اخر الاخبار

هجوم نيوزيلندا: كيف فشلت مواقع التواصل الاجتماعي في التعامل مع فيديو القتل؟

مصدر الصورة Getty Images Image caption تسابقت مواقع التواصل الاجتماعي من أجل حذف فيديو هجوم نيوزيلندا، لكنها فشلت في مواكبة سرعة نشره فتح مسلح النار على مسجد في مدينة كرايست تشيرش في نيوزيلندا الجمعة الماضية، مما أسفر عن مقتل 49 شخصا وإصابة آخرين. وأثناء تنفيذ الهجوم، صور المسلح ما يحدث وبثه مباشرة عبر فيسبوك. وبدأ…

Published

on

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

تسابقت مواقع التواصل الاجتماعي من أجل حذف فيديو هجوم نيوزيلندا، لكنها فشلت في مواكبة سرعة نشره

فتح مسلح النار على مسجد في مدينة كرايست تشيرش في نيوزيلندا الجمعة الماضية، مما أسفر عن مقتل 49 شخصا وإصابة آخرين. وأثناء تنفيذ الهجوم، صور المسلح ما يحدث وبثه مباشرة عبر فيسبوك.

وبدأ في أعقاب ذلك سباق محموم بين صفحات التواصل الاجتماعي لحذف هذا الفيديو الذي أعيد نشره على ما يبدو لعدد لا نهائي من المرات بعد وقوع الهجوم.
ووجد الفيديو طريقه إلى الصفحات الأولى لعدد من أكبر المواقع الإخبارية عبر وسائل التواصل الاجتماعي في شكل صور ثابتة، ولقطات متحركة قصيرة حتى أن بعضها نشر مقطع الفيديو كاملا.

ويعكس تتابع الأحداث على مستوى هذا الهجوم كيف حاولت مواقع التواصل الاجتماعي الكبرى مثل تويتر، وفيسبوك، ويوتيوب، وريديت التعامل مع تطرف اليمين المتشدد على منصاتها الاجتماعية، لكنها فشلت في ذلك.
ومع استمرار انتشار الفيديو، ظهرت منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي يحث أصحابها باقي المستخدمين على التوقف عن اعادة نشر المقطع الذي يوثق الهجوم.
وجاء في أحد هذه المنشورات: “هذا هو ما يريده الإرهابي.”
ماالذي نُشر؟
نشر مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع الفيديو الذي يعرض مشاهد مباشرة لعمليات القتل.

قبل عشرة أو عشرين دقيقة من الهجوم، نشر أحد المستخدمين رسالة على منتدى “8تشان”، وهو منتدى خاص باليمينيين المتطرفين. واحتوت تلك الرسالة على روابط لصفحة فيسبوك الخاصة بالمشتبه به الرئيسي حيث أعلن أنه سوف يظهر في بث حي إضافة إلى نشر وثيقة تنطوي على خطاب حافل بالهذيان والكراهية.
وكانت الوثيقة محملة “بقدر كبير من المحتوى، أغلبه ساخر، وعدائي، علاوة على عبارات مشهورة في الكتابة على الإنترنت من أجل تشتيت وتشويش الناس”، وفقا لروبرت إيفانز محلل بيلينغكات.
أشار المشتبه به الرئيسي في الفيديو الحقيقي إلى إحدى هذه العبارات عندما صرخ قبل أن يفتح النار على الضحايا قائلا: “سجل على بيو دي باي”، وهي عبارة تحث على جعل صفحة نجم يوتيوب بيو دي باي الأكثر تسجيلا على هذا الموقع. وارتبط اسم هذا النجم بجدل عنصري في وقت سابق، لذلك يتكهن البعض بأن المشتبه به اعتقد أن ذكر اسمه سوف يثير ردود أفعال عبر الإنترنت. وقال بيو دي باي في تغريدة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: “أشعر بالاشمئزاز لذكر اسمي على لسان هذا الشخص”.
بُثت الهجمات مباشرة عبر فيسبوك، ورغم حذف الفيديو الأصلي، ظهرت نسخ كثيرة منه نُشرت على نطاق واسع على منصات أخرى، من بينها تويتر ويوتيوب.
يستمر الكثيرون في الإبلاغ عن هذا الفيديو، وهي البلاغات التي رغم الاستجابة السريعة لها من قبل المواقع، يستمر كثيرون في نشرها على يوتيوب بسرعة أكبر من أن يتمكن الموقع من الاستمرار في حذفها.
بثت بعض وسائل الإعلام الأسترالية أجزاء من الفيديو كما حدث في كثير من الصحف العالمية الرئيسية.
نشر رايان ماك، مراسل التكنولوجيا لدى بازفيد، تسلسلا زمنيا عن المواقع التي شاهد عليها الفيديو، والذي تضمن نشره على حساب محقق على موقع التواصل الاجتماعي تويتر لديه 694 ألف متابع. وزعم ماك أن الفيديو استمر على هذا الحساب لساعتين كاملتين.

