أخبار متفرقة

تدابير صارمة من الكنيسة القبطية على الرهبان والكهنة

نبيل القبطي قبل عام مضى لم يكن أحد يتخيل أن يتحول دير الأنبا مقار بوادي النطرون الذي اشتهر بكونه أحد مدارس الرهبنة الكبرى منذ تأسيسها، مسرحاً لجريمة قتل وأن يكون المجني عليه هو رئيس الدير وأن يكون الجناة حسب التحقيقات التي أجريت على يد الجهات المختصة هم اثنين من الرهبان بحسب ما نقلت صدى البلد.…

Published

on

نبيل القبطي

قبل عام مضى لم يكن أحد يتخيل أن يتحول دير الأنبا مقار بوادي النطرون الذي اشتهر بكونه أحد مدارس الرهبنة الكبرى منذ تأسيسها، مسرحاً لجريمة قتل وأن يكون المجني عليه هو رئيس الدير وأن يكون الجناة حسب التحقيقات التي أجريت على يد الجهات المختصة هم اثنين من الرهبان بحسب ما نقلت صدى البلد.

فعندما دقت الساعة الرابعة صباحا لم تكن أشعة الشمس قد استيقظت من نعاسها، في الوقت الذي كان يتحضر فيه الأسقف ابيفانيوس للتوجه إلى الكنيسة لصلاة التسبحة ومن بعدها القداس الإلهي، ولكن في الظلمة الخارجية وكعادة كل طقوس الخيانة كان المشهد الأخير، حيث تم الاعتداء عليه من الخلف بواسطة آلة حادة لتنهي كل شيء وتصعد روحه الطيبة إلى خالقها.

لم تكن الصدمة داخل الأوساط الكنسية فقط، ولكن امتدت إلى جميع أفراد المجتمع بل امتد الحديث عنها إلى خارج مصر باعتبار أن الأنبا ابيفانيوس أحد مشاهير علماء اللاهوت والحوار بين الطوائف المسيحية المختلفة، الواقعة التي هزت القلوب بسبب أن جميع أبطال حكايتها هم أشخاص يفترض فيهم أنهم تركوا العالم وكل ملذاته وتوجهوا إلى دير داخل الصحراء للتعبد، فكان السؤال الدائم ليس فقط من ارتكب الحادث ولكن كان السؤال الأهم .. لماذا؟.

واقعة القتل التي كانت على بعد نحو 100 متر فقط من “قلاية” رئيس الدير، اكتشفها أحد الرهبان عندما تعثر في الطريق ليجد نفسه أمام بركة من الدماء محاطة بجثمان الأب الأسقف، وبعد تحقيقات وتحريات واسعة تمت داخل الدير وخارجه تم تحديد المتهمين في القضية وإحالة أوراق وائل سعد تواضروس، المعروف باسم أشعياء المقاري سابقا، والراهب فلتاؤوس المقاري.

مياه كثيرة جرت في الكنيسة الأرثوذكسية بعد هذه الواقعة، وقرارات اتخذتها لجان المجمع المقدس لتنظيم الحياة الرهبانية، فيما قرر البابا تواضروس حظر استخدام صفحات التواصل الاجتماعي لجميع الرهبان.

القرارات لم تقف فقط عند صفحات التواصل الاجتماعي إنما امتدت أيضا إلى وقف رهبنة أو قبول أخوة جدد في جميع الأديرة القبطية الأرثوذكسية داخل مصر لمدة عام يبدأ من أغسطس 2018، ووقف أعمال إنشاء الأماكن التي لم توافق البطريركية على إنشائها كأديرة، مع عدم السماح بإنشاء أي أديرة جديدة إلا التي تقوم على إعادة إحياء أديرة قديمة، ويتم ذلك من خلال رعاية دير معترف به، إلى جانب إيقاف سيامة الرهبان في الدرجات الكهنوتية ( القسيسية والقمصية ) لمدة ثلاث سنوات.

