أخبار متفرقة

اليوم خميس الجسد، عيد القربان الأقدس ماذا يعني هذا العيد؟

لبنان/ أليتيا (aleteia.org/ar) سرّ القربان المقدس. أي جسد المسيح ودمه اللذين سلمهما لكنيسته قوتاً روحياً، اي أن السيد المسيح منذ ليلة آلامه اعطى الكهنة بواسطة رسله سلطاناً ان يصنعوا سرّ جسده ودمه بالكلمات التي قالها بقوة الروح القدس.  وهذا يصير في جميع قداديس كهنة الدنيا بأسرها ولو قدسوا بوقت واحد، فإن جوهري الخبز والخمر يستحيلان بقوة…

Published

on

لبنان/ أليتيا (aleteia.org/ar) سرّ القربان المقدس. أي جسد المسيح ودمه اللذين سلمهما لكنيسته قوتاً روحياً، اي أن السيد المسيح منذ ليلة آلامه اعطى الكهنة بواسطة رسله سلطاناً ان يصنعوا سرّ جسده ودمه بالكلمات التي قالها بقوة الروح القدس.  وهذا يصير في جميع قداديس كهنة الدنيا بأسرها ولو قدسوا بوقت واحد، فإن جوهري الخبز والخمر يستحيلان بقوة كلام التقديس إلى جسد المسيح ودمه.

ولهذا دعاه المجمع التريدنتيني “استحالة جوهرية”. وهذا أمر يفوق العقل البشري. فلا يعود يبقى شيء من جوهرَي الخبز والخمر، بل اعراضهما بالطعم واللون والرائحة فقط…

ولما كان شرف هذا السرّ عظيماً جداً خصص له البابا اوربانوس الرابع عيداً في هذا اليوم. وذلك سنة 1264. ونقله من خميس الأسرار. لأن الكنيسة لا تستطيع ان تقدم له الاكرام ذلك اليوم لانشغالها بتذكار آلام المسيح، الذي له المجد.


حول عيد الجسد أو القربان اﻷقدس:

خميس الأسرار، وبحسب موقع عيلة مار شربل،  كان العيد الوحيد للقربان المقدّس. وفي سنة 1208 ظهر الرب يسوع للطوباويّة جولياني في بلجيكا ما بين سنة 1208 و 1210 وقال لها أن تباشر العمل بتأسيس عيد احتفالي كبير على إسم القربان المقدّس.

وفي بلجيكا أيضاً، كان هنالك شاب شمّاس من طلاب الكهنوت يدعى جاك بانتاليان وكان متحمّساً جداً لعبادة القربان. ومع مرور السنين وفي سنة 1261 أصبح هذا الشاب البابا واتخذ إسم قربانس الرابع وبقي حماسه للقربان مشتعلاً في صدره.

وفيما كان يمضي فصل الصيف في أورفياتّو في إيطاليا صادف هنالك وجود أحد الكهنة المشكّكين بحقيقة وجود يسوع في الإفخارستيّا يحتفل بالذبيحة ولمّا قدّس هذا الكاهن الخبز توقّف ونادى قائلاً:
هل هذا حقاّ أنت يا ربي؟

وإذا بالبرشانة المقدّسة تحمرّ ويسيل منها الدم حتّى تبلّلت الصمدة وأغطية المذبح..

وما زالت هذة الصمدة المخضّبة بدم المسيح محفوظة في علبة زجاجيّة في كاتدرائية أورفياتّو حتّى يومنا هذا.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأعجوبة ليست الأولى من نوعها. وعلى أثر هذه الأعجوبة أصدر البابا قربانس الرابع براءة رسوليّة في 11 آب 1264 عمّم من خلالها على الكنيسة جمعاء هذا العيد باسم عيد جسد المسيح. وأراد البابا نفسه وضع طلبة وزيّاح للقربان المقدّس فأتى بأقدس وأفضل راهبين أحدهما دومنيكاني ويدعى مار توما الأكويني شفيع ومعلّم الكنيسة وآخر فرنسيسكاني يدعى بون أفنتورا.

وطلب من كل واحد أن يضع صيغة للطلبة وللزيّاح، وتمّ تبنّي طلبة مار توما إذ كانت الأفضل ولا نزال حتّى يومنا هذا نردّد نفس الطلبة والتي تمّت ترجمتها لللغة العربية سنة 1881 من قبل المطران جرمانس فرحات.
في هذا العيد تنطلق زياحات القربان اﻷقدس بأبهى مظاهر اﻹكرام والخشوع والفرح في مئات آﻻف المدن حول العالم.

وهناك قصص ﻻ تحصى حول أعاجيب الحضور اﻹلهي الفعلي في القربان.

ومباركة الرب للمشاركين في عبادة سر جسده ودمه.

