أخبار متفرقة

البابا فرنسيس: تجعلنا ثقافة الرفاهية نفكّر في أنفسنا غير مكترثين بصرخات الآخرين

لمناسبة الاحتفال  باليوم العالمي للاجئ والمهاجر ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح الأحد القداس الإلهي في ساحة القديس بطرس ، وانطلق في بداية عظته من مزمور اليوم الذي يذكِّرنا بأن الرب يحفظ النزلاء ويؤيد اليتيم والأرملة (راجع مز 145). تحدث البابا فرنسيس عن ذكر صاحب المزامير للفئات الأكثر ضعفا والتي غالبا ما تكون منسية ومظلومة، فالنزلاء…

Published

on

لمناسبة الاحتفال  باليوم العالمي للاجئ والمهاجر ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح الأحد القداس الإلهي في ساحة القديس بطرس ، وانطلق في بداية عظته من مزمور اليوم الذي يذكِّرنا بأن الرب يحفظ النزلاء ويؤيد اليتيم والأرملة (راجع مز 145). تحدث البابا فرنسيس عن ذكر صاحب المزامير للفئات الأكثر ضعفا والتي غالبا ما تكون منسية ومظلومة، فالنزلاء والأرامل واليتامى هم المحرومون من الحقوق، المستبعَدون والمهمَّشون والذين يهتم بهم الرب بشكل خاص. وذكّر الأب الأقدس بأن الرب، وحسب ما يذكر سفر الخروج، يحذر الشعب من سوء معاملة الأرامل واليتامى بأي شكل لأنه يصغي إلى صراخهم (خر 22، 23)، وهو تحذير يتكرر مرتين في سر تثنية الاشتراع (24، 17 و27، 19) حيث يضاف إلى الأرامل واليتامى النزلاء كأشخاص يجب حمايتهم. وتابع البابا أن سبب هذا التحذير نجده بوضوح في السفر ذاته الذي يذكر أن إله إسرائيل هو “منصف اليتيم والأرملة ومحب النزيل، يعطيه طعاما وكسوة” (10، 18). وأضاف البابا فرنسيس أن هذا الاهتمام المحب إزاء الفئات الأضعف والذي يميز إله إسرائيل هو أيضا طلب يوجهه الله كواجب أخلاقي إلى جميع مَن يريدون الانتماء إلى شعبه.

توقف البابا فرنسيس بالتالي عند ضرورة أن يكون لدينا اهتمام خاص بالنزلاء وأيضا الأرامل واليتامى، وذكَّر في هذا السياق برسالته لمناسبة هذا اليوم العالمي الـ 105 للمهاجر واللاجئ مشيرا إلى أنه يكرر في هذه الرسالة كموضوع أساسي أن الأمر لا يتعلق بالمهاجرين وحسب، وأضاف أن هذا صحيح، فالأمر لا يتعلق بالمهاجرين فقط بل بجميع مَن يسكنون الضواحي الوجودية والذين هم، ومع المهاجرين واللاجئين، ضحايا ثقافة الإقصاء. وواصل الأب الأقدس أن الله يطلب منا أن نطبق المحبة إزاءهم، أن نستعيد إنسانيتهم إلى جانب إنسانيتنا، بدون إقصاء أحد، بدون ترك أحد في الخارج. إلا أن الله يطلب منا، وإلى جانب ممارسة المحبة، التأمل حول الظلم الذي يسبب الإقصاء، وبشكل خاص حول امتيازات قليلين والتي تكون من أجل الحفاظ عليها على حساب كثيرين. وذكّر البابا بما كتب في رسالة هذا العام لمناسبة اليوم العالمي للمهاجر واللاجئ: “إن عالم اليوم يزداد يوميا نخبوية وقساوة تجاه المستبعَدين. ولا تزال البلدان النامية تستنفد أفضل مواردها الطبيعية والبشرية لصالح عدد قليل من الأسواق المتمايزة. الحروب تجتاح فقط بعض مناطق العالم لكن الأسلحة التي تُستخدم يتم إنتاجها وبيعها في مناطق أخرى لا ترغب بعد ذلك في تحمًّل مسؤولية اللاجئين القادمين من هذه الصراعات. والذين يدفعون الثمن هم دائمًا الصغار، والفقراء، والأضعف، الذين يُمنعون من الجلوس على الطاولة ويُترك لهم “فتات” الولائم”.

