أخبار متفرقة

البطريرك الماروني يصلّي “إلى الله برجاء كبير وايمان لكي يحفظ وطننا من شر المكايد ويرسل إليه مسؤولين سياسيين يخافون الله”

دعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي المسؤولين السياسيين الى “ان يعودوا إلى الدستور والميثاق الوطني بنصه وروحه. ويتحلوا بالروح التي تبني كي يسلم ويستقيم الحكم، الذي يحتاج إلى روح تبني، لا إلى نفوذ شخصي يهدم، ولا إلى مصالح فردية وفئوية وحزبية ومذهبية تقسم وتتقاسم الحصص”. واعرب عن “تأثره العميق للحالة التي وصل اليها…

Published

on

دعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي المسؤولين السياسيين الى “ان يعودوا إلى الدستور والميثاق الوطني بنصه وروحه. ويتحلوا بالروح التي تبني كي يسلم ويستقيم الحكم، الذي يحتاج إلى روح تبني، لا إلى نفوذ شخصي يهدم، ولا إلى مصالح فردية وفئوية وحزبية ومذهبية تقسم وتتقاسم الحصص”. واعرب عن “تأثره العميق للحالة التي وصل اليها المسؤولون من مشاجرات ومشاداة حول صلاحيات المحاكم والسلطات الدستورية”.

كلام الراعي جاء خلال ترؤسه قداس الاحد في كنيسة الصرح البطريركي في الديمان.

والقى الراعي عظة بعنوان: “روح الرب علي، مسحني وأرسلني” (لو18:4)، جاء فيها: “1. إن مسحة الروح القدس التي حلت على بشرية الرب يسوع، بحسب نبوءة آشعيا قبل خمس ماية سنة من الميلاد، أشركنا فيها المسيح الرب بالمعمودية والميرون. ولأن يسوع هو رأس الكنيسة المعروفة بجسده، فإن مسحته شملت كل اعضاء الجسد. ولذا، ندعى مسيحيين لأننا نلنا مسحة الروح، وأرسلنا للقيام بوظائف المسيح الثلاث كنبي وكاهن وملك. هذه هي هويتنا ورسالتنا في كل شؤون حياتنا الروحية والزمنية، الاقتصادية والسياسية، الاجتماعية والإدارية، القضائية والعسكرية. مسيحيون في كل مكان وفي كل حالة.

يسعدنا أن نحتفل معكم بهذه الليتورجيا الإلهية في ختام منتدى بكركي الاقتصادي- الاجتماعي الثاني. الذي نظمته مشكورة المؤسسة البطريركية المارونية العالمية للإنماء الشامل في هذين اليومين السابقين. وإذ أعرب عن شكري وامتناني لنائب الرئيس الدكتور سليم صفير، رئيس جمعية المصارف اللبنانية، ولسائر أعضاء المؤسسة، فإني أرحب بكل الوفود المشاركة فيها من لبنان والولايات المتحدة الأميركية وأوستراليا وأوروبا والأرجنتين وفنزويلا وكندا والبرازيل والمكسيك وبوركينا فاسو وبنين وليبيريا وغانا ونيجيريا. واحيي سيادة اخينا المتروبوليت نيفون صيقلي ممثل البطريركية الانطاكية في موسكو، واخواننا السادة الأساقفة المشاركين من النطاق البطريركي وبلدان الانتشار، وقد اجتمعوا حول موضوع: “معًا نجذر شبابنا”. فتناوله المشاركون بالاستعانة بأهل الاختصاص والخبرة في الشؤون الاقتصادية بمختلف قطاعات الاقتصاد، وبالشؤون الاجتماعية والتربوية والانمائية. فتدارسوا أفضل السُبل لخلق فرص عمل لشبابنا من أجل تجذره في أرض الوطن اللبناني.

روح الرب علي، مسحني وأرسلني (لو18:4). مسح الروح بشرية يسوع فجعله نبيا وكاهنا وملكا بامتياز، بالنسبة إلى الذين مسحوا في العهد القديم. إنه نبي بامتياز، لأنه ليس فقط ينقل كلمة الله إلى البشر، بل هو نفسه هذه الكلمة. وهو كاهن بامتياز، لأنه لا يقدم ذبائح حيوانية ومن ثمار الأرض كما كهنة العهد القديم، بل هو نفسه الكاهن والذبيحة. وهو ملك بامتياز، لأنه لم يؤسس ويسوس مملكة زمنية، بل مملكته هي ملكوت الله الذي يبدأ في الكنيسة على الأرض ويكتمل في مجد السماء.

