أخبار مباشرة
هجوم على الطبقة الحاكمة نفسها التي كانت السبب وراء إنهيار لبنان وتجويع شعبه!!
على وقع ترقّب ما سيتكشّف خلال الأيام المقبلة عن أجواء المشاورات الثنائية، الفرنسية – السعودية، في باريس حيال مستجدات ملف التأزم اللبناني، تلتزم جبهة الممانعة الداعمة لترشيح سليمان فرنجية سياسة “حبس الأنفاس” أملاً بأن يتمكن فريق الإليزية من إحداث خرق في موقف المملكة العربية السعودية الرافض لمنح أي غطاء عربي لوصول أي من مرشحي الطبقة الحاكمة نفسها التي كانت السبب وراء إنهيار لبنان وتجويع شعبه. غير أنّ المعلومات المتواترة من العاصمة الفرنسية تشي بأنّ مثل هذه الرهانات سرعان ما ستتبدد على أرض الواقع في ظلّ تمسّك المجتمعين الدولي والعربي بالشروط والمواصفات الإصلاحية الواجب توافرها في عملية إعادة تكوين السلطة اللبنانية بغية نيل الدعم الخارجي اللازم لاستنهاض البلد وانتشاله من مستنقع أزماته المتشعبة، وهو الموقف الذي سيعاد تظهيره بوضوح في اجتماع اللجنة الخماسية المقبل.
أما في مستجدات قضية حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، فقد أكد “بلسانه” أمس أمام المحققين الأوروبيين، ما كانت “نداء الوطن” قد كشفت النقاب عنه في عددها الصادر في الرابع من آذار الجاري تحت عنوان: “توليفة قضائية لتبرئة سلامة: مال خاص لا عام ومرّ عليه الزمن”. إذ ارتكز في دفاعه عن نفسه من الشبهات المثارة حول العمولات البالغة قيمتها 330 مليون دولار والتي تقاضتها شركة “فوري” على كون مصدرها “المصارف وليس مصرف لبنان”، بمعنى أنه صنّفها ضمن خانة المال الخاص لا العام لنفي شبهة اختلاس المال العام عن هذه العمولات.
لكنّ مصادر متابعة للقضية تجزم بأنّ في التحقيق الأوروبي “أكثر من عشرة أسماء” يٌشتبه بأنها متورطة في شبكة تبييض الأموال، فبالإضافة إلى رياض وإبنه وشقيقه وصديقته الأوكرانية ومساعدته ماريان الحويك، هناك أسماء مصرفيين وسياسيين تحوم حولها الشبهات، كاشفةً في هذا السياق عن تحضير محامين محليين ودوليين دعوى سيتم رفعها في باريس ضد كل هؤلاء بوصفهم “عصبة أشرار”، لتنتفي بالتالي ذريعة “سلامة ليس وحده” كما يكرّر كثيرون في لبنان في معرض استنكار ملاحقته دون غيره من المشتبه بهم في القضايا المالية.
وأصدر حاكم مصرف لبنان بعد انتهاء جولة التحقيق الأوروبي الثانية معه في قصر العدل أمس بياناً أكد فيه أنّ “المبالغ الدائنة في حساب المقاصة المفتوح لدى مصرف لبنان، والذي حوّلت منه عمولات الى “فوري” (التي يملكها شقيقه رجا) كانت قد سُدّدت من أطراف أخرى، ولم يدخل إلى هذا الحساب أي مال من مصرف لبنان”، مضيفاً: “كما تُبيّن الكشوفات أنّ حسابي الشخصي في مصرف لبنان غير مرتبط بالحسابات التي تودع فيها الأموال العائدة الى المصرف، ولم تحوّل إلى حسابي أموال من مصرف لبنان، والتحاويل الى الخارج الخاصة بي، ومهما بلغت، مصدرها حسابي الشخصي”.
استراتيجية سلامة هذه للدفاع عن نفسه قابلتها أسئلة تشكيك من المحققين الأوروبيين تدور حول مبالغ تحويلات من حسابات شقيقه رجا إلى حساباته، مع مطابقة تواريخ تحويلات من حسابات رجا في سويسرا إلى بنوك لبنانية مقابل تحويلات من حسابات رياض إلى أوروبا. مع أسئلة عن حقيقة وأرقام تحويلات من حسابات رجا في لبنان إلى شقيقه الحاكم. والمراد من الأسئلة تأكيد أنّ العمولات ذهبت لحسابات رياض سلامة في نهاية الأمر واشترى بها عقارات وأسّس شركات وفتح حسابات في عدد من الدول الأوروبية وغير الأوروبية.
وعلى صعيد شركة “فوري”، تركزت الأسئلة على كونها تأسست لغرض تسويق أوراق مالية سيادية (سندات حكومية لبنانية وشهادات إيداع في البنك المركزي) تكتتب بها مصارف لبنانية، ثم أقفلت في 2016 بعد شبهات راودت بنك HSBC في جنيف (فيه حساب لرجا) حول عمليات هذه الشركة ومصادر أموالها. وتبين انه لا توجد أعمال أخرى لها حتى تاريخ إقفالها، وأنها خُلقت لحصد عمولات، إذ اكد مصرفيون أنهم لم يكونوا يعلمون عنها شيئاً، وأنّ العمولات التي دُفعت كانت لحساب في مصرف لبنان من دون معرفة أي دور لشقيق الحاكم رجا في هذه العملية.
إلى ذلك، تضمّن التحقيق الأوروبي أسئلة عن ملكيات أصول وعقارات في فرنسا وبلجيكا واللوكسمبورغ وبريطانيا وألمانيا ومالطا وقبرص وليختنشتاين وموناكو، فضلاً عن عمليات وتحويلات من وإلى ملاذات ضريبية مثل الجزر البريطانية العذراء وبنما.