اخر الاخبار

أفضل السبل لتوفير فرص عمل جيدة في المستقبل

ويني بيانيما مديرة تنفيذية بمنظمة أوكسفام انترناشيونال مصدر الصورة Getty Images Image caption توفير فرص عمل جيدة بأجور جيدة يمكن أن يساهم بشكل كبير في حل مشكلة عدم المساواة ظهرتُ الشهر الماضي في فيديو سجل نسبة مشاهدة تجاوزت 18 مليون مرة وتناول موضوعات عدة من بينها انعدام المساواة والضرائب وفرص العمل الجديدة، وجميعها ميادين كفاح…

Published

on

ويني بيانيما
مديرة تنفيذية بمنظمة أوكسفام انترناشيونال

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

توفير فرص عمل جيدة بأجور جيدة يمكن أن يساهم بشكل كبير في حل مشكلة عدم المساواة

ظهرتُ الشهر الماضي في فيديو سجل نسبة مشاهدة تجاوزت 18 مليون مرة وتناول موضوعات عدة من بينها انعدام المساواة والضرائب وفرص العمل الجديدة، وجميعها ميادين كفاح نخوض فيها معارك من أجل عالم أكثر عدلا.

وكانت نحو 60 في المئة من نسبة مشاهدة الفيديو من نصيب شباب دون سن الثلاثين، وهو ما جعلني متفائلة نظرا لكونه لامس وترا حساسا عندهم، إذ يعد العمل اللائق بالفرد أحد أمارات المجتمع المتحضر. كما يستطيع قادة اليوم وقادة المستقبل تحسين حياة ملايين البشر في شتى أرجاء العالم عن طريق تهيئة بيئة سياسية وقانونية واقتصادية مناسبة.
ويعاني أكثر من 193 مليون شخص اليوم من البطالة، كما يعمل 1.4 مليار آخرين في وظائف ضعيفة، ويعيش نحو 300 مليون عامل في شتى أرجاء العالم في فقر مدقع، من بينهم 40 في المئة في الدول النامية. وخلال العام الماضي سجلت ثروات المليارديرات زيادة بواقع 2.5 مليار دولار يوميا، بينما ازداد نصف البشرية، 3.8 مليار شخص، فقرا بنسبة 500 مليون دولار في اليوم.

وأصبح محرك تحقيق النمو الرأسمالي أحد أسباب انعدام المساواة، مع فقدان مجتمعاتنا الأمل في تمتع جميع المواطنين بنصيب عادل في هذا الازدهار، وفقدان الثقة بمؤسساتنا الديمقراطية التي تعزيز الشعور بانعدام الأمن والانعزالية والشعبوية.
النوع ونظم الحكم
أحد أهم وأقوى الخطوات التي يمكن أن تتخذها الحكومات تتمثل في مواجهة مشكلة انعدام المساواة على أساس النوع وانتشال النساء من الفقر الناتج عن ضياع الوقت، (أي ملايين الساعات غير المدفوعة التي تقضيها المرأة في العمل يوميا)، إذ يتيح ذلك للمرأة فرصاً تعليمية وسياسية واقتصادية أكبر، وهي مهمة ليست مستحيلة، بعد أن أصبحت أيسلندا مؤخرا أول دولة في العالم تفرض بالقانون المساواة في الأجور بين الرجال والنساء.
ويسيطر الرجال على ضعفي ما تسيطر عليه النساء من الثروة، كما يسيطرون على 86% من الشركات في العالم.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

تستخدم النساء في البيرو طرق نسيج تقليدية لإنتاج مصنوعات لمبادرات اجتماعية غير ربحية

