أخبار مباشرة

باسيل: لتكن المساعدات للنازحين داخل سوريا

Published

on

لفت رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الى أن “لبنان وإيطاليا تميزا دوما بهجرة شعبيهما اللذين إنتشرا في جميع قارات الأرض. فضلا عن أن لبنان يحتل المرتبة الاولى في عدد المنتشرين بالنسبة للسكان، إذ تبلغ النسبة 3 أو 4 مهاجر مقابل كل مقيم. في حين يحتفظ كل من الإيطاليين واللبنانيين المهاجرين بعلاقات وثيقة مع الوطن الأم”، لافتا في نفس الوقت الى أن “الهجرة اللبنانية تبقى فريدة، ولبنان واجه التهجير الجماعي ل 500 ألف فلسطيني من جهة الجنوب ومليوني سوري من الشرق والشمال، في حين لا يزال هو يواجه الهجرة المفروضة على شعبه”.

ألقى باسيل كلمة في مجلس النواب الايطالي، بدعوة من لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، في اطار ندوة خاصة بعنوان “الهجرة ومسيحيو المشرق”، تحدث فيها عن لبنان “الذي يستضيف ما بين 200 و250 لاجئا ونازحا بالكم2 الواحد واذا اردنا قياس الامر على إيطاليا، فيصبح كأنها تستضيف أكثر من 75 مليون لاجئ بالمقارنة مع عدد سكانها”، لافتا في نفس الوقت الى أن “الكثافة السكانية في لبنان تبلغ 450 نسمة بالكلم2 بينما في إيطاليا تبلغ حوالي 206 شخص بالكلم2 الواحد، وفي سوريا تبلغ 65 نسمة”.


تابع أخبارنا عبر ‘Twitter’

وأشار الى أن “اعداد النازحين السوريين بين عامي 2016 و2023 من مليون و600 ألف نازح الى نحو مليونين، من بينهم 800 ألف شخص تحت سن ال 18 عاما، وهذا الإرتفاع مرده الى زيادة الولادات وليس الوافدين الجدد، فيما تدنت نسبة الولادات اللبنانية من 2.12 سنة 2010 الى 1.75 في العام 2022، أما الانخفاض التاريخي فسببه إنهيار الوضع الاقتصادي، في حين تستضيف المدارس الرسمية اللبنانية تلامذة سوريين أكثر من التلاميذ اللبنانيين علما أن حوالي 200 ألف لبناني هاجروا من لبنان في الآونة الأخيرة، ثلثهم تحت سن ال 25 سنة، أضف الى ذلك هجرة سنوية لنحو 10 آلاف طالب من أصل 75 ألف طالب”.

وتطرق الى التأثير السلبي للنزوح على الاقتصاد اللبناني، ولفت باسيل الى أنه “يبلغ بحسب البنك الدولي أكثر من 50 مليار دولار بينما الناتج المحلي GDP تراجع من 55 مليار دولار الى ما يقارب 15 مليار في حين وللمقارنة يبلغ في ايطاليا 2.1 تريليون، هذه المقارنة هي السبب الرئيس وراء إرتفاع معدلات الهجرة الشرعية وغير الشرعية من شواطئنا بنسبة 500% بإتجاه شواطئ أوروبا، ومع كل هذا يتمكن اللبنانيون من التأقلم مع الوضع في لبنان بفضل صلابتهم ومرونتهم وقد أظهروا درجة من الكرم وحسن الضيافة والتضامن الإنساني والصبر في تاريخ كافة شعوب العالم”.

ورأى أن “الأزمة بلغت حدودا لا تطاق وباتت تشكل تهديدا مباشرا على وجود الكيان اللبناني أرضا وشعبا بسبب عدة عوامل أولها عدم التمييز بين الهجرة الطوعية والتهجير القسري حيث أن الأمم المتحدة أصدرت عام 2016 وثيقة بعنوان “التعامل مع التحركات الكبيرة للاجئين والمهاجرين” وكان المقصود منها بوضوح إهمال معالجة أسباب التهجير والتعامل مع نتائجه، وتناسي حق العودة والتركيز على دعم وحماية وتثبيت النازحين بهدف دمجهم في البلدان المضيفة”، لافتا الى أن “الأمم المتحدة على مفهوم إعادة التوطين الذي يلغي حق العودة بالنسبة الى الفلسطينيين خلافا لقرار الأمم المتحدة رقم 194 ويؤدي الى تغيير ديمغرافي في البلدان المعنية مثل إيطاليا وسوريا ولبنان فيضرب النسيج الإجتماعي لهذه الدول ويضعفها ويدخلها في صراعات وإنقسامات دينية.”

