لبنان

على من يعتب أهل الجبل؟

بيروت – ناصر زيدان الاستنفار السياسي القائم في الجبل يشبه أوضاعا سبق أن مرت في الماضي، ووصل الى حد الاحتقان الذي ينذر بأحداث كبيرة. وتساهم المواقف التي تتخذها بعض الأطراف والمرجعيات في تطوير حالة الاحتقان، لأنها تذكر أبناء الجبل بمشاريع قديمة تهدف الى إحداث تغييرات جوهرية في منطقة حساسة لا تقبل أي نوع من أنواع…

Published

on

بيروت – ناصر زيدان الاستنفار السياسي القائم في الجبل يشبه أوضاعا سبق أن مرت في الماضي، ووصل الى حد الاحتقان الذي ينذر بأحداث كبيرة. وتساهم المواقف التي تتخذها بعض الأطراف والمرجعيات في تطوير حالة الاحتقان، لأنها تذكر أبناء الجبل بمشاريع قديمة تهدف الى إحداث تغييرات جوهرية في منطقة حساسة لا تقبل أي نوع من أنواع التغيير الإستراتيجي او «الوجودي». وما يحصل اليوم لا يبدو أنه صراع على تحسين المواقع فقط. ويشعر أبناء الجبل على ما يروي سياسي مخضرم: أن هناك استهدافا إستراتيجيا لهم، يقوم به أطراف مختلفون بالهدف ومتفقون بالشكل، طرف يريد إضعاف الحالة الجنبلاطية التي كانت على الدوام منذ 300 عام ضامنة وجودية، وبالتالي عودة غير معلنة لمشروع الاستفراد بجبل لبنان منفصل وبحماية دولية، وذلك عن طريق استذكار سيناريو العام 1711 الذي نتج عنه هجرة درزية كبيرة الى سورية، وطرف ثان يهمه السيطرة على الممرات الحيوية التي توصل العاصمة بيروت بالمناطق وبكل الاتجاهات، وطرف ثالث خارجي يهمه مضايقة الدروز لكي يستنجدوا به كضمانة لهم في ظل خطط تهدف لقيام أحلاف غريبة في المنطقة، تستند الى تجميع الأقليات في مواجهة أكثرية، وبين هذه وتلك من الخطط، ضرر واضح للفكرة العربية الحضارية برمتها. يبدي أهل الجبل – وفقا للسياسي المخضرم ذاته – عتبا كبيرا على مرجعية رئاسية ساهمت مواقفها في تأجيج المشاعر، بينما كان الأمل معقود عليها لتفعيل حالة الارتخاء السياسي، وتخفيف منسوب التوتر، لاسيما بعد الحادثة التي وقعت نهاية الشهر يونيو الماضي في بلدة البساتين، والتي نتجت عن إطلاق نار من موكب مسلح على متظاهرين يعبرون عن احتجاج سلمي على زيارة وزير الخارجية جبران باسيل. المرجع الرئاسي، استنفر كل أجهزة الدولة والرأي العام، وذكر بحوادث مأساوية حصلت في تلك المنطقة إبان فترة الحرب المشؤومة، ودعا مجلس الدفاع الأعلى للانعقاد ـ بينما لم يدعوه للاجتماع في حوادث مشابهة حصلت سابقا ـ وقال كلاما كبيرا أمام المجلس، ولولا موضوعية رئيس الحكومة وقائد الجيش، لكان الأمر تطور الى واقع مختلف. علما أن معالجة الحادث المفاجئ كانت تقتضي توقيف كل المشاركين في الإشكال، وتحويلهم للتحقيق أمام القضاء المختص، وهذا الأمر متوافر بطبيعة الحال، لأن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أبدى كل استعداد للتعاون مع السلطات المختصة لمعالجة ما حصل تحت سقف القانون، والطرف الآخر في الحادث يقع تحت مونة – او تأثير – المرجع الرئاسي الذي ساعده في الوصول الى مجلس الوزراء، وسانده في كل المواقف في الفترة السابقة. ويقول السياسي المخضرم ذاته: أن يلجأ وليد جنبلاط الى التذكير بالأمير فخرالدين آل معن مؤسس الكيان اللبناني في القرن السادس عشر، وإلى كمال جنبلاط، ضمن خطابه أمام آلاف رجال الدين في مؤسسة العرفان السبت الماضي، مذكرا بتاريخ من التحديات والصعوبات التي واجهت أبناء الجبل، ليست مسألة عرضية، بل ان موقفه نابع من المخاوف التي يعيشها أبناء الجبل من جراء التحامل غير الطبيعي عليهم، خصوصا من مرجعية كبيرة، قدموا لها الكثير من التنازلات، ويشعرون أنها تستهدفهم بكل قواها، وهذه المرجعية توافق على تعطيل الحكومة الى حين الاقتصاص من أبناء الجبل، وإحالة ملف حادث عابر الى المجلس العدلي من دون أي مسوغات قانونية. العتب الجبلي، ومعه عتب أغلبية واسعة من اللبنانيين على الأداء السياسي لبعض المرجعيات، قد يقود الى توترات غير محسوبة النتائج. وقديما قيل «اذا الجبل بخير.. لبنان بخير».

Exit mobile version