وتابع قداسة البابا فرنسيس أن علينا من وجهة النظر هذه فهم كلمات النبي عاموس من قراءة اليوم (عا 6، 1. 4-7) والتي يحذر فيها المطمئنين في صهيون والآمنين الذين لا يكتئبون لانكسار شعب الله، وهو أمر بيِّن للجميع، لا ينتبهون إلى ما يحدث لإسرائيل لانشغالهم بضمان العيش الرغد والطعام اللذيذ والشراب الفاخر. وأضاف الأب الأقدس أن التحذيرات هذه تظل آنية اليوم بعد 28 قرنا، حيث تجعلنا ثقافة الرفاهية نفكر في أنفسنا غير مكترثين بصرخات الآخرين، وتقود إلى لامبالاة إزاء الآخرين بل إلى عولمة اللامبالاة.

وواصل الأب الأقدس عظته مشيرا إلى أن هذا يجعلنا مثل الرجل الغني الذي يحدثنا عنه إنجيل اليوم، والذي لم يهتم بلعازر الفقير الذي “غطت القروح جسمه، وكان يشتهي أَن يشبع من فتات مائدة الغني” (راجع لوقا 16، 20-21). لا يرى هذا الغني آلام لعازر لأنه منشغل بشراء الملابس الأنيقة وتنظيم الولائم، وهكذا نحن أيضا، تابع الأب الأقدس، منشغلون في الحفاظ على رخائنا ما قد يجعلنا لا ننتبه إلى الأخ أو الأخت المعانيَّين من المصاعب. إلا أننا كمسيحيين لا يمكننا أن نكون غير مبالين أمام مأساة الفقر القديم والجديد، الوحدة حالكة الظلمة، الازدراء والتفرقة إزاء من لا ينتمي إلى مجموعتنا، لا يمكننا أن نبقى غير متحسسين، بقلب مخدَّر، أمام بؤس أبرياء كثر، لا يمكننا ألا نبكي، ألا نتفاعل. وتضرع قداسة البابا هنا إلى الرب طالبا نعمة البكاء، ذلك البكاء الذي يقود إلى ارتداد القلب.

إذا أردنا أن نكون رجال ونساء الله، قال البابا فرنسيس، فعلينا وكما يقول القديس بولس في رسالته الأولى إلى طيموتاوس أن نحفظ هذه الوصية ونحن أبرياء من العيب واللوم إلى أن يظهر ربنا يسوع المسيح (راجع 1 طيم 6، 14). وتابع البابا أن هذه الوصية هي أن نحب الله ونحب القريب. وشدد قداسته على أنه لا يمكن الفصل بين الأمرين وأضاف أن حبنا القريب حبنا لنفسنا يعني أيضا الالتزام الجدي من أجل بناء عالم أكثر عدلا، حيث يمكن للجميع الاستفادة من خيور الأرض وتتوفر للجميع فرصة تحقيق الذات كأشخاص وكعائلات، وحيث تُضمن للجميع الحقوق الأساسية والكرامة. إن محبة القريب تعني، حسب ما واصل البابا فرنسيس، الشعور بالشفقة أمام معاناة الأخوة والأخوات، الاقتراب منهم ولمس جراحهم، وذلك لإبراز حنان الله إزاءهم بشكل ملموس. ويعني هذا الاقتراب من جميع السائرين على دروب العالم الذين تساء معاملتهم ويُهجرون، وذلك لتخفيف جراحهم واصطحابهم إلى أقرب مكان استقبال حيث يمكن الاهتمام باحتياجاتهم.

وفي ختام عظته قال قداسة البابا فرنسيس إن هذه هي وصية الله لشعبه والتي ختمها بدم ابنه يسوع ينبوع بركة للبشرية بأسرها، كي نتمكن من الالتزام معا ببناء العائلة البشرية حسب التصميم الأصلي الذي كُشف في يسوع المسيح، أي أننا جميعا أخوة، أبناء الأب الواحد. أوكل الأب الأقدس بعد ذلك إلى شفاعة مريم الأمومية، سيدة الطريق، سيدة طرق الآلام الكثيرة، المهاجرين واللاجئين ومعهم سكان ضواحي العالم ومَن هم لهم رفاق درب.

Exit mobile version