أخبار متفرقة

رسالة أمل لكلّ مريض ولأهله من فتاة عانت الكثير وأرادت مشاركة تجربتها

كلوتيلد أوبي فتاة في ربيع العمر تعيش حياة مراهقة مليئة بالحماسة والتّجارب التي يمرّ بها كل من هم في سنّها. ولكن كلوتيلد لم تكن تعلم أن حياتها ستنقلب رأسًا على عقب. فبدل أن تذهب إلى المدرسة الفرنسية في فيينا واستكمال دراستها كباقي أصدقائها باتت المستشفى المكان الوحيد الذي ترتاده الشّابة النّمساوية. لن تنسى كلوتيلد ذاك…

Published

on

كلوتيلد أوبي فتاة في ربيع العمر تعيش حياة مراهقة مليئة بالحماسة والتّجارب التي يمرّ بها كل من هم في سنّها.

ولكن كلوتيلد لم تكن تعلم أن حياتها ستنقلب رأسًا على عقب. فبدل أن تذهب إلى المدرسة الفرنسية في فيينا واستكمال دراستها كباقي أصدقائها باتت المستشفى المكان الوحيد الذي ترتاده الشّابة النّمساوية.

لن تنسى كلوتيلد ذاك الصّباح من شهر تشرين الأول أوكتوبر حيث ضربها مرض الوهنْ العضلي الوبِيل وهو إضطراب مزمن سببه إختلال مناعي ذاتي في جسم الإنسان يؤثر على الأعصاب المسؤولة عن إحساس العضلات محدثاً  انهيار في الاتصالات الطبيعية بين الأعصاب والعضلات، مما يسبب حدوث حركات لا إرادية وغير طبيعية وعادة ما تظهر على عضلات الوجه وتغير من تعابير الإنسان الطبيعية.

عندها بدأت رحلة كلوتيلد مع المرض. مرّ عامان والشّابة النّمساوية تتخبّط مع الألم في المستشفى. كم كانت طويلة ساعات الإرهاق والألم المزمن وكم كان من الصّعب ترقّب أخبار الأطباء الجّيدة منها والسّيئة. مرّ عامان وكلوتيلد تناضل في وجه ذلك المرض آملة بالعودة إلى حياتها الطّبيعية.

على الرّغم من آلامها الفادحة تمكنّت كلوتيلد من الثّبات في إيمانها والأمل بأن الغد سيكون أفضل. المرض الذي تمكّن من جسدها عَجز عن سلبها روحها المرحة.

موقع أليتيا أجرى مقابلة مع كلوتليد التي قدّمت شهادة مؤثرة لا شك ستمسّ كل من يعانون من مرض مزمن وكل من يختبرون قوّة إيمانهم.

بدايةً هل وضع المرض إيمانك على المحك؟

خلال الأشهر السّت الأولى كان الموقف صعبًا للغاية. ففي تلك الفترة لم نكن نعلم طبيعة المرض الذي أعاني منه. ومع ذلك لم أشك يومًا بإيماني. حتّى وفي أقصى درجات الألم لم أقل أن الله غير موجود. بالحقيقة لقد حدث أن تمرّدت على النّاس الذين كانوا ينظرون إليّ بنظرات الشّفقة والذّهول لرؤيتهم ما قد حلّ بي إلّا أنّي لم أتمرّد يومًا على الله. كنت أمرّ بركود روحي إذا صحّ التّعبير. في تلك الفترة كنت أفكر في نفسي أن الله قادرٌ على فعل أي شيء من أجلي!! ووصل ذلك اليوم الذي علمت به أنّي مصابة بمرض الوهنْ العضلي الوبِيل الذي سيرافقني مدى الحياة. في تلك اللّحظة أدركت أن الله موجود إلى جانبي منذ البداية حتّى لو لم أكن أشعر بذلك.

ففي لحظات ضعفي ومعاناتي وعندما كان الألم في أقصى درجاته لم أشعر أبدًا أني بمفردي. من الصّعب جدًّا وصف هذا الشّعور. شعرّت وكأن الله يحملني بين ذراعيه.

هذه المشاعر أعادت إلى ذاكرتي قصّة الرّجل الذي وقف أمام الله يلومه لعدم تواجده إلى جانبه في أصعب أيام حياته. عندها كشف الله للرجل شريط حياته على شكل طريق من رمال تظهر عليها آثار لأربع خطوات. إثنتان تعودان للرّجل والأخريتان لله. وأثناء مشاهدة الرّجل شريط حياته لاحظ وجود آثار خطوات الله إلى جانبه فقط في الأيام السّعيدة وغيابها في الفترات الصّعبة. فما كان على الرّجل سوى سؤال الله عن سبب غياب آثار خطواته. فأجابه الله:”إن الخطوات التي تظهر خلال مرورك بصعاب لا تعود لك بل هي خطواتي أنا عندما كنت أحملك!”

