أخبار متفرقة

التلوّث يقضي على الملايين في الصين

ضحت الصين لعقود بالبيئة والجوّ لصالح النمو الاقتصادي فكان بالفعل النمو أهم من كلّ شيء آخر. غيّرت اليوم الصين الموقف وهي على لسان رئيسها شي جين بينغ تؤكد على ذلك مراراً وتكراراً. هواء سام قد يكون التحدي الأبرز والأوضح هو تلوث الهواء فغالباً ما تظهر طبقة سميكة من الدخان فوق العاصمة بكين وجوارها. وتجدر الإشارة الى…

Published

on

ضحت الصين لعقود بالبيئة والجوّ لصالح النمو الاقتصادي فكان بالفعل النمو أهم من كلّ شيء آخر.

غيّرت اليوم الصين الموقف وهي على لسان رئيسها شي جين بينغ تؤكد على ذلك مراراً وتكراراً.

هواء سام

قد يكون التحدي الأبرز والأوضح هو تلوث الهواء فغالباً ما تظهر طبقة سميكة من الدخان فوق العاصمة بكين وجوارها.

وتجدر الإشارة الى ان متوسط القيمة السنوية للـ PM2.5 ، أو الجسيمات الدقيقة وقطرها أقل من ٢.٥ ميكرون التي يمكن تنشقها وتدخل الى عمق الرئتين يبلغ ٩٠ ميكروغرام لمتر الهواء المكعب وهو رقم يتخطى بأشواط عتبة الـ١٠ ميكروغرام التي حددتها منظمة الصحة العالميّة. في فبراير ٢٠١٤، وصلت كثافة الـ PM2.5في بكين الى ٥٠٥ ميكروغرام.

ومن أجل مواجهة هذه الآفة التي تتسبب بمليون حالة وفاة قبل أوانها سنوياً في البلاد، اتخذت السلطات الصينيّة سلسلة من الاجراءات بما فيها الحد من استخدام الفحم – الذي يُعتبر أكثر مصادر توليد الطاقة تلويثاً – والترويج للطاقة المتجددة.

وبعكس الولايات المتحدة الأمريكيّة التي انسحبت من اتفاق باريس للمناخ، من المتوقع ان تصل الصين بفضل التزامها الى قيادة قطاع الطاقات المتجددة في غضون عقود وذلك بحسب معهد اقتصاد الطاقة والتحاليل الماليّة. وتعمل الصين أيضاً على مستوى وسائل النقل الكهربائيّة فمن المتوقع انه وبحلول العام ٢٠١٢، سيارة من أصل ٥ سيارات في الصين ستستخدم تكنولوجيات الدفع البديلة كما وان ٤٠٪ من السيارات الكهربائيّة الـ٣.١ مليون التي بيعت في العالم تجول الطرقات الصينيّة.

تربة زراعيّة ملوثة

لم يجتاح التلوث هواء الصين وحسب انما تربتها أيضاً وهذا ناتج أيضاً عن غياب السياسات المناسبة في مجال التخلص من النفايات و/أو إعادة تدويرها.

ففي ديسمبر ٢٠١٣، تحدث مصدر رسمي عن تلوث ٣.٣ مليون هيكار من الأراضي الزراعيّة المُستخدمة لزراعة الحبوب ويُتلف ١٢ مليون طن من الحبوب سنوياً لأنها تتعرض للمعادن الثقيلة وتُصبح بالتالي غير قابلة للاستهلاك.

مسألة المياه

إن مسألة المياه أيضاً بالغة الأهميّة في الصين. أولاً، يفتقد عدد كبير من مناطق هذا البلد العملاق الى الماء. ففي حين أكثر من ثلاثة أرباع الموارد المائيّة، أي ٨٠٪، واقعة في جنوب البلاد، يعيش نصف سكان الصين في الشمال القاحل جداً. وتجدر الإشارة الى ان قدر المياه المتوافر لمدن مثل بيكين وتيانجين أعلى بقليل من ما هو متوافر في المملكة العربيّة السعوديّة.

ولذلك، تُطلق الصين منذ عقود مشاريع مائيّة بما فيها سدود لتوليد الطاقة الكهرومائيّة ما يسمح أيضاً بتكديس كميات كبيرة من المياه في خزانات اصطناعيّة.

ويبلغ عدد السدود حالياً في الصين ٨٦ ألف ما يعني أن البلاد كانت تبني أقلّه سد واحد في اليوم منذ العام ١٩٤٩. ولم يكن لبناء هذه السدود أثر سلبي على البيئة وحسب – اختفت ٣٥٠ بحيرة – لكن باتت أداة مهمة في يدَي الحكومة للضغط على البلدان المجاورة. ففي الواقع، بُنيت سدود كثيرة على أنهار عابرة للحدود تتشاركها الصين مع بورما وفيتنام والهند.

في الواقع، تُعتبر حتى المياه السطحيّة في الصين ملوثة الى حد كبير وتشير الاحصاءات الى ان ثلث مياه الصرف الصناعيّة و٩٠٪ من مياه الصرف المنزلي تنصب في الأنهار والبحيرات دون أية معالجة. وبالتالي، فإن مستوى تلوث الأنهار حتى أهمها في البلاد مثل النهر الأزرق أو النهر الأصفر أو نهر اللؤلؤة مرتفع الى حد كبير.

وتفتقد ٨٠٪ من المدن الصينيّة الى محطات تكرير مياه الصرف الصحي كما وان المياه الجوفيّة في ٩٠٪ من المدن الصينيّة ملوثة.

ولا يستطيع نصف سكان الصين الوصول الى مياه شرب آمنة ويستهلك ثلثَي سكان الريف أي ما يُقارب الـ٥٠٠ مليون مواطن مياه ملوثة بنفايات بشريّة أو صناعيّة.

لا نستغرب على ضوء كل ذلك، أن يكون الرئيس الصيني، استخدم في احدى خطاباته الأخيرة مصطلح “البيئة” ٨٩ مرّة إذ باتت حماية البيئة مسألة حياة أو موت بالنسبة لملايين المواطنين الصينيين!

 

الرجاء الحفاظ على مصدر المقال في حال نقله

Exit mobile version