اخر الاخبار
المدن الخمس الأكثر إبداعا في العالم
مصدر الصورة Alamy إن الفلتات الإبداعية، خلافا للاعتقاد السائد، لم يتفتق عنها ذهن فنانين بمفردهم، بل هي محصلة تلاقح فكري وتداخل بين ثقافات مختلفة. ويشهد التاريخ بأن المدن كانت دوما المحفز الرئيسي لعجلة الإبداع الفني، من أثينا مهد الحضارة الإغريقية إلى فلورنسا مركز النهضة الأوروبية، ونيويورك عاصمة الفنون في العالم في أعقاب الحرب العالمية الثانية…
مصدر الصورة
Alamy
إن الفلتات الإبداعية، خلافا للاعتقاد السائد، لم يتفتق عنها ذهن فنانين بمفردهم، بل هي محصلة تلاقح فكري وتداخل بين ثقافات مختلفة. ويشهد التاريخ بأن المدن كانت دوما المحفز الرئيسي لعجلة الإبداع الفني، من أثينا مهد الحضارة الإغريقية إلى فلورنسا مركز النهضة الأوروبية، ونيويورك عاصمة الفنون في العالم في أعقاب الحرب العالمية الثانية وحتى لندن التي كانت مركزا للتحولات الاجتماعية والثقافية التي شهدتها بريطانيا في الستينيات.
وفي مطلع الألفية الثالثة وضع الباحث الأكاديمي ريتشارد فلوريدا نظرية مفادها أن الابتكار يمهد للتطور العمراني، فإذا انتقل الفنانون إلى المناطق الفقيرة أو الصناعية المهجورة بحثا عن السكن الرخيص، فإنها يزينون المنطقة ويجملونها ومن ثم يتوافد على هذه المجتمعات المنفتحة أفراد الطبقة المتوسطة.
لكن في عام 2017، ذكر فلوريدا في كتابه، “أزمة العمران الحديث”، أن المدن التي كانت عواصم للفنون أصبحت ضحية لازدهارها. إذ بلغ فيها التفاوت الطبقي ذروته، وهيمن على شوارعها الأثرياء والمطورون العقاريون، وغادرها الفنانون بحثا عن مدن أو مناطق جديدة.
وقد شهدت خريطة الفنون في العالم تغيرات في الآونة الأخيرة، وسطع نجم مراكز ثقافية جديدة بعيدا عن المراكز المالية العالمية، ولا تخضع فنونها لتأثير تاريخ الفن الغربي. وسنعرض فيما يلي خمس مدن يستحق المشهد الإبداعي المزدهر فيها اهتماما عالميا.
هل الفلافل المصرية هي الأفضل في العالم؟
قصة الأغنية السياسية “الأكثر ثورية” في التاريخ المعاصر
مصدر الصورة
Zona Maco
Image caption
معرض زونو ماكو أصبح ملتقي للمبدعين في مدينة ميكسيكو سيتي
ميكسيكو سيتي
في الوقت الذي ينشغل فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإقامة الجدران وفرض الرسوم الجمركية، أصبح المشهد الإبداعي في العاصمة المكسيكية أكثر نشاطا وازدهارا من أي وقت مضى، وشهدت المدينة إقبالا منقطع النظير من الفنانين الباحثين عن فضاء للتعبير عن إبداعاتهم.
وحازت المدينة على لقب عاصمة التصميمات العالمية لعام 2018 من المنظمة العالمية للتصميمات، بسبب الطرز المعمارية الفريدة من نوعها والتصميمات الخلاقة في المدينة. وتحتضن المدينة أيضا بيوت الأزياء العصرية والعملية، واشتهرت بالتصميمات الجديدة التي تصلح للجنسين.
وبعد مرور عقود على وفاة فريدة كاهلو ودييغو ريفيرا، أشهر فناني المكسيك، تطور الفن المكسيكي ولعبت سنوات القمع في أعقاب مذبحة طلاب تلاتيلولكو في عام 1968، دورا كبيرا في تشكيل المشهد الفني المكسيكي، حتى اكتملت ملامح النهضة الفنية المكسيكية في أواخر الثمانينيات.