لقد أشركنا المسيح الرأس بهذه المسحة المرموز إليها بالميرون. فجعلنا مسيحيين في هويتنا الداخلية: يشركا إيانا بالنبوءة، إذ نقبل كلام الله ونشهد له بأقوالنا وأفعالنا؛ ويشركنا بالكهنوت، إذ نقدم مع الكنيسة ذبيحته الخلاصية ونضم إليها أعمالنا الصالحة مع أفراحنا وأحزاننا في قداس الأحد؛ ويشركنا بالملوكية، إذ يجعلنا أعضاء في الكنيسة مملكته، ملتزمين بمقتضيات هذا الملكوت أعني القداسة والحقيقة والمحبة والعدالة والأخوة والسلام.

وأقام بمسحة الميرون أيضا بعضا منا كهنة وأساقفة مشركا إياهم بسلطانه الإلهي المثلث: الكرازة بكلام الله لإيقاظ الإيمان وتثقيفه؛ وتقديس النفوس بتوزيع نعم الأسرار والخدم الليتورجية؛ ورعاية الجماعة المؤمنة على أساس من الوحدة والحقيقة والمحبة. في إنجيل اليوم تتضح هويتنا المسيحية ورسالتنا في هذا العالم. هويتنا مسحة الروح القدس بالميرون المقدس. ورسالتنا: إعلان كلمة الله للبشر مساكين هذه الأرض التائهين، وتحرير المأسورين للظلم والنفوذ والمصالح والإيديولوجيات الهدامة، وهداية عميان البصيرة، والغفران للمسيئين، والالتزام بالزمن المسيحاني الجديد.

هذا هو نداء الإنجيل للمسيحيين ليعرفوا هويتهم المشرفة ورسالتهم العظيمة. لقد تأثرت جدا وفي العمق عندما كنت أستمع خلال يومي المنتدى الإقتصادي- الاجتماعي في بكركي، هؤلاء ال 250 الذين توافدوا من لبنان وبلدان الانتشار ليتدارسوا كيفية تجذير شبابنا في أرضنا بخلق فرص عمل لهم إقتصادية وإنمائية وإجتماعية بكل حقولها، فيما كان في المقابل المسؤولون السياسيون يعطلون عمل الحكومة مع نتائجه السلبية على المؤسسات العامة، ويتمادون في المشاجرة حول صلاحيات المحاكم، وصلاحيات السلطات الدستورية، على خلفية سياسية وطائفية ومذهيبة. والكل على حساب لبنان واقتصاده وشعبه، غير آبهين بالخسائر المالية الباهظة التي يلحقونها بخزينة الدولة، وبحرمان ثلث الشعب اللبناني من المال لتأمين خبزه اليومي. وما آلمني بالأكثر إنشغال جميع وسائل الإعلام بنقل هذه المشاجرات وترداد ما صرح به هذا، أو ما رد عليه ذاك تأجيجا لنار الخلافات، مع إهمال أخبار المنتدى البناءة. ما أفتك هذا المرض عندنا: يفرحون بالهدم، ويحزنون للخبر البناء. فيا أيها المسؤولون السياسيون عودوا إلى الدستور والميثاق الوطني بنصه وروحه. وتحلوا بالروح فالحرف يقتل، والروح يبني على ما يقول بولس الرسول (2قور6:3). إن الحكم، لكي يسلم ويستقيم، يحتاج إلى روح يبني، لا إلى نفوذ شخصي يهدم، ولا إلى مصالح فردية وفئوية وحزبية ومذهبية تقسم وتتقاسم الحصص. يكفي هدما لهذا الوطن الجميل الحبيب ونحن على مشارف الاحتفال بالمئوية الأولى لإعلانه دولة مستقلة ذات سيادة!

نصلي إلى الله برجاء كبير وايمان لكي يحفظ وطننا من شر المكايد، ويرسل إليه مسؤولين سياسيين يخافون الله، وينتشلون الدولة من خرابها والشعب من معاناته. فهو سميع مجيب. وإنا معا نرفع نشيد المجد والتسبيح للثالوث القدوس الواحد، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.

Exit mobile version