وقال باسيل: “العامل الثاني لتفاقم الازمة يتمثل بالارادة السياسية للمجتمع الدولي بقيادة الأمم المتحدة وذراعها التنفيذي المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالاشتراك مع الإتحاد الأوروبي من أجل دمج النازحين في البلدان المضيفة. ثمن هذه السياسة باهظ جدا على دافعي الضرائب الأوروبيين إذ أن الإتحاد الأوروبي يمول لأجل غير مسمى بقاء النازحين في لبنان، بدل أن يمول ولمرة واحدة عودتهم الى بلادهم. في الواقع، اوقفت المفوضية العليا لشؤون لاجئين ودول أخرى ومنظمات غير حكومية، لا بل منعت، العودة الطوعية للنازحين الى بلادهم عبر تهديدهم بقطع المساعدة المالية عنهم في حال عادوا الى سوريا بصورة دائمة. نتيجة هذه السياسة تتجلى في لبنان عبر الرقم المسجل شهريا لعابري الحدود بين لبنان وسوريا، إذ تظهر حركة الانتقال عبر الحدود أن ما يقارب 200 ألف من النازحين المسجلين لدى المفوضية كلاجئين يعبرون الحدود، فيما ترفض المفوضية لغاية اليوم تزويد السلطات اللبنانية بقوائم النازحين المسجلين لديها لتفادي تبيان دخولهم الى سوريا كنازحين واسقاط صفة اللجوء عنهم”.

وتحدث عن “العامل الثالث لتفاقم الازمة وهي المؤامرة القديمة نفسها (خطة كيسينجر) لإقتلاع المسيحيين من أرضهم المشرقية”، لافتا الى أنها “خطة بدأت مع مطلع القرن العشرين بتهجير مسيحيي جبل لبنان والأرمن والسريان من بلدان المشرق وتهجير الفلسطينيين على دفعات بالتزامن مع إنشاء دولة إسرائيل، وتوطين المسيحيين في الغرب”. وقال: “بالعودة الى لبنان وفي خلال الحرب الأهلية إنهالت العروضات الغربية لترحيل المسيحيين ولاحقا في العراق وحروبه منذ الثمانينات حتى اليوم، الى الربيع العربي في الآونة الأخيرة والحرب في سوريا التي هاجر منها أكثر من 50% من المسيحيين السوريين. وشيمون بيريز قال بنفسه في كتابه “السلام” الصادر عام 1991 أن إسرائيل تملك خبرة كبيرة بال”ترانسفير” أي نقل السكان وهي قادرة على تقديم معلوماتها عن إعادة رسم الجغرافيا الديموغرافية للشرق الأوسط، ناهيك عن وثيقة عوديد ينون المعروفة”.

ورأى أن “عمليات الهجرة والتهجير القسري للمسيحيين تندرج ضمن سلسلة من عمليات التفتيت لدول المشرق لتحويلها الى مجموعات متناحرة، فقيرة ومتطرفة”، لافتا الى أن “هذا التفتيت له أثر سلبي على الشرق الأوسط وأوروبا إذ أن الصراعات والإضطرابات تولد موجات من الهجرة تحمل معها التطرف والإرهاب وتستهدف المسيحيين في الشرق والغرب معا”، مضيفا: “اليوم وأكثر من أي وقت مضى ترتبط “الهجرة” بمسيحيي الشرق، فالمسيحيون يجدون أنفسهم في وضع حرج فإذا نظروا الى الغرب أملا بالعيش مع جماعات يتشاركون معها مجموعات من القيم، فيجدوا انهم يتأقلمون بسرعة ويندمجون في المجتمعات، لكنهم يجدون أنفسهم في صدام مع الحداثة المفرطة لمجتمعات إبتعدت عن القيم المسيحية المحافظة”. وأشار الى أن “المسيحيين المشرقيين هم ضمانة التعددية والتنوع. إنهم المحرك الاساس لتعزيز العدالة الاجتماعية المبنية على أساس الكفاءة والاستحقاق إنهم يسعون جاهدين لتحقيق مجتمعات منفتحة ومتسامحة من خلال دحض نهج التقوقع والعزلة، وأي محاولة لعزلهم في حلقات مغلقة، أو إجبارهم على النزوح، هي محاولة لدفع الشرق نحو دوائر القتل الأحادية الطابع، والمغلقة ثقافيا واجتماعيا”، مؤكدا أن “نزوحهم يهدد الشرق كما الغرب ويهدد فكرة “العيش معا”، مؤكدا أن “تثبيتهم في المشرق هو دفاع عن بلدانه، واستهدافهم هو جريمة ضده”، مشددا على أن ” الوجود الطبيعي والحر للمسيحيين المشرقيين في أراضيهم، بجانب إخوانهم وأخواتهم في المواطنة، هو اساس السلام في الشرق الأوسط. علاوة على ذلك، فإن حضارتهم ومساهمتهم ضرورية لكل من الشرق والغرب”.