وقد أضحت اليوم العاصمة المكسيكية مقصدا للمولعين بالفنون المعاصرة، التي لا يخلو الكثير منها من النزعة السياسية، وتستقطب معارضها، مثل معرض زونا ماكو، الذي يشارك فيه أكثر من 150 فنانا، تجار الأعمال الفنية المعاصرة من مختلف أنحاء العالم.
مصدر الصورة
Salón Silicón
Image caption
دشن معرض “سالون سيليكون” في قاعة كانت متجرا للتنظيف الجاف سابقا، وينظم برنامجا تعليميا شاملا
وترددت أصداء معارض فنية مكسيكية معاصرة في المشهد الفني الدولي، مثل “هاوس أوف غاغا” و”كوريمانزوتو”، ودشن معرض “سالون سيليكون” في قاعة كانت متجرا للتنظيف الجاف سابقا، وينظم برنامجا للإثراء الفكري متعدد التخصصات يدعم قضايا المرأة والمثليين.
وتقول شارون دريجانسكي، صاحبة متجر “ذا فيزرد” للتصميمات المبتكرة، في العاصمة المكسيكية، إن السياح كانوا في الماضي يتوجهون للشواطئ بمجرد أن تطأ أقدامهم مطار المكسيك، لكنهم الآن يقيمون في المدينة للاستمتاع بالمشهد الإبداعي. وتضيف: “إن مدينة مكسيكو سيتي تستقطب في الآونة الأخيرة اهتماما كبيرا لم يسبق له مثيل”.
الشارقة
طالما كانت إمارتي أبو ظبي ودبي تخطفان الأضواء من إمارة الشارقة. لكن الفرصة أصبحت الآن مواتية لإمارة الشارقة لتتألق وتُسلط عليها الأضواء، ويعود الفضل في ذلك إلى الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة المولع بالفن والشعر وعائلته الخلّاقة.
وتولت ابنته الصغرى الشيخة حور القاسمي، الفنانة التي حصلت على بكالوريوس من كلية سليد للفنون الجميلة في لندن، مسؤولية تنظيم بينالي (فعالية تقام كل عامين) الشارقة منذ 16 عاما. وبينما أقامت المتاحف العالمية الكبرى، مثل اللوفر وغوغنهايم، فروعا لها خارج الشارقة، فإن الإستدامة والتصميمات الواعية هما سر تميز ونجاح هذه الإمارة التي تأمل أن تتخلص من مكبات النفايات بحلول عام 2020.
مصدر الصورة
Courtesy of the artist/ Sharjah Art Foundation
Image caption
جدارية الشعلات المعلقة التي كلفت مؤسسة الشارقة للفنون خادم علي برسمها
وتسعى الشارقة بخطى حثيثة لتصبح مركزا للإبداع والثقافة والفنون في الإمارات، وقد أصبح المشهد الثقافي في الشارقة في السنوات الأخيرة حافلا بالفعاليات والمهرجانات الثقافية الأكثر تطورا، مثل فعاليات بينالي الشارقة للفن المعاصر وبينالي التصميم الغرافيكي، الذي دشن حديثا، ومهرجان الفنون الإسلامية.
وتعد مؤسسة الشارقة للفنون، التي تديرها حور القاسمي، مركزا للفن المعاصر في المنطقة، وتنظم المؤسسة أنشطة وبرامج على مدار العام، منها البينالي ومهرجان الأفلام وتمويل إقامة الفنانين المحليين والدوليين، ومهرجان أفلام تجريبية واستديوهات الفنانين وجزيرة النور للفنون.
وخصصت مؤسسة الشارقة للفنون جناحا دائما لمشروع “الغرفة الماطرة” الذي حقق شهرة كبيرة على موقع إنستغرام، وهو عمل فني تفاعلي أنجزه كل من هانس كوش وفلوريان أورتكراس، عام 2018، وثمة مشروعات أخرى دائمة يصممها فنانون قيد التنفيذ في الشارقة.
وصمم الفنان بالافي دين، مقهى “الراوي” الثقافي، وهو مكتبة ومطعم افتتح حديثا في إمارة الشارقة، وأصبح ملتقى جذابا للمصممين والفنانين في المدينة.