ردود فعل
في الوقت الذي نشر فيه الكثيرون الفيديو على نطاق واسع، كان هناك فريق آخر يحث الناس، ليس فقط على التوقف عن مشاركته، لكن على عدم مشاهدته، معربين عن اشمئزازهم منه.
ومع انتشار الفيديو، رأى كثيرون أن اعادة نشر الفيديو بكثافة هو ما أراده منفذ الهجوم.
وأعرب الكثيرون عن غضبهم من نشر بعض وسائل الإعلام هذا المحتوى.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

تعهدت شركة فيسبوك بحذف أي دعم أو إشادة بمنفذ أو منفذي الهجوم

فعلى سبيل المثال، اتهم كريشنان غورو-مورثي، مذيع القناة الرابعة البريطانية، موقعين الكترونيين لصحف كبرى، ذكر اسمهما في تغريدتين منفصلتين على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، بأنهما “سجلا رقما جديدا في التدني والتركيز على عناوين جاذبة”.
وقال مارك دي ستيفانو، مراسل بازفيد، إن موقع “ميل أون لاين” الإخباري سمح لجمهوره بتحميل الوثيقة التي نشرها المشتبه به على صفحته على فيسبوك قبل تنفيذ الهجوم، المكونة من 74 صفحة، من خلال رابط تحميلها في أحد التقارير. لكن الموقع حذف الوثيقة بعد ذلك، مؤكدا أن إدراجها في التقرير كان “خطأ” غير مقصود.
كما دون لويد أمبلي، الكاتب في الدايلي ميرور، تغريدة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر أشار فيها إلى أن نشر هذه الوثيقة “تعارض مع سياسة مقاطع الفيديو الدعائية التي تروج للإرهاب.”
كيف استجابت شركات التواصل الاجتماعي؟
أبدت مواقع التواصل الاجتماعي تعاطفا شديدا مع ضحايا إطلاق النار العشوائي، مؤكدة على أنها اتخذت إجراءات سريعة لحذف المحتوى غير الملائم.
وقال موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: “نبهتنا الشرطة النيوزلندية إلى فيديو على فيسبوك بعد بداية بث حي بقليل، وبالفعل حذفنا حساب منفذ الهجوم والفيديو.”
وأضاف بيان الشركة: كما نتعهد بحذف جميع أشكال الدعم والإشادة بمنفذ أو منفذي الهجوم بمجرد علمنا بوجودها. وسوف نستمر في التعاون مع الشرطة النيوزلندية بشكل مباشر في كل الإجراءات والتحقيقات الخاصة بالحادث.”
وقال موقع يوتيوب للتواصل الاجتماعي عبر الفيديو في تغريدة على حساب الموقع الرسمي على تويتر: “نعبر عن بالغ أسفنا، ونعمل بكل يقظة من أجل حذف الفيديو العنيف.”
واتسمت منهجية شركات التواصل الاجتماعي في مكافحة متشددي اليمين المتطرف بالتخبط.
وبدأ تويتر في حذف حسابات أنصار اليمين المتطرف في ديسمبر 2017. وحذفت الشركة حساب ريتشارد سبنسر، وهو أمريكي يتبنى فكرا قوميا وكان سببا وراء انتشار مصطلح “البديل الأبيض”، لكنها أعادت تفعيل الحساب مرة ثانية.
واعترفت شركة فيسبوك، التي حذفت حساب سبنسر في إبريل/ نيسان 2018، بأنها تواجه صعوبة في التمييز بين خطاب الكراهية والخطاب السياسي المشروع.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

