أخبار متفرقة

أسرار الأم الإيطالية التي قد تصبح قديسة يكشفها زوجها لأليتيا

قصة هذه الأم البالغة من العمر 28 عاما والتي توفيت بعد رفضها تلقي علاج مرض السرطان لحماية حياة طفلها الذي لم يولد بعد هزّت إيطاليا والعالم. صورة وجهها المضيء برغم مرضها وألمها معلقة في العديد من المنازل في إيطاليا وخاصة في روما مسقط رأسها. ذكراها الجميلة حاضرة في قلب وعقل كل من عرفها حيث يصفها…

Published

on

قصة هذه الأم البالغة من العمر 28 عاما والتي توفيت بعد رفضها تلقي علاج مرض السرطان لحماية حياة طفلها الذي لم يولد بعد هزّت إيطاليا والعالم.

صورة وجهها المضيء برغم مرضها وألمها معلقة في العديد من المنازل في إيطاليا وخاصة في روما مسقط رأسها. ذكراها الجميلة حاضرة في قلب وعقل كل من عرفها حيث يصفها الكثيرون بالقديسة “العادية” أي التي عاشت حياة تشبه حياة الملايين من أبناء وبنات جيلها لكن بإيمان قوي ومتميّز.

خسرت طفليها وفقدت حياتها ليبصر الثالث النور

في عام 2010 تم تشخيص كيارا كوربيلا بورم خبيث وهي حامل بطفلها الثالث. وكانت الشابة قد خسرت وزوجها طفلين لإصابتهما بتشوهات خطيرة. أثناء حملها الثالث تم تشخيصها بالسرطان لكن كيارا كوربيلا رفضت العلاج الذي من شأنه أن يعرض حياة طفلها للخطر. ولد ابنها فرانشيسكو بصحة ممتازة خلال شهر أيّار/مايو من العام 2011.

بدأت بتلقي العلاج الكيميائي الذي لم يكن مجديًا بسبب تفشي المرض. توفيت كيارا في 13 من حزيران/يونيو 2012 عن عمر يناهز 28 عامًا. يوم جنازتها جاء الآلاف لتكريمها متأثرين بشهادة حياة وبطولة هذه الشابة “العادية”. في أيار / مايو من العام 2012 قبل شهر ونصف من وفاتها قابلت كيارا وزوجها وابنها البابا بندكتس السادس عشر. وقال زوج كيارا إنريكو بيتريلو في مقابلة مع إذاعة الفاتيكان بعد أربعة أشهر من وفاة زوجته “لحظة عزاء كبيرة”.

الفضائل البطولية المسيحية

وتم البحث بدعوى تطويب كيارا انطلاقًا من المعيار الجديد الذي أضافه البابا فرنسيس لدعاوى التطويب والتقديس الثلاثة التي كانت موجودة في السابق. المعيار الجديد هو “بذل الذات” حيث يقبل المعمّد الموت المبكر من أجل خدمة الآخرين. وبذلك أعطى البابا توجيهًا جديدًا في البراءة البابوية التي نُشرت خلال شهر تموز/يوليو من العام 2017 يفرض الاعتراف بهذه الأعجوبة من أجل إعلان التطويب.

“ما من حبّ أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه في سبيل من يحبّ” (إنجيل القديس يوحنا 15: 13) انطلاقًا من هذه العبارة أثبت البابا أنّ المسيحيين الذين “بذلوا نفسهم بإرادتهم وحريّتهم من أجل الآخرين وثابروا من أجل ذلك حتى الموت” هم يستحقّون التطويب.

ومن هذا المنطلق قررت أبرشية روما فتح دعوى “الفضائل البطولية” من أجل تسليط الضوء على رحلة الإيمان “الطبيعية” نحو تقديس هذه الأم البطلة الشابة التي توفيت وهي في الثامنة والعشرين من عمرها.

مقابلة خاصة بأليتيا مع زوجها

دعانا الى منزله، في يوم جمعة بعد أسبوع عمل طويل، في روما للحديث عن كيارا وعن قصتهما الرائعة معاً – التي لم تخلو من المعاناة والتجارب.