مصدر الصورة
Sharjah Art Foundation
Image caption
الغرفة الماطرة عمل فني حقق شعبية كبيرة في مؤسسة الشارقة للفنون
وفي نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي، دُشن بينالي “فكرة” للتصميم الغرافيكي الذي تستضيفه مؤسسة “فكرة” وهي منصة ثقافية واستديو للتصميم الغرافيكي، واتخذ البينالي من مبنى بنك مهجور من السبعينيات مقرا له، ويشارك في البينالي 40 مصمما من 20 دولة.
ويقول الشيح سالم القاسمي، مؤسس البينالي، إن الشارقة تغيرت بوتيرة متسارعة في السنوات القليلة الماضية، ويوصي بزيارة منطقة مويلح بالقرب من المدينة الجامعية.
ويقول الشيخ القاسمي: “تقع المدينة الجامعية على أطراف الشارقة تقريبا، وقد غدت قلب المدينة النابض خلفا لمنطقة قلب الشارقة الساحرة”.
وينصح بزيارة مركز مرايا للفنون ومركز “1971” للتصميم الفني المعاصر ومتحف الشارقة للفنون. أما عن الفنانين المبدعين في الشارقة، فينصح بمشاهدة أعمال عمار كالو، مهندس معماري ومصمم، وعمار العطار، مصور فوتوغرافي، والفنان ناصر نصر الله.
بلغراد
بعد سنوات من الانقطاع عن الحركات الفنية والثقافية العالمية، عادت بلغراد إلى صدارة الفن المعاصر في أوروبا. وفي الوقت الذي تستعد فيه صربيا للانضمام للاتحاد الأوروبي، تسير عاصمتها بلغراد بخطى متسارعة لتصبح وجهة عالمية لهواة النوادي والملاهي الليلية، إذ اشتهرت بلغراد مؤخرا بحياتها الليلية الصاخبة الزاخرة بالحفلات والفعاليات التي تمتد من الفنون الشعبية إلى تيار الهيب هوب الصربي الجديد. فضلا عن أنها وجهة للمولعين بالطراز المعماري المجرد الذي يسمى بالعمارة الوحشية.
مصدر الصورة
October Salon
Image caption
يقام في شهر أكتوبر/تشرين الأول بينالي الفن المعاصر في العاصمة الصربية بلغراد
ورغم ابتعاد المدينة عن التيارات الفنية العالمية لعقود أثناء حروب البلقان في التسعينيات وبعدها، إلا أن المدراس الفنية في بلغراد حافظت على تدريس الحرف الفنية اليدوية، مما أسهم في إضفاء طابع مميز على الكثير من الأعمال الفنية في المدينة.
وفي عام 2018، لفت بينالي “صالون أكتوبر” للفن المعاصر بالعاصمة بلغراد أنظار محبي الفنون في العالم، إذ استضاف الفنانة اليابانية يوكو أونو وعرض أعمال كوكبة من كبار الفنانين في العالم إلى جانب أعمال نخبة من الفنانين الصربيين.
وبينما جددت بلغراد متحف الفن المعاصر الذي تُعرض فيه الأعمال الفنية القديمة من عهد يوغوسلافيا، فإن المعارض الحديثة في بلغراد زاد اهتمامها بالأعمال الفنية المعاصرة، مثل معارض درينا ويوغستار ولوفير، التي تعد مرآة للمشهد الفني بالمدينة.
وأصبحت الفضاءات التي يديرها فنانون حاضنة للمواهب الشابة وتتيح لهم الفرصة للشهرة العالمية. وفي الوقت نفسه أصبح مصنع “سيغلانا” المهجور مركزا لفن الشارع ببلغراد.
مصدر الصورة
Jakob Simovic
Image caption
عمل فني للفنان ديجان ماركوفيتش بمصنع مهجور أصبح مركزا لفن الشارع
داكار
ليس من المستغرب أن تكون أفريقيا القارة الأكثر شبابا في العالم، فإن 60 في المئة من سكانها تحت سن 25 عاما. لكن العاصمة السنغالية داكار، بفضل انتشار رياضة ركوب الأمواج طوال العام واهتمام شعبها بالشأن السياسي وازدهار مشهد الفن المعاصر، أصبحت في واجهة الصحوة الشبابية.