وتُدفع النساء بطرق غير مناسبة إلى أداء أعمال الرعاية “غير مدفوعة الأجر” التي تشكل جزءا أساسيا في اقتصاداتنا مثل رعاية الأطفال والغسيل وأعمال النظافة والطبخ وجلب المياه، وهي أعمال تعادل نحو 10 تريليونات دولار سنويا ولا تحتسب ضمن إجمالي الناتج المحلي.
وتستطيع الحكومات تغيير هذا الاتجاه عن طريق توفير خدمات عامة شاملة كالصحة والتعليم والمياه، وتحسين الحماية الاجتماعية كالمعاشات ودعم الطفولة ورعايتها، فعلى سبيل المثال عندما يكون التعليم بالمجان، تكون الفتيات أكثر استفادة لأنهن آخر من يلتحق بالمدارس عندما تضطر عائلاتهن إلى إنفاق الأموال في سبيل حصول بناتهن على التعليم.
واستطاعت مدينة ريو دي جانيرو في البرازيل زيادة معدلات فرص العمل للأمهات ذوات الدخل المنخفض بواقع 27 في المئة عن طريق توفير خدمة الرعاية العامة المجانية للأطفال. كما استطاعت مناطق في زيمبابوي تخفيض عدد ساعات أعمال الرعاية التي تؤديها النساء إلى أربع ساعات في المتوسط يوميا بعد تحسين خدمات الحصول على مياه الشرب النظيفة.
الإنفاق مقابل التغيير
يكلف التهرب الضريبي حكومات الدول النامية 170 مليار دولار سنويا، كما يوجد الآن 7.6 تريليون دولار بعيدة عن أعين سلطات الضرائب، وتشير إحصاءات إلى أن الشركات الكبرى والأثرياء يدفعون معدلات ضريبية أقل مقارنة بالوضع في العقود السابقة.
ويمكن لضريبة قدرها نصف في المئة على ثروات واحد في المئة من أغنى أغنياء العالم أن توفر أموالاً تكفي لتعليم كل طفل لا يذهب إلى المدرسة حاليا، وتوفير رعاية صحية تنقذ حياة ثلاثة ملايين شخص.
وتؤدي مبادرات ضريبية كهذه إلى تحقيق عائدات اقتصادية. وتشير دراسات شملت ست دول متوسطة الدخل إلى أن اثنين في المئة من إجمالي الناتج المحلي في الصحة وخدمات الرعاية يمكن أن توفر زيادة في فرص عمل واحد إلى ثلاثة في المئة.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

برامج الرعاية المجانية للأطفال يمكنها مساعدة الأمهات على دخول سوق العمل

نموذج جديد للشركات
تبرز حاجة الآن أكثر من أي وقت آخر إلى تعزيز الأعمال التجارية التي تؤدي إلى تحقيق نوع مختلف من الازدهار.
وكان نموذج الأعمال السائد منذ سبعينيات القرن الماضي يركز على أن مسؤولية الشركة الرئيسية تتمثل قبل أي شيء في تعظيم أرباح حملة الأسهم.
فعلى سبيل المثال، دفعت شركات بريطانية في عام 2018 رقماً قياسيا بلغ 100 مليار جنيه إسترليني (129 مليار دولار) للمساهمين فيها، في حين لم يتغير متوسط معدل الأجور وظل كما هو.
وعلى الرغم من أن الكثير من الشركات تؤكد على برامج المسؤولية الاجتماعية لديها، يظل تحقيق العائد المالي الهدف الرئيسي لهذه الشركات، إذ يصعب على أي مدير تنفيذي تبرير دفع ضرائب أكثر ورواتب أعلى على حساب أرباح حملة الأسهم.
وتوجد كثير من البدائل الناجحة مثل شركات الرعاية الاجتماعية والشركات التعاونية والشركات المملوكة للموظفين والمزارعين.
وتبلغ قيمة أعمال شركة “موندراغون” الأسبانية 10.5 مليار جنيه إسترليني وتخضع لملكية وإدارة عشرات الآلاف من موظفيها. وتسهم شركات الرعاية الاجتماعية في الولايات المتحدة وأوروبا بنسبة 10 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، كما توفر فرص عمل بسرعة تبلغ ضعفي سرعة القطاع الخاص التقليدي.
بيد أن هذه الأعمال والمنظمات التجارية في وضع ضعيف أمام المنافسين الذين يضعون الأرباح قبل مصلحة الجمهور.
وتستطيع الحكومات معاقبة الشركات التي لا تدفع أجورا منصفة للعاملين بها، وهو ما فعلته حكومة الإكوادور مع منتجي وعمال الموز، إذ منعت الحكومة الشركات من دفع أرباح الأسهم حتى يحصل جميع العمال على رواتب تمكنهم من العيش الكريم، كما اتخذت إجراءات أخرى مثل ربط راتب المديرين التنفيذيين بنسبة ما يتلقاه العامل ومشاركة العمال في إدارة الشركة، وهو من شأنه أن يعيد التوازن للسلطة بين الشركات والعمال.
ضمان الوظائف الجيدة
يهدف توفير ضمان عمالي شامل، وفقا لما أوصت به منظمة العمل الدولية، إلى حماية حقوق العاملين وأجورهم وتحصين حمايتهم الاجتماعية وتوفير قدر أكبر من السيطرة العمالية.
ويعد ذلك من الأمور بالغة الأهمية بالنسبة لأسواق العمل التي تأثرت سلبا بالتكنولوجيا، نظرا لأن نحو 45 في المئة من الوظائف في الولايات المتحدة و56 في المئة من الوظائف في منطقة جنوب شرق آسيا مهددة بتحولها إلى وظائف تؤديها آلات.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