يشرح الأب رائد ابو ساحلية كاهن رعية العائلة المقدسة في رام الله أنّه وبعد عيد العنصرة احتفلنا بعيد الثالوث الاقدس ونحتفل بعده هذا الاسبوع بعيد جسد الرب أي عيد القربان الاقدس.. والهدف من هذه الاعياد المتلاحقة هو متابعة تعليم المؤمنين بأسرار الايمان المسيحي عن طريق هذه الاحتفالات الليتورجية السنوية .. فعن طريق الاحتفال الليتورجي يتم شرح عقيدة الايمان وعيشها.

وأنا استفيد من هذه الاعياد لكي أشرح بطريقة بسيطة وشخصية ما نعيشة في الليتورجيا.. وبالرغم من صعوبة الكثير من عقائد الايمان المسيحي فاني ازعم بأنه من الممكن تبسيطها وتوضيحها للمؤمنين آملا أن أكون على قدر المسؤولية، وهذا ماأسميه “تعميم اللاهوت” اي توصيل اللاهوت الى عامة الناس والى الجميع بصورة سهلة سلسة وبسيطة، أي أن ينزل اللاهوت من برجه العاجي العالي الى أرض الواقع العادي.

واليوم سأتحدث عن سر الافخارستيا بمناسبة الاحتفال بعيد الجسد:

1) يسوع ينبيء عن هذا السر: ونجد ذلك في خطاب خبز الحياة في الفصل السادس من انجيل القديس يوحنا اذ أن السيد المسيح بعد أعجوبة تكثير الخبز والسمكات انتقل الى مجمع كفرناحوم وهناك قام بنقلة نوعية من الخبز المادي الذي يأكله الانسان فلا يشبع الى الخبز الروحي فلا يجوع ابدا، والقضية ليست فقط معنوية ولكن حقيقية اذا ان السيد المسيح يؤكد “ان جسدي مأكلٌ حقاً ودمي مشربٌ حقاً” وبالرغم من استغراب الناس وحتى التلاميذ فانه يتابع بأنه “إن لم تأكلوا جسد ابن الانسان وتشربوا دمه فلن تكون لكم الحياة في أنفسكم”. ولا يتراجع يسوع عن جدية تصريحاته حتى بعدما انسحب الكثير من الجماهير لدرجة انه قال للتلاميذ “أتريدون انتم أيضاً أن تذهبوا مثلهم” عندها قال بطرس جملته الشهيرة “إلى أين نذهب يا رب وعندك كلام الحياة الابدية؟”

2) يسوع يؤسس سر الافخارستيا: في العشاء الأخير وفي العلية أسس السيد المسيح سر القربان الاقدس إذ أنه قام بنقلة نوعية أخرى عندما أخذ خبزاً وقال “خذوا كلوا هذا هو جسدي” وعندما أخذ الكأس وقال “خذوا فاشربوا هذه هي كأسُ دمي” ولكي يستمر العمل بهذا السر أسس سر الكهنوت إذ قال للتلاميذ “إصنعوا هذا لذكري”.

3) يسوع يحقق سر الافخارستيا: كان السيد المسيح جادأ جداً، فما أنبأ به في خطاب خبز الحياة، وما أسسه في العشاء الأخير حققه فعليا على جبل الجلجلةـ وبالذات على خشبة الصليب إذ قام بنقلة نوعية حقيقية من الحمل الفصحي الى حمل الله الحامل خطايا العالم، حيث قدم ذاته ضحيةً وذبيحةً فصحيةً فأصبح الكاهن والذبيحة والهيكل بنفس الوقت.. فأصبح هو فصحنا… أي أنه بذل نفسه في سبيل احبائه…

4) الجماعة المسيحية الاولى تكسر الخبز: في الفصلين الثاني والرابع من أعمال الرسل نجد كيف فهمت الجماعة المسيحية الاولى هذا السر المقدس، اذ اننا نقرأ “بأن جماعة الذين آمنوا كانوا قلباً واحداً ونفساً واحدة” وكانوا يجتمعون في يوم الاحد للصلاة وسماع تعليم الرسل وكسر الخبز.. وهذا يعني بأن الرسل طبقوا فعلياً تعليم السيد بخذافيره.. والدليل على ذلك هو تعليم القديس بولس الواضح في رسالته الاولى الى أهل كورنتس الفصل العاشر عندما يؤكد بأن اجتماعات المؤمنين ليست للأكل والشرب ولكن لاحياء ذكرى العشاء الاخير: “أليس الخبز الذي نكسره مشاركة في جسد المسيح؟ أليس كأس البركة التي نشربها مشاركة في دم المسيح؟ فاذا أكلنا من الجسد الواحد وشربنا من الجسد الواحد أصبحنا جسداً واحداً”.