تقع داكار في أقصى غرب قارة أفريقيا وتعد معقلا للجيل الجديد من الفنانين والمصممين والطلاب. وستكون السنغال أول دولة أفريقية تستضيف دورة الألعاب الأولمبية للشباب في عام 2022.
ويعد بينالي “داك أرت”، الذي تأسس في عام 1989، أقدم بينالي في قارة أفريقيا، ويسلط البينالي الضوء على الفن المعاصر والأدب في أفريقيا مع التركيز على المعارض الحديثة في السنغال.
ويقام سنويا في شهر يونيو/حزيران أسبوع داكار للموضة الذي يستقطب اهتمام هواة وصانعي الموضة في العالم، ويشارك فيه أكثر من 30 مصمما، مثل سيلي رابي كين، مصممة الأزياء السنغالية، التي اشتهرت بالمزج بين الأزياء العملية والأقمشة التقليدية. وأسس يوديت إيكلوند شركة “بانتو واكس” لمنتجات ركوب الأمواج المصنوعة في أفريقيا. وبرزت أعمال المصور الفوتوغرافي عمر فيكتور ديوب، الذي يمزج بين فن التصور التقليدي في غرب أفريقيا والثقافة الشعبية المعاصرة.
مصدر الصورة
Omar Victor Diop
Image caption
تمزج مصممة الأزياء السنغالية سيلي رابي كين بين الأقمشة التقليدية والأزياء العملية
ودُشن متحف الحضارة السوداء في نهاية عام 2018، لتغيير نظرة العالم إلى التاريخ الأفريقي والأعمال الفنية الأفريقية المعاصرة من القارة وخارجها. وذكر القائمون على المتحف أن الغرض منه هو أن يكون تجسيدا لرد الشعوب السوداء سياسيا وثقافيا وفنيا واقتصاديا على الاستخفاف بحضاراتهم سواء ثقافيا أو تكنولوجيا. ويتضمن المتحف إسهامات أفريقيا في تطور العلوم والتكنولوجيا.
وتتناثر في شوارع العاصمة السنغالية معارض فنية جذابة، مثل معرض سيسيل فاخوري، للفن المعاصر في غرب أفريقيا، وتركز معروضاته على إبراز تاريخ البلاد والهوية القومية.
بانكوك
يعيش أكثر من ثمانية مليون شخص في هذه المدينة التي تعشش فيها الفوضى ويخيم عليها التوتر السياسي. وظل المبدعون التايلنديون يقاومون الرقابة بالرقص والغناء والرسومات الجدارية والفن المعاصر والتصوير الفوتوغرافي. لكن جيلا جديدا من الفنانين والقائمين على المتاحف استجمع شجاعته ليجهر بمعارضته بطرق جديدة تمخض عنها حركة فنية ضد الطغيان.
وحققت مقاطع فيديو أغاني الراب الجديدة التي تنتقد الحكومة التايلاندية أكثر من 50 مليون مشاهدة على موقع يوتيوب، ولاقت أعمال فناني الشوارع، مثل أليكسفيس وهيديك ستينسيل، التي تحمل في طياتها معارضة سياسية صدى عالميا.
مصدر الصورة
Alamy
Image caption
يعرض هذا العمل الفني “في الكون وما وراءه” في أراضي القصر الكبير في إطار بينالي بانكوك 2018
وأقيم أول بينالي فني في بانكوك عام 2018، وفي العام نفسه نظم الفنان التايلندي كوراكريت أرونانوندشاي مهرجانا للعروض ومقاطع الفيديو. وانتشرت في المدينة معارض فنية عديدة، مثل معرض “سيتي سيتي”، كان لها الفضل في وضع بانكوك على خارطة الوجهات العالمية للباحثين عن الأعمال الفنية الآسيوية المعاصرة الأكثر تميزا.
وتقول سومراك سيلا، التي شاركت في تأسيس حانة ومعرض “دبليو تي إف”: “عندما يشتد القمع في المجتمع، تزدهر إبداعات الفنانين. وقد شهدت المدينة زيادة كبيرة في أعداد المعارض الفنية في السنوات الأخيرة، وهذا يدل على أن الفن هو الأداة الأكثر فعالية في إيصال الرسائل للناس في موضوعات حساسة أو إثارة تساؤلات لا تجيز المجتمعات الشمولية التطرق إليها”.
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Culture