وفر الاقتصاد الحديث القائم على التكنولوجيا والعقود المؤقتة فرص عمل جديدة

ويوفر الذكاء الاصطناعي واستبدال العامل بالآلة واستخدام الروبوت فرص عمل جديدة، لكنه يؤدي إلى اختفاء الكثير من الوظائف الأخرى. وينبغي مساعدة العمال لاكتساب مهارات جديدة من خلال حق التعلم مدى الحياة، وإن كان ذلك يساعد لكنه لا يكفي بمفرده.
ويحتاج زعماء اليوم إلى وضع تنظيمات تحدد من يملك التكنولوجيا الجديدة ومن يستفيد منها. فالمواقع الإلكترونية التي يعمل بها الكثير من العمال، والعمل القائم على وساطة التطبيقات على الإنترنت والتي تساعد وتدعم “اقتصاد العمل الحر”، وهو الاقتصاد القائم على الوظائف المؤقتة والعقود قصيرة الأمد، توفر فرص عمل رقمية يوميا.
وينبغي لنا، ونحن نحتفي بالاختراعات ونكافئ مبتكريها، أن تتوافر لدينا وسائل تمنع سيطرة التكنولوجيا على نحو يلحق بنا أضرارا اجتماعية.
وخلق الاقتصاد الحديث القائم على التكنولوجيا والعقود المؤقتة فرص عمل جديدة، لكن العاملين بهذا الاقتصاد يحتاجون إلى الحماية من ظروف العمل السيئة.
وتعتمد الحلول الرامية إلى التغلب على انعدام المساواة وتوفير فرص عمل جيدة على قوتنا المجتمعة كمواطنين ومستهلكين، إذ يتعين على حكوماتنا أن تسن قوانين تستفيد منها الأغلبية وليس النخبة القليلة، وأن ترشد هذه القوانين إلى فرص تعليم جيد تمولها الحكومة وفي متناول الجميع، تدفع تكاليفه من ضرائب الأغنياء بشكل منصف، أن تمنع الشركات من دفع رواتب فقيرة لموظفيها ومزوديها.
ولن يحدث هذا تلقائياً أو بناء على “سحر السوق”، ففي ظل وجود جيل جديد من الزعماء السياسيين الذين يفكرون على نحو إبداعي مختلف، واقتصاد مدفوع بالإنسان، يعتبر الوقت مناسباً لإرساء قواعد أفضل للمستقبل.
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Capital

Exit mobile version