لبنان
«الكهرباء» تفرز محاور جديدة تتخطى الانقسام السياسي
بيروت ـ عمر حبنجر على الرغم من النفي والتــوضيح والتــلاعـب بالكلمات والعبارات، يعتقد موظفو مختلف مواقع الدولة اللبنانية ان قرارات قاسية قد اتخذت، وان ما يجري من مقترحات ومداولات وخطوات تليها تراجعات، غايته تحميل هؤلاء مسؤولية انهيار الوضع، ان لم يتقبلوا دفع ثمن ما جنته أيدي غيرهم من قادة وأحزاب وقيادات ممسكة الآن بمفاتيح السلطة.…
بيروت ـ عمر حبنجر على الرغم من النفي والتــوضيح والتــلاعـب بالكلمات والعبارات، يعتقد موظفو مختلف مواقع الدولة اللبنانية ان قرارات قاسية قد اتخذت، وان ما يجري من مقترحات ومداولات وخطوات تليها تراجعات، غايته تحميل هؤلاء مسؤولية انهيار الوضع، ان لم يتقبلوا دفع ثمن ما جنته أيدي غيرهم من قادة وأحزاب وقيادات ممسكة الآن بمفاتيح السلطة. تحركات الموظفين العاملين والعسكريين المتقاعدين دفعت بالقيمين الى الانكفاء بطروحاتهم الرامية الى تصحيح عجز الخزينة من جيوب الناس، بدل وقف التهرب الضريبي وإقفال أقنية التهريب وطرق أبواب المصارف، الكاسب الوحيد، في هذه المعمعة. واقع الحال اللبناني الصعب جسدته الجلسة النيابية التي انعقدت الأربعاء وسط الاعتصامات والاعتراضات في محيط مجلس النواب ثم في داخله حيث فشلت الاحتجاجات الشعبية، ومواقف بعض الكتل النيابية في تصحيح الخلل الحاصل في خطة الكهرباء، عبر إجهاض المطالبة بالتعيين العاجل للهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء بغرض إبقاء سلطة اجراء المناقصات بيد وزير الطاقة، وحده، وبكل شاردة وواردة، كما الحال الراهنة التي أوصلت الكهرباء الى هدر ما يوازي نصف الدين العام البالغ حتى الآن 86 مليار دولار. وبدا التناغم واضحا في مجلس النواب في الجلسة الأخيرة بين ثلاثي أمل والمستقبل والتيار الحر، في إمرار الخطة كما هي رغم معارضة كُتل جنبلاط والقوات اللبنانية وحزب الكتائب، بحيث تشكل في المجلس محوران جديدان تخطيا الانقسام السياسي لمصلحة الإنقاذ العام. الجديد اللافت، كان مكاشفة رئيس الحكومة سعد الحريري اللبنانيين بالحقيقة المرة «اذا منكمل هيك سنصل إلى كارثة». فالعشوائية والمحاصصة، وتحويل الدولة الى بقرة حلوب، جعل هذه الدولة بجميع قدراتها قرية تتحكم بها المصارف المحلية، والدولية، فضلا عن وكلائهم المحليين. وزير الخارجية جبران باسيل المبادر الى كشف المستور من اتجاهات لتقليص رواتب القاعدين في الوظائف العامة او المتقاعدين. فسر امس موقفه بالقول: انا قلت الذي قلته ولن أتراجع عنه، انا عندي ما يكفي من الجرأة والصراحة بأن أقول رأيي، المهم ألا يكلفنا انهيار البلد. الوزير باسيل خرج من الجلسة التشريعية لمجلس النواب الأربعاء بربح تأجيل تعيين الهيئة الناظمة للكهرباء مدة ستة اشهر، وبخسارة تمرير اقتراح القانون بإنشاء المنطقة الاقتصادية في منطقة (البترون) بفعل طلب رئيس الحكومة من رئيس مجلس النواب تأجيل هذا الموضوع لمزيد من الدرس، وقد حاول باسيل الاعتراض على قانونية الطلب لكن رئيس المجلس اكد على قانونية طلب الحريري، الذي لا يمكن ان يتحمل اقامة منطقة اقتصادية على مرمى النظر من المنطقة الاقتصادية المعتمدة في طرابلس، الخارجة من انتخابات طغى فيها المقاطعون على المقترعين. احتجاجا على الرخاوة السياسية، والإهمال الطويل. وفي هذا السياق سرب فيديو سجل لحديث الرئيس الحريري مع فعاليات طرابلسية، انتقد فيه الطروحات لإقامة «مناطق اقتصادية» خارج طرابلس، وتحديدا في البترون وصور، وتضمن التسجيل قول الحريري: لقد ظهر من يقول ان هنالك مناطق اقتصادية جديدة، وأنا أفول مبروك عليهم، لا توجد منطقة اقتصادية سوى واحدة في طرابلس فقط، ومن الطبيعي ان تكون هناك «منطقة» واحدة في لبنان وليس «مناطق» موزعة على الطوائف. وأضاف: هذه الأعمال قمة في الغباء وهي الهدر بعينه. الحريري غادر مساء الى الخارج للاحتفال بعيد ميلاده التاسع والأربعين مع عائلته. رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، غرد امس داعيا الى الإلغاء الكامل لامتيازات الوزراء والنواب، ودعا المصارف إلى المساهمة في خفض العجز. بدوره، السفير الفرنسي برونو فوشيه، الذي ترعى بلاده مؤتمر «سيدر» ومقرراته، حث الحكومة اللبنانية على وضع موازنة تقشفية، لافتا الى ان لبنان يعاني مديونية كبيرة ووضعه المالي سيئ. اما رئيس حزب الكتائب سامي الجميل فقد دعا الى عدم حصر التخفيضات بالنواب والوزراء وموظفي الفئة الأولى فقط بل ليشمل المتعهدين، لكنه عاد ليؤكد أن القرارات يتخذها رجال حقيقيون!