5) اليوم في القداس نحن نعيد ونحتفل بسر الافخارستيا: نعم الى يومنا هذا ومنذ ألفي سنة نقوم تماما بما قام به السيد المسيح في العشاء الاخير وما حققه السيد المسيح على خشبة الصليب ولكن طبعاً بطريقة غير دموية لأن ذبيحة السيد المسيح الدموية كانت واحدة وأبدية أما احتفالنا بالقداس بسر الافخارستيا فهو احتفال حقيقي بجسد المسيح ودمه لأن بولس يؤكد بوضوح: “كلما اكلتم هذا الخبر وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب الى أن يأتي”.
إن هذا الاستعراض الكتابي التركيبي لفكرة سر القربان الاقدس تساعدنا على تقوية ايماننا بهذا السر العظيم الذي أراده المعلم بوضوح لكي يبقى معنا حاضرأ حضوراً حقيقيا، ويغذينا ويروينا جسدياً وروحياً، ويقوينا وسط صعاب ومشقات هذه الحياة.

طبعا ان الموضوع اوسع من هذا العرض السريع، فيمكننا أن نتحدث عن شروط التناول الجيد، وعن اقسام القداس الالهي، وعن مفاعيل وفوائد القربان الأقدس، وعن الاثار الروحية والانسانية والاجتماعية لتناول القربان الاقدس… ولكن اكتفي في هذا المقام ببعض الاعتبارات العملية المفيدة لحياتنا اليومية:

أ) القربان الاقدس هو سر الحضور الدائم لله بيننا: كما نرتل “تعال بيننا أقم عندما وخذ من قلوبنا لك مسكناً” ونحن نؤمن بالحضور الحقيقي وليس الرمزي فقط للمسيح بجسده ودمه ليس فقط اثناء الذبيحة وبعد كلام التقديس (التحول والاستحالة) ولكن أيضا بعد القداس في بيت القربان.. إنه يحضر، يحل، يقيم، يسكن، يبقى، يتجسد، يستمر فيما بيننا.. فيا له من شرفٍ عظيم لنا ويا لها من مسؤولية جسيمة؟!

ب) القربان الاقدس سر الاتحاد والوحدة مع السيد المسيح: اذ أن المعلم يقول بوضوح “من أكل جسدي وشرب دمي اقام فيَّ وأقمتُ فيه” وبكلمات اخرى “ثبتَ فيَّ وثبتتُ فيه” وهذا الاقامة والثبات تعني أنه يصبحُ جزءاً لا يتجزأ منا ونصبحُ جزءاً لا يتجزأ منه.. فجسده يتفاعل تفاعلا كيماوياً عضوياً روحياً مع جسدنا فيحول اجسادنا على صورة جسده المجيد وبالتالي نصبحُ نحن بيتَ قربانٍ يقيم فيه الرب، وعندما نخرج من القداس بعد التناول نحمل وننقل ونشع ونظهر وننشر حضور الرب بين الناس.. فيا لها من مسؤولية فردية جسيمة؟!

ج) القربان الاقدس هو سر الشركة بين المؤمنين في الكنيسة: عندما نشتركُ في الجسدِ الواحد نصبحُ جسداً واحداً.. وهذا يعني بأن الافخارستيا تبني الجماعة المسيحية وتوحدها.. الكنيسة تقوم بسر القربان وتبني عليه وتتغذى به وبالتالي تصبح كنيسة واحدة وجماعة واحدة وقلباً واحداً ونفساً واحدة.. بمعنى آخر جماعة المؤمنين تصبح بيت قربان واحد متجول لا بل كنيسة واحدة متنقلة… فيا لها من مسؤولية جماعية جسمية؟!

د) القربان الاقدس هو سر البقاء والخلود الابدي: لقد أكد السيد المسيحي مراراً وتكراراً بأن تناول جسده ودمه عربون للحياة الابدية: “من أكل جسدي وشرب دمي يحيا إلى الأبد وأنا اقيمه في اليوم الاخير”. والبرهان العقلي على هذا هو في السؤال التالي: إذا كنا نؤمن بأن المسيح يقسم فينا عندما نتناوله، فهل سيسمح الرب أن يهلك من يحمل في جسده وكيانه جسد المسيح؟ فكما اقيم المسيح من بين الاموات سنقوم نحن معه للحياة الابدية. فيا له من شرف عظيم وحظوة جسيمة؟!

لن ننهي ابداً لو أسهبنا في سبر غور هذا السر العظيم ولكننا نقول باختصار على شكل صلاة قصيرة: شكرا لك يا رب على حضورك بيننا ومحبتك لنا واتحادك بنا وتوحيدنا معا وخلودنا اجمعين معك. شكرا يا غذاءنا وقوتنا ووحدتنا وشركتنا وخلودنا وحياتنا وقيامتنا.

 

العودة إلى الصفحة الرئيسية

Exit mobile version