كما تضمنت القرارات الالتزام بعدم حضور علمانيين على الإطلاق في الرسامات الرهبانية لحفظ الوقار والأصول الرهبانية الأصيلة، كذلك تستقبل الأديرة الزيارات والرحلات طوال العام باستثناء فترة صوم الميلاد والصوم الكبير فتكون أيام ( الجمعة والسبت والأحد ) فقط من كل أسبوع والتحذير من زيارة الأماكن غير المعترف بها وهي مسؤولية الإيبارشيات والكنائس، فضلا عن الاهتمام والتدقيق بحياة الراهب وإلتزامه الرهباني داخل الدير واهتمامه بأبديته التي خرج من أجلها ودون الحياد عنها.

كذلك حذر المجمع المقدس كل راهب من التجريد من الرهبنة والكهنوت إذا كان له أي ظهور إعلامي بأي صورة ولأي سبب وبأي وسيلة، او التورط في أي تعاملات مالية أو مشروعات لم يكلفه بها ديره، والتواجد خارج الدير بدون مبرر والخروج والزيارات بدون إذن مسبق من رئيس الدير، مع عدم السماح بحضور الاكاليل والجنازات للرهبان إلا بتكليف وإذن رئيس الدير بحد أقصى راهبين.

كما تم مناشدة جموع الأقباط بعدم الدخول في أي معاملات مادية أو مشروعات مع الرهبان أو الراهبات وعدم تقديم أي تبرعات عينية أو مادية إلا من خلال رئاسة الدير أو من ينوب عنه، فضلا عن تفعيل دليل الرهبنة وإدارة الحياة الديرية الذي صدر من المجمع المقدس في يونيو 2013 وهي مسؤولية رئيس الدير ومساعديه.

وفي الذكرى السنوية الأولى لرحيل الأنبا إبيفانيوس، أكد البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية خلال ترأسه صباح الاثنين قداس الذكرى السنوية الأولى أن الجميع في مصر وخارجها شهد للأنبا إبيفانيوس بحسن السيرة، كما أنه كان يحمل الرأي المعتدل ومحبوبا ومعروفا في كل مكان بمصر وخارجها، لافتا إلى أن المنصب لم يغيره ولكنه ظل على طبيعته وكان يبحث عن توبة حقيقية داخل قلبه، وأنه عاش بسيرة عطرة طوال سنوات عمره ولم يشعر بذلك إلا أصحاب القلوب القاسية.

وأضاف البابا تواضروس الثاني، أن الأنبا أبيفانيوس عاش أمينا في حياته، وعبر كل هذه الحياة وتفاصيلها كان يتمتع بالامانة في كل شيء، وأن حياة الأنبا أبيفانيوس أصبحت منارة في تاريخ الكنيسة، مؤكدا أن الكنيسة اليوم تنعم بشخصيته وبما قدمه من إنتاج وعظات وتعليم، ولكن الكنيسة اكتسبته شفيعا ومصليا من أجل الجميع، وأنه رغم أن سنواته في الأسقفية قليلة إلا أن عمله كان كبيرا وشهد له الجميع.

جدير بالذكر، أن الأنبا ابيفانيوس أسقف ورئيس دير القديس أبو مقار بوادى النطرون، ولد في 27 يونيو 1954 ورحل عن عالمنا عن عمر ناهز 64 عاما، ونال درجة الأسقفية عام 2013؛ وشغل منصب أسقف ورئيس لدير الأنبا مقار في وادي النطرون بمصر حتى وُجِدَ مقتولا صباح يوم 29 يوليو 2018.

الأسقف الراحل من مواليد مدينة طنطا بمحافظة الغربية شمال مصر، ودرس الطب. والتحق بالدير في 17 فبراير 1984، ورُسِمَ قسًا في 17 أكتوبر 2002، وانتُخب أسقفا ورئيسا لدير الأنبا مقار في مارس 2013.

Exit mobile version