لبنان
فؤاد السنيورة «خط أحمر»
«الرئيس فؤاد السنيورة خط أحمر لأنه هو رجل دولة بامتياز، وهو الذي أعاد الى مالية الدولة الشفافية والمصداقية، وهو قيمة وقامة كبيرة نحن نعتز بها وندافع عنها ضد أي افتراء». أهمية هذا الكلام أنه صادر عن مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان ومن السراي الحكومي وبعد لقائه الرئيس سعد الحريري، وبالتالي فإن معاني هذا الموقف الرسمي…
«الرئيس فؤاد السنيورة خط أحمر لأنه هو رجل دولة بامتياز، وهو الذي أعاد الى مالية الدولة الشفافية والمصداقية، وهو قيمة وقامة كبيرة نحن نعتز بها وندافع عنها ضد أي افتراء». أهمية هذا الكلام أنه صادر عن مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان ومن السراي الحكومي وبعد لقائه الرئيس سعد الحريري، وبالتالي فإن معاني هذا الموقف الرسمي وهذه الرسالة السياسية العلنية هي: 1 ـ السنيورة هو المستهدف الأول في الحملة ضد الفساد التي يقودها حزب الله، ولكنه ليس لوحده المستهدف في هذه المعركة التي تستهدف أيضا سعد الحريري وتيار المستقبل والحريرية السياسية والطائفة السنية، وفؤاد السنيورة ليس لوحده في هذه المعركة، وإنما يلقى المساندة والحماية من كل هؤلاء. إذا الرئيس فؤاد السنيورة هو بهذا الحجم وفي هذا المستوى، وأي مس به هو مس بالطائفة، لأنه في نظرها «الرمز» والقائد السياسي في أصعب وأخطر مرحلة في تاريخ لبنان بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهو الذي ناضل بمبدئية وواقعية وشجاعة وخاض معارك القرار 1701 والمحكمة الدولية والدفاع عن سلطة الدولة وسيادتها. ولأنه كذلك، فإنه يظل هدفا ثابتا لحزب الله. 2 ـ أي استهداف «قضائي» للسنيورة هو استهداف سياسي للرئيس سعد الحريري، وبالتالي فإن نظرية الفصل بين السنيورة والحريري غير صحيحة، وأي رهان على انفكاك العلاقة بين الرجلين أو على نأي الحريري بنفسه عن السنيورة وتركه لمصيره، ليس رهانا في محله. العلاقة بين السنيورة والحريري سجلت تراجعا منذ العام 2016 عندما اعترض السنيورة على التسوية السياسية التي أوصلت العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، وعندما اعترض لاحقا على قانون الانتخاب بالموقف السياسي وبانسحابه قسرا من معركة صيدا، وعندما خرج من رئاسة كتلة المستقبل النيابية لتحل محله النائب بهية الحريري، وكأنه خرج الى التقاعد السياسي. وبدا الأمر كما لو أن الشراكة والعلاقة التاريخية بينه وبين الحريري انتهت عند هذا الحد، وأن الحريري لم يعد معنيا بمسار السنيورة ومصيره بعدما اختار طريقه. ولكن تبين أن هذا الاعتقاد ليس صحيحا، وأن الحريري لا يمكنه التساهل وتجاهل الحملات الواضحة أو المستترة التي تشن على السنيورة، وإذا فعل فإنه سيكون المتضرر سياسيا وشعبيا، وسيتم إدراج هذا الموقف في سياق مسار تنازلي سلكه في مرحلة ما بعد الانتخابات وعند تشكيل الحكومة التي تنازل فيها عن وزير سني ومنح حلفاء سورية وزارة النازحين، وبعد الحكومة بسكوته على مواقف صدرت عن وزراء الخارجية والدفاع والنازحين، لا تنسجم مع سياسة تيار المستقبل ازاء النظام السوري. 3 ـ ما حصل بكل ما أحاط عملية دعم السنيورة وحمايته سياسيا من مواقف وملابسات يؤشر الى أمرين: ٭ الأول: أن السنيورة مازال «حيا يرزق» بالمعنى السياسي للكلمة، فهو مازال موجودا ومؤثرا مستندا الى تأييد قطاع واسع من تيار المستقبل لا يستسيغ سياسة التنازلات من جانب الحريري، والى تأييد رموز وشخصيات ما تبقى من 14 آذار، والى دعم دول عربية أساسية، والرئيس السنيورة نجح في تحقيق الهدف الأول من حملته الاستباقية مستعيدا بريقه السياسي بعدما كان حضوره قد بهت، ومستعيدا مكانته ودوره بعدما أعطى انسحابه الهادئ من الحياة السياسية انطباعا أنه صار من الماضي. ٭ الثاني: أن الحريري محاط بمواقف وسقوف سياسية وخطوط حمر بينها فؤاد السنيورة، وبالتالي فإنه يتصرف من ضمن هامش واسع يبقيه مقيدا وغير مطلق اليدين في التصرف كيفما يشاء في تطبيق التسوية ومفاعيلها. ورغم أنه قطع شوطا في الإمساك بتيار المستقبل عبر تغييرات واسعة وفي تعزيز مكانته وزعامته في الطائفة السنية، إلا أنه مازال يصطدم باعتراضات وتحفظات على سياسته، خصوصا وأن شركائه في الحكم لا يسهلون أموره ويصعبون عليه المهمة عندما يحشرونه في ملفات، خصوصا ملفات قضائية بمفعول رجعي، ولا يجارونه في ترتيب أولويات بدءا من الأولوية الاقتصادية، وعندما يظهرونه «الحلقة الأضعف» في الحكم.