هو اليوم أب أعزب يربي طفل عمره ٤ سنوات. وهو يواجه مرّة أخرى المرض….

خلال الأشهر الماضيّة، عانى من التهاب عضلة القلب والتهاب رئوي. بقي في الحجر الصحي لأسبوعَين إذ شك الأطباء بإصابته بالسل.

ويقول وبالتالي انه خلال الأشهر الماضي اختبر “مخاوف أخرى”. وقال: “لم أخف الموت بل خفت أن أترك فرانشيسكو وحده.”

قاطع المقابلة قبل التعمق بها أكثر وقال: “هل يمكننا ان نصلي قبل أن نبدأ الكلام؟”

يعمل كمعالج فيزيائي في مستشفى ويسرد لنا قصة كيارا التي بدأت في صيف العام ٢٠٠٢ عندما التقيا في ميديغوريه. تزوجا بعد ست سنوات في ٢١ سبتمبر ٢٠٠٨.

حملت كيارا، بعد أشهر، بطفلهما الأوّل، ماريا ليتيسيا إلا ان نتائج الصور الأولى أفادت بأن الفتاة تعاني من عدم تكوّن الدماغ ما قد يتسبب بوفاتها بعد ولادتها بفترة قصيرة.

على الرغم من الإعدام بالموت، فتحت لهما ماريا “قلبيهما ونافذة النعمة ودخل الينا الحب الأبدي.”

لم تنفك كيارا تردد ان “كلّ ركلة هديّة”. عاشت ماريا نصف ساعة بعد الولادة. لمناسبة جنازتها، حضّر أنريكو بطاقة كُتب عليها: “نولد كي لا نموت”.

ويقول: “سمعت هذه الجملة للمرّة الأولى من استاذ تعليم مسيحي كان يموت بسبب السرطان وبقيت محفورة في قلبي. هي من الأمور التي يعطينا اللّه إياها لتبقى معنا.”

ويجيب عن سؤال لماذا كتب الكتاب وعنوانه هذه العبارة نفسها بالقول: “أضاف الناس الكثير من العناصر “الرومانسيّة” الى قصة زواجي من كيارا وهذا لا يتطابق مع الوقائع. أردت أن أقول للناس ما حصل دون وضع القصة في اطار مثالي.”

انتظرا بعدها ابنهما الثاني دفيد جيوفاني الذي ولد مع تشوهات وإعاقات خطيرة. بدا وكأن التاريخ يُعيد نفسه. طرحنا على انفسنا مراراً وتكراراً السؤال التالي: “الى أين يقودنا اللّه من خلال هذه التجارب؟”

“كان من الجميل جداً ان نثق ببعضنا البعض ونمشي معاً في هذا الوادي المُظلم حيث شعرنا أن أحد يقودنا حتى ولو كنا غير قادرين على رؤيته.”

لم يعش ديفيد إلا ٣٨ دقيقة. وكتبت كيارا في مارس ٢٠١٠: “أسقط دفيد “حقنا” في ان يكون لنا ابن لنا لأنه فقط ابن اللّه.”

ويشير انريكو الى انه في كلا الحالتَين وعلى الرغم من اعاقات ولدَيه إلا ان كلمة إجهاض لم تخطر يوماً في باله.

سألناه: “هل شعرت ان العالم ضدك؟” فأجاب: “أكثر من كون العالم ضدنا، عرفنا ان الرب معنا. عندما تسأل نفسك عن هذا الموضوع كأنك تفتح حواراً وامكانيّة الوصول الى شيء إضافي.”

أوصى كثيرون، بعد التجربتَين، ان يتخليا عن فكرة الإنجاب. نصحهما آخرون بالانتظار لكن وبكلمات كيارا: “فكرة الانتظار احزنتنا.”

لم تمر فترة طويلة قبل ان تكتشف كيارا انها حامل. خلال الحمل، بدأت تشعر بحريق في لسانها لم تعره اهتماماً كبيراً لكن سرعان ما انتقل الألم الى معدتها.

