أخبار متفرقة

رسالة إلى مشروع ليلى وإلى اخوتنا المسيحيين

لتصبح بطلاً في عالم اليوم، عليك أن تخالف. خالف تعرف. هذا ما يقوم به الخطّ الليبرالي في العالم وما يحصل في لبنان ليس وليد الصدفة، فهناك تيّار معروف الهويّة بدأ في الغرب، وقح، والأمثلة كثيرة من اللجوء إلى القضاء في كولورادو عندما رفض رجل مسيحي صنع قالب حلوى لزواج مثليين، الى فرض تربية تسوّق لثقافة…

Published

on

لتصبح بطلاً في عالم اليوم، عليك أن تخالف. خالف تعرف. هذا ما يقوم به الخطّ الليبرالي في العالم وما يحصل في لبنان ليس وليد الصدفة، فهناك تيّار معروف الهويّة بدأ في الغرب، وقح، والأمثلة كثيرة من اللجوء إلى القضاء في كولورادو عندما رفض رجل مسيحي صنع قالب حلوى لزواج مثليين، الى فرض تربية تسوّق لثقافة تغيير الجندر في المدارس الرسمية، إلى مسيرات العري، ولسنا هنا بتعدادها جميعها، ففي عالم الانترنت كل شيء اصبح معروفاً.

لن يكون دخول هذه الموجة إلى لبنان مغايراً لمخططات التيار العالمي، فالهدف واحد، ضرب القيم.

وقف قسم من المسيحيين في لبنان في وجه إحياء حفل لمشروع ليلى في لبنان، وأصدرت الكنيسة موقفها إن عبر مطرانية جبيل المارونية، إن عبر المجلس الكاثوليكي للاعلام، ووصل الأمر الى اللجوء الى القضاء وتوجيه رسالة واضحة إلى القيمين على مهرجانات جبيل الدولية.

في الوقت عينه، علت أصوات مسيحية أخرى، استنكرت تعرّض )بعض مدّعي المسيحية برأيهم(، تعرّض هؤلاء لحفل موسيقي مما سيفتح الباب لكل طرف في لبنان بفرض شروطه على الاحتفالات وتقويض الحرية في لبنان، وبعد أن كان الصراع على مواقع التواصل في الأسابيع السابقة سياسي، اصبح الصراع فلسفي – روحي بين المسيحيين أنفسهم.

يتساءل المسيحي العادي، الذي لا يتابع مواقع التواصل، أو لا فكرة لديه بالعمق عمّا يحدث، يتساءل من يتبع؟ هل يتبع التيّار الكنسي وخلفه آلاف المسيحيين المعترضين على حفل موسيقي يسيء برأيهم ليسوع ومريم؟ أم يتبع التيار المسيحي الآخر المتقبّل، المنفتح!

منذ بدء حلقات الأب رمزي جريج على شاشة التلفاز، بدأت الأمور تتضح فعلياً عن وجود تيارين وسط الجماعة المسيحية، تيار يشبه فكر الأب جريج، وتيار صلب لا يقبل المساومة على العقيدة والتقاليد برأي أفراده.

ضاع المؤمنون، فأصدرت بكركي وثيقة روحية وكان للبطريرك الراعي رأيه في الموضوع، وظنّ البعض أنّ بصدور الوثيقة وتوقّف الأب رمزي عن برنامجه ستنسحر موجة الصراعات على فايسبوك وداخل الرعايا، إلّا أن جاء التحرّك لايقاف حفل مشروع ليلى ليعيد الى الواجهة صراعاً واضحاً لا بد للكنيسة من أخذه على محمل الجد.

لنفترض انّ التيار الرافض لحفل مشروع ليلى هو المحق، وفي المقابل هناك آلاف من المسيحيين الذين ليسوا مع مشروع ليلى، ولكن، يرفضون التعرّض للحرية العامة وأن يصبح المسيحيون “داعشيون” برأيهم، وسط هذه المعمعة، على الكنيسة أن تبادر فوراً الى الاستماع الى الرأيين، فالجميع أولاد الكنيسة، وإن بدا ظاهراً أنّ الكنيسة تدعم التيار المحافظ في قضية مشروع ليلى، جاءت وثيقة بكركي وكأنها تدعم التيار المتحرّر ضد التيار المحافظ.

إني فقط اعرض مسألة اصبحت تشكل خطراً على الخراف، ليست الكنيسة مسؤولة عن هذا الأمر، بل هناك تيارات فكرية دخلت لبنان عبر مواقع التواصل وبعض الجماعات، فبدا وكأنّ القطيع مقسوم الى تيارين، محافظ ومتحرّر، ومن واجب الكنيسة احتضان خرافها الذين ينتمون الى التيارين، بغض النظر من الذي يمتلك الحقيقة، أم اذا كان الطرفان على خطأ.

نعم، هناك حملة واضحة لضرب القيم في لبنان، ومع كامل الاحترام للمسؤولين عن مشروع ليلى، والكنيسة لا تدين الاشخاص، بل وضعت الاصبع على الجرح لتقول إنّ ما يسوّقه هؤلاء غير مقبول، وهو معارض للقيم الدينية والاخلاقية التي بني عليها المجتمع اللبناني.

قالت الكنيسة كلمتها، وما تقوله الكنيسة على الخراف الالتزام به، أي أنّ هذه المسرحية قائمة على مهاجمة القيم والدين المسيحي، ولكن، لم نر في بيان الكنيسة تحريض، ولم تدعو الكنيسة الى التظاهر وقطع الطرقات، وهنا، على الجميع وكما وقفت الكنيسة الى جانب قضيتهم، عليهم الالتزام بخط الكنيسة العالم، أي، الكنيسة لم تدعو يوماً الى التظاهر، ولا تدعو مؤمنيها الى الإدانة على مواقع التواصل، ولا إلى فتح ابواب جهنّم على هذا أم ذاك.

فلنصلّي كي تحمي مريم لبنان من تيارات فلسفية واجتماعية وفنية ذات أجندة واضحة، ونصلي أيضاً كي لا يصبح تحرّكنا كمسيحيين عاطفي ومتهوّر، ومن المعروف أنّ الرب سلّم بطرس وخلفاء بطرس “مفاتيح السماء” أي مسألة الحلّ والربط، وليس من صلاحيّة المؤمن فتح باب الجحيم ليرمي فيه هؤلاء الذين يخالفونه الرأي، بل مفروض عليه الصلاة للخاطىء كي يتوب.

Exit mobile version