ودعا المسيحيين المشرقيين إلى “تحمل المسؤولية وإظهار مرونة غير مسبوقة للبقاء وتصميم منقطع النظير على الصمود، مضيفا: “سيتعين علينا مضاعفة جهودنا لتجنب تهميشنا في بلداننا. قريبا، ومع الثورة داخل العالم الإسلامي (العربي) بقيادة ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان، لن يكون هنالك سبب للشكوى من عدم توفر الحريات الدينية، وسيستطيع المسيحيون وغيرهم عيش إيمانهم بحرية، لن يعودوا معرضين لخطر الاضمحلال، سيصبح عليهم بدلا من ذلك كسب تحدي الوجود في صميم المجتمع الذي سيكون الازدهار والتطور مسموحا فيه، وليس على هامشه في عالم يتبدل بسرعة كبيرة، وفي شرق أوسط سريع التغير، وفي لبنان التعددي، يقف المجتمع المسيحي المتقهقر وجوديا عند مفترق طرق لوجوده، ودوره”، معتبرا أن ” نفس المسيحيين الذين قادوا ذات مرة معركة تحرير الدولة، مسؤولون اليوم جزئيا عن معركة تحديد مستقبلها: أرض السلام والإنسانية، ملاذ آمن للتسامح والعدالة، منطقة ذات جغرافية غير قابلة للتغيير، مقاومة التحديات الديمغرافية إلى جانب التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية”.

ودعا الدول الأوروبية مرة أخرى إلى “التفكير بجدية وعمق في التهديدات التي تطرحها الهندسة الديموغرافية لبلدان المشرق وتفكيك دوله”، معتبرا أن “نفقات تأجيج الحروب أكثر بأضعاف من نفقات تنمية المجتمعات، تذكروا دائما ان حماية المسيحيين المشرقيين لا تكون عبر توريطهم في صراعات تتعارض مع مصالحهم وتؤدي إلى نزوحهم. بل تكون عبر بناء دولهم وتطوير مجتمعاتهم في أمن وسلام”. كذلك دعا المجتمع الدولي إلى “إصلاح الفوضى التي خلقها في منطقتنا، فالتحركات السكانية الكبيرة ترخي بثقلها على التوازن الديموغرافي الدقيق، ان النزوح الجماعي للسوريين والفلسطينيين ادى إلى زعزعة استقرار لبنان ويجب عكس هذا التدفق الجماعي فورا”، مشددا على “ضرورة تقديم المساعدات الإنسانية للسوريين داخل سوريا، وإعادة وصل السوريين بوطنهم، وينبغي أن يكون تمويل عودتهم أولوية قصوى بالشراكة مع البلدان العربية التي رحبت مؤخرا بسوريا مرة أخرى في جامعتها العربية كما هو الامر بالنسبة للاجئين الفلسطينيين الذين ينبغي إعادتهم الى وطنهم عبر تطبيق حل الدولتين، حيث لا يعود بإمكان إسرائيل فرض مفهومها عن الحرية على جيرانها، في حين تطبق هي نموذجها الأحادي، في منطقة متعددة الثقافات.”

واعتبر رئيس “التيار الوطني الحر” في ختام كلمته أنه “ينبغي علينا مقاربة قضية الهجرة في الشرق الأوسط وآثارها على المسيحيين المشرقيين بطريقة حضارية وإنسانية وأخلاقية، لافتا الى أنه ” وفي حين أنه لا ينبغي أن يكون الترحيب بمن هم بحاجة للمساعدة وحمايتهم موضع نقاش، فإننا نعتقد أن الوقت قد حان لمناقشة خصوصياتنا بصدق، حيث لا يمكن ابدا تعزيز المساواة في حقوق الإنسان عبر اضعاف ملاذات آمنة للتنوع، مثل لبنان، أو عندما يصبح الحق في الاختلاف والتنوع انتقاصا من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الاخرى”.

Exit mobile version