كنت أشعر أن الأمر ذاته يحدث معي. بالحقيقة لقد ساهم المرض بتحويل إيماني من إيمان تلك الطّفلة الصّغيرة إلى إيمان فتاة ناضجة.

قبل معاناتي مع المرض كنت أذهب إلى القدّاس لأنّي اعتدت على ذلك منذ الصّغر. إلّا أن المرض جعل منّي مسيحيّة بالإختيار والقناعة.

قراءة نص البابا يوحنا بولس الثّاني عن المعاناة ساعدني على فهم كيفية عيش الألم بالقرب من الله. عندما يتألم الجسد نصبح أقرب إلى آلام يسوع على الصّليب. وبالتّالي يصبح للمعاناة وجه آخر أكثر عمقًا.

هل ساهم دعم عائلتك بتخفيف وطأة الألم؟

دعمهم لي كان غير محدود. وجود عائلتي وعدد من الأصدقاء إلى جانبي ساهم في عدم إنهياري بوجه أكثر المراحل صعوبة. لعبت أمّي الدّور الأبرز في دعمي حيث كانت موجودة إلى جانبي كلما زرت عيادة الطّبيب وكلما خضعت للعلاج في المستشفى. والأهم من كل ذلك وجودها الدّائم لمواساتي والإصغاء إليّ. كما ولعب إخوتي وأخواتي دورًا إيجابيًا خلال فترة المرض حيث تناوبوا على مساعدتي في التّنقل على الكرسي المتحرّك كما ونجحوا بإعادة البسمة والفرح إلى حياتي.

هل هناك من نصيحة تقدّمينها للشبان والشّابات الذين يواجهون المرض؟

أهمّ ما يمكن قوله هو أن لا يستسلموا أبدًا. يجب التّغلب عل المرض بصرف النّظر عن مدى شدّته. لدينا حياة واحدة فلنعشها بفرح وقوة رغم وجود المرض.

الصّبر هو أول ما على المرء اكتسابه عقب إصابته بالمرض. نحن ملزمون على تقبّل هذا الواقع الجديد وعلينا تحمّل أنفسنا وتحمّل الآخرين الذين قد يسببون لنا الأذى من خلال نظراتهم التي قد تنم عن شفقة أو غيرها من المشاعر المزعجة.

لا بد من معرفة الفرق الشّاسع ما بين أن تكون مريضًا أو أن تصاب بمرض. وجود المرض لا يعني سيطرته على عقل وجسد وروح صاحبه. إن المرض لا شك موجود ولكنّه يظلّ جزءا من الحياة لا الحياة بأكملها.

أتمنى على كل من يعانون من مرض التّحلّي  بالقوّة والثّقة بأنكم أقوى ممن يتمتعون بصحّة جيّدة. يجب إستنباط القوة من الضّعف. إن الله يقبل ضعفكم وعندما تتقبّلون بدوركم هذا الضّعف تتفتّح براعم القوّة في حياتكم.

ماذا تقولين لأهل المرضى ومن يشاركهم فترة الألم؟

لقد ساعدني المرض على معرفة الأشخاص الذين يمكنني الاعتماد عليهم. على الرّغم من قساوة تلك المرحلة إلّا أنها سمحت لي بالتّعرف على أشخاص رائعين. لذا أقول لكل المحيطين بالمريض أن يعوا جيّدًا أنه من الصّعب على المريض أن يتعرّض إلى خذلان من اعتبرهم محطّ اعتماد. هذا وعلى المحيطين بالمريض عدم التّردد بعرض  مساعدة عملية مثال الذّهاب في نزهة مع المريض أو مرافقته إلى عيادة الطّبيب أو إلى المستشفى. من السّهل جدًّا تقديم هذه المساعدات وهي تدخل الفرح إلى قلب من يتخبّط مع المرض من جهة وقلب من يقدّم المساعدة من جهة أخرى.

يجب أن تكون صبورًا ولبقًا مع المريض. قد يبدو هذا الأمر صعبًا إلّا أنه يكفي التّوجه إلى المريض بالقول: ” أنا هنا لذا لا تتردد بطلب المساعدة للقيام بأي شيء أو إن كنت بحاجة لمن تتحدّث معه.” من خلال هذه الطّريقة يتقبّل المرء وجود المرض رغم صعوباته في حياته اليومية دون تفويت فرصة عيش حياة طبيعية.

Exit mobile version