لا تزال مدينة كرايست تشيرش خاضعة لإجراءات أمنية مشددة منذ وقوع الهجوم

وواجه موقع يوتيوب هذا الشهر اتهامات بأنه يفتقر إلى الكفاءة أو المسؤولية في التعامل مع فيديو يروج لجماعة “ناشونال أكشن” المحظورة التي تنتمي إلى النازيين الجدد.
وقالت يافيت كوبر، عضوة البرلمان البريطاني، إن موقع التواصل الاجتماعي عبر الفيديو وعد أكثر من مرة بحذف هذا الفيديو، لكنه يعاود الظهور على الموقع من جديد.
ما الذي ينبغي أن يحدث؟
يعتقد سياران غيليسبي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ساري البريطاينة، أن المشكلة تتجاوز مجرد نشر فيديو صادم كهذا واعادة تداوله.
وأضاف: أن “المسألة ليست مجرد بث المذبحة مباشرة. فمنصات التواصل الاجتماعي تسابقت من أجل حذفه، لكن لم يكن بيدها الكثير لتقوم به من أجل الحيلولة دون نشره نظرا لطبيعة هذه المنصات، لكن السؤال الأهم هو عما نُشر من محتوى مشابه على هذه المواقع من قبل.”
ويستخدم باحث العلوم السياسية، غيليسبي موقع يوتيوب كثيرا، ويؤكد أنه يتلقى بشكل مستمر توصيات على الموقع بمشاهدة محتوى يميني متطرف.
وقال: “هذا المحتوى منتشر على يوتيوب بشكل هائل لكن لا توجد وسيلة لتقدير حجمه. ونجح يوتيوب في التعامل بطريقة صحيحة مع المتشددين الإسلاميين لأن خطابهم كان ببساطة غير مشروع بشكل واضح. لكن الموقع نفس الضغط لم يُمارس من أجل حذف محتوى اليمين المتطرف رغم أنه يشكل خطرا مماثلا.”
وتوقع أن تظهر مطالبات كثيرة ليوتيوب بالتوقف عن الترويج للعنصرية ومحتوى وقنوات اليمين المتطرف.

“جدل مشروع؟”
واتفق بهاراث غانيش، الباحث في معهد أوكسفورد للإنترنت، مع ما طرحه سياران غيليسبي.
وقال غانيش: “حذف الفيديو هو الإجراء الصحيح، لكن مواقع التواصل الاجتماعي سمحت لمنظمات اليمين المتطرف بنشر مناقشاتها في غياب منهجية لدى تلك المواقع في التعامل مع الكراهية التي تحملها تلك النقاشات.”
وأضاف: “كان هناك ميل ولا يزال إلى الخطأ في تفسير حرية التعبير مع أنه من الواضح أن بعض الناس ينشرون أيدولوجيات سامة وعنيفة.”
وشدد على أن “شركات التواصل الاجتماعي تحتاج إلى التعامل مع هذه الأيدولوجيات بقدر أكبر من الجدية.”
وأشار إلى أن ذلك “قد يعني إنشاء فئة خاصة لمتشددي اليمين المتطرف، اعترافا بأن لها انتشارا على المستوى الدولي وشبكات عالمية.”
ولا يمكن أن نقلل من ضخامة هذه المهمة، إذ يبرع الكثير من أنصار الفكر اليميني المتطرف فيما يسميه سياران غيليسبي “الجدل المشروع”.
وقال غانيش إن “الناس سوف يناقشون التهديد الذي يمثله الإسلام ويعترفون بأنه مثير للجدل، لكنهم سوف يؤكدون أنه نقاش مشروع.”
وينطوي التعامل مع هذه المناطق الرمادية على صعوبة بالغة لشركات التواصل الاجتماعي، لكن المأساة الأخيرة التي شهدتها نيوزلندا تجعل هناك قناعة لدى كثيرين بأن على تلك الشركات بذل جهد أكبر في التعامل مع تلك المناطق.

Exit mobile version