كانا ينتظران فرنشيسكو الذي وبحسب كلّ الفحوصات كان ينمو دون مشكلة. كبر جرح لسان كيارا وبعد اجراء العديد من الفحوصات، خضعت لعمليّة جراحيّة في مارس. لم تشتك كيارا أبداً بل واجهت المحنة بابتسامة.

“على الرغم من الصليب الذي كنا نحمله، شعرنا بوجود الرب الى جانبنا ولذلك كنا نضحك ونمزح كلّ الوقت. كانت كيارا تبتسم كلّ الوقت.”

بعد فترة، لم تعد كيارا تستطيع التكلم أو البلع وبدأ الألم يزيد أكثر فأكثر كلّ يوم. طلبت المسكنات في المستشفى لكنها لم تتمكن من أخذ ما يكفي بسبب حملها.

كان علاجها في مارس المرحلة الأولى واقترح الأطباء على الزوجَين استعجال الولادة لكي تتمكن كيارا من الخضوع للعلاج الكيميائي بأسرع وقت ممكن. رفض الزوجان فكرة الولادة في الشهر السابع خاصةً وان كيارا رفضت ان تعرّض ابنها لأي خطر فولد فرانشيسكو في الأسبوع الـ٣٧.

خضعت للجراحة بعد يومَين من الولادة.

بدأت كيارا رحلة العلاج: ٥ جلسات أشعة في الأسبوع وجلسة علاج كميائي كلّ ٢١ يوم.

وعلى الرغم من صيف صعب، أشارت الفحوصات الى تحسن لكن بحلول نهاية مارس ٢٠١٢، أصبحت أسوأ مخاوفهما حقيقة: انتشر السرطان في الثدي والكبد والرئتَين وعين واحدة.

لازمت كيارا المستشفى لتلقي العلاج والخضوع للفحوصات. كانت فترة عيد الفصح.

كان اينركو يلازم المنزل للاهتمام بفرانشيسكو: “كانت من أصعب الأسابيع لكن الرب لم يتركنا”. ويضيف: “انا لم أغضب أبداً. الغضب خيار. انا لم أغضب لأن الرب كان في حياتنا وكنا نعرف انه أب طيّب.”

كانت كيارا تعاني من جلجلة بكلّ ما للكلمة من معنى، في نهاية شهر مايو، متمسكةً بالصليب أكثر من أي وقت مضى. بدأت نزاعها الأخير في ١٢ يونيو لكنها بقيت هادئة وفي وعيها.

يتذكر زوجها ان كيارا توفيّت سعيدة. “لم تكن سعادة ابتسامة لأنك لا تبتسم عندما تموت بل سعادة عميقة يشعر بها من يعرف الى أين هو ذاهب.”

لم تحظى كيارا بميتة هادئة وحسب بل أكثر من ذلك. “كان المشهد شبيهاً باحدى صور المسيح وهو مبتسم على الصليب.”

دائماً ما يقول فرنشيسكو ان لديه أم في السماء وأب على الأرض. كتبت كيارا قبل ان تغادر هذا العالم رسالة الى ابنها طلبت منه من خلالها الوثوق باللّه. ويقول اينركو: “قرأت على مسامعه الرسالة للتو.”

“على المستوى البشري كنت لأفضل ان تكون كيارا هنا لأكبر معها لكن في الوقت نفسه عزائي هو ان أولاد كثر ولدوا لأن أهلهم سمعوا عن قصة كيارا وشهادتها عندما ولدت طفلتنا البكر وقرروا عدم وضع حد للحمل. تملأ هذه الفكرة قلبي بالامتنان.”

“كان عمرها ٢٨ عاماً وماتت محاطة بعائلتها وأصدقائها. تركت لنا رسالة وهي انه يمكننا ان نكون سعداء في هذا العالم على الرغم من كلّ شيء. إن كانت الأبديّة مرجعك، فكلّ ما يحصل هنا صغير.”

وهذا ما كتبته كيارا لابنها: “مهما فعلت، لن يكون لفعلك معنى إلا إن فكرت في الحياة الأبديّة. إن كنت تحب حقاً، سوف تدرك ان ما من شيء ملكك لأن كل شيء هديّة.”

Exit mobile version