمان والضمان. وأهل الذمة هم المستوطنون في بلاد الإسلام من غير المسلمين, وسُموا بهذا الإسم لأنهم دفعوا الجزية فأمّنوا على أرواحهم وأعراضهم وأموالهم, وأصبحوا في ذمة المسلمين. وكانت تقاليد الإسلام تقضي بأنه إذا أراد المسلمون غزو إقليم وجب عليهم أن يطلبوا من أهله اعتناق الإسلام, فمن استجاب منهم طُبقت عليه أحكام المسلمين ومن امتنع فُرضت عليه الجزية،  كقول القرآن: “قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون” (التوبة 9).

وقد ورد في الحديث: يسعى بذمتهم أدناهم . وفسر الفقهاء ذمتهم بمعنى الأمان, وقالوا في تفسير عقد الذمة بأنه إقرار بعض الكفار على كفرهم بشرط بذل الجزية والالتزام بأحكام الملة. وعلى هذا يمكن القول إن عقد الذمة عقد بمقتضاه يصير غير المسلم في ذمة المسلمين أي في عهدهم وأمانهم على وجه التأييد, وله الإقامة في دار الإسلام على وجه الدوام. أما الداخلون في نطاق أهل الذمة فهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى وكذلك المجوس. وهؤلاء يجوز عقد الذمة لهم. وأما المجوس فقد ثبت جواز عقد الذمة لهم بالسنة القولية والفعلية. فقد قال محمد: سنوا بهم سنة أهل الكتاب.

أما المرتدون فلا يجوز لهم عقد الذمة إجماعاً. صرح بذلك الحنفية والمالكية. وعلّل الحنفية ذلك بعدة أدلة منها:

“تقاتلونهم أو يسلمون” (الفتح 6). فقد قالوا أن هذه الآية نزلت في أهل الردة من بني حنيفة.

المقصود من عقد الذمة ليس تحصيل المال بل التزام الحربي أحكام الإسلام فيما يرجع إلى المعاملات. وأحكام الإسلام لازمة على المرتد, فلا يكون الغرض من عقد الذمة إلا الحصول على مال الجزية, وهذا لا يجوز! وكأن الشارح يقول إن الجزية فُرضت على غير المسلمين دفعاً لهم على اعتناق الإسلام.

المرتد يستحق القتل إن لم يسلم وهذا ينافي عقد الذمة الذي يفيد العصمة للذمي. أما غير الحنفية والمالكية فإنهم وإن لم يصرحوا بما صرح به الأحناف والمالكية, إلا أن أهل العلم أجمعوا على وجوب قتل المرتد. وإن اختلفوا في وجوب استنابته قبل قتله. وعقد الذمة يتنافى مع وجوب القتل, لأن الذمة تفيد العصمة لصاحبها. والمرتد يستحق القتل فلا يجوز عقد الذمة له.

أما غير أهل الكتاب والمجوس والمرتدين. فقد اختلف الفقهاء في جواز عقد الذمة. إن القول الراجح في هذا البحث كما يلي:

يجوز عقد الذمة لجميع أصناف غير المسلمين, لا فرق بين وثني عربي وغيره – وهذا مذهب الأوزاعي ومالك, وظاهر مذهب الزيدية.

هنالك أمور كان على أهل الذمة اتباعها من حيث بناء الكنائس ومن حيث لباسهم وزيهم والدواب التي يركبونها وغير ذلك، مما يميز بينهم وبين المسلمين من الناحية الاجتماعية والأدبية.

في مصر، حسب ما ذكر موقع الانبا تكلا،  يذكر أبو يوسف أنه ينبغي أن تختم رقابهم في وقت جباية جزية رؤوسهم حتى يفرغ من عرضهم ثم تكسر الخواتم كما فعل بهم عثمان بن حنيف أن يسألوا كسرها وأن يتقدم في أن لا يترك أحد منهم يشتبه بالمسلمين في لباسهم ولا في مركبة ولا في هيأته وأن يجعل في أن أوساطهم الزنارات مثل الخيط الغليظ يعقد في وسط كل واحد منهم، وبان تكون قلانسهم مضربة وإنما يجعلوا شراك نعالهم مثنية ولا يحذوا حذو المسلمين، وتمنع نسائهم من ركوب الرحائل ويمنعوا من أن يحدثوا بناء بيعة أو كنيسة في المدينة إلا ما كانوا صولحوا عليه وصاروا ذمة وهي بيعة لهم أو كنيسة. ( فما كان كذلك تركت لهم ولم تهدم، وكذلك بيوت النيران، ويتركوا يسكنون في أمطار المسلمين وأسواقهم، يبيعون ويشترون ولا يبيعون خمرًا ولا خنزيرًا ولا يظهرون الصلبان في الأمطار ولتكن قلانسهم طولا مضربة.

ويذكر الماوردي أنه يشترط على أهل الذمة في عقد الجزية شرطان: مستحق ومستحب. أما المستحق فستة شروط أحدهما:

  1. أن لا يذكروا كتاب الله تعالى بطعن فيه ولا تحريف له.
  2. والثاني أن لا يذكروا رسول الله (ص) بتكذيب له ولا ازدراء.
  3. والثالث أن لا يذمون دين الإسلام بذم له ولا قدح فيه.
  4. والرابع أن لا يصيبوا مسلمة بزنا ولا باسم نكاح.
  5. والخامس أن لا يفتنوا مسلما عن دينه ولا يتعرضوا لماله ولا دينه.
  6. والسادس أن لا يعينوا أهل الحرب ولا يودوا أغنياءهم.

فهذه الستة حقوق ملزمة فتلزمهم بغير شرط وإنما تشرط إشعارًا لهم وتأكيد لتغيظ العهد عليهم، ويكون ارتكابها بعد الشرط نقضا لعهدهم. وأما المستوجب فستة أشياء:

  1. احدهما تغير هيأتهم بلبس الغيار وشد الزنا.
  2. والثاني أن لا يعلوا على المسلمين في الأبنية ويكونون أن لم ينقصوا مساويين لهم.
  3. والثالث أن لا يسمعوهم أصواتهم نواقيسهم ولا تلاوة كتبهم ولا قولهم في عزيز والسيد المسيح.
  4. والرابع أن لا يجاهروهم بشرب خمورهم ولا بإظهار صلبانهم وخنازيرهم.
  5. والخامس أن يخفوا دفن موتاهم ولا يجاهروا بندب عليهم ولا نياحة.
  6. والسادس أن يمنعوا من ركوب الخيل عتاقًا وهجاها ولا يمنعوا من ركوب البغال والحمير.

وهذه الستة المستحبة لا تلزم بعقد الذمة حتى تشرط فتصير بالشرط ملتزمة ولا يكون ارتكابهم بعد الشرط نقضا للعهد لكن يؤخذون بها إجباريا ويؤدبون عليها زجرًا ولا يؤدبون أن لم يشترط ذلك عليهم.

Exit mobile version