لبنان
«فاروجان: الثلاثينية المجيدة» بالمكتبة الشرقية: مع مصور فيروز نسترجع ومضات من الذاكرة
بيروت ـ جويل رياشي في حديث ادلى به الى الزميلة نهاد توباليان في العام 2001 لصحيفة «الانوار» (التي توقفت عن الصدور في العام 2018)، أجاب المصور الأرمني الشهير فاروجان (1927-2003)، ردا على سؤال عن أحب شخصية الى قلبه في ما يتعلق بالمشاهير الذين صورهم «بورتريه»، فقال: «فيروز بلا تردد». فسألته: «لماذا؟ ما هو هذا السر…
بيروت ـ جويل رياشي في حديث ادلى به الى الزميلة نهاد توباليان في العام 2001 لصحيفة «الانوار» (التي توقفت عن الصدور في العام 2018)، أجاب المصور الأرمني الشهير فاروجان (1927-2003)، ردا على سؤال عن أحب شخصية الى قلبه في ما يتعلق بالمشاهير الذين صورهم «بورتريه»، فقال: «فيروز بلا تردد». فسألته: «لماذا؟ ما هو هذا السر الذي يربط بينكما؟»، فقال: «لماذا نفضل العسل على البصل؟ وانا ايضا اتساءل لماذا هي؟ هناك اجماع حولها. عندما تغني فيروز أرى ملكة على المسرح تغني مع قمم الجبال والشمس واعمدة بعلبك. تغني وكأنها ليست هنا، وكأن صوتها ينساب من السماء… استطيع ان استمع إليها لسنوات دون أن أشعر بالملل». مما لا شك فيه ان معرض صور «فاروجان: الثلاثينية المجيدة» الذي تستضيفه المكتبة الشرقية التابعة لجامعة القديس يوسف، حتى 31 مايو المقبل، حدث ثقافي مميز تشهده العاصمة بيروت لما تكتنز صور فاروجان من محطات تاريخية ووجوه طبعت ذاكرة لبنان الحديث. ومما لا شك فيه ايضا ان صورة السيدة فيروز العملاقة التي تستقبل زوار المعرض الى جانب صور اخرى للديفا اللبنانية، هي خير مادة للاستقبال وتنشيط الذاكرة التي تستعيد في ثوان معدودة مشاهد محفورة في الاذهان: لقطات وهي تغني بين أعمدة بعلبك وأخرى في المسرحيات وعلى أغلفة الألبومات، كلها من توقيع فاروجان ستيان. توفي فاروجان في العام 2003 عن 76 سنة تاركا لعائلته مجموعته القيمة من الصور المشغولة بدقة وعناية وحب، هو الذي كان يحرص على تحميض الصور وتظهيرها بنفسه. كل هذه المجموعة انضمت في العام 2016 الى «مكتبة الصور» بالمكتبة الشرقية التابعة لجامعة القديس يوسف، التي تجمع التراث الفوتوغرافي وتحافظ عليه وتبرزه، وكانت «الأنباء» اول من كتب عن الموضوع تحت عنوان: مجموعة فاروجان الفوتوغرافية «في الحفظ والصون» بالمكتبة الشرقية. وبالعودة الى المعرض الذي افتتح الخميس، في حضور جموع من المدعوين من الطائفة الأرمنية وأكاديميين من الجامعة وعاملين في المكتبة، فقد ضم ايضا صورا لمشاهد طبيعية: وادي قاديشا مكسوا بالثلوج وكذلك غابة الارز، شاطئ جبيل، الموقع الاثري في صور، سهل البقاع بكل ألوانه وتجلياته… ولبيروت حصة كبيرة من الصور المعروضة: من ساحة البرج في الستينات الى شارع ويغان وباب ادريس وساحتي دباس ورياض الصلح وخليج الزيتونة وفندق السان جورج…الى وسط بيروت المدمر… وفي زاوية البورتريه، الى جانب صور فيروز، بورتريهات للرئيس كميل شمعون وزوجته زلفا، الامام موسى الصدر، الرئيس صائب سلام، النائب والوزير خاتشيك بابيكيان، الكاتب جورج شحادة، الفيلسوف ميخائيل نعيمة، الشاعرة ناديا تويني، الاديبة اميلي نصرالله وغيرهم… وكما كل مصور بارع، كان فاروجان يعرف جيدا ان السر وراء البورتريه الناجح هو التقاط تعبير الوجه الحقيقي، لذلك كان يبذل كل جهده في ازالة الاقنعة عن الوجوه لتظهر في ابهى حللها… ويذكر ان من اكبر التحديات التي واجهته عندما كان في بداياته المهنية، اختياره لانجاز بورتريه الرئيس كميل شمعون عندما انتخب رئيسا للجمهورية. وكان هذا البورتريه الناجح مدخلا له الى قصر الرئاسة حيث وقف امام عدسته رؤساء آخرون، حتى قيل عنه «مصور الرؤساء». ولكن يبقى لقب «مصور فيروز» الاحب الى قلبه، علما انه عين مصورها الخاص في العام 1962 من قبل الاخوين الرحباني، وقد التقط لها اجمل اللقطات في مسرحياتها وحفلاتها…