لبنان

عن نظرية عدم حصرية تمثيل الطوائف في الحكومة

د.ناصر زيدان ـ بيروت  في سياق عملية التحضير لتشكيل الحكومة العتيدة، برزت ما يسمى «نظرية عدم حصر تمثيل اي طائفة» بمعنى انه لا يكون الوزراء الممثلون لطائفة معينة من جهة سياسية واحدة، او من خط سياسي واحد. وتداولت الاوساط السياسية هذه المقاربة نقلا عن تصريحات علنية لمرجعيات دستورية كبيرة، وبدا الأمر كأنه تدبير إلزامي، كي…

Published

on

د.ناصر زيدان ـ بيروت  في سياق عملية التحضير لتشكيل الحكومة العتيدة، برزت ما يسمى «نظرية عدم حصر تمثيل اي طائفة» بمعنى انه لا يكون الوزراء الممثلون لطائفة معينة من جهة سياسية واحدة، او من خط سياسي واحد. وتداولت الاوساط السياسية هذه المقاربة نقلا عن تصريحات علنية لمرجعيات دستورية كبيرة، وبدا الأمر كأنه تدبير إلزامي، كي لا يشكل وجود طرف ـ او حزب واحد ـ ممثل لطائفة في الحكومة تهديدا لاستمراريتها، وبالتالي يمكن لاستقالة وزرائه ان تؤدي الى انفراط الميثاقية داخل الحكومة، وتصبح حينها من دون ميثاقية، ومتناقضة مع ما جاء في مقدمة الدستور فقرة – ي«لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك». ما جاء في مقدمة الدستور كان لحماية الطوائف ـ خاصة الصغيرة منها ـ من استبداد قد تتعرض له بواسطة اتفاق كتل نيابية كبيرة، او بواسطة اتفاق طوائف كبيرة على حساب طوائف أخرى. تقول أوساط سياسية متابعة: في واقع الحال فإن المناداة هذه المرة بشعار «عدم حصرية تمثيل طائفة بجهة محددة» لا يبدو كأنه حرص على استمرارية إشراك اي من الطوائف الأساسية في الحكم، بل بدا الشعار كأنه يستهدف تحجيم قوى سياسية معينة وإعطاء قوى أخرى حجما أكبر من حجمها الشعبي والنيابي، خصوصا ان الانتخابات التي جرت في مايو الماضي، حددت بوضوح قوة تمثيل كل طرف رغم أن القانون كان جائرا، واستطرادا، قالت الطوائف كلمتها في من يمثلها. والشعب وفقا للدستور، هو مصدر السلطات، كما نصت حرفيا الفقرة- د من الأحكام الرئيسية. وتتابع هذه الاوساط ذاتها: اذا اعطينا مثالا عن تمثيل الطائفة الدرزية في الحكومة، وهو ما يثيره خطاب جهة سياسية نافذة: نرى من ناحية ان هذه الطائفة اعطت تفويضا شعبيا كاسحا لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وبما يفوق 80% من اصوات ناخبيها، وبالتالي حصل على 7 من 8 نواب يمثلون الطائفة في البرلمان، فبطبيعة الحال فإن اختيار جنبلاط لوزراء الطائفة هو الذي يحفظ الميثاقية، وإذا ما استبعد تمثيل جنبلاط، تفقد الحكومة ميثاقيتها، حتى لو كان هناك وزراء دروز غير مؤيدين لجنبلاط داخل الحكومة، والنائب الذي نجح بمفرده من الطائفة الدرزية، لا يجوز له أن يكون غطاء ميثاقيا لطرف سياسي حليف، خصوصا ان هناك ما يزيد على 13 نائبا مستقلا نجحوا في الانتخابات، ولا تتم المطالبة بتوزيرهم أسوة بالنائب الدرزي الوحيد، كما ان هناك أكثر من جهة سياسية ذات توجه سياسي واحد ـ مؤلفة من حزب او من عدة احزاب ـ تمثل طوائف بكاملها داخل الحكومة من دون اي اعتراض من المراجع الدستورية العليا. من جهة ثانية، ترى هذه الاوساط: ان النائب السابق وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، والرئيس السابق للقاء الديموقراطي النيابي، كان يمثل بمفرده الطائفة الدرزية بواسطة وزراء موالين له في 9 حكومات من اصل 16 حكومة شكلت بعد اتفاق الطائف الذي أقر في العام 1990. وبالتالي لم يفعل جنبلاط ما يمكن ان يهدد الميثاقية طيلة هذه السنوات، واستمر الأداء الحكومي في وتيرته العادية رغم صعوبة الظروف. في المقابل، ودائما وفقا لهذه الاوساط: هناك أطراف آخرون شاركوا في إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري نهاية العام 2010 عندما استقالوا منها ـ وكانوا يشكلون ثلث اعضائها ـ بعد اجتماع عقد في الرابية لممثلي هذه الأطراف، بينما كان الحريري مجتمعا مع الرئيس الأميركي السابق باراك اوباما.

Exit mobile version